وتنقسم الاستعارة إلى مصرحة ومكنية, فالمصرحة هي ما صُرح فيها بلفظ المشبه به, إذا ذكر المشبه به بلفظه صريحاً فهذه تسمى بالاستعارة التصريحية, تسمى الاستعارة المصرحة أيضاً كما في قوله:
فأمطرت لؤلؤاً من نرجس وسقت ..... ورداً وعضت على العنَّاب بالبرد
يقول: "فأمطرت لؤلؤا". أي: أنزلت من عينيها دموعاً كاللؤلؤ, فاللؤلؤ هنا هو المشبه به, وأمطرت أيضاً شبه الدموع بالمطر النازل،"من نرجس", شبه العيون بالنرجس, شبه العينين بالنرجس, وذكر المشبه به ‘‘وسقت ورداً‘‘. شبه الخد بالورد, وشبه نزول الدمع عليه بالسقي "وعضت على العنَّاب بالبرد". شبه الأصابع بالعنَّاب, وشبه الأسنان بالبرد, العنَّاب نبت معروف, والبرد الذي ينزل في المطر, فهذا كله استعارات تصريحية, ((فأمطرت)) هذه الاستعارة الأولى، ((لؤلؤا)) ، الاستعارة الثانية، ((من نرجس))، الاستعارة الثالثة، ((وسقت))، الاستعارة رابعة، ((ورداً)) ،الاستعارة خامسة، ((وعضت على العنَّاب)) العنَّاب الاستعارة السادسة, ((بالبرد)) الاستعارة السابعة, هذا البيت وحده جمع سبع استعارات.
(سؤال غير مسموع).
الشيخ: نعم
الشيخ: العناب نبت معروف,تشبه به الأصابع, ثمرة نبت معروف لين ومعتدل, فقد استعار اللؤلؤ, والنرجس, والورد, والعناب, والبرد, واستعار أيضاً المطر, والسقي ،للدموع, والعيون, والخدود, والأنامل, والأسنان.
وإلى مكنية وهي القسم الثاني, الاستعارة المكنية وهي غير المصرحة, وهي ما حُذف فيها المشبه به, ورُمز إليه بشي من لوازمه, لذا لم يذكر المشبه به, فكل أركان التشبيه حُذفت, لم يذكر أي شيء يدل على التشبيه إلا بعض أوصاف المشبه به, بعض لوازام المشبه به, وذلك مثل قول الله تعالى: { واخفض لهما جناح الذل من الرحمة }. فشبه الذل بالطائر, ولم يذكر الطائر هنا, والطائر له جناح, وهو من لوازمه, فذكر الجناح؛ ففهم الطائر من ذكر الجناح, فالطائر هو المشبه به, وقد حُذف, لكن ذكر بعض لوازمه . وهو الجناح, قال: { واخفض لهما جناح الذل من الرحمة }. فقد استعار الطائر للذل, ثم حذفه, ودل عليه بشيء من لوازمه, وهو الجناح ، وإثبات الجناح للذل يسمونه استعارة تخييلية, هذا أمر آخر, نوع آخر من أنواع الاستعارة, وهو الاستعارة التخييلية, ولا تكون إلا في المكنية, الاستعارة والتخييلية قسم من المكنية, والتخيلية هي أن تتخيل شيئاً لا حقيقة له ، شيء ماله حقيقة ؛ فتتخيله لتصفه, كتخيلك للذل في هيئة طائر, وكأن له جناحاً, فشبهت جناح الذل بجناح الطائر, فأثبت له الخفض, كما ينخفض جناح الطائر, هل رأيت الذل قط؟! ما رأيته, هل هو من الطائر؟ أنت تتخيل كذلك ، فتخيلتَ أن الذل بمثابة الطائر, وأن له جناحاً, وأنه ينخفض ويرتفع؛ فلذلك قلت, لذلك استعرتَ له الجناح, فإذن هي الاستعارة تخييلية.