(ومِنْهَا)؛ أي: مِن شُرُوطِ الصَّلاةِ: (النِّيَّةُ), وبها تَمَّتِ الشُّرُوطُ.
وهي لُغَةً: القَصْدُ؛ وهو عَزْمُ القَلْبِ علَى الشَّيْءِ.
وشَرْعاً: العَزْمُ علَى فِعْلِ العِبَادَةِ تَقَرُّباً إلى اللَّهِ تعَالَى، ومَحِلُّها القَلْبُ، والتَّلَفُّظُ بها لَيْسَ بشَرْطٍ؛ إذ الغَرَضُ جَعْلُ العِبَادَةِ للَّهِ تَعَالَى، وإن سَبَقَ لِسَانُه إلى غَيْرِ ما نوَاهُ لم يَضُرَّ.
(فيَجِبُ أن يَنْوِيَ عَيْنَ صَلاةٍ مُعَيَّنَةٍ), فَرْضاً كانت؛ كالظُّهْرِ والعَصْرِ، أو نَفْلاً؛ كالوِتْرِ والسُّنَّةِ الرَّاتِبَةِ؛ لحديثِ: ((إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ)).
(ولا يُشْتَرَطُ في الفَرْضِ) أن يَنْوِيَه فَرْضاً, فتَكْفِي نِيَّةُ الظُّهْرِ ونَحْوِه، (و) لا في (الأداءِ, و) لا في (القضاءِ) نِيَّتُه؛ لأنَّ التَّعْيِينَ يُغْنِي عن ذلكَ، ويَصِحُّ قضاءٌ بنِيَّةِ أداءٍ عَكْسَهُ, إذا بانَ خِلافَ ظَنِّهِ.
(و) لا يُشْتَرَطُ في (النَّفْلِ والإعادَةِ)؛ أي: الصَّلاةِ المُعَادَةِ, (نِيَّتُهُنَّ), فلا يُعْتَبَرُ أن يَنْوِيَ الصَّبِيُّ الظُّهْرَ نَفْلاً, ولا أن يَنْوِيَ الظُّهْرَ مَن أَعَادَها مُعَادَةً، كما لا تُعْتَبَرُ نِيَّةُ الفَرْضِ الأُولَى، ولا تُعْتَبَرُ إِضَافَةُ الفِعْلِ إلى اللَّهِ تعَالَى فِيها ولا في باقِي العِبَادَاتِ، ولا عَدَدُ الرَّكَعَاتِ، ومَن عليهِ ظُهْرٌ إن عَيَّنَ السَّابِقَةَ لأجلِ التَّرْتِيبِ، ولا يَمْنَعُ صِحَّتَهَا قَصْدُ تَعْلِيمِها ونَحْوُه.
(ويَنْوِي معَ التَّحْرِيمَةِ)؛ لتَكُونَ النِّيَّةُ مُقَارِنَةً للعِبَادَةِ، (وله تَقْدِيمُها)- أي: النِّيَّةِ- (عليها)؛ أي: على تَكْبِيرَةِ الإحرامِ (بزَمَنٍ يَسِيرٍ) عُرْفاً إن وُجِدَتِ النِّيَّةُ (في الوَقْتِ)؛ أي: وَقْتِ المُؤَدَّاةِ والرَّاتِبَةِ, ما لم يَفْسَخْهَا، (فإن قَطَعَها في أَثْنَاءِ الصَّلاةِ أو تَرَدَّدَ) في فَسْخِهَا, (بَطَلَت)؛ لأنَّ استِدَامَةَ النِّيَّةِ شَرْطٌ، ومعَ الفَسْخِ أو التَّرَدُّدِ لا يَبْقَى مُسْتَدِيماً، وكذا لو عَلَّقَهُ على شَرْطٍ، لا إِنْ عَزَمَ على فِعْلٍ مَحْظُورٍ قَبْلَ فِعْلِه، (وإذا شَكَّ فيها)؛ أي: في النِّيَّةِ أو التَّحْرِيمَةِ, (استَأْنَفَهَا), وإن ذَكَرَ قَبْلَ قَطْعِهَا، فإن لم يَكُنْ أتَى بشَيْءٍ مِن أعمالِ الصَّلاةِ بَنَى، وإن عَمِلَ معَ الشَّكِّ عمَلاً استَأْنَفَ، وبَعْدَ الفَرَاغِ لا أَثَرَ للشَّكِّ، (وإِنْ قَلَبَ مُنْفَرِدٌ) أو مَأْمُومٌ (فَرْضَهُ نَفْلاً في وَقْتِه المُتَّسِعِ, جَازَ)؛ لأنَّه إِكْمَالٌ في المَعْنَى؛ كنَقْضِ المَسْجِدِ للإصلاحِ، لكنْ يُكْرَهُ لغَيْرِ غَرَضٍ صَحِيحٍ؛ مِثْلَ أن يُحْرِمَ مُنْفَرِداً فيُرِيدُ الصَّلاةَ في جَمَاعَةٍ.
ونَصَّ أَحْمَدُ فيمَن صَلَّى رَكْعَةً مِن فَرِيضَةٍ مُنْفَرِداً ثُمَّ حضَرَ الإِمَامُ وأُقِيمَتِ الصَّلاةُ: يَقْطَعُ صَلاتَهُ ويَدْخُلُ مَعَهُم. فيَخْرُجُ مِنْهُ قَطْعُ النَّافِلَةِ بحُضُورِ الجَمَاعَةِ بطَرِيقِ الأَوْلَى.
(وإن انتَقَلَ بنِيَّةٍ) مِن غَيْرِ تَحْرِيمَةٍ (مِن فَرْضٍ إلى فَرْضٍ) آخَرَ, (بَطَلاَ)؛ لأنَّه قَطَعَ نِيَّةَ الأوَّلِ ولم يَنْوِ الثَّانِيَ مِن أَوَّلِه، وإنْ نوَى الثَّانِيَ مِن أَوَّلِه بتَكْبِيرَةِ إِحْرَامٍ, صَحَّ، ويَنْقَلِبُ نَفْلاً ما بانَ عَدَمُ كِفَايَتِه فلم تَكُنْ، وفَرْضٌ لم يَدْخُلْ وَقْتُه.
_______________________
([1]) البارية: الحصير المنسوج من القصب.
([2]) والتَّدْبِيرُ: أَن يُعتق الرجل عبده عن دُبُرٍ، وهو أَن يعتق بعد موته، فيقول: أَنت حر بعد
موتي، وهو مُدَبَّر
([3]) هكذا بالأصل
([4]) زيق القميص : ما أحاط بالعنق.