تفسير قوله تعالى:"وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِّنَ الْإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِّنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا"الجن:6
جاءت هذه الاية ضمن سياق كلام الجن في سورة الجن, وهي من السور المكية, وجل موضوعها عن الجن كما يتبين هذا من اسمها, وذلك لما استمع الجن إلى القرآن الكريم, بعد أن حيرهم ما حصل من تغير, فمنعوا من استراق السمع إلى خبر السماء, فصاروا يرمون بشهب كلما حاولوا فعل ذلك, وقد جاء ذكر هذا في الصحيحين من حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: انطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم في طائفة من أصحابه عامدين إلى سوق عكاظ، وقد حيل بين الشياطين وبين خبر السماء، وأرسلت عليهم الشهب فرجعت الشياطين فقالوا: ما لكم ؟ فقالوا: حيل بيننا وبين خبر السماء، وأرسلت علينا الشهب. قال ما حال بينكم وبين خبر السماء إلا ما حدث، فاضربوا مشارق الأرض ومغاربها فانظروا ما هذا الأمر الذي حدث، فانطلقوا فضربوا مشارق الأرض ومغاربها ينظرون ما هذا الأمر الذي حال بينهم وبين خبر السماء، قال: فانطلق الذين توجهوا نحو تهامة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بنخلة وهو عامد إلى سوق عكاظ وهو يصلي بأصحابه صلاة الفجر.....الحديث".
وفي الآية عدة مسائل:
المسألة الأولى: تقرير ما يجب أن يعتقده المسلم في الجن: فالجن مخلوقات لله تعالى, خلقها من نار قبل خلق آدم, كما في قوله تعالى:"وَالْجَانَّ خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نَارِ السَّمُومِ"الحجر:27, وقد حمل هذا إبليس على الاعتقاد بأن النار أفضل من الطين الذي خلق منه آدم, قال تعالى عنه:" قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ"الأعراف:12, وهذا قياس فاسد مخالف للنص, وهو قوله تعالى:"اسجدوا لآدم"الأعراف:11.
والجن عالم غيبي لا نعلم عنه إلا ما أطلعنا الله عليه من خلال نصوص الوحي, لأن القاعدة في الغيبيات أن لا نخوض فيها المسلم بعقله, بل يعتمد على ما ثبت في نصوص الوحي, ومن أنكر وجود الجن كفر كفرا أكبرا مخرجا من الملة, وهذا لتكذيبه صريح نصوص القرآن التي ذكرت الجن, وصحيح ما تواتر من السنة, كقوله عليه الصلاة والسلام فيما روته عنه عائشة رضي الله عنها,قال:"خلقت الملائكة من نور وخلق الجان من نار وخلق آدم مما وصف لكم" رواه مسلم في صحيحه. وتكذيبه لإجماع المسلمين في ذلك, فهو مرتد كافر بإنكاره هذا.
والجن مكلف كما هو حال بني آدم, قال تعالى:" وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ"الذاريات:56, وفي هذا دليل على إن التكليف يشمل الثقلين: الإنس والجن.
وذكر ابن عاشور في تفسيره سبب إطلاق كلمة "رجال" على الجن, فقال: الرجل اسم للذكر البالغ من بني آدم, أما إطلاق الرجال على الجن فهو على طريق التشبيه والمشاكلة, لوقوعه مع رجال من الإنس.
وقد اختلف العلماء هل أرسل إلى الجن أنبياء ورسل منهم؟ على قولين:
القول الأول: أن الرسل من الإنس فقط, ولم يرسل رسل من الجن, بل كان منهم نذر, فيكونون رسل رسل الإنس, واستدلوا بقول الله تعالى:
"وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلا رِجَالا نُوحِي إِلَيْهِمْ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى " يوسف:109.
وقوله تعالى : ( وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي الأسْوَاقِ ) الفرقان:20.
وهو قول ابن عباس وحمهور أهل العلم, فقال ابن عباس في قوله تعالى:""يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ ": هم الجن لقُوا قومهم, وهم رسل إلى قومهم . رواه عنه ابن جريج, وذكره ابن جرير في تفسيره.
القول الثاني: إن الجن كالإنس قد أرسل إليهم رسل منهم, واستدلوا بقول الله تعالى:"يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَٰذَا"130:الأنعام, وهذا قول مقاتل والضحاك, كما رواه الطبري في تفسيره, حيث سئل الضحاك عن الجن، هل كان فيهم نبيّ قبل أن يُبْعث النبي صلى الله عليه وسلم؟ فقال: ألم تسمع إلى قول الله: (يا معشر الجن والإنس ألم يأتكم رسل منكم يقصُّون عليكم آياتي"، يعني بذلك: رسلا من الإنس ورسلا من الجن؟ فقالوا: بلَى!. رواه عنه عبيد بن سليمان.
ورد اصحاب القول الأول على قوله تعالى:"يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ " إنما الرسل من أحد الفريقين, كما قال: "مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ"[سورة الرحمن: 19]، ثم قال: "يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ"[سورة الرحمن: 22]، واللؤلؤ والمرجان يخرجان من البحر المالح دون العذب منهما.
وقال أصحاب القول الأول ممن تبع الضحاك في قوله: إن الله تعالى أخبرَ أن من الجن رسلا أرسلوا إليهم, كما أخبر أن من الإنس رسلا أرسلوا إليهم , ولو جاز أن يكون خبره عن رسل الجن بمعنى أنهم رسل الإنس, جاز أن يكون خبره عن رسل الإنس بمعنى أنهم رسل الجن, وهو معنى ظاهر البطلان.
والراجح والله اعلم هو القول الأول, قول جمهور المفسرين, لصراحة الأدلة فيه, ولقول الله تعالى:"وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً وَإِبْرَاهِيمَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ"الحديد:26، وهذا حصر للنبوة في ذرية نوح وإبراهيم عليهما السلام, والجن ليسوا من ذرية نوح ولا إبراهيم ، فيمتنع أن يكون منهم رسول .
المسألة الثانية: بين الله سبحانه وتعالى في الآية, كذب ما كان يعتقده الكفار من امتلاك الجن القدرة على النفع والضر, حتى جرهم اعتقادهم هذا إلى الشرك بالله, فصرفوا للجن بعض العبادات التي لا يجوز صرفها إلا لله تعالى, فأشركوا بالله في الربوبية حينما اعتقدوا قدرتهم على النفع والضر, وأشركوا به في ألوهيته سبحانه.
وقد جاء عن الحسن رحمه الله تعالى, في تفسير هذه الاية قوله:"كان الرجل منهم إذا نـزل الوادي فبات به، قال: أعوذ بعزيز هذا الوادي من شرّ سفهاء قومه", رواه عنه عوف, وقد ذكره الطبري في تفسيره.
ووقوع الإنسان في الخوف من الجن سببه عدم قدرته على رؤية الجن, مع يقينه بوجوده, ويقينه بقدرة الجن على رؤيته, كما قال تعالى:" إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لاَ تَرَوْنَهُمْ [الأعراف: 27]. وهذا مما جرت العادة بالخوف منه, فتوهم الكفار إن للجن قدرة مطلقة عليه, فلما حصل منهم الخوف, ألجأهم هذا إلى محاولة استرضاء الجن اتقاء لشرهم, فكانوا يستعيذون بهم إذا حطوا رحالهم في مكان ناء موحش.
وها هنا فائدة يجدر التنبيه إليها: ألا وهي أهمية وضرورة العلم, ويترتب على هذا مسئولية طالب العلم في توعية من حوله, وتعليمهم, وحثهم على تعلم ما يقوم به دينهم, ولو كان بمقدار ما لا يسع أي مسلم جهله.
المسألة الثالثة: في معنى الإستعاذة, والاستعاذة هي الاستجارة,
قال القرطبى: معنى الاستعاذة في كلام العرب: الاستجارة والتحيز إلى الشيء، على معنى الامتناع به من المكروه؛ يقال: عذت بفلان واستعذت به؛ أي لجأت إليه. وهو عياذي، أي ملجأي.
قال ابن كثير: والاستعاذة هي الالتجاء إلى اللّه والالتصاق بجنابه من شرّ كلّ ذي شرٍّ، والعياذة تكون لدفع الشّرّ، واللّياذ يكون لطلب جلب الخير كما قال المتنبّي:
يا من ألوذ به فيما أؤمّله ...... ومن أعوذ به ممّن أحاذره
وقد أمر الله سبحانه وتعالى, نبيه عليه الصلاة والسلام, وأمته بالاستعاذة به في أكثر من موضع, مثل قوله تعالى:"قل أعوذ برب الفلق"الفلق:1, ومثلها:"قل أعوذ برب الناس"الناس:1, وقوله:"وَقُلْ رَبِّ أَعُوَذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ "المؤمنون:97, فدل هذا على أن الاستعاذة عبادة, لأن من المتقرر إن العبادة تعرف بثلاث طرق:
1-أن يرد في النصوص تسمية الأمر "عبادة", مثل قوله عليه الصلاة والسلام:"وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ۚ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ "غافر:60.
2- أن يأمر الله عباده به, لأن في هذا دليل على محبة الله له.
3- أن يرد في النصوص ما يدل على أن الله يحبه, أو يكون قد رتب ثواب على فعله, أو رتب عقابا على تركه.
فأمر الله بالاستعاذة دليل على أنها عبادة يحب الله من عباده أن يتقربوا إليه بأدائها, فيحب الله من عبده أن يعترف بضعفه ونقصه وعجزه عن دفع ما يضره عنه, وأن يعلم أن القادر على أن يعيذه ويحميه, ويدفع ما به من ضر: هو الله وحده, وهذا من فوائد الآية الجليلة, حيث يتيقن القلب بهذا, فلا يتعلق إلا بخالقه سبحانه.
لذلك إذا كانت الاستعاذة عبادة, لم يجز صرفها لغير الله تعالى,فصرفها لغيره شرك في الألوهية, فيترتب على هذا أن تكون الاستعاذة بالجن شرك أكبر بالله.
وهنا يأتي سؤال:
بما إنه قد تقرر بأن الخوف من الله عبادة, لأمر الله بها في قوله تعالى:" فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ" آل عمران:175, فيترتب على هذا عدم جواز صرفها لغير لله عز وجل, فهل يقال عن الخوف من الجن بأنه شرك بالله؟
والجواب: الخوف نوعان:
الأول: هو الخوف الجبلي الطبيعي, كخوف الإنسان من الحيونات المفترسة كالأسد مثلا, فيهرب منه إذا رآه خوفا على حياته, وهذا النوع مباح لقوله تعالى:"فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفاً يَتَرَقَّب [القصص: 21]..
الثاني: هو الخوف الذي يصحبه تذلل وتعظيم, وهذا لا يكون إلا من الله سبحانه وتعالى, وهو ما يطلق عليه العلماء:خوف السر, كخوف القبوريين من الأولياء الأموات اعتقادا منهم بقدرتهم على إيصال الضرر لهم ولو بعد موتهم, وكخوف الكفار من أصنامهم, كما قال تعالى في قول قوم هود:"إِنْ نَقُولُ إِلَّا اعْتَرَاكَ بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوءٍ"54:هود
.
والخوف من الجن يدخل في النوع الأول, وهو:الخوف الجبلي الطبيعي, لكن قد يتحول هذا الخوف إلى خوف السر, إن اعتقد بأن الجن تملك أن تضره وتنفعه استقلالا, فيقع في قلبه خشيتها, فهنا يقال بأن الخوف تحول إلى شرك بالله تعالى, خاصة إذا حمله خوفه على صرف عبادات لها, كما جاء في الآية من استعاذة مشركي قريش بالجن.
.
المسألة الرابعة: قوله تعالى:"فزادوهم رهقا":
معنى"رهقا":
الرهق في كلام العرب: الإثم وغِشيان المحارم؛ ومنه قول الأعشى:
لا شَـيْءَ يَنْفَعُنِـي مِـنْ دُونِ رُؤْيَتِهـا
هـلْ يَشْـتَفِي وَامِقٌ ما لم يُصِبْ رَهَقا
وجاء في لسان العرب: الرَّهَق السَّفَه والنُّوكُ,.... والرَّهَقُ الإِثْمُ...تقول لا تُرْهِقْني لا أَرهَقك اللهُ أَي لا تُعْسِرْني لا أَعْسَرَك اللهُ, وأَرْهَقَه إِثماً أَو أَمراً صَعْباً حتى رَهِقه رَهَقاً والرَّهَق غِشْيان الشيء رَهِقَه بالكسر يَرْهَقُه رهَقاً أَي غَشِيَه تقول رَهِقه ما يَكْره أَي غشيه ذلك ...
وجاء في معنى الآية ثلاثة أقوال:
القول الأول: إن الإنس زادوا الجن بسبب استعاذتهم بهم جرأة عليهم بسبب اعتقادهم أن لهم مزيد فضل على الإنس, وبالتالي ازدادوا إثما لشناعة فعلهم, وهو قول ابن عباس حيث قال:"فَزَادُوهُمْ رَهَقًا"فزادهم ذلك إثما. رواه عنه العوفي. وقول قتادة حيث قال: "فَزَادُوهُمْ رَهَقًا" : أي إثما، وازدادت الجنّ عليهم بذلك جراءة. رواه عنه سعيد. وهو قول إبراهيم كما نقل هذا عنهم إمام المفسرين في تفسيره, وكذا فعل ابن كثير.
القول الثاني: إن الكفار هم الذين ازدادوا طغيانا, وهو قول مجاهد حيث قال في قوله تعالى: "فَزَادُوهُمْ رَهَقًا" قال: زاد الكفار طغيانا. رواه عنه ابن أبي نحيح, وذكره الطبري في تفسيره.
القول الثالث: إن الجن زادت الكفار خوفا منهم, فكلما استعاذوا بهم, زادتهم خوفا وفرقا, وهو قول الربيع بن أنس, حيث قال في قوله تعالى: "فَزَادُوهُمْ رَهَقًا " قال: فيزيدهم ذلك رهقا. وهو الفرق. رواه عنه أبو جعفر, وهو قول ابن زيد, حيث قال:"زادهم الجنّ خوفا". رواه عنه ابن وهب, وذكر اقوالهم ابن جرير في تفسيره, وذكره ابن كثير في تفسيره.
والأقوال الثلاثة لا تعارض بينها, وتحتملها الاية, والقاعدة أنه متى ما أمكن حمل الاية على ما ورد من معاني بلا تعارض, فالأولى فعل ذلك, فالجن ازدادوا طغيانا على الإنس وتكبرا بسبب استعاذة الإنس بهم, فاعتقدوا بأنهم الجنس الأفضل, والأقوى, فأدى بهم هذا إلى فعل المزيد مما يجلب الخوف في قلوب الكفار أحيانا, ليزدادوا خوفا منهم, فتستمر عبادتهم لهم, وليستمر تفوقهم عليهم, فازداد الجن بذلك إثما.
أما الكفار فلما كانوا يستعيذون بالجن ولا يحصل من الجن اذى لهم, ينسبونه لاستعاذتهم بهم وما صرفوه لهم من عبادات, فيستمرون على كفرهم هذا, فيزدادوا طغيانا وكفرا.
هذا والله اعلم, وصلى اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
-------------------------------------------------------------------------------------
المصادر:
- جامع البيان عن تأويل آي القرآن\ للإمام محمد بن جرير بن يزيد بن كثير بن غالب الشهير بالإمام أبو جعفر الطبري.
- الجامع لأحكام القرآن، والمبين لما تضمن من السنة وأحكام الفرقان\ لمؤلفه الإمام أبو عبد الله محمد بن أحمد الأنصاري القرطبي.
- تفسير القرآن العظيم \ للإمام عماد الدين أبي الفداء إسماعيل بن كثير القرشي الدمشقي المعروف بابن كثير.
- تحرير المعنى السديد وتنوير العقل الجديد من تفسير الكتاب المجيد\ لمؤلفه: محمد الطاهر بن عاشور.
- تفسير الشيخ أبو عبد الله محمد بن صالح بن محمد بن سليمان بن عبد الرحمن العثيمين .