(ولا يَلْزَمُ الرَّهْنُ) في حَقِّ الرَّاهِنِ (إلا بالقَبْضِ) كقبضِ المبيعِ؛ لقَولِه تَعَالَى: {فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ}. ولا فَرْقَ بينَ المَكِيلِ وغيرِه، وسواءٌ كَانَ القبضُ مِن المُرْتَهِنِ أو مَن اتَّفَقَا عليه. والرَّهْنُ قبلَ القبضِ صحيحٌ وليس بلازمٍ، فللرَّاهِنِ فَسْخُه والتصَرُّفُ فيه، فإن تَصَرَّفَ فيه بنَحْوِ بَيْعٍ أو عِتْقٍ بَطَلَ. وبنحوِ إِجارةٍ أو تدبيرٍ لا يَبْطُلُ؛ لأنَّه لا يَمْنَعُ مِن البَيْع.ِ واستدامَتُه؛ أي: القبضِ (شرطٌ) في اللُّزُومِ للآيَةِ وكالابتداءِ، (فإن أَخْرَجَه) المُرْتَهِنُ (إلى الرَّاهِنِ باختِيَارِه) ولو كَانَ نِيَابَةً عنه (زَالَ لُزُومُه) لزَوَالِ استِدَامَةِ القَبْضِ، وبَقِيَ العَقْدُ كأنَّهُ لم يُوجَدْ فيه قَبْضٌ. ولو آجَرَهُ أو أَعَارَه لمُرْتَهِنٍ أو غيرِه بإِذْنِه فلُزُومُه بَاقٍ. (فإن رَدَّه)؛ أي: رَدَّ الرَّاهِنُ الرَّهْنَ (إليه)؛ أي: إلى المُرْتَهِنِ (عَادَ لُزُومُه إليه)؛ لأنَّه أَقْبَضَه باختِيَارِه فلَزِمَ كالابتداءِ.
ولا يَحْتَاجُ إلى تجديدِ عقدٍ لبقائِه. ولو استَعَارَ شَيْئاً ليَرْهَنَه جَازَ. ولرَبِّه الرُّجُوعُ قبلَ إِقْبَاضِه لا بعدَه، لكنْ له مُطَالَبَةُ الرَّاهِنِ بفِكَاكِه مُطلقاً. ومتى حَلَّ الحَقُّ ولم يَقْضِهِ فللمُرْتَهِنِ بَيْعُه واستيفاءُ دَيْنِه مِنه. ويَرْجِعُ المُعِيرُ بقيمَتِه أو مِثْلِه. وإن تَلَفَ ضَمِنَهُ الرَّاهِنُ وهو المُستَعِيرُ، ولو لم يُفَرِّطِ المُرْتَهِنُ. (ولا يَنْفَذُ تَصَرُّفُ واحدٍ مِنهما)؛ أي: مِن الرَّاهِنِ والمُرْتَهِنِ (فيه)؛ أي: في الرَّهْنِ المَقْبُوضِ (بغيرِ إذنِ الآخَرِ)؛ لأنَّه يُفَوِّتُ على الآخَرِ حَقَّه. فإن لم يَتَّفِقَا على المنافِعِ لم يَجُزْ= الانتِفَاعُ، وكَانَت مُعَطَّلَةً. وإن اتَّفَقَا على الإجارَةِ أو الإعارَةِ جَازَ. ولا يَمْنَعُ المُرْتَهِنُ الرَّاهِنَ مِن سَقْيِ شجرٍ وتَلْقِيحٍ ومُدَاوَاةٍ وفَصْدٍ وإِنْزَاءِ فَحْلٍ على مَرْهُونِه، بل مِن قَطْعِ سِلْعَةٍ خَطِرَةٍ. (إلا عِتْقَ الرَّاهِنِ) المَرْهُونَ (فإنَّه يَصِحُّ معَ الإثمِ)؛ لأنَّه مَبْنِيٌّ على السِّرَايَةِ والتغليبِ. (وتُؤْخَذُ قِيمَتُه) حالَ الإعتاقِ مِن الرَّاهِنِ؛ لأنَّه أَبْطَلَ حَقَّ المُرْتَهِنِ مِن الوَثِيقَةِ، وتَكُونُ (رَهْناً مَكَانَه)؛ لأنَّها بدلٌ عنه. وكذا لو قَتَلَه أو أَحْبَلَ الأمَةَ بلا إِذْنِ المُرْتَهِنِ أو أَقَرَّ بالعِتْقِ وكَذَّبَه.