قال أبو عبد الله عبيد الله بن محمد بن بطة العكبري الحنبلي (ت: 387هـ): (باب معرفة الإسلام والإيمان وسؤال جبريل النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم)
827 - حدّثنا أبو الحسن أحمد بن محمّد بن عليٍّ الدّيباجيّ الضّرير إملاءً من حفظه قال: نا محمّد بن عبد الملك الدّقيقيّ قال: نا يزيد بن هارون، وحدّثنا أبو العبّاس عبد اللّه بن عبد الرّحمن العسكريّ قال: نا أحمد بن الوليد الفحّام قال: نا عبد الوهّاب بن عطاءٍ الحفّاف قال: نا كهمس بن الحسن، عن عبد اللّه بن بريدة، عن
[الإبانة الكبرى: 2/640]
يحيى بن يعمر، عن عبد اللّه بن عمر قال: نا عمر بن الخطّاب رضي اللّه عنه قال: بينا نحن عند رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم " إذ أقبل رجلٌ شديد بياض الثّياب، شديد سواد الشّعر، لا يرى عليه أثر سفرٍ، ولا يعرفه منّا أحدٌ، حتّى جلس بين يدي رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، وركبته تمسّ ركبته، فقال: يا محمّد أخبرني عن الإسلام، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «تشهد أن لا إله إلّا اللّه، وأنّ محمّدًا رسول اللّه، وتقيم الصّلاة، وتؤتي الزّكاة، وتصوم رمضان، وتحجّ البيت إن استطعت إليه سبيلًا»، فقال: صدقت، فتعجّبنا من سؤاله وتصديقه، ثمّ قال: فما الإيمان؟ قال: «تؤمن باللّه وحده، وملائكته، وكتبه ورسله، وبالبعث بعد الموت، والجنّة والنّار، وبالقدر خيره وشرّه»، فقال: صدقت، فتعجّبنا من سؤاله وتصديقه، ثمّ قال: فما الإحسان؟ قال: «أن تعمل للّه كأنّك تراه، فإن لم تكن تراه، فإنّه يراك» قال: صدقت، فتعجّبنا من سؤاله وتصديقه قال: فأخبرني عن السّاعة قال: «ما المسئول بأعلم من السّائل» قال: فأخبرني عن أمارتها قال: «أن تلد المرأة ربّها، وأن ترى العراة الحفاة رعاة الشّاء يتطاولون في بنيان المدد» قال: صدقت، ثمّ انطلق، فلمّا كان ثالثةً قال لي رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «يا عمر هل تدري من الرّجل؟» قال: قلت: اللّه ورسوله أعلم قال: «ذلك جبريل، أتاكم يعلّمكم أمر دينكم، وما أتاني في صورةٍ إلّا عرفته فيها إلّا صورته هذه»
[الإبانة الكبرى: 2/641]
828 - حدّثني أبو صالحٍ محمّد بن أحمد بن ثابتٍ قال: نا أبو الأحوص، قال: نا مسدّدٌ، قال: نا حمّاد بن زيدٍ، عن
[الإبانة الكبرى: 2/641]
مطرٍ الورّاق، قال: نا عبد اللّه بن بريدة، عن يحيى بن يعمر، عن عبد اللّه بن عمر، قال: حدّثني عمر بن الخطّاب، قال: " بينما نحن مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ذات يومٍ إذ جاءه رجلٌ هيئته مسافرٌ، وثيابه ثياب مقيمٍ، أو ثيابه ثياب مسافرٍ، وهيئته هيئة مقيمٍ فقال: يا رسول اللّه أدنو منك؟ قال: «نعم» قال: فدنا منه، حتّى وضع يديه على ركبتيه، فقال: ما الإسلام؟ قال: «أن تسلم وجهك للّه، وتقيم الصّلاة، وتؤتي الزّكاة، وتصوم رمضان، وتحجّ البيت»، أخبره بعرى الإسلام " قال: فإذا فعلت ذلك فقد أسلمت؟ قال: «نعم» قال: صدقت قال: قلنا: انظروا كيف يسأله وكيف يصدّقه قال: يا رسول اللّه فما الإحسان؟ قال: «الإحسان أن تعبد اللّه أو تخشى اللّه كأنّك تراه، فإنّك إن لا تكن تراه فإنّه يراك» قال: صدقت قال: قلنا: انظروا كيف يسأله وكيف يصدّقه قال: يا رسول اللّه فما الإيمان؟ قال: «أن تؤمن باللّه وملائكته وكتبه ورسله وبالموت والبعث والجنّة والنّار وبالقدر كلّه» قال: فإذا فعلت ذلك فقد آمنت؟ قال: «نعم» قال: صدقت قال: قلنا انظروا كيف يسأله وكيف يصدّقه
[الإبانة الكبرى: 2/642]
829- قال: وحدّثني شهر بن حوشبٍ، عن أبي هريرة، قال: تؤمن بالقدر كلّه خيره وشرّه قال: صدقت قال: قلنا: انظروا كيف يسأله وكيف يصدّقه قال: يا رسول اللّه متى السّاعة؟ قال: «ما المسئول عنها بأعلم من السّائل»، ثمّ انطلق، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «عليّ بالرّجل»، فنظروا فلم يوجد، فقال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: «جاء جبريل يعلّم النّاس أمر دينهم، أو ليعلّم النّاس دينهم» قال الشّيخ عبيد اللّه بن محمّدٍ روى هذا الحديث عن عبد اللّه وسليمان ابني بريدة، عن يحيى بن يعمر، فأمّا عبد اللّه فرواه عن ابن عمر، عن عمر، وهو يخرّج في مسند عمر رحمه اللّه ورواه عن عبد اللّه بن بريدة جماعةٌ ثقاتٌ مثبتون منهم كهمس بن الحسن، ومطرٌ الورّاق، وعبد اللّه بن عطاءٍ، وعثمان بن عفّان بن غياثٍ، وأمّا سليمان بن بريدة فرواه عن يحيى بن يعمر، عن ابن عمر، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، ولم يذكر فيه عمر، ووافق سليمان بن بريدة على ذلك عليّ بن زيدٍ، وإسحاق بن سويدٍ، فهو يخرّج في مسند ابن عمر، ورواه عبد اللّه بن دينارٍ عن ابن عمر، والمقبريّ عن أبي هريرة، ليس فيه ذكر عمر موافقٌ لسليمان بن بريدة، وسليمان بن بريدة عند أهل العلم أثبت من أخيه عبد اللّه
[الإبانة الكبرى: 2/643]
830 - فأمّا حديث عليّ بن زيدٍ في متابعته سليمان بن بريدة، فحدّثناه أبو عليٍّ محمّد بن يوسف البيّع بالبصرة قال: نا أبو رويقٍ عبد الرّحمن بن خلفٍ الضّبّيّ، قال: نا حجّاج بن منهالٍ، قال: نا حمّاد بن سلمة، عن عليّ بن زيدٍ، عن يحيى بن يعمر العدويّ، قال: قلت لابن عمر: إنّ عندنا رجالًا بالعراق يقولون: إن شاءوا عملوا، وإن شاءوا لم يعملوا، وإن شاءوا دخلوا الجنّة، وإن شاءوا، وإن شاءوا، فقال: إنّي منهم بريءٌ، وإنّهم منّي براءٌ، ثمّ قال: إنّ جبريل عليه السّلام أتى النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم فقال: يا محمّد " ما الإسلام؟ فقال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: «تعبد اللّه عزّ وجلّ ولا تشرك به شيئًا، وتقيم الصّلاة، وتؤتي الزّكاة، وتصوم رمضان، وتحجّ البيت» قال: فإذا فعلت ذلك فأنا مسلمٌ قال: " نعم قال: صدقت قال: فما الإحسان؟ قال: «أن تخشى اللّه كأنّك تراه فإن لا تراه فإنّه يراك» قال: فإذا فعلت ذلك فأنا محسنٌ؟ قال: " نعم قال: صدقت قال: فما الإيمان؟ قال: «تؤمن باللّه وملائكته وكتبه ورسله والبعث من بعد الموت والجنّة والنّار، والقدر كلّه» قال: فإذا فعلت ذلك فأنا مؤمنٌ؟ قال: «نعم» قال: صدقت "
831 - وأمّا حديث إسحاق بن سويدٍ في متابعته سليمان بن بريدة فحدّثناه أيضًا محمّد بن يوسف قال: نا عبد الرّحمن بن خلفٍ، قال: نا حجّاجٌ، قال: نا حمّاد بن سلمة، عن إسحاق بن سويدٍ، عن يحيى بن يعمر، عن ابن عمر، قال: جاء جبريل إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم في صورة
[الإبانة الكبرى: 2/644]
دحية الكلبيّ، فقال: ما الإسلام؟ فقال: مثل هذا القول كلّه وأمّا حديث عبد اللّه بن دينارٍ، عن ابن عمرٍو المقبريّ، عن أبي هريرة وافق فيه سليمان بن بريدة، ولم يذكرا فيه عمر رحمه اللّه
[الإبانة الكبرى: 2/645]
832 - فحدّثناه الحسين بن إسماعيل المحامليّ، قال: نا يوسف بن موسى، قال: نا حجّاجٌ الأنماطيّ، قال: نا عبد الملك بن قدامة الجمحيّ، عن عبد اللّه بن دينارٍ، عن عبد اللّه بن عمر، وعن إسحاق بن بكرٍ، عن سعيدٍ المقبريّ، عن أبي هريرة، قالا: بينما رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم في ملأٍ من أصحابه إذ جاءه رجلٌ فسلّم قال: فردّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، وردّ الملأ قال: فقال: يا محمّد " ألا تخبرني ما الإيمان؟ قال: «أن تؤمن باللّه، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، والبعث بعد الموت، والحساب، والميزان، والجنّة، والنّار، والقدر خيره وشرّه» قال: فإذا فعلت هذا فقد آمنت؟ قال: «نعم» قال: صدقت قال: فطفق رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم تعجّبًا لقوله: صدقت، قال: فقال:
[الإبانة الكبرى: 2/645]
يا محمّد ما الإحسان؟ قال: «الإحسان أن تخشى اللّه كأنّك تراه، فإنّك إن لا تكن تراه فإنّه يراك» قال: فإذا فعلت ذلك فقد أحسنت؟ قال: «نعم» قال: صدقت قال: يا محمّد متى السّاعة؟ قال: " سبحان اللّه العظيم ثلاث مرّاتٍ، ما المسئول عنها بأعلم من السّائل، استأثر اللّه بعلم خمسٍ لم يطلع عليهنّ أحدًا: {إنّ اللّه عنده علم السّاعة وينزّل الغيث} [لقمان: 34] . حتّى ختم السّورة، ولكن سأخبرك بشيءٍ يكون قبلها: حين تلد الأمة ربّتها، ويتطاول أهل الشّاء في البنيان، وتصير الحفاة العراة على رقاب النّاس، ثمّ ولّى الرّجل، فأتبعه رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بصره طويلًا، ثمّ ردّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم طرفه إليه، ثمّ قال: «هل تدرون من هذا؟ هذا جبريل جاءكم يعلّمكم دينكم»، وفي حديث أحدهما: «أو جاءكم يتعاهد دينكم»
[الإبانة الكبرى: 2/646]