القارئ:
أبو داود: من مظان الحديث الحسن
قال: ومن مظانه سنن أبي داود.روينا عنه أنه قال: ذكرت الصحيح وما يشبهه ويقاربه,وما كان فيه وهم شديد بينته,وما لم أذكر فيه شيئا فهو صالح,وبعضها أصح من بعض.
قال: وروي عنه أن يذكر في كل باب أصح ما عرفه فيه.قلت: ويروى عنه أنه قال: ما سكت عنه فهو حسن.
قال ابن الصلاح فما وجدناه في كتابه مذكورا مطلقا,وليس في واحد من الصحيحين,ولا نص على صحته أحد,فهو حسن عند أبي داود.
قلت: الروايات عن أبي داود في كتابه السنن كثيرة جدا, ويوجد في بعضها من الكلام, بل والأحاديث ما ليس في الأخرى, ولأبي عبيد الآجري عنه أسئلة في الجرح والتعديل, والتصحيح والتعليل كتاب مفيد, ومن ذلك أحاديث ورجال قد ذكرها في سننه, فقوله: " وما سكت عنه فهو حسن" ما سكت عنه في سننه فقط أو مطلقا. هذا مما ينبغي التنبيه عليه والتيقظ له.
الشيخ: هذا المقطع يتعلق بسنن أبي داود رحمه الله, وأنه من مظان الحديث الحسن,يعني: يكثر فيه وجود الحديث الحسن, وهذا الكلام لا إشكال فيه, والكلام المنقول عن أبي داود رحمه الله قوله: ذكرت الصحيح وما يشبهه ويقاربه.هذا ورد في رسالة صغيرة,تعرف برسالة أبي داود إلى أهل مكة,في وصف سننه,سألوه عن السنن,فأرسل لهم رسالة صغيرة طبعت في بعض الطبعات في مقدمة السنن,أو في مقدمة بعض الشروح,وطبعت مفردة أيضا,وهي رسالة صغيرة في عدد يسير من الصفحات,وفيها كلام كثير من ضمنه ما نقله ابن الصلاح.
لكن قول ابن كثير: قلت: ويروى عنه أنه قال: وما سكت عنه فهو حسن. تعلقون عليها أن هذه الرواية أي: ابن كثير رحمه الله عبر عنها بصيغة التمريض,وقد اصطلح العلماء رحمهم الله,استقر الاصطلاح على أن ما يعبر عنه بصيغة التمريض يدل على أي شيء هذا؟ يدل على ضعفه,وهذا هو يعني: بهذا اللفظ: وما سكت عنه فهو حسن. ما تصح هذه اللفظة,إنما الثابت عنه أو الصحيح أنه قال: وما لم أذكر فيه شيئا فهو صالح.
ولهذا أطالوا في تفسير كلمة صالح,ماذا يريد بها؟ المهم ابن الصلاح النقطة الثالثة معنا يقول ابن الصلاح: ما وجدناه في كتابه مذكورا مطلقا وليس في واحد من الصحيحين,ولا نص على صحته أحد فهو حسن عند أبي داود,لم قال ابن الصلاح هذا رحمه الله؟
بناء على قول أبي داود: وما لم أذكر فيه شيئا فهو صال.ح وضم.. أو ضم أنت إلى ذلك أن ابن الصلاح فيما مضى يرى إغلاق باب الاجتهاد في التصحيح,أو فتحه؟ إغلاقه,فلهذا يعني: لجأ إلى أن كل ما سكت عنه أبو داود فهو حسن؛اعتمادا على كلمة أبي داود,وأيضا إتباعا لمنهجه السابق,أنه أغلق باب الاجتهاد في المقطع الأخير من الكلام الذي قرأه القارئ.
ابن كثير يعترض على رأي ابن الصلاح,يعترض على رأي ابن الصلاح رحمه الله,اعترض عليه بشيئين:
الشيء الأول.. أو,الأول ليس اعتراض وإنما هو تنبيه,
شبه اعتراض,بأنه يقول رحمه الله: إن أبي داود ألف سننه وصار يرويها في فترات متقطعة ومتباعدة.: ليست متقطعة وإنما متباعدة,ويضيف ويحذف ويوجد.. وبعض تلاميذه سجل بعض آرائه على نسخته التي رواها,وبعضهم لم يسجل فجاء باختلاف في روايات سنن أبي داود,حتى اختلاف في عدد الأحاديث,واختلاف ليس باليسير,ويوجد في بعض الروايات كلام لا يوجد في الكلام في الروايات الأخرى.
فإذن ملخص كلام ابن كثير هنا أنه قد تقف على رواية ليس فيها كلام,فتحكم بأنه حسن,وقد يكون أبو داود تكلم على هذا الحديث في أي مكان؟في رواية أخرى.
فإذن كأن ابن كثير رحمه الله يحث القارئ على تتبع أكبر قدر ممكن من روايات سنن أبي داود.
الاعتراض الثاني: قال ابن كثير رحمه الله: إن أبا داود له كلام يوجد له كلام خارج السنن,ومن أهم ذلك الأسئلة المعروفة بأسئلة الآجري لأبي داود,وهي مطبوعة,وفيها كلام لأبي داود على بعض الأحاديث, وعلى بعض النسخ,وعلى بعض الرواة بالتضعيف.
فإذن يقول ابن كثير: هل المراد ما سكت عنه في سننه فقط أو ما سكت عنه جملة؟يقول: هذا يعني ما مرادك يا ابن الصلاح؟ هل مرادك أن ما سكت عليه في سننه؟أو ما سكت عنه؟
يظهر أن ابن الصلاح يريد ما سكت عنه في أي مكان؟ في السنن؛فابن كثير رحمه الله كأنه يقول: لا يصح هذا؛لأن أبا داود قد يضعف أحاديث سكت عنها في سننه,قد يضعها في أي مكان؟في مكان آخر,مثل أسئلة الآجري,وهذا اعتراض صحيح.
وبقي اعتراض ما ذكره ابن كثير,أحب أن أشير إليه,وهو أننا دائمًا الشروط أو الأشياء التي يذكرها المؤلفون في مقدمات كتبهم,ننتبه لها إذا قال الإمام: شرطي كذا,أو سأفعل كذا,أو فعلت كذا,هذه الأمور إجمالية,ولكن تطبيقها على ما في كتاب الإمام,أو كتاب المؤلف,إذا عارضها ما هو أقوى منها؛فإنها لا يؤخذ بها.
مثلًا كلمة ابن حجر رحمه الله تعالى: إنني ما سكت عنه في الفتح فهو صالح,إما صحيح أو حسن,هذه لو أخذناها.:ما يصح تطبيقها على كل أحد؛ فإنما هذا بالإجمال,والباحث أو الإمام إذا اشترط شرطًا,أو قيد قيدا وفى به بنسبة كبيرة,يعتبرمجيدًا, أما أن يوفي به يعني: بدرجة كاملة,فهذا : لا يطمع فيه أحد.
فمثل هذه العبارات التي تذكر في المقدمات,وحتى مثلًا الآن تلاحظون في المناقشات مثلًا,مناقشات الرسائل أن المناقش يقول للباحث: قلت: سأفعل كذا وكذا وكذا وكذا, وسأفعل كذا وكذا وكذا,ثم يطبق ما ذكره على ما في داخل الرسالة,إن وجد الخلل كبيرا ربما يؤدي هذا إلى رد الرسالة,وإن وجد الخلل يعني: قد يفوته أشياء,قد يفوته أشياء لا تنطبق على ما ذكره في الشرط,فيتسامح فيه.
فالخلاصة أن التطبيق, مثلًا لو وجدنا حديثا سكت عنه أبو داود وفيه راو متروك,الآن نقدم الحكم على هذا من خلال هذا الراوي,أو من خلال كلمة أبي داود: ما سكت عنه فهو صالح؟من خلال الراوي بلا إشكال؛ لأن هذه القاعدة عندنا أن الراوي المتروك مثلًا حديثه مثلا باطل أو كذا,أقوى عندنا من كلمة أبي داود: ما سكت عنه فهو صالح.
إذن هذا أنبه عليه,وليس خاصابأبي داود.
تمت مراجعته وتهذيبه بواسطة ام العنان