وقال أبو دُوَادٍ الإِيَادِيُّ:
مَنَعَ النومَ ماوِيَ التَّهْمَامُ = وجديرٌ بالهمِّ مَنْ لا ينامُ
مَنْ يَنَمْ لَيْلُهُ فَقَدْ أُعْمِلُ اللَّيْـ = ـلَ وذُو البَثِّ سَاهِرٌ مُسْتَهَامُ
هل ترَى مِنْ ظَعَائِنٍ باكِراتٍ = كالعَدَوْلِيِّ سَيْرُهُنَّ انقِحَامُ
واكِنَاتٍ يَقْضَمْنَ مِنْ قُضُبِ الضُِّرْ = مِ ويُشْفَى بِدَلِّهِنَّ الهُيَامُ
وَسَبَتْنِي بَنَاتُ نَخْلَةَ لَوْ كُنْـ = ـتُ قَرِيبًا ألمَّ بِي إلِْمَامُ
يَكْتَبِينَ اليَنْجُوجَ في كَبَّةِ المَشْـ = ـتَى وبُلْهٌ أَحْلامُهُنَّ وِسَامُ
ويَصُنَّ الوُجُوهَ في المَيْسَنَانِـ = ـيِّ كَمَا صَانَ قَرْنَ شَمْسٍ غَمَامُ
وتَرَاهُنَّ في الهَوَادِجِ كالغِزْ = لانِ مَا إنْ يَنَالُهُنَّ السَّهَامُ
نَخَلاتٌ مِن نَخْلِ بَيْسَانَ أَيْنَعْـ = ـنَ جَمِيعًا ونَبْتُهُنَّ تُؤَامُ
وتَدَلَّتْ على مَنَاهِلِ بُرْدٍ = وفُلَيْجٌ مِنْ دُونِهَا وسَنَامُ
وأتَانِي تَقْحِيمُ كَعْبٍ لِيَ الْمَنْـ = ـطِقَ إنَّ النَّكِيثَةَ الإقْحَامُ
في نِظَامٍ ما كُنْتُ فيهِ فَلا يَحْـ = ـزُنْكَ شيءٌ لكُلِّ حسناءَ ذَامُ
ولقدْ رابَني ابْنُ عمِّيَ كعبٌ = إنَّهُ قدْ يَرُومُ ما لا يُرَامُ
غيرَ ذَنْبٍ بَنِي كِنَانَةَ إنِّي = إنْ أُفَارِقْ فإنَّني مِجْذامُ
لا أعُدُّ الإقتارَ عُدْمًا ولكِنْ = فَقْدُ مَنْ قدْ رُزِئْتُهُ الإعدامُ
مِنْ رجالٍ مِنَ الأقاربِ فادُوا = مِنْ حُذَاقٍ هُمُ الرُّؤُوسُ العِظامُ
فهُمُ للمُلائِمِينَ أنَاةٌ = وَعُرَامٌ إذَا يُرادُ العُرامُ
وسَمَاحٌ لَدَى السِّنِينَ إذَا مَا = قَحَطَ القَطْرُ واسْتَقَلَّ الرِّهامُ
ورجالٌ أبوهُمُ وأَبِي عمـ = ـرٌو وكعبٌ بِيضُ الوُجُوهِ جِسامُ
وشبابٌ كأنَّهُمْ أُسْدُ غِيلٍ = خالَطَتْ فَرْطَ حدِّهِمْ أحلامُ
وكهُولٌ بنى لهُمْ أَوَّلُوهُمْ = مَأْثُراتٍ يَهَابُها الأقوامُ
سُلِّطَ الدهرُ والمَنُونُ عليهِمْ = فلَهُمْ في صَدَى المقابِرِ هامُ
وكذاكُمْ مَصِيرُ كُلِّ أُناسٍ = سَوْفَ حَقًّا تُبْلِيهِمُ الأيَّامُ
فعَلَى إِثْرِهِمْ تَسَاقَطُ نَفْسِي = حَسَرَاتٍ وذِكْرُهُمْ لي سَقامُ
إبِلي الإبْلُ لا يُحَوِّزُها الرَّا = عُونَ مَجُّ النَّدَى علَيْهَا المُدَامُ
وتَدَلَّتْ بهَا المَغَارِضُ فَوْقَ الْـ = ـأَرْضِ مَا إنْ تُقِلُّهُنَّ العِظامُ
سَمِنَتْ فاسْتَحَشَّ أَكْرُعُهَا لا الـ = ـنَّيُّ نَيٌّ ولا السَّنَامُ سَنامُ
فإذَا أَقْبَلَتْ تَقُولُ إكَامٌ = مُشْرِفَاتٌ فوقَ الإكامِ إكامُ
وإذَا أَعْرَضَتْ تقُولُ قُصُورٌ = مِنْ سَمَاهِيجَ فوقَهَا آطامُ
وإذَا مَا فَجِئْتَهَا بَطْنَ غَيْبٍ = قُلتَ نَخْلٌ قدْ حَانَ مِنْها صِرامُ
وهْيَ كالبَيْضِ في الأدَاحيِّ مَا يُو = هَبُ منهَا لِمُسْتَتِمٍّ عِصَامُ
غيرَ مَا طَيَّرَتْ بأوبارِها الفَقْـ = ـرَةُ في حَيثُ يَسْتَهِلُّ الغَمَامُ
فهْيَ ما إنْ تُبِينُ من سَلَفٍ أَرْ = عَنَ طَودٍ لِسِربِهِ قُدَّامُ
مُكْفَهِرٌّ علَى حواجِبِهِ يَغْـ = ـرَقُ في جَمْعِهِ الخَمِيسُ اللُّهامُ
فارسٌ طارِدٌ ومُلْتَقِطٌ بَيْـ = ـضًا وخَيْلٌ تَعْدُو وأُخرى صِيَامُ
قدْ بَرَاهُنَّ غِرَّةُ الصَّيْدِ والإعـ = ـدَاءُ حتَّى كأنَّهُنَّ جِلامُ
قدْ تَصَعْلَكْنَ في الرَّبيعِ وقدْ قـ = ـرَّعَ جلْدَ الفَرائِضِ الأقدامُ
جاذياتٌ على السَّنَابِكِ قَدْ أَفْـ = زَعَهُنَّ الإسراجُ والإلجامُ
لَجِبٌ تُسْمَعُ الصَّواهِلُ فيهِ = وحَنِيِنُ اللِّقاحِ والإِرْزَامُ
بِعُرًى دُونَهَا وتُقْرَنُ بِالقَيْـ = ـظِ وقدْ دَلَّهُ الرِّبَاعَ البُغَامُ