اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ساجدة فاروق
- أقوال الصحابة كما تعلم فضيلتك يستند عليها كثيرا في تفسير القرآن ومعرفة كثير من الأحكام الشرعية، فهل اعتُني بأسانيد أقوالهم اعتناء الأمة بأقوال رسول الله تحقيقا ومعرفة برجال الأسانيد وتقويتهم أو تضعيفهم؟
أرجو أن يفصل فضيلتك في الرد، ويذكر لنا (إن كان يوجد) أسماء كتب فيها أقوالهم محققة، وأسماء العلماء الذين اعتنوا بهذا الأمر.
جزاكم الله خيرا ونفع بكم الأمة..
|
التفصيل الآن لا يتسع له الوقت لأننا في ختام هذا المجلس.
لكن الخلاصة: أن أقوال الصحابة والتابعين وأئمة الدين لها شأنها وقدرها في مسائل الدين؛ والعناية بها لمن تأهل لذلك من أهل العلم مطلب مهم، وهذا أمر لا يُطالب به المبتدئون وبعض المتوسطين؛ لأنه ليس في مقدورهم دراسة الأسانيد وجمع الأقوال والتمييز بين صحيحها وضعيفها والترجيح بين مختلفها والجواب عن مشكلها؛ لكنه أمر واجب على أهل العلم بعامة وعلى من ملك الأهلية لذلك ودعت الحاجة فيه إلى البيان، ولم يزل أهل العلم على مر القرون يعتنون بأقوال السلف في مسائل الدين في التفسير والاعتقاد والفقه والسلوك وغيرها، ولكل علم أهله وأئمته.
ومن الأمور التي لا ينبغي التنازع فيها أنه لا يجوز أن يُنسب لأحد من السلف قول لا تصح نسبته إليه، ولا سيما إذا كان في ذلك القول ما يستنكر أو يستغرب.
والعجلة والتسرع والاقتصار على مراجع لا تعتني بتحقيق نسبة الأقوال إلى من نُسبت إليهم من أسباب شهرة بعض الأقوال عن بعض السلف وهي لا تصح عنهم؛ فربما اشتهر قول منكر عن أحد من السلف وذكر في كتب كثيرة والصحيح عنه بالأسانيد الصحيحة خلافه، وهذا له أمثلة كثيرة في المسائل التي يُختلف فيها.
فدراسة هذه الأقوال وتمييز صحيحها من ضعيفها لا شك أنه مطلب من مطالب التحقيق العلمي، وإغفال هذا الأمر والاعتماد على أقوال لا تصح نسبتها أو لا تصح دلالتها يوقع الباحث وطالب العلم في أخطاء وأغاليط تستنكر، وقد يسيء من حيث أراد الإحسان، ويلبس على الناس من حيث أراد هدايتهم.
ومن كان غير صاحب تمييز ولا معرفة بالأقوال وعللها وأحوالها؛ فينبغي عليه أن يقتصر على كلام المحققين من أهل العلم فينقل ما قالوه وقرروه ويعتمد ما اعتمدوه، ولا يدخل في الترجيح بين هذه الأقوال وهو لا يدرك ثبوتها ولا صحة دلالتها.
حتى إذا منَّ الله عليه بمواصلة الطلب وحسن المعرفة تكلَّم بما يناسب حاله ومعرفته.
والله الموفق .
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.