وقال الأسود بن يعفر
ويقال يعفر قال وكسر الفاء أكثر: هذه رواية الضبي وقال غيره: يقال يعفر غير مصروف ويعفر مصروف.
ونسبه فقال: الأسود بن يعفر بن عبد الأسود بن جندل بن نهشل بن دارم بن مالك بن حنظلة بن مالك بن زيد مناة بن تميم. قال: وكان الأسود أعشى.
1: قد أصبح الحبل من أسماء مصروما.......بعد ائتلافٍ وحبٍ كان مكتوما
(الحبل) الوصل. و(مصروم) مقطوع و(الصرم) القطع وممنه مصارمة الناس بعضهم بعضًا ومنه صرام النخل وسيف صارم. و(الائتلاف) الاجتماع يقال آلف وألاف وإلف وآلاف.
2: واستبدلت خلةً مني وقد علمت.......أن لن أبيت بوادي الخسف مذموما
(الخلة) الخليل يقال هذا خليلي وخلتي وخلي وأنشد:
ألا أبلغا خلتي جابرًا.......بأن خليلك لم يقتل
قال الأصمعي: (الخسف) الذل وأصله أن تبيت الدابة على غير علفٍ يقال بات على خسفٍ، ثم اشتق لكل من أقام على ذلٍ من ذلك، وأنشد لذي الرمة:
قلائص ما تنفك إلا مناخة.......على الخسف أو نرمي بها بلدًا قفرا
3: عف صليب إذا ما جلبة أزمت.......من خير قومك موجودًا ومعدوما
(الصليب) الجلد على المصائب الصبور على النوائب يقال من ذلك صلب فهو صليب. (الجلبة) القحط وأنشد:
وشوذت شمسهم إذا طلعت.......بالجلب هفا كأنه الكتم
شوذت عممت والمشاوذ العمائم والواحد مشوذ وقال الآخر:
إذا ما شددت الرأس مني بمشوذٍ.......فغيك مني تغلب ابنة وائل
ومعنى شوذت أي طلعت مظلمة. و(الجلب) الطرة من الغيم وهو خفيف لا ماء فيه. ويقال جاءنا بشهدٍ هفٍ أي لا عسل فيه. كأنه الكتم لحمرته وقال الآخر:
ألم تعلمي يا اسم ويبك أنني.......إذا شئت أعصي عاذلاتي ولومي
وألوي عذاري لا أرى غير ما أرى.......وإن لم أعش إلا بريقٍ مدوم
وأني صوت الديك لا يستفزني.......ولا برق جلبٍ في كذوبٍ معمم
يقول صوتك عندي مثل صوت ديكٍ فإن شئت فتكلمي وإن شئت فاسكتي وكلامك عندي كالبرق الكاذب.
و(أزمت) اشتدت وأصل الأزم العض. وحكي عن عيسى بن عمر أنه قال: كانت عندنا بطة تأزم أي تعض. يقول أنا صبور على النوائب التي تنوبني في الجدب حيث لا يقوم أحد بحقٍ ينوبه لشدة الزمان. و(الموجود) الحي و(المعدوم) الميت: يقول إنه من خير من مات ومن عاش.
ويروى: إذا ما أزمة أزمت.
4: لما رأت أن شيب المرء شامله.......بعد الشباب وكان الشيب مسؤوما
5: صدت وقالت أرى شيبًا تفرعه.......إن الشباب الذي يعلو الجراثيما
قال الضبي: (تفرعه) أي صار في فروعه وفرع كل شيء أعلاه. و(الجراثيم) جمع جرثومةٍ والجرثومة أصل الشجرة تجمع إليه الرياح التراب. فيريد أن الشباب يعلو ويرتفع ما لا يقدر عليه الشيوخ وإنما هذا مثل.
6: كأن ريقتها بعد الكرى اغتبقت.......صرفًا تخيرها الحانون خرطوما
(اغتبقت): مأخوذ من الغبوق وهو شرب العشي. و(الصرف): ما لم يمزج. و(الحانون) جمع حانٍ والحاني الخمار. و(الخرطوم) أول ما ينزل من الدن، شبه رائحة فيها وطعم ريقها بعد الكرى وهو النوم بريح الخمر الصرف.
قال الأصمعي: إنما خص الغبوق لأنه أقرب من نومها. قال: وإنما خص الحانين لأنهم أبصر بالخمر من غيرهم. و(الحانة): الحانوت والحاني: صاحب الحانوت.
7: سلافة الدن مرفوعًا نصائبه.......مقلد الفغو والريحان ملثوما
قال الضبي: أراد (بالمرفوع نصائبه) الإبريق يقلد الريحان، ونصائبه قوائمه. و(الفغو) ضرب من النبت يكون طيبًا وقد قيل إنه الحناء وهو الفاغية. وقال أحمد: (نصائبه) يريد نصائب الدن ما انتصب عليه الدن من أسفله وهو شيء محدد رقيق يجعل له ذلك ليرفع الدن للريح والشمس. يقول قلد هذا الدن الريحان وهذا مثل: يقول من طيب رائحته كأنه قلد الريحان والمسك. ولذلك ذكر الفغو يريد ريح الريحان. قال: ويروى الريحان نصبًا وخفضًا. يقال الفغو زهر ونور والفغو رائحة طيبة: يقال فغمته ريح طيبة. وأنكر ما قال الضبي في الإبريق. قال: ولم يذكر الإبريق بعد وإنما هو يبتار يصعد سلمًا بعد سلم لأنها قد وضعت على السطوح لبروز الشمس والريح.
8: وقد ثوى نصف حولٍ أشهرًا جددًا.......بباب أفان يبتار السلاليما
قال الضبي: (باب أفان) موضع. ويبتار يختبر ويمتحن. و(السلاليم) ما يتصل به إلى حاجته. ويروى يبتاع. والمعنى يصونها في مكانٍ مرتفع.
9: حتى تناولها صهباء صافيةً.......يرشو التجار عليها والتراجيما
قال الضبي: (الصهباء) من عنبٍ أبيض. و(الصافية): الخالصة. و(التجار): تجار الخمر. و(التراجيم): خدم من خدم الخمارين. ويقال يريد التراجمة لأن باعة الخمر عجم يحتاجون إلى من يفهم الناس كلامهم.
10: وسمحة المشي شملالٍ قطعت بها.......أرضًا يحار بها الهادون ديموما
(السمحة): السهلة. و(الديموم): القفر التي لا ماء فيها ولا علم: و(الديموم) جمع ديمومة: وقال الأعشى:
فوق ديمومةٍ تخيل بالسفـ.......ـر قفارٍ إلا من الآجال
وقال الآخر:
قد جعلت نفسي في أديم.......ثم رمت بي عرض الديموم
11: مهامهًا وخروقًا لا أنيس بها.......إلا الضوابح والأصداء والبوما
(المهامه): جمع مهمه وهو القفر. و(الأنيس): من يؤنس به وإليه. و(الضوابح): الثعالب وأنشد:
دعوت ربي وهو لا يخيب.......بأن فيها ضابحًا ثعيلب
و(الأصداء): جمع صدى وهو ذكر البوم: وإنما تكون الأصداء في الخلاء من الأرض.
[شرح المفضليات: 846-849]