(1) تَرْجَمَةُ الصَّحَابِيِّ رَاوِي الحَديثِ:
عُقْبَةُ بنُ عمرِو بنِ ثَعْلَبَةَ الأَنْصَارِيُّ الخَزْرَجِيُّ النَّجَّارِيُّ البَدْرِيُّ ؛ نِسْبَةً إلى بَدْرٍ سَكَنًا لاَ شُهُودًا مَعَ رسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَلى الأَصَحِّ، شَهِدَ العَقَبَةَ الثَّانِيَةَ، وَشَهِدَ أُحُدًا والمَوَاقِعَ كُلَّهَا بَعْدَهَا وَمَاتَ بالمدينةِ سنةَ 42 هـ وَقِيلَ: بالكوفةِ رَضِيَ اللهُ عنْهُ.
الشَّرْحُ:
عَنْ أبي مَسْعُودٍ قالَ: قالَ رسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((إِنَّ مِمَّا))مِنَ الأشياءِ الَّتِي ((أَدْرَكَ النَّاسُ مِنْ كَلاَمِ النُّبُوَّةِ الأُولَى))بيانٌ لِمَا قَالَ الأَوَّلُونَ والآخِرُونَ فيهِ عَلى مَنْهَجٍ وَاحِدٍ، ((إِذا لَمْ تَسْتَحِ فَاصْنَعْ مَا شِئْتَ))وهذَا إمَّا:
1- تَهديدٌ وَتَوْبِيخٌ ؛ لأنَّ الحياءَ مِنَ اللهِ ومِنْ خَلْقِهِ هُوَ الحاثُّ على الخيرِ، والزَّاجِرُ عَنِ الشَّرِّ، فَمَنْ لَمْ يَكُنْ فيهِ حَيَاءٌ يَفْعَلْ مَا يَشَاءُ، وَرُوِيَ أَنَّ اللهَ تَعَالَى إِذَا أَرَادَ هَلاَكًا بِعَبْدٍ نَزَعَ منهُ الحيَاءَ، فإِذَا نَزَعَ مِنْهُ الحَيَاءَ، لَمْ تَلْقَهُ إلاَّ مَقِيتًا مُمْقَتًا، وفي رِوَايةٍ: ((إلاَّ بَغِيضًا مُبْغَضًا))فإذَا كَانَ مَقِيتًا مُمْقَتًا نَزَعَ اللهُ مِنْهُ الأمَانَةَ، فلَمْ تَلْقَهُ إلاَّ خَائِنًا مُخَوَّنًا، وإذَا كانَ خَائِنًا مُخَوَّنًا، نَزَعَ منهُ الرَّحْمَةَ، فلَمْ تَلْقَهُ إِلاَّ فَظًّا غَلِيظًا، فإذَا كَانَ فَظًّا غَلِيظًا نَزَعَ رِبْقَةَ الإيمَانِ مِنْ عُنُقِهِ، فإذَا نَزَعَ رِبْقَةَ الإيمانِ مِنْ عُنُقِهِ لَمْ تَلْقَهُ إلاَّ شَيْطَانًا لَعِينًا مُلْعَنًا.
2- أو بَيَانُ قَاعِدَةٍ كُلِّيَّةٍ، يَعْنِي: إذَا أَرَدْتَ أَنْ تَفْعَلَ شَيْئًا أَوْ تَتْرُكَهُ فَانْظُرْ فإذَا كَانَ ذلِكَ يُوجِبُ الحَيَاءَ مِنَ اللهِ -تَعَالَى- أو مِنْ خَلْقِهِ فَاتْرُكْهُ أَوِ افْعَلْهُ، وَإِلاَّ فَأَقْدِمْ عَلى مَا أَرَدْتَ.
لَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يُرَاعِيَ القَانُونَ الشَّرْعِيَّ في الحياءِ فلاَ يَتْرُكُ الْخَيْرَ، ولاَ يَقَعُ في الضَّيْرِ لأَِجْلِهِ، وهذهِ المُرَاعَاةُ صَعْبَةٌ لا تَتَأَتَّى إلاَّ مِنَ الرَّبَّانِيِّينَ الرَّاسِخِينَ في العِلمِ والعَمَلِ.
***