قال أبو بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة السلمي النيسابوري (ت: 311هـ): (باب ذكر إثبات العلم للّه جلّ وعلا تباركت أسماؤه وجلّ ثناؤه بالوحي المنزّل على النّبيّ المصطفى صلّى الله عليه وسلّم، الّذي يقرأ في المحاريب والكتاتيب من العلم الّذي هو من علم العامّ، لا بنقل الأخبار الّتي هي من نقل علم الخاصّ، ضدّ قول الجهميّة المعطّلة الّذين لا يؤمنون بكتاب اللّه، ويحرّفون الكلم عن مواضعه، تشبّهًا باليهود، ينكرون أنّ للّه علماء، يزعمون أنّهم يقولون أنّ اللّه هو العالم، وينكرون أنّ للّه علمًا مضافًا إليه من صفات الذّات، قال اللّه جلّ وعلا في محكم تنزيله: {لكن اللّه يشهد بما أنزل إليك أنزله بعلمه} [النساء: 166]، وقال عزّ وجلّ: {فإن لم يستجيبوا لكم فاعلموا أنّما أنزل بعلم اللّه} [هود: 14]، فأعلمنا اللّه أنّه أنزل القرآن بعلمه، وخبّرنا جلّ ثناؤه أنّ أنثى لا تحمل ولا تضع إلّا بعلمه، فأضاف اللّه جلّ وعلا إلى نفسه العلم الّذي خبّرنا أنّه أنزل القرآن بعلمه، وأنّ أنثى لا تحمل ولا تضع إلّا بعلمه فكفرت الجهميّة وأنكرت أن يكون لخالقنا علمًا مضافًا إليه من صفات الذّات، تعالى اللّه عمّا يقول الطّاعنون في علم اللّه علوًّ كبيرًا، فيقال لهم: خبّرونا عمّن هو
[التوحيد: 1/22]
عالمٌ بالأشياء كلّها، أله علمٌ أم لا؟ فإن قال: اللّه يعلم السّرّ والنّجوى وأخفى، وهو بكلّ شيءٍ عليمٌ، قيل له: فمن هو عالمٌ بالسّرّ والنّجوى وهو بكلّ شيءٍ عليمٌ، أله علمٌ أم لا علم له؟ فلا جواب لهم لهذا السّؤال إلّا الهرب: {فبهت الّذي كفر واللّه لا يهدي القوم الظّالمين} [البقرة: 258]
[التوحيد: 1/23]