هدايات قوله تعالى:"مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}[التغابن: 11].
الحمد لله, نحمده ونستعينه, ونؤمن به, ونتوكل عليه, من يهد الله فهو المهتد, ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا, ونصلي ونسلم على المبعوث رحمة للعالمين, ونشهد أنه قد بلغ الرسالة, وأدى الأمانة, ونصح الأمة, وكشف الله به الغمة.
أما بعد:
فهذه تأملات في آية عظيمة من آيات القرآن الكريم, آية تذكر وتُعين في هذه الحياة التي جبلت على كدر, وخلق الإنسان فيها في كبد لا مهرب منه, بل يضل يكابد فيها مشاق الحياة, فينتقل من مشقة إلى أخرى, حتى يقبضه الله إليه:
طُبعت على كدرٍ وأنت تريدها صفواً من الأقذاء والأكدارِ
وهذه رحلة للاستفادة من هدايات هذه الآية العظيمة, لعلها تكون بلسما للقلوب المكلومة, وسكينة وطمأنينة للنفوس الجزعة.
فأما ما تذكر به هذه الاية, فهو: إن جميع ما يصيب العبد في هذه الحياة كائن بأمر الله سبحانه وتعالى وقضائه, علمه بعلمه الأزلي, ثم كتبه في اللوح المحفوظ, شم شاءه, ثم خلقه.
أما ما تعين عليه, فهو: الثبات فيما يمر بالعبد من تقلبات في هذه الدنيا, وتعين على الصبر على أقدار الله سبحانه وتعالى, التي علم العبد أنها مقدرة منه سبحانه, وأن فيها حكم قد يجهل الكثير منها.
وقد قال تعالى:" ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون"البقرة: 155 - 157 .
وفي الدعاء الذي ورد في هذه الآية منتهى الاستسلام لأقدار الله سبحانه وتعالى, واعتراف بكامل العبودية له, والخضوع له, فالعبد لا يملك حتى روحه التي بين جنبيه, فهي ملكا لخالقها سبحانه, فإن فقه العبد هذا, وعمل به, نال ما وعد الله به من ثواب..
ولو تأملنا القسم الأول من الآية, قال تعالى:"مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ" فنجد فيها تقرير بأن كل ما يصيب الإنسان في هذه الحياة إنما هو بقدر الله, ولكن قد يسأل سائل: لماذا خُصت المصائب بالذكر, مع أن جميع الأمور تحدث بأمر الله وقدره؟
أجاب على هذا السؤال صاحب اضواء البيان رحمه الله تعالى, فقال:"جاء التنصيص على المصيبة هنا ; ليدل أن كل شيء ينال العبد إنما هو بإذن الله ; لأن الجبلة تأبى المصائب وتتوقاها ، ومع ذلك تصيبه ، وليس في مقدوره دفعها بخلاف الخير ، قد يدعي أنه حصله باجتهاد منه كما قال قارون : إنما أوتيته على علم عندي" القصص:78 .
فإذا علم العبد إن ما أصابه مقدر عليه, وأن ما أصابه لم يكن ليخطأه, لم ينشغل ويضيع وقته في التحسر والتسخط على أقدار الله, بل وطن نفسه على الصبر, ولربما ارتقى إلى مرتبة الرضا, ولربما وصل إلى مرتبة شكر الله في السراء والضراء, نسال الله من فضله.
ويجدر بنا هنا ان نتذكر قوله عليه الصلاة والسلام, في الحديث الذي رواه مسلم, قال عليه الصلاة والسلام : " عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله خير وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له " .
فكم في هذا الحديث من سلوى للقلوب يهون معها ما بها من ألم لطمعها وتشوفها لما ينتظرها من خير وعد الله به الصابرين على أقداره؟!
وكم فيه من حث على تذكر وإحصاء لنعم الله علينا لنقوم بواجب الشكر عليها؟!
لكن هذا لا يكون إلا للمؤمن, وهذا ينقلنا إلى القسم الثاني من الآية, وهو قوله تعالى:"وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ", قال حبر الأمة وترجمان القرآن في قوله تعالى: "وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ": يهد قلبه لليقين، فيعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، وما أخطأه لم يكن ليصيبه. وقال علقمة بن قيس رحمه الله, في الآية: هو الرجل تصيبه المصيبة، فيعلم أنها من عند الله فيسلم لها ويرضَى. رواهما الطبري في تفسيره.
وقد ذكر القرطبي رحمه الله, إن عكرمة قرأ : "ومن يؤمن بالله يهدأ قلبه" أي: يسكن ويطمئن, ولو أنها ليست من القراءات المتواترة أو المشهورة.
فالمؤمن الذي يصبح فيقول:"رضيت بالله ربا وبالإسلام دينا", ويمسي فيقول:"رضيت بالله ربا وبالإسلام دينا", يقولها عن يقين ملأ قلبه, يقين بأن الله مدبره, فيفوض القلب أموره لخالقه, فترى جوارحه في حركة وشغل واضطراب آخذا بالأسباب المشروعة التي أمر الله بها, أما قلبه: فساكن مستسلم لأمر ربه وقضائه, مستشعرا لذة الصبر والتسليم لله, كما أخبر عليه الصلاة والسلام في الحديث الذي رواه مسلم, قال عليه الصلاة والسلام:" ذاق طعم الإيمان: من رضي بالله ربا، وبالإسلام ديناً، وبمحمد نبياً ورسولاً", فجعل له طعما محسوسا يشعر المؤمن بلذته التي تنسيه ما حل به من شدائد, وليس هذا إلا للمؤمن.
فمثل هذا يهدي الله قلبه حين تحل المصائب,
يهدي الله قلبه حين تنزل الفتن ويخوض الناس فيما لا علم لهم به,
يهدي الله قلبه فيتيقن بأن ما حصل كان بأمر الله, فيهدي الله قلبه فتكون تصرفاته عند نزول المصائب على مراد الله, متبعا ما جاءت به نصوص الوحي من إرشادات وهدايات,
يهدي الله قلبه: فيسكن ويصبر ويرضى.
لذلك كان أعظم الناس ثباتا في المصائب أكملهم إيمان, وأفضل هذه الأمة وأكملها إيمانا بعد النبي عليه الصلاة والسلام: أبو بكر الصديق رضي الله عنه, فنراه رضي الله عنه, في أعظم مصيبة حلت بالمسلمين: ألا وهي موت الرسول عليه الصلاة والسلام, فكان رضي الله عنه, أكثرهم هداية وتبصرا بما حل وبما يجب عمله, وكان أعقلهم وأفهمهم للنصوص, وأكثرهم ثباتا ورباطة جأش, فقد جاء في المستدرك على الصحيحين فيما رواه الزهري, قال: قال أبو سلمة بن عبد الرحمن : كان ابن عباس رضي الله عنهما يحدث أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه دخل المسجد وعمر بن الخطاب يحدث الناس ، فأتى البيت الذي توفي فيه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فكشف عن وجهه برد حبرة ، وكان مسجى به ، فنظر إليه فأكب عليه ليقبل وجهه ، وقال : والله لا يجمع الله عليك موتتين بعد موتتك التي لا تموت بعدها . ثم خرج إلى المسجد وعمر يكلم الناس فقال أبو بكر : اجلس يا عمر ، فأبى فكلمه مرتين أو ثلاثا ، فأبى ، فقام فتشهد فلما قضى تشهده قال : أما بعد ، فمن كان يعبد محمدا فإن محمدا صلى الله عليه وآله وسلم قد مات ، ومن كان يعبد الله ، فإن الله حي لا يموت ، ثم تلا : وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل ، وتلا إلى : الشاكرين . فما هو إلا أن تلاها فأيقن الناس بموت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حتى قال قائل : لم يعلم الناس أن هذه الآية أنزلت حتى تلاها أبو بكر . قال الزهري : فأخبرني سعيد بن المسيب أن عمر بن الخطاب قال : لما تلاها أبو بكر : عقرت حتى خررت إلى الأرض وأيقنت أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قد مات" .
ولكن وجب علينا أن نتذكر أن هذه الهداية, وهذا الثبات الذي وعد فيه المؤمن, ليس محصورا في المصائب فقط, بل هو الثبات في المراحل الثلاث من حياة العبد: الحياة الدنيا, والبرزخ, ويوم القيامة.
فحذف متعلق الهداية في الآية فيه فائدة عظيمة: ألا وهو إفادة العموم, فمتى ما وجد الشرط وهو"الإيمان" وجد جوابه وجائزته: وهي الهداية.
قال تعالى:"يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ ۖ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ ۚ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ"إبراهيم:27, قال ابن عباس رضي الله عنهما:""هو لا إله إلا الله". ذكره القرطبي في تفسيره.
وقال طاوس فيها : لا إله إلا الله ، ( وفي الآخرة ) المسألة في القبر . وقال قتادة : أما الحياة الدنيا فيثبتهم بالخير والعمل الصالح ، ( وفي الآخرة ) في القبر . رواها ابن جرير في تفسيره, وذكرها ابن كثير .
وجاء في الصحيحين من حديث البراء بن عازب رضي الله عنه اقل: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " المسلم إذا سئل في القبر ، شهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ، فذلك قوله : "يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة" .
وقال تعالى:"إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُم بِإِيمَانِهِمْ ۖ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ"يونس:9
قال شيخ المفسرين في الاية: "يرشدهم ربهم بإيمانهم به إلى الجنة".
وقال السعدي رحمه الله تعالى:"يثيبهم الله أعظم الثواب، وهو الهداية، فيعلمهم ما ينفعهم، ويمن عليهم بالأعمال الناشئة عن الهداية، ويهديهم للنظر في آياته، ويهديهم في هذه الدار إلى الصراط المستقيم وفي الصراط المستقيم، وفي دار الجزاء إلى الصراط الموصل إلى جنات النعيم".
ومن ظن أن هذه الهداية تأتي وليدة اللحظة فقد أخطأ, فتصرفات الإنسان فرع عن تصوراته, فمن عاش حياته متخبطا لا تحركه النصوص ولا تهديه, يعمل بقول فلان, ويقلد آخر, فهذا يكون هذا حاله في المصائب من باب أولى, يسير فيها متخبطا, فاقدا لنور الوحي, فلا دليل معه ولا مرشد, فلا يكون منه إلا الهلع والجزع, كما قال تعالى:"إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا إِلَّا الْمُصَلِّينَ" المعارج:19-22, فهذا حال الإنسان من حيث أصل خلقته وجبلته في المصائب: الجزع والهلع, واستثنى تعالى ذكره"المصلين" الذين حرصوا على تقوية أواصر العلاقة مع خالقهم, وقاموا بحق الصلاة كاملا, فكانت لهم نورا يمشون به في الظلمات حين تخبط غيرهم في الظلمات لا يجد منها مخرجا.
وهذا يقودنا إلى الحديث عن أهمية دخول الإيمان إلى قلب العبد المؤمن, وعظم أثره على العبد, لذلك قال عليه الصلاة والسلام, في الحديث السابق ذكره, والذي رواه مسلم:" وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن ", فشتان ما بين المؤمن الحق وبين من هو لاه قلبه, متذبذب, حيران, ولنرى عظيم أثر الإيمان في القلب إذا دخله, وسكنه, واستقر فيه, وأصبحت حركات القلب ونبضاته تبعا له, نذكر ما ورد في الصحيحين من قصة أم سليم مع أبي طلحة:حيث اقل أنس رضي الله عنهم قال: مات ابن لأبي طلحة من أم سليم، فقالت لأهلها: لا تحدثوا أبا طلحة بابنه حتى أكون أنا أحدثه، قال: فجاء فقربت إليه عشاء، فأكل وشرب، فقال: ثم تصنعت له أحسن ما كان تصنع قبل ذلك، فوقع بها، فلما رأت أنه قد شبع وأصاب منها، قالت: يا أبا طلحة، أرأيت لو أن قوما أعاروا عاريتَهم أهل بيت فطلبوا عاريتهم، أَلهم أنْ يمنعوهم؟ قال: لا، قالت: فاحتسِب ابنك، قال: فغضب! وقال: تركتني حتى تلطخت، ثم أخبرتِني بابني، فانطلق حتى أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره بما كان، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((بارك الله لكما في غابر ليلتكما))...الحديث".
وهذا عمران بن حصين رضي الله عنه, ابتلاه الله بالمرض, فصبر عليه, فلم يشكو ربه للعبيد, بل صبر واحتسب, فثبته الله جل وعلا بأن جعل الملائكة تزوره وتسلم عليه, فسكّن الله قلبه باليقين التام, وصرف عنه الجزع, جاء في سير أعلام النبلاء للذهببي:قال مطرف بن عبد الله : قال لي عمران بن حصين : أحدثك حديثا عسى الله أن ينفعك به : إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- جمع بين الحج والعمرة ، ولم ينه عنه حتى مات ، ولم ينزل فيه قرآن يحرمه ، وأنه كان يُسلم علي - يعني الملائكة- قال : فلما اكتويت ، أمسك ذلك ; فلما تركته ، عاد إلي .
وقال مطرف : قال لي عمران : أشعرت أن التسليم عاد إلي ؟ قال : ثم لم يلبث إلا يسيرا حتى مات .
وعن مطرف ، قلت لعمران : ما يمنعني من عيادتك إلا ما أرى من حالك . قال : فلا تفعل ، فإن أحبه إلي أحبه إلى الله .
وقال ابن القيم في الوابل الصيب عن شيخه: شيخ الإسلام ابن تيمية لما سُجن : " وقال لي مرة – يعني شيخ الإسلام - ما يصنع أعدائي بي !! أنا جنتي وبستاني في صدري ، أنى رحت فهي معي لا تفارقني ، إنّ حبسي خلوة ، وقتلي شهادة ، وإخراجي من بلدي سياحة .
وكان يقول في محبسه في القلعة : لو بذلت ملء هذه القلعة ذهبا ما عدل عندي شكر هذه النعمة أو قال : ما جزيتهم على ما تسببوا لي فيه من الخير ونحو هذا .
وكان يقول في سجوده وهو محبوس : اللهم اعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك ما شاء الله..".
فإذا علم العبد ذلك, وأدرك خطورة الأمر وأهميته, حرص على معرفة ما يزيد إيمانه ليفوز بما وعد الله به المؤمنين.
ولزبادة الإيمان أسباب, منها وأهمها:
1- معرفة الله تعالى بأسمائه وصفاته , فإن الإنسان كلما ازداد معرفة بالله وبأسمائه وصفاته ازداد إيمانا, لذلك قال تعالى:" إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ "فاطر:28)
2- طلب العلم, فهو من عوامل زيادة الإيمان, فكلما زاد العبد معرفة بتفاصيل ما يجب الإيمان به, زاد إيمانه بحسب ما زاد من علمه, لذلك قال تعالى:"أَمََّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ " ثم قال بعدها:"قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ "سورة الزمر:9. فهذه صفة من علم حقيقة الدنيا وحقيقة الآخرة, وعلم عظم الجائزة وشدة العقاب, فخاف ورجا, ورغب ورهب.
3- النظر في آيات الله الكونية , والشرعية , فكلما نظر العبد في الآيات الكونية التي هي المخلوقات مثل: السموات والأرض, ازداد إيمانا, ولعظمة تأثير هذا الأمر في القلب, دعا الله عباده إليه في أكثر من موضع في القرآن الكريم, مثل قوله تعالى: "وفي الأرض آيات للموقنين وفي أنفسكم أفلا تبصرون" الذاريات: 20-21. ودعاهم للتفكر والتدبر في آياته الشرعية خاصة القرآن الكريم وما يحتويه من تور لا يستطيع عاقل إنكاره, مثل قوله تعالى:"أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ ۚ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا
"النساء:82.
4- كثرة الطاعات فإن الإنسان كلما كثرت طاعاته ازداد بذلك إيمانا, وهذا يشمل جميع أنواع الطاعات, القولية, والفعلية, والقلبية, فذكر الله يزيد الإيمان, والصلاة, والصوم, والحج, والتوكل, والإخلاص, وكلما زاد الإيمان زاد العبد في فعل الطاعات, وكلما زادت الطاعات زاد الإيمان, وهكذا فمقل ومستكثر.
والأسباب جميعها مرتبط بعضها ببعض, ويقود بعضها إلى الآخر, وبترك هذه الأسباب, وعمل ضدها, أو عمل ما يخل بها, ينقص إيمان العبد, فالإيمان يزيد وينقص, والعاقل من حفظ إيمانه ورعاه, ولاحظه كأنه أغلى ما يملك, وهو أغلى ما يملك, علم العبد ذلك أو جهله.
أسأل الله تعالى أن يحفظ علينا إيماننا, وأن يرزقنا الهدى والثبات على الأمر, والعزيمة على الرشد, وأن يرزقنا الجنة ويهدينا لكل ما قرب إليها من قول او عمل, وأن يبعدنا عن النارو ويبعدنا عن كل ما قرب إليها من قول أو عمل, إنه ولي ذلك والقادر عليه.
وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
------------------------------------------------------------------------------------
المصادر:
- جامع البيان عن تأويل آي القرآن\ للإمام محمد بن جرير بن يزيد بن كثير بن غالب الشهير بالإمام أبو جعفر الطبري.
- تفسير القرآن العظيم \ للإمام عماد الدين أبي الفداء إسماعيل بن كثير القرشي الدمشقي المعروف بابن كثير.
- سير أعلام النبلاء\ الحافظ أبو عبد الله شمس الدين الذهبي.
- أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن \ لمحمد الأمين الشنقيطي.
- تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان\ لعبدالرحمن السعدي.
- قواعد قرآنية\ عمر المقبل.
-