فَصْلٌ
(وصَلاةُ الخَوْفِ صَحَّتْ عَن النَّبِيِّ صلَّى اللَّهُ علَيْه وسَلَّمَ بصِفَاتٍ كُلُّها جَائِزَةٌ), قالَ الأَثْرَمُ: قُلْتُ لأبِي عَبْدِ اللَّهِ: تَقُولُ بالأَحَادِيثِ كُلِّهَا، أو تَخْتَارُ وَاحِداً مِنْهَا؟ قالَ: أَنَا أَقُولُ: مَن ذَهَبَ إِلَيْهَا كُلِّهَا فحَسَنٌ، وأمَّا حديثُ سَهْلٍ فأَنَا أَخْتَارُهُ.
وشَرْطُها: أَنْ يَكُونَ العَدُوُّ مُبَاحَ القِتَالِ, سَفَراً كانَ أو حَضَراً, معَ خَوْفِ هُجُومِهِم على المُسْلِمِينَ. وحديثُ سَهْلٍ الذي أشارَ إليه هُو (صَلاتُه صلَّى اللَّهُ علَيْه وسَلَّمَ بذَاتِ الرِّقَاعِ, طَائِفَةٌ صَفَّتْ مَعَهُ, وَطَائِفَةٌ وَقَفَتْ وِجَاهَ العَدُوِّ, فَصَلَّى بِالَّتِي مَعَهُ رَكْعَةً, ثُمَّ ثَبَتَ قَائِماً, وَأَتَمُّوا لأنْفُسِهِم ثُمَّ انصَرَفُوا, وَصَفُّوا وِجَاهَ العَدُوِّ، وجَاءَتِ الطَّائِفَةُ الأُخْرَى فَصَلَّى بِهِم الرَّكْعَةَ التي بَقِيَتْ مِن صَلاتِه, ثُمَّ ثَبَتَ جَالِساً وأَتَمُّوا؛ لأنفُسِهِم, ثُمَّ سَلَّمَ بهِم) مُتَّفَقٌ عليه.
وإذا اشتَدَّ الخَوْفُ صَلَّوْا رِجَالاً ورُكْبَاناً للقِبْلَةِ وغَيْرِهَا, يُومِئُونَ طَاقَتَهُم، وكذا حَالَةُ هَرَبٍ مُبَاحٍ مِن عَدُوٍّ أو سَيْلٍ أو نَحْوِه, أو خَوْفِ فَوْتِ عَدُوٍّ يَطْلُبُه, أو وَقْتِ وُقُوفٍ بعَرَفَةَ.
(ويُسْتَحَبُّ أن يَحْمِلَ معَهُ في صَلاتِهَا مِن السِّلاحِ ما يَدْفَعُ به عَن نَفْسِه ولا يُثْقِلُه؛ كسَيْفٍ ونَحْوِه) كسِكِّينٍ؛ لقَوْلِه تعَالَى: {وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ}. ويجُوزُ حَمْلُ سِلاحٍ نَجِسٍ في هذهِ الحالَةِ؛ للحَاجَةِ, بلا إِعَادَةٍ.