دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج الإعداد العلمي العام > برنامج الإعداد العلمي العام > منتدى الإعداد العلمي

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 4 رمضان 1433هـ/22-07-2012م, 12:23 PM
الصورة الرمزية منى بكري
منى بكري منى بكري غير متواجد حالياً
أم صالح
 
تاريخ التسجيل: Sep 2010
المشاركات: 3,181
افتراضي مجلس مذاكرة دورة أحكام الصيام

بسم الله الرحمن الرحيم


هذه الصفحة مخصصة لإدراج تلخيصات وفوائد الطلاب في دورة أحكام الصيام.

- قسم الدورة والدروس:
http://www.afaqattaiseer.com/vb/forumdisplay.php?f=236

- للتسجيل بالدورة:
http://www.afaqattaiseer.com/vb/showthread.php?t=19176

  #2  
قديم 15 رمضان 1433هـ/2-08-2012م, 05:25 AM
ليلى باقيس ليلى باقيس غير متواجد حالياً
برنامج الإعداد العلمي - المستوى السابع
 
تاريخ التسجيل: Aug 2011
المشاركات: 2,071
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم

ملخص (الإضافات على كتاب الصيام)

تعريف الصيام
الصيام لغة: مصدر صام يصوم صوما وصياما، وأصله في اللغة يطلق على الإمساك والركود.
قال الخليل: (الصوم القيام بلا عمل، والصوم الإمساك عن الطعام)
قال ابن دريد: (كل شيء سكنت حركته فقد صام صوما)، ومنه قولهم للريح إذا ركدت (صامت)
ومنه قوله تعالى: {فقولي إني نذرت للرحمن صوما فلن أكلم اليوم إنسيا} فهو الإمساك عن الكلام.
الخلاصة؛ فالصيام في اللغة يطلق على مطلق الإمساك؛ ويفسّر المراد بنوع الإمساك سياق الكلام، فربما أريد به الإمساك عن الحركة، أو الإمساك عن الكلام، أو الإمساك عن الطعام والشراب.
شرعا: هو التعبد لله بالإمساك عن أشياء مخصوصة (المفطرات) في وقت مخصوص (النهار) من مكلف به (ليخرج أهل الأعذار).
حكم الصيام
فرض واجب بالكتاب والسنة والإجماع
· قال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب الذين من قبلكم لعلكم تتقون} إلى قوله تعالى: {شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان فمن شهد منكم الشهر فليصمه ...}
· قال صلى الله عليه وسلم: "بني الإسلام على خمس" وذكر منه صوم رمضان
· أجمع المسلمون على وجوب صومه، فمن أنكر أو جحد وجوبه فهو كافر بالإجماع، لجحده معلوما من الدين بالضرورة.
منزلته في الدين
أحد أركان الإسلام ومبانيه العظام
حكم تارك الصيام
من ترك الصيام جاحدا لوجوبه فهو كافر بالإجماع، إلا من أسلم حديثا وكان معذورا بالجهل فإنه تقام عليه الحجة فإن نزع وإلا حكم بكفره.
ومن ترك الصيام المفروض وهو مقرّ بوجوبه؛ فأصح الأقوال فيه: أنه لا يكفر لكنه ارتكب ذنبا عظيما.
متى فرض صيام رمضان
فرض في السنة 2 هــ، وتوفي النبي صلى الله عليه وسلم وقد صام تسع رمضانات، حكى الإجماع على ذلك عدد من أهل العلم.
تدرج فرض الصيام في أول الإسلام وهذا ملخصه:
1- قبل الهجرة لم يفرض شيء من الصيام
2- لما هاجر النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة:
- فرض صيام يوم عاشوراء؛ عن عائشة رضي الله عنها قالت: "كان يوم عاشوراء يوما تصومه قريش في الجاهلية فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة صامه وأمر بصيامه، فلما فرض رمضان كان هو الفريضة وترك يوم عاشوراء فمن شاء صامه ومن شاء تركه" متفق عليه
في الحديث دلالة على أن صيام عاشوراء كان واجبا قبل فرض صيام رمضان.
- روى البيهقي: أن أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم قالوا: (أحيل الصوم على ثلاثة أحوال: قدم الناس المدينة ولا عهد لهم بالصيام فكانوا يصومون ثلاثة أيام من كل شهر حتى نزل شهر رمضان ...)
3- ولما كانت السنة الثانية للهجرة نزل فرض الصيام؛ بقوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون}
إلا أن من أراد ترك الصيام فله أن يفتدي منه بالإطعام؛ والصوم أفضل.
4- ثم نسخ التخيير بين الصيام والإطعام بنزول قوله تعالى: {شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان فمن شهد منكم الشهر فليصمه ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر ...}
وكان في الصيام أمور نسخت وخفف الله عن المسلمين*
قال تعالى: {أحلّ لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم هنّ لباس لكم وأنتم لباس لهنّ علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم فتاب عليكم وعفا عنكم فالآن باشروهن وابتغوا ما كتب الله لكم وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ثم أتموا الصيام إلى الليل}
قال الإمام ابن كثير: (هذه رخصة من الله تعالى للمسلمين، ورفع لما كان عليه الأمر في ابتداء الإسلام، فإنه كان إذا أفطر أحدهم، إنما يحلّ له الأكل والشرب والجماع إلى صلاة العشاء أو ينام قبل ذلك، فمتى نام أو صلى العشاء، حرم عليه الطعام والشراب والجماع إلى الليلة القابلة، فوجدوا في ذلك مشقة كبيرة، فنزلت هذه الآية، ففرحوا بها فرحا شديدا، حيث أباح الله الأكل والشرب والجماع في أي الليل شاء الصائم، إلى أن يتبيّن ضياء الصباح من سواد الليل)
فضل شهر رمضان
· قال تعالى: {شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان}
· في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا دخل رمضان فتحت أبواب الجنة وغلّقت أبواب جهنم وسلسلت الشياطين"
· وقال صلى الله عليه وسلم: "إن هذا الشهر قد حضركم وفيه ليلة خير من ألف شهر من حرمها فقد حرم الخير كله، ولا يُحرم خيرها إلا محروم"
· وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان مكفّرات لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر"
وهذه الأعمال المكفّرة لها ثلاث درجات:
- أن تقصر عن تكفير الصغائر لضعفها وضعف الإخلاص فيها.
- أن تقاوم الصغائر ولا ترتقي لتكفير شيء من الكبائر
- أن تقوى على تكفير الصغائر وتبقى فيها قوة تكفر بها بعض الكبائر.
فضل صوم شهر رمضان
· قال صلى الله عليه وسلم: "من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه" متفق عليه
· وعن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "قال الله عزوجل: كل عمل ابن آدم له إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به، والصيام جنة فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب ولا يجهل فإن شاتمه أحد أو قاتله فليقل إني صائم (مرتين) والذي نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله يوم القيامة من ريح المسك، وللصائم فرحتان يفرحهما: إذا أفطر فرح بفطره وإذا لقي ربّه فرح بصومه" رواه أحمد والبخاري ومسلم
- "الصيام جنة": جاء في زيادات للحديث؛ "جنة منن النار"، "جنة وحصن حصين من النار"، "جنة ما لم يخرقها بالغيبة"؛ فتبيّن أنها متعلقة بالستر، وأنه يكون من النار.
- قوله صلى الله عليه وسلم: "لخلوف فم الصائم أطيب عند الله يوم القيامة من ريح المسك" اختلفوا في تأويلها على أقوال:
1: أنه أطيب عند الله من ريح المسك عندكم.
2: أن الله تعالى يجازيه في الآخرة فتكون نكهته أطيب من ريح المسك، كما أن دم الشهيد ريحه ريح المسك.
3: يحصل له من الثواب أكثر مما يحصل لصاحب المسك.
4: أن ذلك في حق الملائكة فهم يستطيبون ريح الخلوف أكثر من ريح المسك.
وكلها سوى القول الثاني باطلة فإنها تأويل وتحريف للكلم عن مواضعه.
واختلف الشيخان الجليلان: أبو محمد العز بن عبدالسلام، وأبو عمرو بن الصلاح؛ في هذه الاستطابة؛ أهي في الدنيا أم في الآخرة؟
فقال الشيخ أبو محمد العز بن عبد السلام: إنها في الآخرة فقط.
واحتج برواية: "لخلوف فم الصائم أطيب عند الله يوم القيامة من ريح المسك"
وذهب الشيخ أبو عمرو إلى أنها في الدنيا والآخرة.
واحتج برواية: "لخلوف فم الصائم حين يخلف من الطعام أطيب عند الله تعالى من ريح المسك"
والفصل في المسألة كما بينه الإمام ابن القيم رحمه الله:
حيث أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بأن ذلك الطيب يكون يوم القيامة، فلأنه الوقت الذي يظهر فيه ثواب الأعمال، فيظهر للخلق طيب ذلك الخلوف على المسك.
وحيث أخبر بأن ذلك حين يخلف وحين يمسون فلأنه الوقت ظهور العبادة، ورب مكروه عند الناس محبوب عند الله تعالى، والله عز وجل يستطيبه ويحبه لموافقته أمره ورضاه ومحبته، فإذا كان يوم القيامة ظهر هذا الطيب للعباد وصار علانية، وهكذا سائر آثار الأعمال من الخير والشر، وقد يقوى العمل ويتزايد حتى يستلزم ظهور بعض أثره على العبد في الدنيا في الخير والشر.
قال ابن عباس: (إن للحسنة ضياء في الوجه، ونورا في القلب، وقوة في البدن، وسعة في الرزق، ...)
الحكمة من مشروعية الصيام*
· فيه تزكية للنفس، وتنقية لها وتطهير من الأخلاط الرديئة والأخلاق الرذيلة.
· فيه تزهيد في الدنيا وشهواتها، وترغيب في الآخرة.
· فيه باعث على العطف على المساكين والفقراء والإحساس بآلامهم.
· ورأس هذه الحكم أنه معين على تحصيل التقوى؛ فما استعان أحد على تحصيل التقوى بمثل الصوم.


* بالرجوع إلى كتاب الصيام من الملخص الفقهي للشيخ صالح الفوزان حفظه الله

  #3  
قديم 22 رمضان 1433هـ/9-08-2012م, 09:33 AM
ليلى باقيس ليلى باقيس غير متواجد حالياً
برنامج الإعداد العلمي - المستوى السابع
 
تاريخ التسجيل: Aug 2011
المشاركات: 2,071
افتراضي

ملخص بعض المسائل المستخلصة من التسجيلات الصوتية لدورة أحكام الصيام للشيخ المشرف العام حفظه الله (الشريط الأول)

مسألة: معنى إغلاق أبواب جهنم وفتح أبواب الجنة في رمضان.
لأهل العلم من شراح الحديث كلام فيها؛ ولهم فيها ثلاثة أقوال:
القول الأول: حمله على ظاهره؛ إذ أنه إخبار عن أمر غيبي يجب علينا الإيمان به وحمله على ظاهر معناه، ما لم يرد دليل صحيح بإرادة معنى آخر يؤوّل به.
ولا يلزم من فتح أبواب الجنة في رمضان غلقها في غيره، بل الذي يدل عليه الحديث أنها تفتّح أبواب الجنة جميعها في رمضان؛ وهذا جاء مصرّحا به في رواية الترمذي وابن ماجه "وفتحت أبواب الجنة فلم يغلق منها باب"
قال عبدالله بن الإمام أحمد: سألت أبي عن حديث: "إذا جاء رمضان صفدت الشياطين" قال: نعم. قال: قلت؛ الرجل يوسوس في رمضان ويصرع –يعني وهذا من أثر الشياطين- قال الإمام أحمد: هكذا جاء الحديث.
أي الواجب علينا الإيمان والتسليم وإن لم نعرف حقيقة هذه الأمور الغيبية وكيف تكون، ولكنا نؤمن بصدق خبر الرسول صلى الله عليه وسلم.
وقال ابن المنير: لا ضرورة توجب صرفه عن ظاهره –أي أنه فتح حقيقي وإغلاق حقيقي وهو أمر غيبي ولا ضرورة توجب تأويله إلى معنى آخر-
القول الثاني: أن هذا الفتح والإغلاق هو إشارة إلى كثرة الثواب والعفو، وهذا القول اعتمده المناوي، وهو تأويل لا يصح.
القول الثالث: وهو قول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، وفيه تفصيلان:
-أن هذا الفتح والغلق خاص للصائمين –يعني فتحت أبواب الجنة للصائمين وغلقت أبواب النار عن الصائمين- وأما الكفار فلا تفتح لهم فيه أبواب الجنة ولا تغلق عنهم فيه أبواب جهنم ولا تصفد شياطينهم.
-أن فتح أبواب الجنة وغلق أبواب النار نتيجة للأعمال الصالحة والكف عن المحرمات، ...وما ذاك إلا لأنه في شهر رمضان تنبعث القلوب إلى الخير والأعمال الصالحة التي بها وبسببها تفتح أبواب الجنة، ويمتنع عن الشرور التي بها تفتح أبواب النار، وتصفد الشياطين ... .

مسألة: تتكرر كل سنة في بلدان العالم الإسلامي؛ وهي الاختلاف بين البلدان في دخول الشهر، فبعضها تعلن دخول شهر رمضان فيصوم أهل ذلك البلد، وبعضهم يعلن أنه يوم فطر وأنه تمام شهر شعبان ثلاثين يوما، فما هي أسباب هذا الاختلاف.
للاختلاف في إثبات دخول شهر رمضان أسباب متعددة، ويدخلها الخلاف والاجتهاد، من ذلك:
اختلافهم في العدد الذي تقبل به شهادة من رأى الهلال، لأن كل بلد له مرجعية في القضاء، يعني هي التي تحدد ما يتعلق بمسائل قبول شهادة الشاهد في رؤية الهلال؛ وهذه المرجعيات القضائية تختلف بحسبما يتعامل به في ذلك البلد، فبعضها تتبنى المذهب الشافعي وبعضها تتبنى المذهب الحنبلي، وبعضها تتبنى المذهب المالكي، وبعضها تتبنى المذهب الحنفي، وبعضها تأخذ بما يترجح من الدليل، فالاختلاف له أسباب.
ومن ذلك؛ اشتراط العدد الذي تقبل به شهادة من رأى الهلال، فهذه المسألة فيها أقوال لأهل العلم:
القول الأول: قبول شهادة شاهد واحد لإثبات رؤية الهلال، وهذا مذهب الإمام أحمد، وهو أحد قولي الشافعي، وهو المعتمد عند الشافعية أيضا، وهو القول الراجح.
لحديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: (تراءى الناس الهلال، فأخبرت النبي صلى الله عليه وسلم أني رأيته فصامه، وأمر الناس بصيامه)
القول الثاني: لا يقبل إلا شهادة شاهدين، فلا يكتفون بشاهد واحد، وهذا مذهب المالكية.
القول الثالث: قول الحنفية؛ ولهم تفصيل:
يقولون: إذا كانت السماء صحوا لا نقبل إلا شهادة عدد كثير من الشهود، قدّره بعضهم بخمسين شاهدا.
أما إذا كان في السماء غيم أو قتر: فيقبلون شهادة الواحد.
وحجّتهم أن السماء إذا كانت مضحية والناس متساوون من التمكّن من الرؤية وزوال الموانع، وانفرد برؤيته شاهد واحد دلّ ذلك على وهمه أو غلطه أو كذبه.
والذين اشترطوا الشاهد الواحد (وهم الحنابلة وهو القول المعتمد عند الشافعية)، اختلفوا فيه أيضا:
-فالحنابلة لا يشترطون الذكورة ولا الحرية، فلو كان الشاهد امرأة قبلوا شهادتها، ولو شهد عبد قبلوا شهادته.
-أما الشافعية يشترطون أن يكون الشاهد رجل أو امرأتان، ولا يقبلون شهادة العبد.
فهذا سبب من أسباب الاختلاف.
فإذا حكم في بلد بثبوت دخول الشهر، فحكمهم مبني على ما يعتمده القضاء عندهم من شروط الشهادة والشاهد، وهذا الأمر يدخله الخلاف في بلدان أخرى.

مسألة: اختلاف المطالع؛ والأولى أن يعبّر عنها بــ (لزوم رؤية الهلال في بلد لأهل بلد آخر).
وهذه المسألة كثر فيها الاختلاف بين الفقهاء حتى تجد في المذهب الواحد أقوال متعددة.
وقال شيخ الإسلام رحمه الله: رؤية الهلال في بعض البلدان رؤية لجميعها فيها اضطراب.
والتعبير عنها باختلاف المطالع غير دقيق ... ومما ينبغي لطالب العلم أن يضبطه في هذا الباب حديث مهم؛ وهو حديث ابن عباس في صحيح مسلم، فهو مرجع في هذه المسألة:
قال كريب مولى ابن عباس: (أن الفضل بنت الحارث بعثته إلى معاوية بالشام، قال: فقدمت الشام فقضيت حاجتها واستهلّ عليّ رمضان وأنا بالشام، فرأيت الهلال ليلة الجمعة، فقدمت المدينة في آخر الشهر، فسألني عبدالله بن عباس، ثم ذكر الهلال فقال: متى رأيتم الهلال، فقلت: رأيناه ليلة الجمعة، فقال: أنت رأيته، فقلت: نعم ورآه الناس وصاموا وصام معاوية خليفة المسلمين، فقال: لكنّا رأيناه ليلة السبت فلا نزال نصوم حتى نكمل الثلاثين أو نراه، فقلت: أو لا نكتفي برؤية معاوية وصيامه، فقال: لا، هكذا أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم) رواه مسلم
قال الترمذي: العمل على هذا الحديث عند أهل العلم أن لكل بلد رؤيتهم.
وملخص أقوال أهل العلم في هذه المسألة:
القول الأول: وهو الراجح؛ أن لكل أهل بلد رؤيتهم، واستدلوا بحديث ابن عباس، وقال به القاسم بن محمد وسالم بن عبدالله بن عمر، ونقله ابن عبدالبر وابن المنذر عن عكرمة وابن عباس وهو قول اسحاق بن راهويه.
القول الثاني: أن رؤية بعض البلاد هي رؤية لجميع البلاد؛ وهو رواية ابن القاسم عن الإمام مالك وقال به الليث بن سعد والشافعي وأحمد.
القول الثالث: أن الرؤية لا تلزم بالخبر إلا أهل البلد الذي وقعت فيه الرؤية، إلا أن يحمل الإمام الناس على ذلك.
القول الرابع: قول الحنفية؛ أن البلدين إذا تقاربا ولم تختلف مطالعهم لزمهم حكم واحد.

مسألة: الأقليات المسلمة في البلاد الكافرة (كأمريكا وأوروبا ونحوهما)؛ ما حكمهم.
إن كان لهم مركز إسلامي جامع تتوحد فيه كلمتهم فهو بمثابة الحاكم في بلاد المسلمين؛ وأصحاب المركز لهم رؤيتهم إذا تمكنوا، فإن لم يتمكنوا يعتبرون أقرب البلدان إليهم.
فإن لم يكن لهم مركز جامع، أو كان الرجل مسافر ولا يعرف أحدا في هذا البلد وقارب دخول شهر رمضان، فإن تمكن هو من الرؤية ورأى الهلال ثبت في حقه، وإن لم يتمكن من الرؤية وبلغه عن بلد قريب من رؤية الهلال فيلزمه الصوم، وإلا يكمل عدة شعبان ثلاثين يوما.

مسألة: من رأى الهلال وحده؛ ولم يؤخذ بقوله –أي لم تعتبر شهادته-، إما لأن القاضي في ذلك البلد يشترط شاهدين، أو أن القاضي رأى أنه ليس بعدل، فهل يصوم هذا الذي رأى الهلال، أو يفطر ويصوم مع الناس.
في هذه المسألة أقوال لأهل العلم، والراجح فيها ما ذهب إليه جمهور أهل العلم، وهو قول أبي حنيفة ومالك وأحمد: أن من رأى هلال رمضان وحده وجب عليه الصوم؛ لقوله تعالى: {فَمن شَهد منكم الشهر فليصمه}، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم إنما نهى عن يوم الشك، وهذا ليس يوم شكّ في حقه، لأنه تيقّن دخول الشهر، فهو واجب عليه وإن لم يجب على غيره –لأن رؤية هذا الشاهد غير معتبرة-.
إذا: من رأى هلال شوال وحده فما حكمه؟
هل يفطر؛ قالوا: لا يفطر إلا مع جماعة المسلمين، لقوله صلى الله عليه وسلم: "فطركم يوم تفطرون وأضحاكم يوم تضحون"، فإن قيل هل يصوم يوم الفطر وقد نهي عن صومه، قيل: ليس هو بيوم الفطر المنهي عن صومه، أي هذا ليس بيوم الفطر وإن كان في حقه أنه أول أيام شوال، لكنه في حكمه الشرعي ليس هو يوم الفطر، وإنما يوم الفطر المنهي عن صومه هو اليوم الذي يفطر فيه الناس.
كما لو أخطأ الناس في هلال ذي الحجة، ودخل الهلال ولم يره الناس، رآه بعضهم ولم يؤخذ بقوله، وصار الناس يقفون في الذي هو عشرة من الشهر باعتبار ما رأى هذا الشاهد، والناس يقولون هو يوم تسعة، وليكن يوم الخميس، وهو يقول: يوم عرفة يوم الأربعاء فهل يقف وحده يوم الأربعاء، والناس يقفون يوم الخميس، أو يكون وقوفه مع الناس، الذي لا شك فيه أنه يقف مع الناس لدلالة أن النبي صلى الله عليه وسلم يعلم أنه قد يقع خلاف في مثل هذا، فجاء الفصل والحكم في هذه المسألة "فطركم يوم تفطرون وأضحاكم يوم تضحون" فأصبحت محسومة، الفطر يوم يفطر الناس والأضحى يوم يضحي الناس.
وهذه المسألة وهو رؤية شخص واحد لهلال رمضان أو لهلال شوال؛ فيها ثلاثة أقوال في حقّه:
1)يصوم لرؤيته ولا يفطر إلا مع الجماعة، وهو قول الجمهور.
2)يصوم لرؤيته ويفطر سرّا –أي يفطر لهلال شوال سرّا وليس أمام الناس- وهذا مذهب الشافعي.
3)لا يصوم ولا يفطر إلا مع الجماعة، قول الحسن البصري ورواية عن الإمام أحمد.
والراجح القول الأول.

مسألة: الخطأ في رؤية الهلال، يعني إذا حصل خطأ في رؤية الهلال فما الحكم؟
في مصنف عبدالرزاق وابن أبي شيبة: أن الناس صاموا رمضان على عهد علي رضي الله عنه بغير رؤية ثمانية وعشرين يوما؛ فلما كان يوم الفطر، أمرهم أن يقضوا يوما.
يتفرع عليه مسائل:
-من سافر ولم ير الهلال إلى أهل بلد قد رأوه، ثم كان الشهر ناقصا فإنه يصوم ثمانية وعشرين يوما، فما حكمه.
الحكم: أنه يقضي يوما آخر.
-كذلك إذا سافر من رآه إلى أهل بلد لم يروه، فإذا صام معهم يكون قد صام واحد وثلاثين يوما، فهل يفطر والناس صيام، أو يصوم ويكون قد صام واحد وثلاثين يوما.
نرجع إلى ما تقرر أن الفطر يوم يفطر الناس، فهو يصوم معهم، لأن الفطر يوم يفطر الناس، ويعتبر صومه نفلا.

مسألة: صيام النصف الثاني من شعبان.
في سنن أبي داود والترمذي من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا انتصف شعبان فلا تصوموا".
هذا الحديث تفرّد بروايته العلاء بن عبدالرحمن عن أبيه عن أبي هريرة؛ وقد امتحن في هذا الحديث حتى شهد بالله أن أباه قد حدّثه عن أبي هريرة بهذا الحديث.
والعلاء بن عبدالرحمن ثقة من رجال الصحيح.
واختلف أهل العلم في هذه المسألة.
والتحقيق: أن صيام آخر شعبان على قسمين؛ قسم مأذون فيه، وقسم غير مأذون فيه.
والقسم المأذون به على ضربين، أن يصوم النصف الأول وأكثره مع النصف الثاني؛ لحديث عائشة رضي الله عنها: "لم يكن الرسول صلى الله عليه وسلم يصوم شهرا أكثر من شعبان" وكان يصوم شعبان كله؛
فكيف يجمع بين هذا وبين قوله: "إذا انتصف شعبان فلا تصوموا"، قلنا إذا كان يصوم النصف الأول أو أكثره فلا يمنع من صيام النصف الآخر.
النوع الثاني في المأذون فيه: أن يكون صيامه للنصف الثاني لصوم اعتاده؛ كالاثنين والخميس، أو صيام يوم وإفطار يوم، أو كان قضاءا مؤخرا أو أمر واجب عليه من نذر أو كفارة أو نحو ذلك، فهذا يصوم وهو مخصوص من النهي المتقدم.
وما عدا ذلك فهو منهي عنه، وهو أن ينشئ صياما نفلا، يترك الصيام حتى إذا قرب رمضان وبقي النصف الأخير من شعبان من غير عادة ولا سبب موجب اجتهد في النفل قبل دخول رمضان؛ فهذا منهي عنه لهذا الحديث، وعلى هذا لا إشكال.
ابن حزم رحمه الله أراد الجمع؛ فقال النهي مخصوص بيوم السادس عشر من شعبان فقط؛ وهذا قول باطل.

مسألة: النهي عن تقدم رمضان بصوم يوم أو يومين؛ وهذا في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال صلى الله عليه وسلم: "لا تقدموا رمضان بصوم يوم أو يومين إلا رجل كان يصوم صوما فليصمه".
وقد اختلف في الحكمة من ذلك فقيل:
· خشية اختلاط النفل بالفرض، قال ابن حجر: فيه نظر.
· وقيل: لأن الحكم علق بالرؤية فمن تقدم بيوم أو يومين فقد حاول الطعن في ذلك الحكم.
والأظهر أن التقدم على ضربين:
فمن لم تكن له عادة من تطوع فيتقدمه بيوم أو يومين فهذا منهي عنه، وكذلك من يصومه احتياطا أو على أنه من رمضان فهذا أيضا منهي عنه.

مسألة: صيام يوم الشك.
وقد كثرت أقوال أهل العلم فيها، وله أسباب...
وصيام يوم الشك فيه قاعدة، وذلك أن له ثلاثة أحوال:
الأولى: أن يُصام على أنه من رمضان.
الثانية: أن يُصام على أنه من شعبان تطوعا أو قضاء صوم كفارة أو نذر أو غير ذلك.
الثالثة: أن يُصام احتياطا.
أي مقاصد الذي يصوم يوم الشك؛ الذي هو يوم الثلاثين من شعبان، فهو إما أنه يصوم على أنه من رمضان، أو يصومه احتياطا، أو يصومه على أنه من شعبان وهو يعلم أنه لم يدخل رمضان وفي الحكم أنه الثلاثين من شعبان لكنه يصومه إمّا تطوعا أو قضاء صوم أو كفارة أو نذر؛ فما الحكم في صيام يوم الشك.
الجواب:
... الراجح في هذه المسألة: أنه يحرم صيام يوم الشك إلا لمن كان له صوم يصومه فوافق صيامه صيام يوم الشك فهو يصومه تطوّعا كمن اعتاد صوم الاثنين أو الخميس، أو صيام يوم وإفطار يوم، أو كان عليه نذر أو كفارة أو قضاء أو نحو ذلك.
وهذا القول هو الذي يتفق مع الأدلة الصحيحة المرفوعة في هذا الباب، ولم يلحقها نسخ ولا تخصيص.
أما من صامه على أنه من رمضان قبل الرؤية فقد أفتى جمهور أهل العلم بأن عليه القضاء.
وتحريم صيامه هو قول عمر وعلي وابن مسعود وأنس بن مالك وعمار بن ياسر وحذيفة وابن عباس ... وهو رواية عن ابن عمر ورواية عن أبي هريرة وقال به من التابعين محمد بن سيرين وإبراهيم النخعي والشعبي وسعيد بن جبير وعكرمة وحكاه الترمذي عن سفيان ومالك وإسحاق بن راهويه والشافعي وأحمد: أن من صامه على أنه من رمضان فصيامه محرّم.
قال الترمذي: رأى أكثرهم على أن من صامه على أنه من رمضان ثم ثبت أنه من رمضان فإن عليه القضاء.
السبب في هذا: أن تعيين التبييت للنيّة لصوم الفرض واجب، وإذا لم يعلم بدخول الشهر إلا بعد طلوع الفجر فهو لم يبيّت الصيام الواجب.

مسألة: من صام يوم الشك على أنه من رمضان ثم تبيّن أنه من رمضان فعلا؛ فعليه القضاء، لماذا.
لأن تبييت النيّة للصيام الواجب واجب، لحديث حفصة وابن عمر رضي الله عنهما: "من لم يبيّت الصيام من الليل فلا صيام له"
فهذا لم يجمع الصيام من الليل، فطلع الفجر وثبت بعد ذلك أنه من رمضان، فيكون صيامه (يعني الفرض) باطلا، فعليه القضاء.
فلو قال: أنا أصوم على أنه من رمضان، قيل: لم يقبل ذلك لأن رمضان لم يثبت دخوله؛ فتكون هذه النية باطلة.
كما لو صام إنسان في أي يوم في محرم أو ذي القعدة؛ صام على أنه من رمضان، هل يقبل صومه على أنه من رمضان؟ لا يقبل.

موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
مذاكرة, مجلس


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 05:39 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir