المجموعة الرابعة:
س1: هل البسملة من القرآن؟
نعم تعتبر من القرآن .
قال ابن عباس رضي الله عنهما: " كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يعرف فصل السورة حتى تنزل عليه بسم الله الرحمن الرحيم".
وقد قال أبو بكر البيهقي عن الإجماع بذلك : (لم يختلف أهل العلم في نزول {بسم الله الرحمن الرحيم} قرآنا، وإنما اختلفوا في عدد النزول).
ولا يقدح في الإجماع الذي ذكره البيهقي ما نقل من شذوذ الأقوال فهي إما غير ثابتة عن أصحابها أو مما أنكره أهل العلم.
قال إبراهيم بن يزيد القرشي: قلت لعمرو بن دينار: (إن الفضل الرقاشي زعم أن {بسم الله الرحمن الرحيم} ليس من القرآن!. قال: سبحان الله ما أجرأ هذا الرجل!! سمعت سعيد بن جبير يقول: سمعت ابن عباس يقول: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أنزلت عليه {بسم الله الرحمن الرحيم} علم أن تلك السورة قد ختمت وفتح غيرها).
س2: لخّص القول في ترتيب الآيات والسور في المصاحف، وهل هو توقيفي؟
ترتيب الآيات هو ترتيب توقيفي بلا خلاف , وانعقد الإجماع على ذلك .
وقد صحت الأحاديث بما يفيد توقيف ترتيب الآيات وانعقد الإجماع على ذلك:
- روى البخاري في صحيحه , قال عبد الله بن أبي مليكة: قال ابن الزبير: قلت لعثمان: هذه الآية التي في البقرة {والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا} إلى قوله {غير إخراج} قد نسختها الأخرى، فلم تكتبها؟ قال: «تدعها يا ابن أخي، لا أغير شيئا منه من مكانه».
(ابن الزبير كان من كتبة المصاحف العثمانية - هذا الأثر الصحيح صريح الدلالة على أن عثمان رضي الله عنه لم يغير شيئا في ترتيب الآيات، وأن ترتيب الآيات لم يكن فيه اختلاف بين الصحابة رضي الله عنهم).
وقد صحت الأحاديث بما يفيد توقيف ترتيب الآيات وانعقد الإجماع على ذلك:
- ما رواه مسلم من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: ما راجعت رسول الله صلى الله عليه وسلم في شيء ما راجعته في الكلالة، وما أغلظ لي في شيء ما أغلظ لي فيه، حتى طعن بإصبعه في صدري، وقال: "يا عمر! ألا تكفيك آية الصيف التي في آخر سورة النساء".
اختلاف مسألة ترتيب السور على قولين :
- ترتيب توقيفي من النبي صلى الله عليه وسلم . ومن بعض من قال بهذا , أبو عمرو الداني , وابن بطال , أبو بكر ابن الأنباري , وأبو جعفر النحاس , وجماعة من العلماء.
قال أبو عمرو الداني: (القول عندنا في تأليف السور وتسميتها وترتيب آيها في الكتابة أن ذلك توقيف من رسول الله وإعلام منه به لتوفر مجيء الأخبار بذلك واقتضاء العادة بكونه كذلك، وتواطؤ الجماعة، واتفاق الأمة عليه، وبالله التوفيق).
- ترتيب اجتهادي من الصحابة , وممن قال ذلك القاضي عياض , وجهور أهل العلم .
قال القاضي عياض: (ترتيب السور اجتهاد من المسلمين حين كتبوا المصحف لم يكن ذلك من تحديد النبي عليه السلام، وإنما وكله إلى أمته بعده، وهو قول جمهور العلماء، وهو قول مالك واختيار القاضي أبى بكر الباقلاني وأصح القولين عنده).
الراجح من أقوال العلماء في هذه المسألة هو قول جمهورهم والمحققين منهم أن الصحابة رضي الله عنهم اجتهدوا في ترتيب سور القرآن في المصحف، إلا أن هذا الاجتهاد لم يكن مستنده مجرد الرأي والاستحسان، بل كان قائماً على أصول صحيحة وأدلة تفصيلية علموها، ولصواب اجتهادهم علامة بينة ظاهرة، وهي إجماعهم على هذا الترتيب الذي تلقته الأمة بالقبول في زمانهم وبعده على مر القرون.
س3: ما الجواب عن اختلاف ترتيب السور في مصاحف الصحابة؟
إن مصاحف الصحابة وكبار التابعين منها ما كتب قبل جمع عثمان،فقد كان لابن مسعود مصحف، ولأبي بن كعب مصحف، ولأبي موسى الأشعري مصحف، ولأبي الدرداء مصحف، وقد كتبوا فيها عددا من السور تختلف في ترتيبها عن ترتيب السور في المصاحف العثمانية, ويعد اختلاف الترتيب فيه راجع إلى اجتهاد كل قارئ، ولم يكن ترتيب السور في مصاحفهم واجبا عليهم كما أنه لم يكن من الواجب عليهم في التلاوة ترتيب السور.
ومنها ما كتب بعده أو بقي بعده لم يتلف في زمن عثمان, فحين جمع عثمان الناس على مصحف واحد بترتيب واحد وانعقد الإجماع عليه لم يسغ لأحد أن يكتب مصحفا يخالف فيه ترتيب سور المصاحف العثمانية.
س4: ما تقول فيما رواه ابن جرير بإسناده عن عكرمة، عن ابن عباس أنه كان يقرأها: [أَفَلَمْ يَتَبيَّنِ الَّذِينَ آمنُوا] قال: كتب الكاتب الأخرى وهو ناعسٌ)؟
لقد روى ابن جرير في تفسيره قال: (حدثنا أحمد بن يوسف، قال: حدثنا القاسم، قال: حدثنا يزيد، عن جرير بن حازم، عن الزبير بن الخريت أو يعلى بن حكيم، عن عكرمة، عن ابن عباس أنه كان يقرأها: [أَفَلَمْ يَتَبيَّنِ الَّذِينَ آمنُوا] قال: كتب الكاتب الأخرى وهو ناعس).
* وهذا الخبر أخرجه أبو عبيد ( القاسم ) في فضائل القرآن من غير زيادة "كتب الكاتب الأخرى وهو ناعس" فقال: حدثنا يزيد، عن جرير بن حازم، عن يعلى بن حكيم، عن عكرمة، عن ابن عباس، أنه كان يقرأ «أفلم يتبين الذين آمنوا».
وقد ذكر فضيلة الشيخ عبد العزيز حفظه الله : (فهذه الزيادة مع زيادة الشكّ في الإسناد إنما ظهرت في تفسير ابن جرير من طريق أحمد بن يوسف).
* قال الحافظ ابن حجر في الفتح: (وروى الطبري وعبد بن حميد بإسناد صحيح كلهم من رجال البخاري عن ابن عباس أنه كان يقرأها: [أفلم يتبين] ويقول : "كتبها الكاتب وهو ناعس").
فقال فضيلته أيضا حول قول ابن حجر : ) :ولم أقف على إسناد عبد بن حميد؛ فقد يكون له علة كما في الزيادة التي ذكرها ابن جرير، وقد تكون روايته خالية من تلك الزيادة، ويكون ذكره إنما هو لأجل أنه أخرج أصل الأثر) .
ويكون الرد حول هذه المسألة:
- أن قراءة ابن عباس [أفلم يتبين] ، هذا لا إشكال فيه، لأن اختلاف قراءات الصحابة قبل الجمع العثماني وبعده صحيح مأثور، وإن كان لا يقرأ إلا بما وافق الرسم العثماني، وإنما ينقله بعض أهل العلم لما فيه من علم في التفسير والأحكام واللغة، ولهذا نظائر.
وقد صحت القراءتين عن ابن عباس رضي الله عنهما، كما صح عن غيره أحرف أخرى.
- ما روي عن ابن عباس أنه قال: ( كتب الكاتب الأخرى وهو ناعس).
فقد قال فضيلة الشيخ عبد العزيز الداخل حفظه الله : (وفي النفس من ثبوت هذه العبارة عن ابن عباس شيء، لأن الإسناد وإن كان رجاله ثقات إلا أنه مظنة للعلة القادحة، وما كان ترك أبي عبيد ذكرَ هذه العبارة في كتابه مع روايته لأصل هذا الخبر إلا لأنها زيدت عليه، أو لعلة أوجبت عليه الإضراب عنها) .
وأضاف معللا قائلا : (ولو قدر أن ابن عباس قالها فالأقرب أن يقال: إن ابن عباس كان على علمٍ بالقراءتين، وكان يرجح اختيار قراءة [أفلم يتبيّن]، ويظن أنها هي المعتمدة في المصاحف؛ فإن ابن عبّس كان قد جمع القرآن في صدره قبل الجمع العثماني بزمن، فلما بلغه أنها كتبت في مصحف {أفلم ييئس} أنكر على الكاتب في ذلك المصحف، وغاب عنه أنها كتبت كذلك في جميع المصاحف.
فتكون تخطئته متجهة إلى مصحف واحد فلا يجوز أن يحمل قوله ما لا يحتمل من القول بتخطئة جميع كتاب المصاحف، إذْ لو تبين ذلك أحد لم يتجاسر على إنكاره فكيف بمن في مثل علم ابن عباس وعقله) .
س5: بيّن أهمّ الفوائد التي استفدتها من دراستك لدورة "جمع القرآن"
- تقدير جهود الصحابة رضوان الله عليهم ومحبتهم في قلوبنا بما أسدوه لنا لخدمة القرآن والحفاظ عليه .
- هذه الدورة لها قيمة كبيرة وأهمية عظيمة لطالب تفسير القرآن, فمن وعيها و أتقنها أفلح في دحض الشبه المثارة حول القرآن الكريم ولا سيما أننا بزمن الفتن وبروز الأقوال ذات الأهواء التي لم ينزل الله بها من سلطان.
- لطف وفضل الله بنا تكفل تعالى بجمع القرآن وحفظه.
- الإحاطة الشاملة الكاملة مسائل جمع القرآن، وتاريخ تدوين المصاحف .
- معرفة الحكمة من عدم جعل النبي عليه الصلاة والسلام القرآن بمصحف واحد .
- إن معرفة سيرة كتاب الوحي تشحذ بهممنا نحو الاعتناء بكتاب الله تعالى , وترسيخ جهودهم مسطرة بكتبنا حتى يتناقلها جيل تلو الجيل.
- أن الله تعالى قد سخر لهذه الأمة خيرة الخلق لحفظ القرآن من الضياع من النسيان أو إشعال الفتن , وذلك بجمعه بعهدي أبي بكر وعثمان رضي الله عنهما.