باب ما رد الله على الملحدين والمنافقين من أجل معارضتهم في تنقل أحكام كتابه المبين
قال الله تعالى {ما ننسخ من آيةٍ أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها}
قال الشّيخ أبو القاسم هبة الله
وهذه الآية يحتاج مفسرها إلى أن يقدرها قبل تفسيره لها لأن فيها مقدما ومؤخرا تقديره والله أعلم ما نرفع من حكم آية نأت بخير منها أو ننسها أي نتركها فلا ننسخها
وقد أعترض في هذا التّأويل فقيل في القرآن ما بعضه خير من بعض أليس بكلام واحد جلّ قائله
فالجواب أن معنى {خير منها} أي أنفع منها لأن النّاسخ لا يخلو من أحدى النعمتين إمّا أن يكون أثقل في الحكم فيكون أوفر في الأجر وإمّا أن يكون أخف في الحكم فيكون أيسر في العمل ومن قرأها (ننسأها) أي نؤخر حكمها فيعمل بها حينا ثمّ قال تعالى {ألم تعلم أنّ الله على كل شيء قدير}
[الناسخ والمنسوخ لابن سلامة: 28]
من أر النّاسخ والمنسوخ ومثل قوله هذا قوله {وإذا بدّلنا آية مكان آيةٍ والله أعلم بما ينزّل} والمعنى حكم آية {قالوا إنّما أنت مفتر} أي اختلقته من تلقاء نفسك فقال تعالى ردا عليهم {بل أكثرهم لا يعلمون} لأن في إثبات النّاسخ والمنسوخ في القرآن دلالة على الوحدانية والله تعالى يقول {ألا له الخلق والأمر}
وقد روي عن عبد الله بن عبّاس رضي الله عنهما أنه صعد إلى المروة فقرأ {ألا له الخلق والأمر} وقال يا آل غالب من ادّعى ثالثة فليقم
الخلق جميع ما خلق والأمر جميع ما قضي وليس في كتاب الله تعالى كلمتان تجمعان الملك كله غيرهما