السلام عليكم ورحمة الله.
المجموعة الرابعة:
س1: ما معنى ضمير الجمع في قوله: {اهدنا}
اختلف العلماء في الحكمة من الإتيان بضمير الجمع على ثلاثة أقوال:
الأول: تنزيلاً لكل عضو من الأعضاء منزلة المسترشد الطالب لهداه، وفي هذا تنبيه على افتقار كل عضو إلى هداية خاصة به.
ذكر هذا القول ابن القيم في بدائع الفوائد عمّن لم يسمّه فاستضعفه هو وشيخه ابن تيمية بدليل أن "الإنسان اسم للجملة لا لكل جزء من أجزائه وعضو من أعضائه..."
الثاني: لتعميم الدعاء كل المسلمين. قال ابن كثير: "ثمّ يسأل حاجته وحاجة إخوانه المؤمنين بقوله: {اهدنا} لأنّه أنجح للحاجة، وأنجع للإجابة".
وهذا القول صحيح في نفسه، غير أنه لا يستقلّ بالجواب.
الثالث: لأنه أبلغ في التعظيم والتمجيد، لما فيه من بيان افتقار عامة الناس إلى الهداية من ربهم تعالى، بما كان موافقا لقوله تعالى: {الحمد لله رب العالمين}؛ ويطابق أيضا مقام العبودية المدلول عليها في قوله: {إيّاك نعبد وإيّاك نستعين}. وعامة أدعية القرآن على هذا النمط.
فهو سبحانه عمت ربوبيته الخلق كله، فكل عبد لله تعالى طوعا أو كرها، فكل يحتاج إلى الهداية عامة كانت أو خاصة.
س2: بيّن معنى التعريف في "الصراط".
التعريف في "الصراط" للعهد الذهني الجامع بين إفادة الحصر والتشريف والتفضيل والكمال.
س3: ما الموقف من اختلاف عبارات السلف في بيان المراد بالذين أنعم الله عليهم.
تختلف أقوال السلف -رحمهم الله تعالى- في بيان المراد بالذين أنعم الله عليهم:
الأول: "طريق من أنعمت عليهم بطاعتك وعبادتك من الملائكة والنّبيّين والصّدّيقين والشّهداء والصّالحين، الّذين أطاعوك وعبدوك". قاله ابن عباس كما روى عنه ابن جرير وابن أبي حاتم.
الثاني: النبيون، وهذا قول الربيع بن أنس البكري.
الثالث: المؤمنون، وهذا قول مجاهد، وروي أيضا عن ابن عباس من طريق ابن جريج، وإنما أخذ عن أصحاب مجاهد.
الرابع: النبي صلى الله عليه وسلم ومن معه، رواه ابن جرير عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم.
الخامس: المسلمون، قاله وكيع بن الجراح.
وهذه الأقوال من باب التفسير بالمثال، فتختلف بحسب اختلاف سؤال السائلين، ومقتضى الخطاب، والحاجة إلى البيان.
وقد بين الله تعالى المنعم عليهم بقوله: ﴿وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا (69) ذَلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ عَلِيمًا﴾ بما علم أن الأقوال المروية عن السلف لا تخرج من الطبقات المذكورة في هذه الآية.
س4: بيّن مراتب الهداية ودرجات المهتدين، وبيّن أثر معرفتها على استحضار معنى سؤال الهداية.
الهداية على مرتبتين:
الأولى: هداية علمية، وتسمى هداية الإرشاد، فتثمر العلم بالحق، والبصيرة في الدين. ومنها قوله تعالى: {وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم}.
الثانية: هداية عملية، وتسمى هداية التوفيق، فتثمر العمل بالحق. ومنها قوله تعالى: {إنك لا تهدي من أحببت ولكنّ الله يهدي من يشاء}.
وتحقيق الهداية يكون بالجمع بين المرتبتين حيث تكون الأولى سببا لحصول الثانية.
وبحسب ما يحصل من هاتين المرتبتين تختلف درجات المهتدين، فهم على ثلاث درجات:
الأولى: من حصل على أصل الهداية، بما يدخل في الإسلام، ولم يرتقي إلى الدرجتين الأخرين بسبب المعاصي، فوعد بالجنة من جهة واستحقاق العذاب من جهة أخرى.
الثانية: المتقون بالهداية لفعل الواجبات وترك المحرمات، بما كانوا مفلحين بالنجاة من العذاب والفوز بدخول الجنة.
الثالثة: المحسنون، وهم أكمل الناس هداية، فهم يعبدون ربهم تعالى كأنهم يرونه.
وهذه الدرجات ذكرها الله تعالى في قوله: { ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ (32) جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ (33)}.
وتختلف أحوال السائلين عند سؤالهم الهداية بحسب معرفتهم وما يقوم بقلوبهم من الأعمال من الخشية والتوكل والإنابة وغيرها. وتبين بهذا أن أهل الإحسان هم أكمل الناس هداية وبصيرة، بخلاف المقصرين في سؤالهم الهداية بحسب مقصدهم وعزيمتهم وصدق إرادتهم.
س5: إذا كان كل من اليهود والنصاري مغضوب عليهم وضالّون فما الحكمة من تخصيص كلّ طائفة بوصف؟
الأول: لكون كل صفة علامة تعرف بها كل من الطائفتين.
الثاني: اختصاص اليهود بالعناد المسبب للغضب، واختصاص النصارى بالجهل المفضي إلى الضلال.
الثالث: لأن اليهود أشد كفرا من النصارى لما وقع منهم من قتل الأنبياء والتعنت ما أوجبت غضبا حاصا، بخلاف النصارى.
الرابع: تنبيها على سببي سلب نعمة الهداية، فيدل على وجوب طلب العلم والعمل به.
س6: بيّن ما استفدته من دراستك لدورة تفسير سورة الفاتحة من المنهجية في دراسة مسائل التفسير.
استفدت من المنهجية في دراسة مسائل التفسير فوائد كثيرة، منها:
• يحسن ذكر المعنى الإجمالية للآية المفسرة، والمقصد منها، ومناسبتها لما قبلها.
• لا بد من طرد أسئلة كثيرة، لإتقان استخراج المسائل من الآيات.
• ذكر المسائل المستخرجة حسب ترتيبها في الآية.
• لا بد من الاعتناع بأقوال السلف.
• أهمية معرفة أصول التفسير، ولا سيما أنواع الاختلاف وكيفية الجمع بين الأقوال.
• ذكر معنى الكلمة في اللغة لظهور الربط بينه وما جاء في تفسيرها.
• يحسن تلخيص مسألة بعد تفصيلها، وهذا أسهل للحفظ والفهم.