قسم الخامس:
- الاحتساب في كتابة المصاحف
-مشروعية كتابة المصاحف.
-كتابة المصاحف عملا مشروعا وباب من أبواب الثواب وقربة من القرب
-اتفق العلماء على استحباب كتابة المصاحف وتحسين كتابتها
- وكتاب المصاحف يعد من باب المصالح المرسلة كما صرح ذلك أبو إسحاق الشاطبي في كتابه الاعتصام
-عد كتابة المصحف الأول في عهد أبي بكر الصديق من مناقبه. كما عد ذلك منقبة من مناقب عثمان رضي الله عنه.
-فضيلة الاحتساب في كتابة المصاحف
استحب أهل العلم الاحتساب في كتابة المصاحف لما في ذلك من دفع الرياء و السمعة و تقوية الإخلاص
- عن ابن سيرين , قال : كانوا يكرهون بيع المصاحف وكتابها والأجر عليها , وكانوا يكرهون أن يأخذوا الأجر على تعليم الكتاب . قلت –أشعث-كيف كانوا يصنعون ؟..قال : يحتسبون في ذلك الخير) رواه ابن أبى داود في كتاب المصاحف
-عن ابن عباس قال: كانت المصاحف لا تباع , كان الرجل يأتي بورقه عند النبي صلى الله عليه وسلم فيقوم الرجل فيحتسب فيكتب , ثم يقوم آخر فيكتب حتى يفرغ من المصحف.
رواه ابن أبى داود في المصاحف , والبيهقي في السنن واللفظ له .
-عن ابن جريج قال : قال عطاء : لم يكن من مضى يبيعون المصاحف إنما حدث ذلك الآن , إنما كانوا يحتسبون بمصاحفهم في الحجر , فيقول أحدهم للرجل إذا كان كاتبا وهو يطوف : إذا فرغت يا فلان تعالى فاكتب لى . قال : فيكتب الصفح وما كان من ذلك حتى يفرغ من مصحفه.. ) رواه ابن أبى داود )...
-حكم كتابة المصاحف على عوض
-اختلف أهل العلم في ذلك على ثلاثة أقوال:
الأول: . منع أخذ الأجرة على كتابة المصحف
حكى الماوردي منع من الإجارة على كتابة المصاحف عن بعض العراقيين وأهل المدينة
والحجة في ذلك:أن كتابة المصاحف من أعمال البر و القرب والطاعة التي لا تقبل العوض
الثاني: يجوز أخذ الأجرة على كتابة المصحف لكن لا يشارط على ذلك بل يأخذ ما يعطاه من غير مشارطة.
وممن قال بجوز أخذ الأجرة على كتابة المصحف من السلف على ابن أبي طالب و ابن عباس وجابر وزيد والحسن ومجاهد وهو قول أبي حكيمة ومالك بن دينار ومطر الوراق
وهو مذهب جماهير أهل العلم من الحنفية والمالكية و الشافعية والحنابلة.
وهو الذين انتصر له ابن حزم
وفي النكت لابن المفلح قال : وفِي رِوَايَة حَنْبَل وَحرب فَقَالَ فِي رِوَايَة حَنْبَل أكره بيع الْمَصَاحِف وشراؤها فَإِذا أَرَادَ الرجل مُصحفا استكتب وَأعْطى الْأُجْرَة
والحجة في ذلك :
1- آثار السلف:
-عن مجاهد أن رجلا كتب له مصحفا فأعطه أجره
-وقال أبو جعفر: لا بأس بكتابة المصاحف بالأجر
-عن الرَّبِيعُ قَالَ: سَمِعْتُ الْحَسَنَ، وَسُئِلَ عَنْ كِتَابِ الْمَصَاحِفِ، فَقَالَ: «لَا بَأْسَ بِهِ عَلَى غَيْرِ شَرْطٍ»
-عَنْ مَالِكِ بْنِ دِينَارٍ قَالَ: دَخَلَ عَلَيَّ جَابِرُ بْنُ زَيْدٍ وَأَنَا أَكْتُبُ الْمُصْحَفَ، فَقَالَ لِي: «مَا لَكَ صَنْعَةٌ إِلَّا أَنْ تَنْقُلَ كِتَابَ اللَّهِ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَى وَرَقَةٍ؟ هَذَا وَاللَّهِ كَسْبُ الْحَلَالِ، هَذَا وَاللَّهِ كَسْبُالْحَلَالِ»
2- من الأدلة أيضا الأخذ بالأصل؛ "الأصل البراءة." .لأنه لم يرد نص يمنع من أخذ الأجرة على كتابة المصاحف الأصل بقاء الشيء على ما عليه
3-أن الثمن المدفوع مقابل عمل اليد وليس مقابل القران
4- قياسا على جواز بيع المصاحف...لئن كان بيع المصحف جائزا فجواز أخذ الأجرة على كتابته من باب أولى..
5- ما أبيح من الأعمال المعلومة جاز لمن لم يتعين الفرض عليه أن يعتاض عنه كالإجارة على كتب الفقه والحديث
الثالث: يمنع المؤاجرة على كتابة المصحف والتعاقد على ذلك..لكن إن استأجر شخصا للاستكتاب لمدة معين وكتب له مصحفا خلال تلك المدة فلا بأس
بذلك.لأن عقد الأجرة كان على الاستكتاب لا على كتابة المصحف
وقد كره قول أخذ الأجرة على كتابة المصحف منهم ابن سرين كما رواه ابن أبي داوود عنه .عَنْ أَشْعَثَ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ قَالَ: «نَكْرَهُ لِكَاتِبِ الْمُصْحَفِ أَنْ يَأْخُذَ عَلَى كِتَابِهَا أَجْرًا»
وبه قال ملك وأبو ثور والنعمان. وهو مروي عن الحسن البصري وإبراهيم وعلقمة كما رواه أيوب السختياني عنهم
توريث المصاحف
حكم توريث المصاحف
اختلف أهل العلم ف يحكم توريث المصحف على قولين:
القول الأول:
-لا يجوز توريث المصحف ؛وإنما يكون لأهل البيت ممن يقرأ منهم..وهو قول النجعي و اختيار طائفة من فقهاء الحنفية. , لكن الحصكفى من فقهاء الحنفية قد عبر عن هذا الاختيار بقيل إشارة منه إلى تضعيف . كما جاء في الدر بحاشية ابن عابدين:"{ويستحق الإرث ولو لمصحف به يفتى , وقيل لا يورث , وإنما هو للقارئ من ولديه صيرفية).
عن مغيرة، عن إبراهيم،أنّه كان يكره أن يباع، المصحف، ويبدّل المصحف بمصحفٍ، ولا يورّث، ولكن يقرأ فيه أهل البيت))
وحكى النخعي هذا القول عن السلف قال رحمه الله "{ كان يقال لا يورث المصحف إنما هو لقراء أهل البيت} .
-وقال أيضا:.ويترتب على منع توريث المصحف في التركة أنه لا يجوز بيعه ..بل يحبس للقارئ منهم لو بعد حين.
-لو كان عدد من الورثة قراء ..تقسم منفعة المصحف بينهم بالمهايأة بقدر سهمه من الإرث ..فلو كان مصحف لواحد وسهم من ثلاثة وثلاثين سهما منه لآخر , فإنه يعطى يوما من ثلاثة وثلاثين يوما حتى ينتفع
القول الثاني:
توريث المصحف جائز .. وهو قول جماهير أهل العلم
والحجة في ذلك ثبوت النص في المسألة:
-روى عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "سبع يجرى للعبد أجرهن بعد موته وهو في قبره " الحديث , وفيه : " أورث مصحفا " . رواه ابن أبي داوود في المصاحف
وروى أبو هريرة رضي الله عنه نحوا منه.
عرض لأقوال الفقهاء :
الحنفية : ..قال الحصفكى فى الدر : ( ويستحق الإرث ولو لمصحف به يفتى , وقيل لا يورث , وإنما هو للقارئ من ولديه صيرفية ).
المالكية:.
وقد نقل ابن رشد في البيان والتحصيل فتوى للإمام مالك أنه سئل عن مات وأوصى إلى رجل وترك من الورثة ابنا صغيرا وثلاث بنات , وأمه وزوجته , وترك مصحفا قيمته خمسة وعشرون دينارا , أترى أن ستخلصه الوصى للغلام ؟. . فقال مالك : ما أرى بذلك بأسا أن يستخلصه للغلام . ...وعلل لأنه إن بلغ فاحتاج إلى ثمنه وجد به ثمنا
وقد خالف ابن مرزوق المذهب وقد أفتى :... بأنه لا يجبر الورثة على بيع ما ورثوا من كتب الفقه أو غيرها , ولم لم يكن لها فى الحال من يقرؤها..كما نقل ذلك الونشريسي في المعيار
فظاهر فتوى ابن مرزوق هذه أن المصحف لا يورث .
الحنابلة : ..القول بتوريث المصحف هو مقتضى كلام أصحابنا الحنابلة .
الشافعية:..قد قالوا بجواز تمليك الكافر المصحف بالإرث-وإن قالوا بوجوب إزالة ملكه عنه- فالمسلم من باب أولى أن يكون ذلك جائزا في حقه.
-بيع المصاحف وشراؤها ورهنها.
-اختلف أهل العلم في حكم بيع المصاحف و شرائه على أقوال:
أحدهما: منع البيع والشراء معا .على اختلاف بينهم القائلين بذلك هل المنع للتحريم أم للكراهة؛ ثم هل المراد بالكراهة أ كراهة تحريم أم كراهة تنزيه ؟
ومنعالبيع والشراء مروي عن ابن مسعود عبد الله بن عمر و عبد الله ابن عباس وأبو موسى الأشعري و جابر بن عبد الله أبي هريرة ..وقيل هو مذهب الصحابة رضوان الله عليهم جميعا .وقال به جماعة من تابعين.
- قال ابن جزم في المحلى".... ثم جميع الصحابة بإطلاق لا مخالف لهم منهم)
-قال عبد الله بن شقيق العقليلى : (كان أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم يرون بيع المصاحف عظيما , وكانوا يكرهون أرش الصبيان , إلا أن يجئ بالشئ من عنده.
-وغلظ فيه عمر ابن الخطاب. أبو موسى الأشعري وأصحابة
-أخرجه البيهقي بسنده عن سالم بن عبد الله قال : قال ابن عمر (لوددت أن الأيدي قطعت في بيع المصاحف ) أخرجه ابن أبى داود بسنده عن نافع عن ابن عمر قال : (وددت أنى رأيت الأيدي تقطع على بيعها {يعنى المصاحف}).
-وهو مذهب الإمام مالك والشافعى , وقيده بعض أصحابه بما لم يحتج إليه , والمنع مطلقا مذهب أحمد وإسحاق
حجة القول:احتج أصحاب هذا القول بالأثر والنظر:
الأثر: ورود الآثار في ذلك
-عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : (لا تأكلوا به).
-وقوله صلى الله عليه وسلم : " من أخذ على القرآن أجرا فقد تعجل أجره في الدنيا "
-وقوله صلى الله عليه وسلم الذي رواه أبي بن كعب : " إن أحببت أن يقوسك الله بقوس من نار فخذها "
--روي كراهة بيع المصحف و شراءه عن جماعة من الصحابة عمر بن الخطاب , وابنه عبد الله , وعبد الله بن مسعود , وأبى موسى الأشعري وأصحابه , وجابر بن عبد الله , وأبى هريرة , وعبد الله بن عباس, رضي الله عنهم أجمعين , حتى قيل أنه لا يعرف لهم مخالف
-قال الإمام أحمد : ( لا اعلم فى بيع المصاحف رخصة ).
-قال ابن قدامة في المغنى ..) ولنا قول الصحابة رضي الله عنهم ولم نعلم لهم مخالفا فى عصرهم .
النظر: بيع المصحف و شراءه سبيل لأخذ العوض عن القران ؛ فقيل بالمنع لأجل ذلك.
لأنه يجب صيانة كلام الله عن البيع والابتذال .
والقول الثانى : الترخيص في الشراء دون البيع ..وهو مروي عن ابن عباس , وابن عمر , وجابر بن عبد الله , وسعيد بن المسيب ., وسعيد بن جبير , وأبى سلمة بن عبد الرحمن بن عوف , والحكم بن عتيبة , ومحمد بن على بن الحسين , وإبراهيم النخعى فى رواية عنه , وهو رواية عن الإمامين الشافعي , وأحمد , وهو أحد قولي إسحاق بن راهوية
-قال السيوطي في الإتقان:" وهو أصح الأوجه عندنا كما صححه في شرح المهذب ونقله في زوائد الروضة عن نص الشافعي.."
-عن ابن عباس، قال: أشتري المصاحف ولا أبيعها.
-عن قتادة، عن سعيد بن المسيّب قال:(اشتر المصاحف ولا تبعها).
حجة هذا القول الأثر والنظر :
-الأثر:
واحتج أصحاب هذا الرأي بكونه مرويا عن بعض الصحابة كابن عباس وابن عمر وجابر بن عبد الله رضي الله عنهم أجمعين
-النظر:.
قالوا والشراء أسهل لأنه استنقاذ للمصحف وبذل لماله فيه , فجاز كما أجاز شراء رباع مكة واستئجار دورها من لا يرى بيعها ولا أخذ أجرتها , وكذلك أرض السواد ونحوها , وكذلك دفع الأجرة إلى الحجام لا يكره مع كراهة كسبه
-وقيل أن الثمن متوجه إلى الدفتين أو هو بدل من أجرة النسخة أو هو بدل لهما معا . لا إلى كلام الله فكلام الله لا يباع.
والقول الثالث : الترخيص في بيع المصاحف وشرائها معا..على خلاف بينهم أصحاب هذا القول.. هل ذلك على الإطلاق أم بقيد الحاجة ؛أم ذلك جائز بشرط عدم اتخذه متجرا
-.وهذا القول مروي عن ابن عباس في رواية عنه , وابن جبير في رواية عنه , وعكرمة ومجاهد وابن الحنفية , والحكم , والشعبي , والحسن البصري
وفى رواية عنه , أبو الشعثاء جابر بن زيد , ومالك بن دينار , ومطر الوراق , وأبو حكيمة العبدي , وأصحاب الرأي وفيهم أبو الحنفية , وهو رواية ثانية عن الإمام مالك , ورواية ثالثة عن الإمام أحمد , وهو الذي نصره من حزم في المحلى , وعليه العمل في زماننا
.
قال المرداوي في تصحيح الفروع عن القول بجواز بيع المصاحف : ( قلت وعليه العمل , ولا يسع الناس غيره إلا أنه قد مال إلى القول بالجواز مع الكراهة وهو من المفردات )
-عن ابن عبّاسٍ، (أنّه سئل عن بيع المصاحف، فقال: لا بأس، إنّما يأخذون أجور أيديهم"
-عن يزيد بن إبراهيم، عن الحسن قال: (لا بأس ببيعها وشرائها).
الحجة في ذلك: احتج أصحاب هذا القول بالأثر و النظر
أولا: الاثر:
1-بعموم نصوص المبيحة للبيع والشراء.
قال تعالى :{وَأَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ } .وقوله عزوجل :{وَقَدْ فَصَّلَ لَكُم مَّا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ} ,
الله عزوجل أحل لنا البيع والشراء ولم يفصل فبيع المصحف حلال داخل في عموم الآيات
فلو كان بيع المصحف حرام لبينه الله عزوجل حتى تقول الحجة على عباده ..{وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيّاً}
2-من السنة
ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم , أنه أقر أصحابه على أخذهم العوض عن الرقية بكتاب الله عزوجل وقال :" أحق ما أخذتم عليه أجرا كتاب الله".
-"أن رسول الله صلى الله عليه وسلم زوج امرأة من رجل بما معه من القرآن "
الرد على المانعين:
عدم التسلم لما استدلوا به من الآثار. المرفوعة للنبي صلى الله عليه وسلم.لما في أسانيدها من مقال يمنع من الاحتجاج بها
- كحديث عبد الرحمن بن شبل :" لا تأكلوا به " , وحديث أبى هريرة : " من أخذ على القرآن أجرا فقد تعجل أجره فى الدنيا "وحديث أبى : " إن أحببن أن يقوسك بقوس من نار فخذها " ,
الأثر:
- ما يؤخذ في بيع المصاحف هو ثمن للورق والخط والأنقاش والدفتين ,
-وما يسلم بالقول أن بيعه فيه ابتذال للمصحف .لأن المبتذل ما لايباع وأنفس الجواهر تباع
-بيع المصحف تتحقق به المصالح وهو تعميم الانتفاع به وهدايته بين الناس .
- وهو مما عمت به البلوى ولا يسع الناس غيره ,
- وهو الذي عليه العلم في زماننا
-والقول بالمنع من بيع المصاحف يفضى إلى انسداد باب الحصول عليها لكل أحد لا سيما مع ندرة المحتسبين وتمكن الكسل من نفوس الكثيرين وقصور الهمم لدى السواد الأعظم من المسلمين
-الترخيص من بيع المصاحف فيه تحقيق لمقصد من مقاصد الشرع وهو رفع الحرج و والمشقة وتحصيل التيسير
مسألة:..الاتجار في المصاحف
وذهب بمنع الاتجار بالمصاحف جماعة من السلف ابن عباس وسالم مولى بن عبد الله
-سئل ابن عباس بيع المصاحف للتجارة فيها ؟ فقال : لا نرى أن تجعله متجرا , ولكن ما عملت بيديك فلا بأس به.
-عن أسيد بن عاصم , حدثنا بكر – يعنى ابن بكار , قال : سمعت سالم بن عبد الله يقول: ( بئس التجارة المصاحف )
-عن سالم بن عبد الله مر على أصحاب المصاحف فقال : ( بئست التجارة . فقال رجل : ما تقول ؟ فقال : أقول ما سمعت ).
-وهذا هو مقتضى رأى القائلين بمنع بيع المصاحف من الصحابة والتابعين ومن بعدهم.
. بل لعله مراد بعض من رخص فى بيعها وأجارتها , وإذ قد صرح بعضهم بجواز إجارة المصاحف ما لم تتخذ متجرا.
حكم رهن المصحف
اختلف أهل العلم في جواز رهن المصحف على أقوال:
الأول: يجوز رهن المصحف. وهو قول جماهير أهل العلم الحنفية والمالكية والشافعية وهي الرواية الثانية للإمام أحمد
الحجة في ذلك:
- قياسا على جواز بيعه
-وقيل أن رهن المصحف جائز حتى على القول بعدم جواز بيعه.
الثاني: أن رهن المصحف محظور..وهى الرواية الثانية للإمام أحمد
-قيل محرم
-قيل مكروه
نقل ابن المفلح الروايتن عن الإمام أحمد وكذا ابن عقيل وكذا ابن قدامة في المغنى.
مسألة رهن المصحف عند الذمي
-اتفق أهل العلم أنه لا يجوز وضع المصحف في يد الكافر أبدا بأي عقد من العقود
ثم اختلف القائلون بجواز رهن المصحف في جواز رهنه عند الذمي بشرط أن يكون ذلك على يد مسلم على قولين:
-الأول: يجوز ذلك ويكون بيد مسلم عدل صحح هذا القول في الرعاية الكبرى
-الثاني: لا يجوز ذلك..جزم يه صاحب الكافي و الفائق.
القراءة في المصحف المرهون
اختلف أهل العلم في جواز القراءة في المصحف المرهون على أقوال.- على من يقول بجواز رهن المصحف-
الأول : المنع من ذلك على الإطلاق
-والحجة في ذلك : أن الرهن لا ينتفع به.
- روى ابن أبي داوود في كتابه المصاحف عن هشام عن محمد: في الرجل يرتهن المصحف في القرض قال: (لا يقرأ فيه وإن أذن له صاحبه).
وممن قال بالمنع مالك رحمه الله تعالى ؛ قال ابن رشد في البيان والتحصيل: (وقال مالك في رجل ارتهن في حقه مصحفا أو كتبا فيها علم أو سلاحا، ثم احتاج أن يقرأ في المصحف أو الكتاب، أو نزل به عدو فاحتاج إلى السلاح. فقال: لا ينتفع بشيء من الرهن.
وقال به من الحنفية الكساني فقد جاء في بدائع الصنائع:{ وإن كان مصحفا ليس له أن يقرأ فيه، لأن عقد الرهن يفيد ملك الحبس لا ملك الانتفاع، فإن انتفع به فهلك في حال الاستعمال يضمن كل قيمته لأنه صار غاصبا).
الثاني:يجوز القراءة في المصحف المرهون مطلقا
و الحجة في ذلك: كما أنه يلزم بذله لمن يحتاج إلى النظر فيه،فيجوز القراءة منه.
وقد أخرج ابن أبي داود في كتاب المصاحف بسنده عن هشام بن عروة قال: (قلت [أو قيل له]: الرجل يرتهن المصحف فيقرأ فيه قال: قال الحسن: ذاك الذي ينتفع به
الثالث : يجوز ذلك بشرط بإذن الراهن.
وقد ورد في كتب بعض الأحناف ما يدل على جواز الرهن بشرط إذن الراهن
-قال قاض خان في الفتاوى الخانية: ( ولو كان الرهن مصحفا فأذن له الراهن بالقراءة فيه فهلك قبل أن يفرغ من القراءة لا يضمن المرتهن والدين على حاله، وإن هلك بعد فراغه من القراءة يهلك بالدين).
وقال ابن البزاز في الفتاوى البزازية: (رهن مصحفا وأمر بقراءته منه، إن هلك حال قراءته لا يسقط الدين، لأن حكم الرهن الحبس فإذا استعمل بإذنه بغير حكم بطل الرهن، وإن هلك بعد الفراغ من القراءة هلك بالدين).
وفي الفتاوى الهندية: (ولو كان الرهن مصحفا أو كتابا ليس له أن يقرأ فيه بغير إذنه، فإن كان بإذنه فما دام يقرأ فيه كان عارية فإذا فرغ عنها عاد رهنا كذا في السراجية، رهن مصحفا وأمره بقراءته منه إن هلك حال قراءته لا يسقط الدين، لأن حكم الرهن الحبس فإذا استعمله بإنه تغير حكمه وبطل الرهن، وإن هلك بعد الفراغ من القراءة هلك بالدين كذا في الوجيز للكردي).
وممن قال بهذا القول الإمام أحمد
فعن ابنه عبد الله: (لا يعجبني أن يقرأ فيه إلا بإذن صاحبه. قال عبد الله: قلت لأبي: فإن لم يأذن له صاحبه؟ قال: لا يقرأ إلا بإذنه)
الرابع :التفريق بين ما كان مرهون على قرض وبين ما كان مرهون على بيع، فمنع القراءة في الأول لئلا يكون قرضا جر نفعا، ومنهم من جوز القراءة في المصحف المرهون مع الكراهة.
-وممن قال بهذا القول ابن لبابة كما جاء في المعيار ..: (سئل ابن لبابه عمن باع سلعة إلى أجل وارتهن المصحف وشرط أن يقرأ فيه إلى ذلك الأجل؟ فأجاب: هذا غير جائز لأنه سلف جر منفعة وقد نهى عن ذلك).
-وقد اختلفت الرواية عن الإمام أحمد في القراءة في المصحف المرهون..فنقل عنه ابنه عبد الله: (لا يعجبني أن يقرأ فيه إلا بإذن صاحبه. قال عبد الله: قلت لأبي: فإن لم يأذن له صاحبه؟ قال: لا يقرأ إلا بإذنه).
-قال ابن مفلح في الآداب: (وقال أحمد في رواية مهنا في رجل رهن مصحفا هل يقرأ فيه؟ قال: أكره أن ينتفع من الرهن بشيء. وقال في رواية عبد الله في الرجل يكون عنده مصحف رهن: لا يقرأ فيه إلا بإذنه. وقال في رواية إسحاق بن إبراهيم في الرجل رهن عنده المصحف: يستأذنه في القراءة فيه، فإن أذن له قرأ فيه.
-قال القاضي في الجامع الكبير: أما منعه من القراءة إلا بإذن صاحبه مع قولنا إنه يلزمه بذله إذا طلبه الغير للقراءة فهو محمول على أنه كان يجد مصحفا غيره، وإنما يلزمه بذله عند الحاجة.
-وقال في الرعاية عند مسئلة رهن المصحف: ولا يقرأ أحد في المصحف بلا إذن ربه، وقيل: بلى إن يضر ماليته، وإن طالبه أحد ليقرأ فيه لم يجب بذله، وقيل يجب، وقيل عند الحاجة إليه). وعبارة ابن مفلح في الفروع: (وفي القراءة فيه بلا إذن ولا ضرر وجهان، وجوزه أحمد لمرتهن، وعنه فيه يكره. ونقل عبد الله: لا يعجبني بلا إذنه.
مسألة: من قال أنه لا يجوز القراءة بالمصحف المرهون هل يبطل الرهن إذا قراء به
الأول: قيل يبطل الرهن
جاء في الفتاوى الهندية: (ولو كان الرهن مصحفا أو كتابا ليس له أن يقرأ فيه بغير إذنه، فإن كان بإذنه فما دام يقرأ فيه كان عارية فإذا فرغ عنها عاد رهنا كذا في السراجية، رهن مصحفا وأمره بقراءته منه إن هلك حال قراءته لا يسقط الدين، لأن حكم الرهن الحبس فإذا استعمله بإنه تغير حكمه وبطل الرهن، وإن هلك بعد الفراغ من القراءة هلك بالدين كذا في الوجيز للكردي).
الثاني: القول بالتفصيل : .لا .يبطل الرهن أن قراء في المصحف دون أن يخرجه من يده ويبطل إن أخرجه
.جاء في البيان والتحصيل:.". أما المصحف والكتب فإن قرأ فيها عند المرتهن دون أن يخرجها من يده فلا يبطل الرهن فيها بذلك أذن المرتهن أو لم يأذن، إلا أن يكون رهنه إياهما على ذلك. وأما إن أخذها من عنده فقرأ عند نفسه فإن كان بغير إذن المرتهن لم يبطل الرهن بذلك، وإن كان بإذنه كان ذلك حكم المرتهن لغير الرهن؟ إن قام عليه الغرماء قبل أن يرده كان أسوة الغرماء).
حكم تأجير المصحف:
الإجارة المصحف تمليك منفعة المصحف بعوض
لأهل العلم في مسألة إجارة المصاحف أقوال ثلاثة.:
-أحدها: إجارة المصحف لا تجوز . وهو مذهب الحنفية والحنابلة , وهو اختيار ابن حبيب من فقهاء المالكية .
الأدلة:
- لا يصح الإجارة على قرب والطاعات....والقراءة من المصحف و النظر فيه قربة وطاعة
-المباح ليس محلا للبيع....ذلك أن الإجارة بيع منفعة ..ومنفعة الصحف من قبيل المباح .فتحصل أن إجارة المصحف هو بيع لمنفعته..وهذا لا يصح لأنه المباح ليس محلا للبيع
-قياسا على حرمة بيع المصحف...بعلة تنزيه كلام الله عزوجل وكتابه عن المعاوضة وابتذاله بالثمن في البيع والأجر في الإجارة.
ابن حبيب من الماليكة فقد .أجاز بيع المصحف لأنه بيع للورق ولفعل السلف فقد بيع المصحف في زمن عثمان ولم يوجد نكير على ذلك فعد ذلك من قبيل الإجماع. ومنع ا إجارة المصحف لأنها بيع للقران وليس للورق .
-الثاني: جواز إجارة المصحف مع الكراهة . وهو رواية عن الإمام أحمد , وعدها بعض الأصحاب وجها .
-القول الثالث : الجواز على الإطلاق. وهو مذهب المالكية , والشافعية , وحكاه ابن المنذر اختيارا
لأبى ثور , ووافقه وأقره في الإشراف له وهو رواية عن الإمام أحمد أو وجه لأصحابه .
-الأدلة:
-الإجارة الانتفاع بالمباح بعوض...فإجارة المصحف انتفاع مباح وهذا الانتفاع لما جاز الإعارة من أجله جازت الإجارة فيه كسائر الكتب
-قياسا على جواز بيع المصحف..وجه ذلك أنها منفعة تتأثر باستيفائها..فجاز أخذ العوض علي ذلك.
وذهب الخرشي في شرحه على خليل وكذا العدوي في حاشيته أن إجارة المصحف جائز ما لم تتخذ متجرا
والله أعلم