ولَمَّا يَسَّر اللهُ لَهُ إِكْمَالَ مَا وَعَدَ بِهِ فِي الخُطْبَةِ مِنْ قولِهِ (مَقَاصِدَ النحوِ بِهَا مَحْوِيَّة) أَخْبَرَ بِذَلكَ فقالَ:
999 - وَمَا بِجَمْعِهِ عُنِيتُ قَدْ كَمُلْ = نَظْمًا عَلَى جُلِّ المُهِمَّاتِ اشْتَمَلْ
يُقَالُ: "عُنِيَ بِكَذَا" أَيْ اهْتَمَّ بِهِ، ويَلْزَمُ بِنَاؤُهُ للمفعولِ، وبناؤُه للفاعلِ لُغَيَّةٌ، حَكَاهَا فِي اليَوَاقِيتِ، وَأَنْشَدَ عَلَيْهَا [مِنَ الرَّجَزِ]:
1262 - عانٍ بَأُخْرَاهَا طويلُ الشُّغْلِ = لَهُ جَفِيرَانِ وَأَيُّ نَبْلِ
ونظمًا: حالٌ مِنَ الهاءِ فِي بِجَمْعِهِ، أَو تَمْيِيزٌ محولٌ عَنِ الفاعلِ، واشْتَمَل: نَعْتٌ لنظمًا، وَعَلَى جُلِّ المُهِمَّاتِ: مُتَعَلِّقٌ باشْتَمَل، ثُمَّ وَصَفَ نَظْمًا بصفةٍ أُخْرَى فَقَالَ:
1000 - أَحْصَى مِنَ الكَافِيَةِ الخُلَاصَهْ = كَمَا اقْتَضَى غِنًى بِلَا خَصَاصَهْ
(أَحْصَى مِنَ الكَافِيَةِ الخُلَاصَهْ) أَيْ جَمَعَ هذَا النظمُ مِنْ منظومةِ المصنفِ المُسَمَّاةِ بالكَافِيَةِ الخَالِصَ الصافِي مِمَّا يُكَدِّرُهُ (كَمَا اقْتَضَى) أَيْ أَخَذَ (غِنًى بِلَا خَصَاصَهْ) تشوبُهُ والخَصَاصَةُ: ضِدُّ الغِنَى وهُو كِنَايَةٌ عَمَّا جُمِعَ مِنَ المَحَاسِنِ الظاهرةِ، ثُمَّ قَابَلَ بالشكرِ نِعْمَةَ الإِتْمَامِ وأَرْدَفَهُ بالصلاةِ عَلَى سَيِّدَنَا مُحَمَّدٍ سَيِّدِ الأَنَامِ، وعَلَى آلِهِ وأَصْحَابِهِ الكِرَامِ، لإِحْرَازِ أَجْرِ ذلكَ ويُمْنِهِ فِي البَدْءِ والخِتَامِ، فقالَ رحِمَهُ اللهُ، وجَمَعَنِي وإياهُ فِي دارِ السلامِ.
1001 - فَأَحْمَدُ اللهَ مُصَلِّيًا عَلَى = مُحَمَّدٍ خَيْرِ نَبِيٍّ أُرْسِلَا
1002 - وَآلِهِ الغُرِّ الكِرَامِ البَرَرَهْ = وصَحْبِهِ المُنْتَخَبِينَ الخِيَرَهْ
الحمدُ للهِ أولاً وآخرًا، باطِنًا وظَاهِرًا، وصَلَّى اللهُ عَلَى سَيِّدِنَا محمدٍ سيدِ المُرْسَلِينَ وعَلَى آلِهِ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ وصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ صَلَاةً وسلامًا دَائِمَيْنِ مُتَلَازِمَيْنِ إِلَى يومِ الدِّينِ.