إن الصَّلاة هي الرُّكن الثاني مِن أركان الإسلام بعد الشهادتين، وهي الفارِقَة بين المسلم والكافر، وهي عَمُودُ الإسلام، وأوَّلُ ما يُحَاسَب عنهُ العبد، فإنْ صَحَّتْ وقُبِلَت؛ قُبِلَ سائرُ عمله، وإنْ رُدَّتْ؛ رُدَّ سائرُ عمَلِه.
وقد ذُكِرتْ الصلاة في مواطن كثيرة من القرآن الكريم على صفات متنوعة؛ فتارة يأمر الله بإقامتها، وتارة يبين مَزِيَّتَها، وتارة يبين ثوابها، وتارة يقرنها مع الصبر ويأمر بالاستعانة بهما على الشدائد.
ومن ثم كانت قرة عين الرسول صلى الله عليه وسلم من هذه الدنيا؛ فهي حلية النبيين، وشِعار الصالحين، وهي صلة بين العبد وبين رب العالمين، وهي تنهى عن الفحشاء والمنكر.
ولما كانت هذه الصلاة لا تصح إلا بطهارة المصلي من الحدث والنجس حسب القدرة على ذلك، وكانت مادة التطهر هي الماء أو ما يقوم مقامه من التيمم عند عدم الماء؛ صار الفقهاء رحمهمُ اللهُ يبدأُون بكتاب الطهارة؛ لأنها لما قُدِّمَت الصلاة بعد الشهادتين على غيرها من بقية أركان الإسلام؛ ناسب تقديم مقدماتها، ومنها الطهارة، فهي مفتاح الصلاة؛ كما في الحديث: ((مفتاح الصّلاةِ الطَّهُور))، وذلك لأن الحدث يمنع الصلاة؛ فهو كالقفل يوضع على المحدث، فإذا توضأ؛ انحل القفل.
فالطَّهارة أوْكَدُ شروط الصلاة، والشرط لا بد أن يقدم على المشروط.
ومعنى الطهارة لغة: النظافة والنّزاهة عن الأقذار الحسّية والمعنوية.
ومعناها شرعا: ارتفاع الحَدَث وزَوال النَّجس.
وارتفاع الحدَث يحل باستعمال الماء مع النية في جميع البدن إن كان حدثا أكبر، أو في الأعضاء الأربعة إن كان حدثا أصغر، أو استعمال ما ينوب عن الماء عند عدمه أو العجز عن استعماله (وهو التراب) على صفة مخصوصة، وسيأتي إن شاء الله بيان لصفة التطَهُّر مِن الحدثين.
[الملخص الفقهي: 1/15-16]