(ويُشْتَرَطُ في القَاضِي عَشْرُ صِفَاتٍ: كَوْنُه بالغاً عاقِلاً)؛ لأنَّ غيرَ المُكلَّفِ تحتَ وَلايةِ غيرِهِ، فلا يكونُ وَالِياً على غيرِهِ، (ذَكَراً)؛ لقولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((مَا أَفْلَحَ قَوْمٌ وَلَّوْا أَمْرَهُمُ امْرَأَةً)).
(حُرًّا)؛ لأنَّ الرقيقَ مشغولٌ بحقوقِ سَيِّدِهِ.
(مُسْلِماً)؛ لأنَّ الإسلامَ شَرْطٌ للعَدَالَةِ.
(عَدْلاً)، ولو تَائِباً مِن قَذْفٍ, فلا يَجُوزُ تَوْلِيَةُ الفاسِقِ؛ لقولِهِ تعالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا} الآيةَ.
(سَمِيعاً)؛ لأنَّ الأَصَمَّ لا يَسْمَعُ كلامَ الخَصْمَيْنِ.
(بَصِيراً)؛ لأنَّ الأعمَى لا يَعْرِفُ المُدَّعِي مِن المُدَّعَى عليه.
(مُتَكَلِّماً)؛ لأنَّ الأَخْرَسَ لا يُمْكِنُهُ النطقُ بالحكمِ, ولا يَفْهَمُ جميعُ الناسِ إشارتَه.
(مُجْتَهِداً) إجماعاً، ذَكَرَهُ ابنُ حَزْمٍ؛ قالَه في الفَرْعِ. (ولو) كانَ مُجْتَهِداً (في مذهبِهِ) المُقَلِّدِ فيهِ لإمامٍ مِن الأَئِمَّةِ, فيُرَاعِي ألفاظَ إمامِهِ ومُتَأَخِّرَها، ويُقَلِّدُ كِبَارَ مَذْهَبِهِ في ذلكَ، ويَحْكُمُ بهِ، ولو اعْتَقَدَ خِلافَه.
قالَ الشيخُ تَقِيُّ الدينِ: وهذهِ الشروطُ تُعْتَبَرُ حَسَبَ الإمكانِ. وتَجِبُ وَلايةُ الأمثلِ فالأمثلِ، وعلى هذا يَدُلُّ كلامُ أحمدَ وغيرِهِ، فيُوَلَّى لِعَدَمٍ, أَنْفَعُ الفَاسِقَيْنِ وأَقَلُّهما شَرًّا، وأعدَلُ المُقَلِّدَيْنِ وأَعْرَفُهما بالتقليدِ.
قالَ في الفُرُوعِ: وهو كما قالَ. ولا يُشْتَرَطُ أنْ يكونَ القَاضِي كاتباً أو وَرِعاً, أو زَاهِداً أو يَقِظاً, أو مُثْبِتاً للقياسِ أو حَسَنَ الخُلُقِ، والأَوْلَى كونُه كذلكَ.
(وإذا حَكَّمَ) بتشديدِ الكافِ (اثنانِ) فأكثرُ بينَهما (رَجُلاً يَصْلُحُ للقضاءِ), فحَكَمَ بينَهما, نَفَذَ حُكْمُه (في المالِ والحُدودِ واللِّعَانِ وغَيْرِها) مِن كلِّ ما يَنْفُذُ فيهِ حُكْمُ مَن وَلاَّهُ إمامٌ أو نائبُه؛ لأنَّ عمرَ وأُبَيًّا تَحَاكَمَا إلى زيدِ بنِ ثابتٍ، وتَحَاكَمَ عُثمانُ وطَلْحَةُ إلى جُبَيْرِ بنِ مُطْعِمٍ، ولم يَكُنْ أَحَدٌ مِمَّن ذَكَرْنَا قَاضِياً.