(1)وهو مُتَعَالٍ عن الأَضْدَادِ وَالأَنْدَادِ.
(2)لا رَادَّ لِقَضَائِهِ، ولا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ، ولا غَالِبَ لِأَمْرِهِ.
(3) آمَنَّا بذلكَ كُلِّهِ، وَأَيْقَنَّا أنَّ كُلاّ مِن عِنْدِهِ.
(1) (مُتَعَالٍ) أي: مُرْتَفِعٌ بِذَاتِهِ وَقَدْرِهِ وَقَهْرِهِ عن الأضدادِ والأندادِ، فالأندادُ: هم الأمثالُ والشُّبَهَاءُ والنُّظَرَاءُ، فاللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ليسَ لَهُ نظيرٌ، ولَيْسَ لَهُ مَثِيلٌ ولا شَبِيهٌ، فَلَا أَحَدَ يُشَارِكُ اللَّهَ, ولا يُشَابِهُهُ, ولا يُسَاوِيهِ جَلَّ وَعَلَا، وهذا من عُلُوِّ قَدْرِهِ وَقَهْرِهِ, وهو العليُّ بِذَاتِهِ فوقَ مَخْلُوقاتِه.
أَمَّا الأَضْدَادُ: فهم المعارِضونَ لَهُ، فاللَّهُ لَيْسَ لَهُ مُعَارِضٌ، ولا يُضَادُّهُ أحدٌ من خلقِهِ، فإِنَّهُ إذا أَرَادَ أَمْرًا فلا يُمْكِنُ لأحدٍ أنْ يَعْتَرِضَ, ويَمْنَعَ أَمْرَهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وإذا أرادَ إعطاءً فلا أحدَ يَمْنَعُ، وإذا أَرَادَ مَنْعًا لشيءٍ فلا أَحَدَ يُعْطِيهِ (لَا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ، وَلَا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ).
قَالَ تَعَالَى:
{مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ فلا مُمْسِكَ لها وما يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} (فَاطِر:2).
فَلَا نِدَّ للهِ, وَلَا ضِدَّ لَهُ فِيمَا يَأْمُرُ بهِ وَيَنْهَى عنهُ، خِلَافَ المَخْلُوقِينَ فَيُوجَدُ مَن يُنَازِعُهُمْ وَيَقِفُ ضِدَّ تَنْفِيذِ أَوَامِرِهِم، فالمَخْلُوقاتُ كُلُّهَا لها مُشَارِكُ، فالخلقُ يَتَشَابَهُونَ في العلمِ والاسمِ وفي كُلِّ شَيْءٍ، في الأجسادِ والصفاتِ، وَيَشْتَرِكُونَ في الأفعالِ والأملاكِ، واللَّهُ سُبْحَانَهُ لا يُشْبِهُهُ أحَدٌ ولا يُشَارِكُهُ أَحَدٌ.
(2) فاللَّهُ {إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} (مَرْيَم: 35)، {لَا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسَابِ} (الرَّعْد:41) فاللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِذَا قَضَى أَمْرًا فَلَا يَسْتَطِيعُ أَحَدٌ أنْ يَنْقُضَهُ أو يَرُدَّهُ، بخلافِ المَخْلُوقِ فقد يُعَطَّلُ تَنْفِيذُ حُكْمِهِ وقد يُنْقَضُ.
(وَلَا غَالِبَ لِأَمْرِهِ): وَإِذَا أَمَرَ بالشيءِ لا أَحَدَ يَغْلِبُ أَوَامِرَهُ الكونيَّةَ، أمَّا أَوَامِرُهُ الشرعيَّةُ فقد تُعَطَّلُ وقد تُخَالَفُ، وهذهِ للابْتِلَاءِ والامتحانِ لِيَتَرَتَّبَ على ذلكَ الثوابُ أو العقابُ.
(3) كُلُّ ما سَبَقَ ذِكْرُهُ مِن أَوَّلِ العَقِيدَةِ إلى آخِرِها، نُدِينُ للَّهِ بهِ، ولَيْسَ مُجَرَّدَ كلامٍ بِأَلْسِنَتِنَا، بلْ هو من قُلُوبِنَا.