(ومِن شَرْطِ صِحَّتِهِمَا حَمْدُ اللَّهِ) بلَفْظِ: الحَمْدُ لِلَّهِ، لقَوْلِه عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ: ((كُلُّ كَلامٍ لاَ يُبْدَأُ فِيهِ بـ"الحَمْدُ لِلَّهِ", فَهُوَ أَجْذَمُ)). رواهُ أَبُو دَاوُدَ عَن أَبِي هُرَيْرَةَ.
(وَالصَّلاةُ علَى رَسُولِه مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عليه وسَلَّمَ)؛ لأنَّ كُلَّ عِبَادَةٍ افتَقَرَتْ إلى ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى افتَقَرَتْ إلى ذِكْرِ رَسُولِه كالأَذَانِ، ويَتَعَيَّنُ لَفْظُ الصَّلاةِ، (وقِرَاءَةُ آيَةٍ) كَامِلَةٍ؛ لقَوْلِ جَابِرِ بنِ سَمُرَةَ: (كانَ رَسُولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيْه وسَلَّمَ يَقْرَأُ آيَةً, ويُذَكِّرُ النَّاسَ). رواه مُسْلِمٌ، قالَ أَحْمَدُ: يَقْرَأُ ما يَشَاءُ. وقالَ أَبُو المَعَالِي: لو قَرَأَ آيَةً لا تَسْتَقِلُّ بمَعْنًى أو حُكْمٍ؛ كقَوْلِه تَعَالَى: {ثُمَّ نَظَرَ}, أو:{مُدْهَامَّتَانِ}. لم يَكْفِ. والمَذْهَبُ: لا بُدَّ مِن قِرَاءَةِ آيَةٍ- ولو جُنُباً- معَ تَحْرِيمِهَا، فلو قَرَأَ مَا تَضَمَّنَ الحَمْدَ والمَوْعِظَةَ, ثُمَّ صَلَّى علَى النَّبِيِّ صلَّى اللَّهُ علَيْه وسَلَّمَ أَجْزَأَهُ.
(والوَصِيَّةُ بتَقْوَى اللَّهِ عَزَّ وجَلَّ)؛ لأنَّه المَقْصُودُ، قالَ في (المُبْدِعِ): ويَبْدَأُ بالحَمْدِ للَّهِ ثُمَّ بالصَّلاةِ, ثُمَّ بالمَوْعِظَةِ, ثُمَّ القِرَاءَةِ في ظَاهِرِ كَلامِ جَمَاعَةٍ، ولا بُدَّ في كُلِّ وَاحِدَةٍ مِن الخُطْبَتَيْنِ مِن هذهِ الأَرْكَانِ.
(و) يُشْتَرَطُ (حُضُورُ العَدَدِ المُشْتَرَطِ) لسَمَاعِ القَدْرِ الوَاجِبِ؛ لأنَّه ذِكْرٌ اشتُرِطَ للصَّلاةِ, فاشتُرِطَ له العَدَدُ؛ كتَكْبِيرَةِ الإحرامِ، فإن نَقَصُوا وعَادُوا قَبْلَ فَوْتِ رُكْنٍ مِنْهَا, بَنَوْا، وإنْ كَثُرَ التَّفْرِيقُ، أو فَاتَ مِنْهَا رُكْنٌ، أو أَحْدَثَ فتَطَهَّرَ, استَأْنَفَ معَ سَعَةِ الوَقْتِ.
ويُشْتَرَطُ لهما أَيضاً: الوَقْتُ، وأَنْ يَكُونَ الخَطِيبُ يَصْلُحُ إِمَاماً فيه، والجَهْرُ بهِمَا, بحيثُ يَسْمَعُ العَدَدُ المُعْتَبَرُ حيثُ لا مَانِعَ، والنِّيَّةُ، والاستِيطَانُ للقَدْرِ الوَاجِبِ مِنْهُمَا، والمُوَالاةُ بَيْنَهُمَا وبينَ الصَّلاةِ.
(ولا يُشْتَرَطُ لهما الطَّهَارَةُ) مِنَ الحَدَثَيْنِ والنَّجَسِ, ولو خَطَبَ بمَسْجِدٍ؛ لأنَّهما ذِكْرٌ تَقَدَّمَ الصَّلاةَ, أَشْبَهَ الأذَانَ، وتَحْرِيمُ لُبْثِ الجُنُبِ بالمَسْجِدِ لا تَعَلُّقَ له بوَاجِبِ العِبَادَةِ، وكذلكَ لا يُشْتَرَطُ لهما سَتْرُ العَوْرَةِ.
(ولا أن يَتَوَلاَّهُما مَن يَتَوَلَّى الصَّلاةَ), بل يُسْتَحَبُّ ذلكَ؛ لأنَّ الخُطْبَةَ مُنْفَصِلَةٌ عَن الصَّلاةِ, أَشْبَهَا الصَّلاتَيْنِ، ولا يُشْتَرَطُ أَيْضاً حُضُورُ مُتَوَلِّي الصَّلاةِ الخُطْبَةَ. ويُبْطِلُهَا كَلامٌ مُحَرَّمٌ, ولو يَسِيراً، ولا تُجْزِئُ بغَيْرِ العَرَبِيَّةِ معَ القُدْرَةِ.