السؤال الثالث: ما معنى قولكم: (بل الأمر موقوف إلى ورده) عقب: (ولا حكم قبل الشرع).
. . .
وأما قولنا: (بل الأمر موقوف إلى وروده) عقب قولنا: (ولا حكم قبل الشرع) فإنا نبهنا به على دقيقة، وهي أن شيخنا أبا الحسن – سقى الله عهده صوب الرحمة والرضوان – نفى الحكم قبل الشرع، وليس معنى ذلك نفي العلم به كما توهمه البيضاوي وغيره، بل نفيه نفسه.
وأعني بنفيه نفسه: نفي وقوعه علماً، وجعله موقوفاً إلى البعثة.
ووقع في عبارات كثير من أئمتنا اختيار الوقف في هذه المسألة، وتوهم متوهمون أنه غير القول بنفي الأحكام وليس كذلك، بل مرادهم بالوقف أن الأمر موقوف على ورود السمع، وأن الحكم منتف ما لم يرد فهم يعنون بالوقف غير ما تعنيه المعتزلة من عدم الدراية ونحوها. وهذا قد قررناه في (شرح المختصر) فلا حاجة إلى الإعادة هنا، وحظ هذا المكان أن نقول: أردنا بقولنا: (بل الأمر موقوف إلى وروده) مع قولنا: ولا حكم قبل الشرع) أن القول بالوقف لا ينافي القول بانتفاء الأحكام رأساً، لأن معناه إرجاء الأمر وتأخيره إلى البعث وهذا من محاسن هذا الكتاب التي لا تجدها في غيره.