دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > إدارة برنامج إعداد المفسر > سير المفسرين

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 1 ربيع الثاني 1436هـ/21-01-2015م, 12:58 PM
حمده اليامي حمده اليامي غير متواجد حالياً
طالبة علم
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 209
افتراضي سيرة الصحابي عمر بن الخطاب رضي الله عنه:

بسم الله الرحمن الرحيم

المقدمة:
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.من عناية الله بكتابه وحفظه له أن يقظ للأمة مفسرين يوضحون المحكم منه ويبيِّنون معانيه وغرائبه ، ومن هؤلاء المفسرين الصحابي الجليل عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، وسنتعرض لسيرته رضي الله عنه وعن الصحابة أجمعين.

● اسمه ونسبه:
ذكر عز الدين بن الأثير: هو عُمَر بْن الخطاب بْن نفيل بْن عَبْد العزي بْن رياح بْن عَبْد اللَّه بْن قرط بْنُ [ص: 138] رزاح بْن عدي بْن كعب بْن لؤي الْقُرَشِيّ العدوي أَبُو حَفْص وأمه حنتمة بِنْت هاشم بْن المغيرة بْن عَبْد اللَّه بْن عُمَر بْن مخزوم، وقيل: حنتمة بِنْت هشام بْن المغيرة، فعلى هَذَا تكون أخت أَبِي جهل، وعلى الأول تكون ابْنَة عمه، قَالَ أَبُو عُمَر: ومن قَالَ ذَلِكَ، يعني: بِنْت هشام فقد أخطأ، ولو كانت كذلك لكانت أخت أَبِي جهل، والحارث ابني هشام، وليس كذلك وَإِنما هِيَ ابْنَة عمهما، لأن هشامًا وهاشما ابني المغيرة أخوان، فهاشم والد حنتمة، وهشام والد الحارث، وأبي جهل، وكان يُقال لهاشم جد عُمَر: ذو الرمحين.
وقَالَ ابْنُ منده: أم عُمَر أخت أَبِي جهل، وقَالَ أَبُو نعيم: هِيَ بِنْت هشام أخت أَبِي جهل، وَأَبُو جهل خاله، ورواه عَنِ ابْنِ إِسْحَاق.
وقَالَ الزُّبَيْر: حنتمة بِنْت هاشم فهي ابْنَة عم أَبِي جهل، كما قَالَ أَبُو عُمَر، وكان لهاشم أولاد فلم يعقبوا.
يجتمع عُمَر، وسعيد بْن زَيْد، رَضِي اللَّه عَنْهُمَا، فِي نفيل.


● مولده ونشأته:
ذكر ابن حجر العسقلاني : روى أبو نعيم أنه وُلِد بعد الفجار الأعظم بأربع سنين، وذلك قبل المبعث النبوي بثلاثين سنة، وقيل بدون ذِكر خليفة بسندٍ له: إنه وُلد بعد الفيل بثلاث عشرة سنة، وكان إليه السفارة في الجاهلية، وكان عند المبعث شديدًا على المسلمين، ثم أسلم؛ فكان إسلامُه فَتْحًا على المسلمين، وفرَجًا لهم من الضيق.

قصة إسلامه :
ذكر ابن سعد : أخبرنا إسحاق بن يوسف الأزرق قال: أخبرنا القاسم بن عثمان البصري عن أنس بن مالك قال: خرج عمر متقلد السيف فلقيه رجل من بني زهرة قال: أين تعمد يا عمر؟ فقال: أريد أن أقتل محمدا، قال: وكيف تأمن في بني هاشم وبني زهرة وقد قتلت محمدا؟ قال فقال عمر: ما أراك إلا قد صبوت وتركت دينك الذي أنت عليه، قال: أفلا أدلك على العجب يا عمر؟ إن ختنك وأختك قد صبوا وتركا دينك الذي أنت عليه. قال فمشى عمر ذامرا حتى أتاهما وعندهما رجل من المهاجرين يقال له خباب. قال فلما سمع خباب حس عمر توارى في البيت، فدخل عليهما فقال: ما هذه الهينمة التي سمعتها عندكم؟ قال كانوا يقرؤون طه فقالا: ما عدا حديثا تحدثناه بيننا، قال: فلعلكما قد صبوتما؟ قال فقال له ختنه: أرأيت يا عمر إن كان الحق في غير دينك؟ قال فوثب عمر على ختنه فوطئه وطأ شديدا فجاءت أخته فدفعته عن زوجها فنفحها بيده نفحة فدمى وجهها فقالت وهي غضبى: يا عمر إن كان الحق في غير دينك اشهد أن لا إله إلا الله واشهد أن محمدا رسول الله. فلما يئس عمر قال: أعطوني هذا الكتاب الذي عندكم فأقرأه. قال وكان عمر يقرأ الكتب، فقالت أخته: إنك رجس ولا يمسه إلا المطهرون فقم فاغتسل أو توضأ. قال فقام عمر فتوضأ ثم أخذ الكتاب فقرأ طه حتى انتهى إلى قوله: إنني أنا الله لا إله إلا أنا فاعبدني وأقم الصلاة لذكري. قال فقال عمر: دلوني على محمد. فلما سمع خباب قول عمر خرج من البيت فقال: أبشر يا عمر فإني أرجو أن تكون دعوة رسول الله، صلى الله عليه وسلم، لك ليلة الخميس: اللهم أعز الإسلام بعمر بن الخطاب أو بعمرو بن هشام، قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم، في الدار التي في أصل الصفا. فانطلق عمر حتى أتى الدار، قال وعلى باب الدار حمزة وطلحة وأناس من أصحاب رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فلما رأى حمزة: وجل القوم من عمر قال: حمزة نعم فهذا عمر فإن يرد الله بعمر خيرا يسلم ويتبع النبي، صلى الله عليه وسلم، وإن يرد غير ذلك يكن قتله علينا هينا. قال النبي، عليه السلام، داخل يوحى إليه، قال فخرج رسول الله، صلى الله عليه وسلم، حتى أتى عمر فأخذ بمجامع ثوبه وحمائل السيف فقال: أما أنت منتهيا يا عمر حتى ينزل الله بك من الخزي والنكال ما أنزل بالوليد بن المغيرة؟ اللهم هذا عمر بن الخطاب، اللهم أعز الدين بعمر بن الخطاب، قال فقال عمر: أشهد أنك رسول الله. فأسلم وقال: اخرج يا رسول الله.

● نبذة من أخباره:
ذكر عبدالله بن أبي شيبة : -حدثنا عبد الله بن نمير عن محمد بن إسحاق عن مكحول عن غضيف بن الحارث رجل من أيلة عن أبي ذر قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إن الله وضع الحق على لسان عمر .
-حدثنا محمد بن بشر قال ثنا عبيد الله بن عمر قال ثنا أبو بكر بن سالم عن سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : رأيت في النوم كأني أنزع بدلو بكرة على قليب ، فجاء أبو بكر فنزع ذنوبا أو ذنوبين فنزع نزعا ضعيفا والله يغفر له ، ثم جاء عمر بن الخطاب فاستسقى فاستحالت غربا ، فلم أر عبقريا من الناس يفري فريه حتى روي الناس وضربوا بالعطن .
-حدثنا علي بن مسهر عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : بينا أنا أسقي على بئر إذ جاء ابن أبي قحافة فنزع ذنوبا أو ذنوبين فيهما ضعف والله يغفر له ، ثم جاء عمر فنزع حتى استحالت في يده غربا ، وضرب الناس بالعطن فما رأيت عبقريا يفري فريه .
-حدثنا شريك عن الأشعث عن الأسود بن هلال أن أعرابيا لهم قال : شهدت صلاة الصبح مع النبي صلى الله عليه وسلم ذات يوم ، فأقبل على الناس بوجهه فقال : رأيت ناسا من أمتي البارحة ، وزنوا فوزن أبو بكر فوزن ، ثم وزن عمر فوزن .
-حدثنا عبيد الله بن إدريس عن زكريا عن سعد بن إبراهيم عن أبي سلمة عن [ ص: 479 ] أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنه كان فيمن مضى رجال يتحدثون في غير نبوة ، فإن يكن في أمتي أحد منهم فعمر .
-حدثنا عبد الله بن إدريس ووكيع وابن نمير عن إسماعيل عن قيس قال : قال عبد الله : ما زلنا أعزة منذ أسلم عمر .
-حدثنا عبد الله بن إدريس عن الشيباني وإسماعيل عن الشعبي قال : قال علي : ما كنا نبعد أن السكينة تنطق بلسان عمر .
-حدثنا وكيع قال ثنا الأعمش عن إبراهيم عن الأسود قال : قال عبد الله : إذا ذكر الصالحون فحيهلا بعمر .
-حدثنا وكيع قال ثنا سفيان عن قيس بن مسلم عن طارق بن شهاب قال : قال عبد الله : إذا ذكر الصالحون فحيهلا بعمر .
-حدثنا عبد الله بن نمير عن عبد الملك بن أبي سليمان عن واصل الأحدب عن زيد بن وهب عن عبد الله قال : إن عمر كان للإسلام حصنا حصينا ، يدخل فيه الإسلام ولا يخرج منه ؛ فلما قتل عمر انثلم الحصن فالإسلام يخرج منه ولا يدخل فيه .
-حدثنا أبو أسامة عن سفيان عن قيس بن مسلم عن طارق بن شهاب قال : قالت أم أيمن لما قتل عمر ؛ اليوم وهى الإسلام .
-حدثنا حسين بن علي عن زائدة عن عاصم عن زر عن عبد الله قال : لقي رجل شيطانا في بعض طرق المدينة فأنجد فصرع الشيطان ، قبل عبد الله ، فقال : من يطيق به إلا عمر .
-حدثنا شريك عن أبي إسحاق عن إبراهيم بن المهاجر عن مجاهد قال : كان عمر إذا رأى الرأي نزل به القرآن [ ص: 480 ]

● آثاره:
ذكر عاطف بن عبد الوهاب حماد بعض من آثاره القولية والفعلية: -عن مورق العجلي قال : قال عمر : تعلموا اللَّحن والفرائض والسنة كما تعلمون القرآن .
-عن أنس قال : خطب رجل عند عمر فأكثر الكلام ،فقال عمر : إن كثرة الكلام في الخطب من شقاشق الشيطان.
-عن عمر قال : فساد الدين إذا جاء العلم من قبل الصغير استعصى عليه الكبير ، وصلاح الناس إذا جاء العلم من الكبير تابعه عليه الصغير.
-عن الأحنف قال عمر : تفقهوا قبل أن تسودوا.
-عن سليم بن حنظلة قال : أتينا أبي بن كعب لنتحدث عنده ، فلما قام قمنا ،فلحقه عمر فرفع عليه الدرة فقال: يا أمير المؤمنين اعلم ما تصنع قال: أوما ترى ؟ فتنة للمتبوع ذلة للتابع.
-عن نعيم بن دجاجة الأسدي قال: سمعت عمر بن الخطاب يقول : لا هجرة بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسم.
-عن الأسود بن هلال المحاربي قال: لما ولي عمر بن الخطاب قام على المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : أيها الناس إني داع فهيمنوا وفي لفظ آخر (ثلاث كلمات إذا قلتها فهيمنوا عليها) : اللهم إني ضعيف فقوني، اللهم إني غليظ فليني، اللهم إني بخيل فسخني.
-قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه : إن عمر أتاني فقال إن القتل قد استحر يوم اليمامة بقراء القران وإني أخشى أن يستحر القتل بقراء القرآن في المواطن ،فيذهب كثير من القرآن وإني أرى أن تأمر بجمع القرآن.


● نماذج من تفسيره:
ذكر ذكر عاطف بن عبد الوهاب حماد نماذج من تفسيره :
1-عن الشعبي قال : سمعت عمر رضي الله عنه وهو على المنبر يقول (إذا النفوس زوجت ) تزويجهم أن تؤلف كل قوم إلى شبههم.

2-عن النعمان بن بشير يقول : سمعت عمر بن الخطاب وهو يخطب قال: (وكنتم أزواجاً ثلاثة فأصحاب الميمنة ...الواقعة (من 7-11) ثم قرأ (وإذا النفوس زوجت) أزواج في الجنة وأزواج في النار).

3-عن أنس قال: قرأ عمر وفاكهة وأباً قال فما الأب؟ ثم قال ما كلفنا وما أمرنا بهذا، خرجه البخاري. وعنه قال: كنا مع عمر وعليه قميص وفي ظهره أربع رقع، فسئل عن هذه الآية وفاكهة وأباً فقال: ما الأب، ثم قال مه! قد نهينا عن التكلف، ثم قال يا عمر: إن هذا لمن التكلف وما عليك ألا تدري ما الأب.

4-عن عبد الله بن عباس قال : لم أزل حريصا على أن أسأل عمر عن المرأتين من أزواج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اللتين قال لهما ( إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما ) حتى خرجت معه فنزل ذات يوم فعدلت معه بالإداوة فتبرز ، ثم جاء فصببت على يديه فتوضأ فقلت : يا أمير المؤمنين من المرأتان من أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - اللتان قال: ( إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما ) فقال : واعجبا لك يا ابن عباس هي حفصة وعائشة ، ثم استقبل عمر الحديث يسوقه فقال : إني كنت نزلت على حي من الأنصار أو على بيت من الأنصار من بني أمية بن زيد ، وكنا نتناوب النزول فينزل يوما وأنزل يوما فإذا نزلت جئته من خبر يومي بما ينزل من الوحي وغيره ، وإذا نزل فعل مثل ذلك، وكنا معشر [ ص: 319 ] قريش نغلب النساء فلما قدمنا على الأنصار إذا قوم تغلبهم نساؤهم فطفق نساؤنا يأخذن من أدب نساء الأنصار فصحت على امرأتي فراجعتني، فأنكرت أن راجعتني فقالت : ولم تنكر أن أراجعك ، فوالله إن أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - ليراجعنه وإن إحداهن لتهجره اليوم حتى الليل ، فكبر ذلك علي ، فقلت : قد خاب من عمل ذلك منهن، فجمعت علي ثيابي فدخلت على حفصة بنت عمر فقلت لها : يا حفصة أتغاضب إحداكن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى الليل ؟ قالت : نعم ، قلت : قد خبت وخسرت أتأمنين أن يغضب الله - عز وجل - لغضب رسوله فتهلكين ، فلا تستكثري أو لا تستنكري رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا تراجعيه في شيء ولا تهجريه وتسأليني ما بدا لك ، ولا يغرنك إن كانت جارتك هي أوضأ منك وأحب إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، يريد : عائشة .

5-عن مالك بن أوس بن الحدثان قال : قرأ عمر بن الخطاب : ( إنما الصدقات للفقراء والمساكين ) حتى بلغ ( عليم حكيم ) [ التوبة : 60 ] ، ثم قال هذه لهؤلاء ، ثم قرأ : ( واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين ) [ الأنفال : 41 ] ، ثم قال : هذه لهؤلاء ، ثم قرأ : ( ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى ) حتى بلغ للفقراء ( والذين تبوءوا الدار والإيمان ) ( والذين جاءوا من بعدهم ) ثم قال : استوعبت هذه الآية المسلمين عامة [ ص: 74 ] وليس أحد إلا له فيها حق ، ثم قال : لئن عشت ليأتين الراعي - وهو بسرو حمير - نصيبه فيها ، لم يعرق فيها جبينه .


● وفاته:
ذكر ابن المبرد الحنبلي: روى البخاري عن عمرو بن ميمون، قال: "رأيت عمر بن الخطّاب قبل أن يصاب بأيام بالمدينة، وقف على حذيفة بن اليمان، وعثمان بن حنيف، قال: "كيف فعلتما، أتخافان أن تكونا قد حمَّلتما الأرض ما لا تطيق؟ ". قالا: "حمّلناها أمراً هي له مطيقة، ما فيها كبير فضلٍ". قال: "انظُر أن تكونا حملتما الأرض ما لا تطيق"، قالا: "لا". فقال عمر: "لئن سلّمني الله لأدعن أرَامَل أهل العراق لا يحتجن إلى رجل بعدي أبداً".
قال: فما أتت عليه إلا رابعة حتى أصيب. قال: إني لقائمٌ ما بيني وبينه إلا عبد الله بن عباس غداة أصيبَ، وكان إذا مرّ بين الصّفين قال: استووا، حتى إذا لم يرَ فيهم خللاً تقدّم، فكبّر وربما قرأ سورة يوسف أو النحل أو نحو ذلك في الرّكعة الأولى حتى يجتمع الناس، فما هو إلا أن كبّر فسمعته يقول: قتلني أو أكلني الكلب، حين طعنه، فطار العلجُ بسكين ذات طرفين، لا يمرّ على أحدٍ يميناً ولا شمالاً إلا طعنه، حتى طعن ثلاثة عشر رجلاً، مات منهم سبعة، أو قال تسعة، فلما رأى ذلك رجل من المسلمين طرح عليه برنساً، فلما ظن العلج أنه مأخوذٌ نحرَ نفسه، وتناول عمر يد عبد الرحمن بن عوف فقدّمه، فمن يلي عمر فقد رأى الذي رأى، وأما نواحي المسجد فإنهم لا يدرون، غير أنهم قد فقدوا صوت عمر، وهم يقولون: سبحان الله سبحان [الله] ، فصلى بهم عبد الرحمن بن عوف صلاة خفيفة، فلما انصرفوا قال: "يا ابن عباس انظر من قتلني"، فجال ساعةً ثم جاء، فقال: "غلام المغيرة"، فقال: "الصَّنَعُ، أو قال الصانع؟ "، قال: "نعم"، قال: "قاتله الله لقد أمرت به معروفاً، الحمد لله الذي لم يجعل منيتي بيد رجل يدعي الإسلام. قد كنتَ أنت وأبوك تحبان أن تكثرَ العلوج بالمدينة، وكان العباس أكثرهم رقيقاً. فقال: "إن شئت / [116 / أ] فعلتُ، أي: إن شئت قتلنا؟ ". فقال: "كذبت، بعدما تكلموا بلسانكم، وصلوا قبلتكم، وحجّوا حجكم". فاحتمل إلى بيته، فانطلقنا معه، وكأن الناس لم تُصبهم مصيبةٌ قبل يومئذٍ، فقائل يقول: لا بأس، وقائل يقول: أخاف عليه، فأتي بنبيذ فشربه، فخرج من جوفه، ثم أتي بلبن فشربه فخرج [من جرحه] فعرفوا أنه ميت، فدخلنا عليه، وجاء الناس فجعلوا يثنون عليه، وجاء رجلٌ شابٌ فقال: "ابشر يا أمير المؤمنين، ببُشرى الله لك، من صحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم وقدمٍ في الإسلام ما قد علمتَ، ثم ولِيت فعدلت، ثم شهادة". قال: "وددت أن ذلك كفافٌ لا عليَّ ولا لي".
فلما أدبر إذا إزاره يمس الأرض، قال: "ردّوا عليّ الغلام، قال: يا ابن أخي! ارفع ثوبك، فإنه أنقى لثوبك، وأتقى لربك، يا عبد الله بن عمر، انظر ما عليّ من الدَّين، "فحسبوه فوجدوه ستة وثمانين ألفاً أو نحوه، قال: إن وفَّى له مال آل عمر فأدّه من أموالهم، وإلا فسل في بني عدي بن كعب، فإن لم تفِ أموالهم فسل في قريش، ولا تعدُهم إلى غيرهم، فأدّ عني هذا المال، وانطلق إلى عائشة أم المؤمنين فقل: يقرأ عليك عمر السّلام ولا تقل أمير المؤمنين، فإني لست اليوم للمؤمنين أميراً، وقل: يستأذن عمر بن الخطّاب أن يدفن مع صاحبيه".
فسلم، واستأذن ثم دخل عليها فوجدها قاعدة تبكي، فقال: "يقرأ عليك عمر بن الخطّاب السلام، ويستأذن أن يدفن مع صاحبيه"، فقالت: "كنت أريده لنفسي، ولأوثرنه اليوم، أو قالت: ولأوثرنه اليوم على نفسي". فلما أقبل قيل: "هذا عبد الله بن عمر قد جاء". قال: "ارفعوني"، فأسنده رجل إليه، فقال: "ما لديك؟ "، قال: "الذي تحبّ يا أمير المؤمنين، أذنتْ". قال: "الحمد لله، ما كان من شيء أهمّ إليّ من ذلك، فإذا أنا قبضت فاحملوني، ثم سلّم، فقل: يستأذن عمر بن الخطّاب فإن أذنت لي فأدخلوني، وإن ردّتني فردّوني إلى مقابر المسلمين".
وجاءت أم المؤمنين حفصة والنساء تسير معها، فلما رأيناها قمنا، فولجت عليه، فمكثت عنده ساعة، واستأذن الرجال، فولجت داخلاً لهم، فسمعنا بكاءها من الدّاخل، فقالوا: "أوصِ يا أمير المؤمنين استخلف". قال: "ما أجد أحداً أحقّ بهذا الأمر من هؤلاء النفر الرهط الذي توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عنهم راضٍ"، فسمّى عليّاً، وعثمان، والزبير، وطلحة، وسعد، وعبد الرحمن، وقال: يشهدكم عبد الله بن عمر، وليس له من الأمر شيء كهيئة التعزية - فإن أصابت الإمارة سعداً1 فهو ذاك، وإلا فليستعن به أيكم ما أمّرَ، فإني لم أعز له من عجز ولا خيانة".
قال: "أوصي الخليفة من بعدي، بالمهاجرين الأوّلين أن يعرف لهم حقهم، ويحفظ لهم حرمتهم، وأوصيه بالأنصار خيراً: {الَّذِينَ تَبَوَّءوا الدَّارَ والإِيمَانَ مِن قَبْلِهِم} [الحشر: 9] ، أن يقبل من محسنهم، وأن يعفى عن مسيئهم، وأوصيه بأهل الأمصار خيراً، فإنهم ردْء الإسلام، وجباة المال، وغيظ العدوّ، وأن لا يؤخذ منه إلا فضلهم عن رضاهم، وأوصيه بالأعراب خيراً، فإنهم أصل العرب، ومادة الإسلام، أن يؤخذ من حواشي أمالهم، ويردّ على فقرائهم، وأوصيه بذمة الله، وذمة رسوله أن يوفى لهم بعهدهم، وأن يقاتل من ورائهم، ولا يُكلفوا إلا طاقتهم".
فلما قبض خرجنا به، أو قال: معه، فانطلقنا نمشي، فسلّم عبد الله ابن عمر، قال: "يستأذن عمر بن الخطّاب"، قالت: "أدخلوه". فأدخل فوضع هنالك مع صاحبيه.

المراجع:
- أسد الغابة في معرفة الصحابة ،عز الدين ابن الأثير (المتوفى: 630هـ) ، تحقيق : علي محمد معوض - عادل أحمد عبد الموجود، دار الكتب العلمية (ط1) ، بيروت.
- الإصابة في تمييز الصحابة ، أبو الفضل أحمد بن علي بن محمد بن أحمد بن حجر العسقلاني (المتوفى: 852هـ) ، موقع صحابة رسول الله .
- الطبقات الكبرى ، محمد بن سعد بن منيع أبو عبدالله البصري الزهري (المتوفى : 230هـ ) ، تحقيق: إحسان عباس ،دار صادر - بيروت.
-المصنف ، عبد الله بن محمد بن أبي شيبة (المتوفى : 235) ،دار الفكر .
-جامع الآثار القولية والفعلية الصحيحة لأمير المؤمنين عمر بن الخطاب ،عاطف عبد الوهاب حماد ، دار الهدي النبوي ، مصر ، دار الفضيلة ،السعودية.
-محض الصواب في فضائل أمير المؤمنين عمر بن الخطاب ، جمال الدين، ابن المبرد الحنبلي (المتوفى: 909هـ) ، تحقيق :عبد العزيز بن محمد بن عبد المحسن ،عمادة البحث العلمي بالجامعة الإسلامية، المدينة النبوية، المملكة العربية السعودية.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 2 ربيع الثاني 1436هـ/22-01-2015م, 12:30 AM
هيئة التصحيح 7 هيئة التصحيح 7 غير متواجد حالياً
هيئة التصحيح
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 6,326
افتراضي

تم التصحيح في صفحتكِ للاختبارات هنا :
http://www.afaqattaiseer.net/vb/show...291#post159291
بارك الله فيكِ ، ونفع بكِ .

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الصحابي, سيرة


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:38 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir