دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم القرآن الكريم > مكتبة التفسير وعلوم القرآن الكريم > بيان المُستشكل > أنموذج جليل لابن أبي بكر الرازي

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 26 ربيع الأول 1432هـ/1-03-2011م, 04:16 PM
نورة آل رشيد نورة آل رشيد غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 2,563
افتراضي سورة النساء

سورة النساء
فإن قيل: في قوله تعالى: (وخلق منها زوجها).
إذ كانت حواء مخلوقة من آدم، ونحن مخلوقون منه أيضًا، تكون حواء إلى آدم نسبة الولد لأنها متفرعة منه، فتكون أختًا لنا لا أمًا؟
قلنا: قال بعض المفسرين (من) لبيان الجنس لا للتبعيض، فمعناه وخلق من جنسها زوجها، كما في قوله تعالى: (لقد جاءكم رسولٌ من أنفسكم).
الثاني: وهو الذي عليه الجمهور أنها للتبعيض.
ولكن خلق حواء من آدم لم يكن بطريق التوليد كخلق الأولاد من الآباء، فلا يلزم منه ثبوت حكم البنتية والأختية فيها.
فإن قيل: كيف قال: (وآتوا اليتامى أموالهم). واليتيم لا يعطى ماله حتى يبلغ اتفاقًا؟
قلنا: المراد به إذا بلغوا وإنما سموا يتامى لقرب عهدهم بالبلوغ باعتبار ما كان، كما تسمى الناقة عشراء بعد الوضع، وقد يسمى البالغ يتيمًا باعتبار ما كان، كما يسمى الحي ميتًا والعنب خمرًا باعتبار ما يكون. قال الله تعالى: (إنّك ميّتٌ وإنّهم ميّتون).
وقال: (إنّي أراني أعصر خمرًا).
ومنه قولهم للنبي صلى الله عليه وسلم بعد ما نبأه الله تعالى "يتيم أبي طالب ".
فإن قيل: أكل مال اليتيم (حرام وحده) ومع أموال الأوصياء،
[أنموذج جليل: 61]
فلم ورد النهي مخصوصًا عن أكله معها بقوله تعالى: (ولا تأكلوا أموالهم إلى أموالكم). أي معها؟
قلنا: لأن أكل مال اليتيم مع الاستغناء عنه أقبح، فلذلك خص بالنهي، ولأنهم كانوا يأكلونه مع الاستغناء عنه، فجاء النهي على ما وقع بينهم.
فإن قيل: لما قال: (ممّا ترك الوالدان والأقربون). دخل فيه القليل والكثير فما فائدة قوله: (ممّا قلّ منه أو كثر)؟
قلنا: إنما قال ذلك على وجهة التأكيد والإعلام أن كل تركة يجب قسمتها، لئلا يتهاون بالقليل من التركات ويحتقر، فلا يقسم وينفرد به بعض الورثة.
فإن قيل: كيف قال: (ولأبويه لكلّ واحدٍ منهما السّدس ممّا ترك إن كان له ولدٌ).
مع أنه لو كان الولد بنتًا فللأب الثلث؟
قلنا: الآية وردت لبيان الفرض دون التعصيب، وليس للأب مع البنت بالفرض إلا السدس.


التوقيع :
قال ابن الجوزي - رحمه الله تعالى - :
" من رزق همة عالية يعذب بمقدار علوها .... من علت همته طلب العلوم كلها ، و لم يقتصر على بعضها ، و طلب من كل علم نهايته ، و هذا لا يحتمله البدن .
ثم يرى أن المراد العمل فيجتهد في قيام الليل و صيام النهار ، و الجمع بين ذلك و بين العلم صعب" .
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 26 ربيع الأول 1432هـ/1-03-2011م, 04:17 PM
نورة آل رشيد نورة آل رشيد غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 2,563
افتراضي

فإن قيل: كيف قطع على العاصي بالخلود في النار بقوله: (ومن يعص اللّه ورسوله ويتعدّ حدوده يدخله نارًا)؟
قلنا: أراد به من يعصى الله برد أحكامه وجحودها وذلك كفر،
[أنموذج جليل: 62]
والكافر يستحق الخلود في النار.
فإن قيل: كيف قال: (حتّى يتوفّاهنّ الموت).
والتوفي والموت بمعنى واحد فصار كأنه قال: حتى يميتهن الموت؟
قلنا: معناه حتى يتوفاهن ملائكة الموت، الثاني معناه حتى يأخذهن الموت ويستوفى أرواحهن.
فإن قيل: كيف قال: (إنّما التّوبة على اللّه).
ولم يقل إنما التوبة على العبد، مع أن التوبة واجبة على العبد؟
قلنا: معناه إنما قبول التوبة على الله بحذف المضاف، الثاني: أن معنى التوبة من الله رجوعه على العبد بالمغفرة والرحمة، لأن التوبة في اللغة الرجوع.
فإن قيل: كيف قال: (بجهالةٍ) ولو عمله بغير جهالة ثم تاب قبلت توبته؟
قلنا: معناه بجهالة بقدر قبح المعصية وسوء عاقبتها، لا بكونها معصية وذنبًا، وكل عاص جاهل بذلك حال مباشرة المعصية، معناه أنه مسلوب كمال العلم به بسبب غلبة الهوى وتزيين الشيطان.
فإن قيل: كيف قال: (ثمّ يتوبون من قريبٍ).
مع أنهم لو تابوا بعد الذنب من بعيد قبلت توبتهم؟
قلنا: معناه قبل معاينة سلطان الموت، كذا قاله ابن عباس رضي الله عنه
[أنموذج جليل: 63]


التوقيع :
قال ابن الجوزي - رحمه الله تعالى - :
" من رزق همة عالية يعذب بمقدار علوها .... من علت همته طلب العلوم كلها ، و لم يقتصر على بعضها ، و طلب من كل علم نهايته ، و هذا لا يحتمله البدن .
ثم يرى أن المراد العمل فيجتهد في قيام الليل و صيام النهار ، و الجمع بين ذلك و بين العلم صعب" .
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 26 ربيع الأول 1432هـ/1-03-2011م, 04:18 PM
نورة آل رشيد نورة آل رشيد غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 2,563
افتراضي

فإن قيل: كيف قال: (وآتيتم إحداهنّ قنطارًا...
الآية). مع أن حرية الأخذ ثابتة وإن لم يكن قد أعطاها المهر، بل كان في ذمته أو في يده؟
قلنا: المراد بالإيتاء الضمان والالتزام كما في قوله تعالى: (إذا سلّمتم ما آتيتم).
أي ما ضمنتم والتزمتم.
فإن قيل: كيف قال: (أتأخذونه بهتانًا) وأخذ مهر المرأة ظلم وليس ببهتان، لأن البهتان الكذب؟
قلنا: قال ابن عباس وابن قتيبة: المراد بالبهتان الظلم، وقال الزجاج: المراد به الباطل، والمشهور في كتب اللغة أن البهتان أن يقول الإنسان على غيره ما لم يفعله، قالوا فالمراد به أن الرجل ربما رمى امرأته بتهمة ليتوصل بذلك إلى أن يأخذ منها مهرها ويفارقها.
وقيل: المراد به إنكاره أن لها مهرا في ذمته.
فإن قيل: كيف قال: (ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النّساء إلّا ما قد سلف).
نهي عن الفعل في المستقبل و" إلا ما قد سلف "
ماض فكيف يصبح استثناء الماضي من المستقبل؟
قلنا: قيل إن " إلا " هنا بمعنى بعد كما في قوله تعالى: (لا يذوقون فيها الموت إلّا الموتة الأولى).
وقيل: هو استثناء من محذوف تقديره فأنكم تعذبون به إلا ما قد سلف، وقيل: فيه تقديم
[أنموذج جليل: 64]
وتأخير تقديره "إنّه كان فاحشةً... الآية). إلا ما قد سلف.
فإن قيل: كيف قال: (إنّه كان فاحشةً). بلفظ الماضي مع أن نكاح منكوحة الأب فاحشة في الحال وفى المستقبل إلى يوم القيامة؟
قلنا: (كان) تارة تستعمل للماضي المنقطع كقولك: كان زيد غنيًا، وكان الخزف طينًا، وتارة تستعمل للماضي المستمر المتصل ويقال للحال
(كقول أبي جندب الهذلي):
وكنت إذا جارى دعا لمضوفة = أشمر حتى ينصف الساق ميزرى.
أي وإني الآن، لأنه إنما يمتدح بصفة ثابتة له في الحال لا بصفة زائلة ذاهبة، والمضوفة بالفاء الأمر الذي يشفق منه، والقاف تصحيف، ومنه قوله تعالى: (وكان اللّه بكلّ شيءٍ عليمًا). (وكان اللّه على كلّ شيءٍ قديرًا).
وما أشبه ذلك وما نحن فيه من هذا القبيل، وسيأتي تمام الكلام في كان بعد هذا إن شاء الله تعالى في قوله تعالى: (إنّ الصّلاة كانت على المؤمنين كتابًا موقوتًا).
فإن قيل: كيف قال: (وربائبكم اللّاتي في حجوركم).
قيد التحريم بكون الربيبة في حجر زوج أمها، والحرمة ثابتة مطلقًا
[أنموذج جليل: 65]
وان لم يكن في حجره؟
قلنا: أخرج ذلك مخرج العادة والغالب لا مخرج القيد والشرط، ولهذا اكتفى في موضع الإحلال بنفي الدخول فتأمل.
فإن قيل: لما قال: (من نسائكم اللّاتي دخلتم بهنّ). ثم قال في آخر الآية.(وأحلّ لكم ما وراء ذلكم).
علم من مجوع ذلك أن الربيبة لا تحرم إذ لم يدخل بأمها، فما فائدة قوله: (فإن لم تكونوا دخلتم بهنّ فلا جناح عليكم)؟
قلنا: فائدته أن لا يتوهم أن قيد الدخول خرج مخرج العادة والغالب لا مخرج الشرط كما في قيد الحجر.
فإن قيل: كيف قال في نكاح الإماء: (فانكحوهنّ بإذن أهلهنّ وآتوهنّ أجورهنّ).
والمهر ملك المولى، وإنما يجب تسليمه إلى
المولى لا إلى الأمة؟
قلنا: لما كانت الأمة وما في يدها ملك المولى كان أداؤه إليها كأدائه إلى المولى.
الثاني: أن معناه وأتو مواليهن أجورهن بطريق حذف المضاف
فإن قيل: كيف قال: (ذلك لمن خشي العنت منكم).
وجواز نكاح الأمة ثابت من غير خوف العنت عند بعض العلماء؟
قلنا: فيه إضمار وتقديره: ذلك أصوب وأصلح لمن خشي العنت منكم، فيكون شرطًا لما هو الأرشد والأصلح، كما في قوله تعالى:
[أنموذج جليل: 66]
(فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرًا).


التوقيع :
قال ابن الجوزي - رحمه الله تعالى - :
" من رزق همة عالية يعذب بمقدار علوها .... من علت همته طلب العلوم كلها ، و لم يقتصر على بعضها ، و طلب من كل علم نهايته ، و هذا لا يحتمله البدن .
ثم يرى أن المراد العمل فيجتهد في قيام الليل و صيام النهار ، و الجمع بين ذلك و بين العلم صعب" .
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 26 ربيع الأول 1432هـ/1-03-2011م, 04:19 PM
نورة آل رشيد نورة آل رشيد غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 2,563
افتراضي

فإن قيل: كيف قال: (يريد اللّه ليبيّن لكم)
والإرادة إنما تقرن بأن، يقال: أريد أن تفعل وقال الله تعالى: (يريد اللّه أن يخفّف عنكم)؟
قلنا: قد ورد في الكتاب العزيز اللام بمعنى (أن) كثيرًا، قال الله تعالى: (وأمرت لأعدل بينكم).
وقال: (وأمرنا لنسلم لربّ العالمين).
وقال: (يريدون ليطفئوا نور اللّه بأفواههم).
وقل في موضع آخر: (يريدون أن يطفئوا).
كذلك هذا.
فإن قيل: كيف خص التجارة بالذكر في قوله تعال:
(إلّا أن تكون تجارةً عن تراضٍ منكم).
مع أن الهبة والصدقة والوصية والضيافة وغيرها تقتضى الحل أيضًا كالتجارة؟
قلنا: إنما خصها بالذكر لأن معظم تصرف الخلق في الأموال إنما هو بالتجارة، أو لأن أسباب الرزق أكثرها متعلقة بها.
فإن قيل: قوله تعالى: (لو تسوّى بهم الأرض)
قالوا معناه أنهم يتمنون يوم القيامة أن يجعلوا ترابًا كما جاء في آخر سورة النبأ
[أنموذج جليل: 67]
وظاهر اللفظ يعطى أنهم يتمنون أن نجعل الأرض مثلهم ناسًا كما تقول سويت زيدا بعمرو، ومعناه جعلت زيدا وهو المسوى مثل عمرو وهو المسوى به؟
قلنا: سويت هذا بهذا له معنيان أحدهما: إجراء حكم الثاني على الأول كقولك: سويت زيدًا بعمرو كما تقول ساويت
والثاني: أن يكون المسوى (مفعولا والمسوى به) آلة كقولك سويت القلم بالسكين، والثوب بالمقراض بمعنى أصلحته به، فقوله: " لو تسوّى بهم الأرض" يحتمل الوجهين أن يكون بمعنى ساويت، ويكون من
المقلوب أي لو يسوون بالأرض، يجعلهم ترابًا كقوله تعالى: (لتنوء بالعصبة). وقوله: (وامسحوا برءوسكم) في قول من لم يجعل الباء زائدة، وقولهم: أدخلت الخاتم في أصبعي ونحوه، وإن يكون بمعنى الآلة ودوا لو تمهد بهم الأرض وتوطد بأن يجعلوا ترابًا، ويبثوا في وهادها وحضيضها لتساوى بقاعها وأكامها وقوله تعالى: (لا ترى فيها عوجًا ولا أمتًا). أي لا انخفاضًا ولا ارتفاعًا، وإن كان يدل على أن الأرض يوم القيامة متساوية السطح
فجعلها متساوية السطوح إن كان قبل البعث، فإذا بعث الموتى من قبورهم خلت منهم قبورهم وحفرهم، فحصل في الأرض تفاوت.
وإن كان بعد البعث فيجوز أن يكون هذا التمني سابقًا على جعلها متساوية السطوح.
[أنموذج جليل: 68]
فإن قيل: قولنا هذا خير من ذلك يقتضى أن يكون في كل واحد منهما خير حتى يصح تفضيل أحدهما على الآخر، لأن خيرا في الأصل (من) أفعل التفضيل، فكيف قال: (لكان خيرًا لهم وأقوم). بعد ما سبق من قولهم في أول الآية؟
قلنا: المراد بالخير هنا الخير الذي هو ضد الشر لا الذي هو أفعل التفضيل كما تقول: في فلان خير.
فإن قيل: كيف قال: (وكان أمر اللّه مفعولًا). والمفعول مخلوق وأمر الله تعالى وقوله غير مخلوق؟
قلنا: ليس المراد بهذا الأمر ما هو ضد النهي، بل المراد به ما يحدثه من الحوادث، فإن الحادثة تسمى أيضًا أمرًا.
ومنه قوله تعالى: (لعلّ اللّه يحدث بعد ذلك أمرًا) وقوله: (أتاها أمرنا ليلًا أو نهارًا).


التوقيع :
قال ابن الجوزي - رحمه الله تعالى - :
" من رزق همة عالية يعذب بمقدار علوها .... من علت همته طلب العلوم كلها ، و لم يقتصر على بعضها ، و طلب من كل علم نهايته ، و هذا لا يحتمله البدن .
ثم يرى أن المراد العمل فيجتهد في قيام الليل و صيام النهار ، و الجمع بين ذلك و بين العلم صعب" .
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 26 ربيع الأول 1432هـ/1-03-2011م, 04:21 PM
نورة آل رشيد نورة آل رشيد غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 2,563
افتراضي

فإن قيل: كيف قال: (إنّ اللّه لا يغفر أن يشرك به).
مع أن شرك الساهي والمكره والتائب مغفور؟
قلنا: المراد به شرك غير هؤلاء المخصوصين من عموم الآية بأدلة من خارج أو نقول قيد المشيئة متعلق بالفعلين المنفى والمثبت، كأنه قال: "إن الله لا يغفر الشرك لمن يشاء ويغفر ما دونه لمن يشاء ".
[أنموذج جليل: 69]
فإن قيل هذه الآية (تدل) على أن غير الشرك من الذنوب لا يقطع بانتفاء مغفرته، بل يرجى مغفرته، وقوله تعالى: (إنّ الّذين كفروا وظلموا لم يكن اللّه ليغفر لهم ولا ليهديهم طريقًا (168) إلّا طريق جهنّم خالدين فيها أبدًا).
يدل على القطع بانتفاء المغفرة في الكفر والظلم، وهما غير الشرك فكيف الجمع بينهما؟
قلنا: المراد بالظلم هنا الشرك قاله مقاتل، والشرك يسمى ظلمًا، قال الله تعالى: (إنّ الشّرك لظلمٌ عظيمٌ). فكأنه قال إن الذين أشركوا.
الثاني: أن قوله تعالى: (ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء). وليس قطعًا بالمغفرة لغير المشرك، بل هو تعليق للمغفرة بالمشيئة، ثم بين في الآية الأخرى أن الكافر ليس داخلًا فيمن يشاء المغفرة له، فتعين دخوله فيمن لا يغفر له، لأنه لا واسطة بينهما.
الثالث: أنه عام خص بالآية الثانية كما خص قوله
تعالى: (إنّ اللّه يغفر الذّنوب جميعًا). بالآية الأولى ويؤيد هذا إجماع الأمة على أن الكافر والمشرك سواء في عدم المغفرة والتخليد في النار، وقوله تعالى:
(إنّ الّذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين في نار جهنّم خالدين فيها).
[أنموذج جليل: 70]
فإن قيل: كيف قال: (ألم تر إلى الّذين يزكّون أنفسهم بل اللّه يزكّي من يشاء).
ذمهم على ذلك وقال أيضًا: (فلا تزكّوا أنفسكم هو أعلم بمن اتّقى).
وقد زكى النبي عليه الصلاة والسلام نفسه فقال: "والله أنى لأمين في السماء أمين في الأرض "
ويوسف عليه الصلاة والسلام قال: (اجعلني على خزائن الأرض إنّي حفيظٌ عليمٌ)؟
قلنا: إنما قال ذلك حين قال المنافقون اعدل في القسمة، تكذيب لهم حيث وصفوه بخلاف ما كان عليه من العدل والأمانة، وأما يوسف عليه الصلاة والسلام فإنما قال ذلك ليتوصل به إلى ما هو وظيفة
الأنبياء، وهو إقامة العدل وبسط الحق، وإمضاء أحكام الله تعالى، ولأنه علم أنه لا أحد في ذلك الوقت أقوم منه بذلك العمل، فكان متعينًا عليه، فلذلك طلبه وأثنى على نفسه، ومع ذلك كله فإنه روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " رحم الله أخي يوسف لو لم يقل اجعلني على خزائن الأرض لاستعمله من ساعته، ولكنه أخر ذلك سنة ".
فإن قيل: كيف قال: (ألم تر إلى الّذين أوتوا نصيبًا من الكتاب يؤمنون بالجبت والطّاغوت). إلى أن قال: (أولئك الّذين لعنهم اللّه).
حصر لعنته فيهم لأن هذا الكلام للحصر، وليست
[أنموذج جليل: 71]
لعنة الله منحصرة فيهم، بل هي شاملة لجميع الكفار؟
قلنا: قوله (أولئك) إشارة إلى القائلين: (للّذين كفروا هؤلاء أهدى من الّذين آمنوا سبيلًا). وهذا القول موجود من جميع ألكفار فكانت اللعنة شاملة للجميع.


التوقيع :
قال ابن الجوزي - رحمه الله تعالى - :
" من رزق همة عالية يعذب بمقدار علوها .... من علت همته طلب العلوم كلها ، و لم يقتصر على بعضها ، و طلب من كل علم نهايته ، و هذا لا يحتمله البدن .
ثم يرى أن المراد العمل فيجتهد في قيام الليل و صيام النهار ، و الجمع بين ذلك و بين العلم صعب" .
رد مع اقتباس
  #6  
قديم 26 ربيع الأول 1432هـ/1-03-2011م, 04:22 PM
نورة آل رشيد نورة آل رشيد غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 2,563
افتراضي

فإن قيل: كيف قال: (كلّما نضجت جلودهم بدّلناهم جلودًا غيرها ليذوقوا العذاب).
أخبر أنه يعذب جلودًا لم تعص مكان الجلود العاصية وتعذيب البريء ظلم؟
قلنا: الجلود المجددة، وإن عذبت فالألم بتعذيبها إنما يحصل للقلوب، وهي غير مجددة، بل هي العاصية باعتقاد الشرك ونحوه.
والثاني: أن المراد تبديلها إعادة النضيج على نضيج والجلود هي الجلود بعينها، كما قال تعالى: (يوم تبدّل الأرض غير الأرض والسّماوات) وأراد تبديل الصفات لا تبديل الذات كما قال الشاعر:
وما الناس بالناس الذين عهدتهم وما الدار بالدار التي كنت أعهد.
فإن قيل: كيف قال: (وندخلهم ظلًّا ظليلًا).
وليس في الجنة شمس ليكون فيها حر يحتاج بسببه إلى ظل ظليل؟
قلنا: هو مجاز عن المستقر والمستلذ المستطاب لأن بلاد الحجاز شديدة الحر، فأطيب ما عندهم موضع الظل، فخاطبهم بما يعقلون
[أنموذج جليل: 72]
ويفقهون، كما قال: (ولهم رزقهم فيها بكرةً وعشيًّا).
وليس في الجنة طلوع شمس ولا غروبها ليكون فيها بكرة وعشيًا، لكن لما كان في عرفهم تمام النعمة والغذاء وكمال وظيفته أن يكون حاضرا مهيأ في طرفي النهار عبر عن حضوره وتهيئته بذلك.
فإن قيل: كيف قال: (ومن يطع اللّه والرّسول فأولئك مع الّذين أنعم اللّه عليهم من النّبيّين والصّدّيقين والشّهداء والصّالحين).
وهذا مدح لمن يطع الله والرسول وعادة العرب في صفات المدح الترقي من الأدنى إلى الأعلى، وهذا عكسه لأنه نزل من الوصف الأعلى إلى الأدنى؟
قلنا: هذا ليس من الباب الذي ذكرتموه، بل هذا كلام مقصود منه الإخبار عن كون المطيعين لله ورسوله يكونون يوم القيامة مع الأشراف والخواص، ثم كأن سائلا سأل من الأشراف والخواص، ففصلوا له زيادة في الفائدة بعد تمام المعنى المقصود بالذكر بقوله: " فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم " وبدأ في تفضيلهم بذكر الأشرف فالأشرف والأخص فالأخص إذ هو الغالب في تقدير الأشراف والخواص، كما في قوله تعالى: (يا أيّها الّذين آمنوا أطيعوا اللّه وأطيعوا الرّسول وأولي الأمر منكم).
[أنموذج جليل: 73]
وقوله: (شهد اللّه أنّه لا إله إلّا هو... الآية).
والدليل على أن المراد من الآية الإخبار
جملة لا تفصيلا إنه لما علم عباده أن يسألوه هذا المعنى أرشدهم إلى طلبه مجملا بقوله: (اهدنا الصّراط المستقيم (6) صراط الّذين أنعمت عليهم).
فإن قيل: كيف قال: (إنّ كيد الشّيطان كان ضعيفًا).
وقال في حق النساء: (إنّ كيدكنّ عظيمٌ).
ومعلوم أن كيد الشيطان أعظم
من كيد النسوان؟
قلنا: المراد أن كيد الشيطان ضعيف في جنب نصرة الله تعالى وحفظه لأوليائه والمخلصين من عباده، كما قال: (إنّ عبادي ليس لك عليهم سلطانٌ).
وقال حكاية عن إبليس: (إلّا عبادك منهم المخلصين).
والمراد بالآية الأخرى إن كيد النسوان عظيم
بالنسبة إلى الرجال، الثاني: أن القائل إن كيدكن عظيم هو عزيز مصر لا الله تعالى فلا تناقض ولا معارضة.
فإن قيل: كيف عاب على المشركين والمنافقين قولهم: (وإن تصبهم حسنةٌ يقولوا هذه من عند اللّه وإن تصبهم سيّئةٌ يقولوا هذه من عندك).
[أنموذج جليل: 74]
ورد عليهم ذلك بقوله: (قل كلٌّ من عند اللّه). ثم قال بعد ذلك: (ما أصابك من حسنةٍ فمن اللّه وما أصابك من سيّئةٍ فمن نفسك).
أخبره بعين قولهم المردود عليهم؟
قلنا: قيل إن الثاني حكاية قولهم أيضًا وفيه إضمار تقديره: "فمال هؤلاء القوم لا يكادون يفقهون حديثا " فيقولون " ما أصابك... الآية " وقيل معناه ما أصابك أيها الإنسان من حسنة أي رجاء ونعمة فمن فضل الله، وما أصابك من سيئة أي (قحط) وشدة فبشؤم فعلك ومصيبتك لا بشؤم محمد كما زعم المشركون ويؤيده قوله تعالى: (وما أصابكم من مصيبةٍ فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثيرٍ).
فإن قيل: كيف يقال إن الشر والمعصية بإرادة الله تعالى والله تعالى يقول: (وما أصابك من سيّئةٍ فمن نفسك)؟
قلنا: ليس المراد بالحسنة والسيئة الطاعة والمعصية بل القحط والرخاء والنصر والهزيمة على ما أختلف فيه العلماء ألا ترى أنه قال: (ما أصابك) ولم يقل: ما عملت من حسنة وما عملت من سيئة.


التوقيع :
قال ابن الجوزي - رحمه الله تعالى - :
" من رزق همة عالية يعذب بمقدار علوها .... من علت همته طلب العلوم كلها ، و لم يقتصر على بعضها ، و طلب من كل علم نهايته ، و هذا لا يحتمله البدن .
ثم يرى أن المراد العمل فيجتهد في قيام الليل و صيام النهار ، و الجمع بين ذلك و بين العلم صعب" .
رد مع اقتباس
  #7  
قديم 26 ربيع الأول 1432هـ/1-03-2011م, 04:22 PM
نورة آل رشيد نورة آل رشيد غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 2,563
افتراضي

فإن قيل: قوله تعالى: (أفلا يتدبّرون القرآن ولو كان من عند غير اللّه لوجدوا فيه اختلافًا كثيرًا).
[أنموذج جليل: 75]
السؤال فيه من وجهين أحدهما: أنه يدل من حيث المفهوم على أن في القرآن اختلافًا قليلًا، وإلا لما كان للتقييد بوصف الكثرة فائدة، الثاني: أنه (إنما) يدل عدم الاختلاف الكثير في القرآن على أنه من عند الله إن لو كان كل كتاب من عند غير الله فيه اختلاف كثير، وليس الواقع كذلك، لأن المراد بالاختلاف إما الكذب أو التناقض أو التفاوت بين بعضه وبعضه في الجزالة والبلاغة والحكمة وكثرة الفائدة؟
قلنا: الجواب عن السؤال الأول إن التقييد بوصف الكثرة للمبالغة في إثبات الملازمة فكأنه قال: لو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا فضلا عن القليل، وليس فيه اختلاف كثير ولا قليل فكيف يكون من عند غير الله فهذا هو المقصود من التقييد بوصف الكثرة لا أن القرآن اشتمل على اختلاف قليل، وعن السؤال الثاني: إن كل كتابا في فن من العلوم إذا كان من عند غير الله يوجد فيه اختلاف ما بأحد التفاسير المذكورة لا محالة يعرف ذلك بالاستقراء، والقرآن جامع (لفنون) من علوم شتى فلو كان من عند غير الله لوجدوا فيه بالنسبة إلى كل فن اختلاف ما، فيصير
[أنموذج جليل: 76]
مجموع الاختلاف اختلافا كثيرا.
فإن قيل: كيف قال: (ولولا فضل اللّه عليكم ورحمته لاتّبعتم الشّيطان إلّا قليلًا). استثني القليل على تقدير انتفاء الفضل والرحمة، مع أنه لولا فضله بالهداية والعصمة ورحمته لاتبع الكل
الشيطان من غير استثناء؟
قلنا: الاستثناء راجع إلى ما تقدم تقديره أذاعوا به إلا قليلا، وقيل: لعلمه الذين يستنبطونه منهم إلا قليلا، وقيل: معناه: ولولا فضل الله عليكم بإرسال الرسول لأتبعتم الشيطان في الكفر والضلال إلا قليلا
منكم كانوا يهتدون بعقولهم إلى معرفة الله تعالى وتوحيده.
كما فعل قيس بن ساعدة ونحوه قبل بعث النبي صلى الله عليه وسلم.
فإن قيل: على الجواب الأخير إذ كان المراد أن من لوازم نفى الفضل والرحمة بالطريق الخاص، وهو الرسول اتباع الشيطان، ونفى الفضل والرحمة بالطريق الخاص معلوم في حق الرسول لأنه لم
يرسل إليه رسول ومع هذا لم يتبع الشيطان؟
قلنا: لا نسلم أنه لم يرسل إليه رسول بل أرسل إليه الملك، وأنه رسول، الثاني: أن التقدير في الفضل والرحمة بتعيين الطريق يكون في حق الأمة، أما في حق الرسل ومن آمن بغير رسول يكون اللفظ باقيًا على ظاهره.
[أنموذج جليل: 77]
فإن قيل: هذه الآية تقتضى وجود فضله ورحمته المانع من إتباع
أكثر الناس الشيطان، مع أن الواقع خلافه، فإن أكثر الناس كفره، ويؤيده قوله عليه الصلاة والسلام " الإسلام في الكفر كالشعرة البيضاء في الثور الأسود"؟
قلنا: الخطاب في هذه الآية للمؤمنين لا لكل الناس.
فإن قيل: إذا كان الخطاب خاصًا للمؤمنين فما معني الاستثناء، فإنه إن كان المراد به اتباعه فيما يدعو إليه ويوسوس من المعاصي فأكثر المؤمنين متبوعون له في ذلك ولو في العمر مرة واحدة في بعض الكبائر، وإن كان المراد به اتباعه في دعائه إلى الكفر فأحد من المؤمنين لم يتبعه في الكفر؟
قلنا: معناه ولولا فضل الله عليكم أيها المؤمنون ورحمته بالهداية بالرسول لاتبعتم الشيطان في الكفر وعبادة الأصنام وغير ذلك إلا قليلا منكم كقيس بن ساعدة وورقة بن نوفل ونحوهما، فأنهم لولا الفضل والرحمة بالرسول لما اتبعوا الشيطان لفضل ورحمة خصهم الله تعالى بها غير إرسال الرسول وهو زيادة الهداية ونور البصيرة.
فإن قيل: كيف قال: (ومن أصدق من اللّه حديثًا).
مع أنه لا تفاوت بين صدق وصدق في كونه صدقًا كما في القول والعلم لا يقال هذا القول أقول، ولا هذا العلم أعلم ولا هذا الصدق أصدق لأن الصدق عبارة عن الإخبار المطابق للواقع، ومتى ثبت أنه مطابق للواقع لا يحتمل الزيادة والنقصان؟
قلنا: أصدق هنا صفة للقائل لا صفة للقول، والقائلان متفاوتان
[أنموذج جليل: 78]
في الصدق في نفس الأمر وإن يتساويا في قضية واحدة أخبرا بها، وكان كل واحد منهما صادقا فيها، وحاصله أن هذا الاستفهام معناه النفي كما في قوله تعالى: (ومن يغفر الذّنوب إلّا اللّه).
أي لا أحد يغفرها إلا الله، فمعناه هنا: لا أحد أصدق في حديثه من الله.
فيكون ترجيحًا للمحدث على المحدث في الصدق، لا ترجيحًا لأحد الصدقين على الآخر، ولا شك أنه لا أحد أصدق في حديثه من الله.
لأن غيره يجوز عليه غير الصدق عقلا، ويقع منه أيضًا ولو نادرًا والله تعالى منزه عن الأمرين جميعا.


التوقيع :
قال ابن الجوزي - رحمه الله تعالى - :
" من رزق همة عالية يعذب بمقدار علوها .... من علت همته طلب العلوم كلها ، و لم يقتصر على بعضها ، و طلب من كل علم نهايته ، و هذا لا يحتمله البدن .
ثم يرى أن المراد العمل فيجتهد في قيام الليل و صيام النهار ، و الجمع بين ذلك و بين العلم صعب" .
رد مع اقتباس
  #8  
قديم 26 ربيع الأول 1432هـ/1-03-2011م, 04:24 PM
نورة آل رشيد نورة آل رشيد غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 2,563
افتراضي

فإن قيل: قوله تعالى: (كلّ ما ردّوا إلى الفتنة أركسوا فيها).
وأركسه أي رده فيصير معناه كلما ردوا إلى الفتنة ردوا فيها، وهو تكرار؟
قلنا: جوابه أن الفاعل مختلف فانتفى التكرار، وصار المعنى: كلما دعاهم قومهم إلى الشرك ردهم الله إليه وقلبهم بشؤم نفاقهم، فالرد الأول بمعنى الدعاء والركس بمعنى الرد، والنكس.
فإن قيل: كيف قال: (وما كان لمؤمنٍ أن يقتل مؤمنًا إلّا خطًا).
مع أنه ليس له أن يقتله خطأ؟
قلنا: إلا بمعنى ولا، كما في قوله تعالى: (لا تخف إنّي لا يخاف لديّ المرسلون (10) إلّا من ظلم).
وقوله تعالى: (لئلّا يكون للنّاس عليكم حجّةٌ إلّا الّذين ظلموا منهم)
[أنموذج جليل: 79]
الثاني: معناه أنه ليس له أن يقتله مع تيقن إيمانه، بل له أن يقتله إذا غلب على ظنه أنه ليس بمؤمن، وهو في صف المشركين وإن كان في نفس الأمر مؤمنًا.
فإن قيل: كيف يقال: إن أهل الكبائر من المؤمنين لا يخلدون في النار والله تعالى يقول: (ومن يقتل مؤمنًا متعمّدًا فجزاؤه جهنّم خالدًا فيها وغضب اللّه عليه ولعنه وأعدّ له عذابًا عظيمًا)؟
قلنا: معناه متعمدًا قتله بسبب إيمانه، والذي يفعل ذلك يكون كافرا.
الثاني: أن المراد بالخلود طول المكث، لأن الخلود إذا لم يؤكد بالأبد يطلق على طول المكث، كما يقول خلد السلطان فلانا في الحبس إذا أطال حبسه.
فإن قيل: كيف قال: (فضّل اللّه المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين درجةً). ثم قال: (وفضّل اللّه المجاهدين على القاعدين أجرًا عظيمًا (95) درجاتٍ منه)؟
قلنا: المراد بالأول التفضيل على القاعدين عن الغزاة بعذر، فإن لهم فضلا لكونهم مع الغزاة بالهمة والعزيمة والقصد الصالح، ولهذا قال: (وكلًّا وعد اللّه الحسنى). يعنى الجنة أي كلا من
[أنموذج جليل: 80]
المجاهدين والقاعدين بعذر، والمراد بالثاني: التفضيل على القاعدين عن الغزاة بغير عذر، وأولئك لا فضل لهم بل هم مقصرون مسيؤون فظهر فضل الغزاة عليهم بدرجات لانتفاء الفضل لهم.
فإن قيل: كيف صح قولهم: (كنّا مستضعفين في الأرض) جوابًا لقول الملائكة: "فيم كنتم " والجواب المطابق أن يقولوا كنا في كذا أو لم نكن في شيء؟
قلنا: معنى "فيم كنتم " التوبيخ بأنهم لم يكونوا في شيء من الدين
حيث قدروا على المهاجرة ولم يهاجروا، فصار قولهم " فيم كنتم " مجازًا عن قولهم (لم) تركتم الهجرة؟فقالوا كنا مستضعفين في الأرض اعتذارًا عما وبخوا به تعللا، فردت عليهم الملائكة ذلك بقولهم: (ألم تكن أرض اللّه واسعةً فتهاجروا فيها).يعني أنكم إن كنتم عاجزين عن الهجرة إلى المدينة لبعدها عنكم كنتم قادرين على الخروج من مكة إلى بعض البلاد القريبة منكم، التي تقدرون فيها على إظهار دين الإسلام.
فإن قيل: كيف قال: (فقد وقع أجره على اللّه).
أي وجب، والعبد لا يستحق على مولاه أجرًا، لأنه ليس بأجير له إنما هو عبد قن؟
[أنموذج جليل: 81]
قلنا: معناه وجب من جهة أنه وعد عباه أنه لا يضيع أجر من أحسن عملا والخلف في وعده عز وجل محال، فالواجب من هذه الجهة، مع أن كل ذلك الوعد ابتداء فضل منه.
فإن قيل: كيف شرط في إباحة القصر للمسافر خوف العدو بقوله: (وإذا ضربتم في الأرض...الآية) والقصر جائز مع أمن المسافر؟
قلنا: خرج ذلك مخرج الغالب لا مخرج الشرط، وغالب أسفار رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه لم يخل من خوف العدو، فصار نظير قوله تعالى: (فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرًا).
الثاني: أن الكلام قد تم عند قوله: (أن تقصروا من الصّلاة).
وقوله: (إن خفتم) كلام مستأنف، وجوابه محذوف تقديره: فاحتاطوا وتأهبوا، الثالث: أن المراد به القصر من شروطها وأركانها حالة اشتداد الخوف بترك الركوع والسجود والنزول عن الدابة واستقبال القبلة ونحو ذلك، لا من عدد الركعات وذلك القصر مشروط بالخوف.
فإن قيل. كيف قال: (إنّ الصّلاة كانت على المؤمنين كتابًا موقوتًا). وكان لفظ دال على المضي، والصلاة في الحال وإلى يوم القيامة أيضًا على المؤمنين فرض مؤقت؟
[أنموذج جليل: 82]
قلنا: (كان) في القرآن العزيز على خمسة أوجه: كان بمعنى الأزل والأبد، كما في قوله تعالى: (وكان اللّه عليمًا حكيمًا) وكان بمعنى المضي المنقطع كما في قوله تعالى: (وكان في المدينة تسعة رهطٍ). وهو الأصل في معاني كان كما تقول: كان زيد صالحا أو فقيرًا أو مريضًا ونحو ذلك، وكان بمعنى الحال كما في قوله تعالى: (كنتم خير أمة). وقوله: (إنّ الصّلاة كانت على المؤمنين كتابًا موقوتًا).
وكان بمعني الاستقبال كما في قوله تعالى: (ويخافون يومًا كان شرّه مستطيرًا). وكان بمعني صار كما في قوله تعالى: (وكان من الكافرين).
فإن قيل: كيف قال: (وترجون من اللّه ما لا يرجون)
والكافرون أيضًا يرجون الثواب في محاربة المؤمنين، لأنهم يعتقدون أن دينهم حق، وأنهم ينصرون دين الله ويذبون عنه ويقاتلون أعداءه، كما يعتقدون المؤمنون فالرجاء مشترك؟
قلنا: قيل أن الرجاء هنا بمعنى الخوف كما في قوله تعالى: (ما لكم لا ترجون للّه وقارًا).
وقوله تعالى: (قل للّذين آمنوا يغفروا للّذين لا يرجون أيّام اللّه).
[أنموذج جليل: 83]
وقول الشاعر:
إذا لسعته النحل لم يرج لسعها = ............
وعلى قول من قال: أنه بمعنى الأمل تقول: قد بشر الله المؤمنين في القرآن، ووعدهم بإظهار دينهم على الدين كله، ومثل هذه البشارة والوعد لم يوجد في سائر الكتب فافترقا، وقيل: أن الرجاء ما يكون مستندا إلى سبب صحيح ومقدمات حقة، والطمع ما يكون مستندًا إلى خلاف ذلك، فالرجاء للمؤمنين، وأما الكافرون فلهم طمع لا رجاء فإن قيل: ما فائدة قوله: (أو يظلم نفسه) بعد قوله: (ومن يعمل سوءًا) وظلم النفس من عمل السوء، فهلا اقتصر علي الأول لأن الثاني داخل فيه؟
قلنا: (أو) بمعنى الواو فمعناه ويظلم نفسه بذلك السوء، حيث دساها بالمعصية، وقيل: المراد بعمل السوء ما دون الشرك، وبظلم النفس الشرك، وقيل: المراد بعمل السوء الذنب المتعدى ضرره إلى الغير، وبظلم النفس الذنب المقتصر ضرره على فاعله.
فإن قيل: قوله تعالى: (ولولا فضل اللّه عليك ورحمته لهمّت طائفةٌ منهم أن يضلّوك).
ظاهره ينفى وجود الهم منهم بإضلاله، والمنقول في التفاسير أنهم هموا بإضلاله وزادوا علي الهم الذي هو القصد القول المضل أيضًا، يعرف ذلك من تفسير أول القصة وهو قوله تعالى: (إنّا أنزلنا إليك الكتاب بالحقّ لتحكم بين النّاس بما أراك اللّه ولا تكن للخائنين خصيمًا واستغفر اللّه).
[أنموذج جليل: 84]
قلنا: قوله (لهمت) ليس جواب لولا بل هو كلام مقدم على لولا، وجوبها في التقدير مقول على طريق القسم، وجواب لولا محذوف تقديره لقد همت طائفة منهم أن يضلوك ولولا فضل الله عليك ورحمته لأضلوك.
فإن قيل: النجوى فعل ومن اسم فكيف صح استثناء الاسم من الفعل في قوله تعالى: (لا خير في كثيرٍ من نجواهم إلّا من أمر بصدقةٍ) قلنا: فيها إضمار تقديره: إلا نجوى من أمر بصدقة، فيكون استثناء الفعل من الفعل ونظيره قوله تعالى: (ولكنّ البرّ من آمن باللّه واليوم الآخر).
تقديره بر من آمن بالله.
فإن قيل: كيف قال: (إلا من أمر) ثم قال: (ومن يفعل ذلك)؟
قلنا: ذكر الأمر بالخير ليدل به على خيرية الفاعل له بالطريق الأولى ثم ذكر الفاعل ووعده الأجر العظيم إظهارًا لفضل الفاعل المؤتمر على الأمر، الثاني: أنه أراد ومن أمر بذلك، فعبر عن الأمر بالفعل كما يعبر به عن سائر أنواع الفعل وإذا كان الأمر موعودًا
[أنموذج جليل: 85]
بالأجر العظيم كان الفاعل موعودا به بالطريق الأولى.


التوقيع :
قال ابن الجوزي - رحمه الله تعالى - :
" من رزق همة عالية يعذب بمقدار علوها .... من علت همته طلب العلوم كلها ، و لم يقتصر على بعضها ، و طلب من كل علم نهايته ، و هذا لا يحتمله البدن .
ثم يرى أن المراد العمل فيجتهد في قيام الليل و صيام النهار ، و الجمع بين ذلك و بين العلم صعب" .
رد مع اقتباس
  #9  
قديم 26 ربيع الأول 1432هـ/1-03-2011م, 04:24 PM
نورة آل رشيد نورة آل رشيد غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 2,563
افتراضي

فإن قيل: كيف قال: (إن يدعون من دونه إلّا إناثًا).
أي ما يعبدون من دون الله إلا اللات والعزى ومناة ونحوها، وهي من مؤنثة.
ثم قال: (وإن يدعون إلّا شيطانًا مريدًا) أي ما يعبدون إلا الشيطان؟
قلنا: معناه أن عبادتهم للأصنام هي في الحقيقة عبادة للشيطان، أما لأنهم أطاعوا الشيطان فيما سول لهم وزين من عبادة الأصنام (بالإغواء والإضلال أو لأن الشيطان موكل بالأصنام)، يدعوا الكفار إلى عبادتها شفاها، ويتزيا للسدنة فيكلمهم ليضلهم.
فإن قيل: كيف يقال: أن العبد يحكم بكونه من أهل الجنة بمجرد الإيمان، والله سبحانه وتعالى شرط لذلك العمل الصالح بظاهر قوله: (والّذين آمنوا وعملوا الصّالحات سندخلهم جنّاتٍ تجري من تحتها الأنهار).
وقوله (ومن يعمل من الصّالحات من ذكرٍ أو أنثى وهو مؤمنٌ).
وإلا لما كان للتقييد فائدة؟
قلنا: إن المراد بالعمل الصالح الإخلاص في الإيمان، وقيل الثبات عليه إلى الموت، وكلاها شرط في كون الإيمان سببا لدخول الجنة.
فإن قيل: كيف قال: (من يعمل سوءًا يجز به).
والتائب المقبول التوبة غير مجزى بعمله، وكذلك من عمل سيئة ثم أتبعها حسنة،
[أنموذج جليل: 86]
لأنها مذهبة لها وماحية بنص القرآن؟
قلنا: المراد من يعمل سوءا ويموت مصرا (عليه)، الثاني أن المؤمن يجازى في الدنيا بما يصيبه فيها من المرض وأنواع المصائب والمحن كما جاء في الحديث، والكافر يجازى في الآخرة.
فإن قيل: كيف خص المؤمنين الصالحين بأنهم لا يظلمون بقوله: (ومن يعمل من الصّالحات...الآية) مع أن غيرهم لا يظلم أيضًا؟
قلنا: قوله: (ولا يظلمون نقيرًا). راجع إلى الفريقين عمال السوء وعمال الصالحات لسبق ذكر الفريقين، الثاني: أن يكون من باب الإيجاز والاختصار فاكتفى بذكره عقيب الجملة الأخيرة عند
ذكر أحد الفريقين لدلالته على إضماره عقيب ذكر الفريق الآخر فلا يظلم المؤمنون بنقصان ثواب طاعاتهم، ولا الكافرون بزيادة عقاب معاصيهم.
الثالث: أن المراد بالظلم المنفى نقصان ثواب
الطاعات، وهو مخصوص بالمؤمنين لأن الكافرين ليس لهم على أعمالهم ثواب ينقص منه.
فإن قيل: طلب الإيمان من المؤمنين تحصيل الحاصل فكيف قال تعالى: (يا أيّها الّذين آمنوا آمنوا باللّه ورسوله...الآية)؟
[أنموذج جليل: 87]
قلنا: يا أيها الذين أمنوا بعيسى آمنوا بالله ورسوله محمد، وقيل: معناه يا أيها الذين آمنوا يوم الميثاق آمنوا الآن، وقيل: معناه يا أيها الذين آمنوا علانية آمنوا سرًا.
فإن قيل: قوله تعالى: (الّذين يتربّصون بكم فإن كان لكم فتحٌ من اللّه قالوا ألم نكن معكم)
وإن كان للكافرين لم سمى ظفر المسلمين فتحًا وظفر الكافرين نصيبًا؟
قلنا: تعظيمًا لشأن المسلمين وتحقيرًا لحظ الكافرين، لأن ظفر المسلمين أمر عظيم، لأنه متضمن نصرة دين الله، وعزة أهله.
وتفتح له أبواب السماء حتى ينزل على أولياء الله، وظفر الكافرين.
ليس إلا حظا دنيا وعرضًا من متاع الدنيا يصيبونه، وليس بمتضمن شيئًا مما ذكرناه.
فإن قيل: كيف قال: (ولن يجعل اللّه للكافرين على المؤمنين سبيلًا)
وقد نصر الكافرين على المؤمنين في يوم أحد وفي غيره أيضًا إلى يومنا هذا؟
قلنا: المراد بالسبيل الحجة والبرهان والمؤمنون غالبون بالحجة دائمًا.
فإن قيل: كيف كان المنافق أشد عذابًا من الكافرين حتى قال الله تعالى في حقه: (إنّ المنافقين في الدّرك الأسفل من النّار).
مع أن المنافق أحسن حالا من الكافر، بدليل: أنه معصوم الدم وغير محكوم عليه بالكفر.
ولهذا قال الله تعالى في حقهم:
[أنموذج جليل: 88]
(مذبذبين بين ذلك لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء).
فلم يجعلهم مؤمنين ولا كافرين؟
قلنا: المنافق وإن كان في الظاهر أحسن حالًا من الكافر إلا أنه عند الله تعالى وفى الآخرة أسوأ حالا منه، لأنه شاركه الكفر، وزاد عليه الاستهزاء بالإسلام وأهله، والمخادعة لله وللمؤمنين.
فإن قيل: الجهر بالسوء غير محبوب لله تعالى أصلا، بل المحبوب عنده العفو والصفح والتجاوز.
فكيف قال: (لا يحبّ اللّه الجهر بالسّوء من القول إلّا من ظلم).
أي إلا جهر من ظلم؟
قلنا: معناه ولا جهر من ظلم، فإلا بمعنى ولا، وقد سبق نظيره وشاهده في قوله تعالى: (وما كان لمؤمنٍ أن يقتل مؤمنًا إلّا خطًا).
فإن قيل: كيف جاز دخول بين على أحد في قوله تعالى: (ولم يفرّقوا بين أحدٍ منهم).
وبين تقتضى أثنين فصاعدًا، يقال: فرقت بين زيد وعمرو أو بين القوم، ولا يقال فرقت بين زيد؟
قلنا: قد سبق هذا السؤال وجوابه في قوله تعالى: (عوانٌ بين ذلك).
وفى آخر سورة البقرة أيضًا.
[أنموذج جليل: 89]
فإذ قيل: ما فائدة إعادة الكفر في الآية الثانية بقوله تعالى: (وكفرهم).
بعد قوله: (فبما نقضهم ميثاقهم وكفرهم بآيات اللّه.. الآية)؟
قلنا: لأنه تكرر الكفر منهم فإنهم كفروا بموسى وعيسى ثم بمحمد، فعطف بعض كفرهم على بعض.
فإن قيل: اليهود كانوا كافرين بعيسى يسمونه الساحر ابن الساحرة
والفاعل ابن الفاعلة، فكيف أقروا أنه رسول الله بقولهم: (وقولهم إنّا قتلنا المسيح عيسى ابن مريم رسول اللّه)؟
قلنا: قالوه على طريق الاستهزاء، كما قال فرعون: (إنّ رسولكم الّذي أرسل إليكم لمجنونٌ).
فإن قيل: كيف وصفهم بالشك بقوله: (وإنّ الّذين اختلفوا فيه لفي شكٍّ منه).
ثم وصفهم بالظن بقوله: (ما لهم به من علمٍ إلّا اتّباع الظّنّ).
والشك تساوى الطرفين، والظن مرجحًا أحدهما.
فكيف يكونون شاكين ظانين، وكيف استثنى الظن من العلم، وليس
الظن فردًا من أفراد العلم بل هو قسيمه؟
قلنا: استعمل الظن بمعنى الشك مجازًا لما بينهما من المشابهة في انتقاء الجزم، وأما استثناء الظن من العلم فهو استثناء من غير
[أنموذج جليل: 90]
الجنس، كما في قوله تعالى: (لا يسمعون فيها لغوًا إلّا سلامًا).
وما أشبهه.
فإن قيل: كيف يكون للناس على الله حجة قبل الرسل، وهم محجوجون بما نصبه لهم من الأدلة العقلية الموصلة إلى معرفته حتى قال: (لئلّا يكون للنّاس على اللّه حجّةٌ بعد الرّسل)؟
قلنا: الرسل والكتب منبهة من الغفلة، وباعثة على النظر في أدلة العقل، ومفصلة لمجمل الدين وأحوال التكليف، التي لا يستقل العقل بمعرفتها، فكان إرسالهم إزاحة للعلة، وتتميمًا لإلزام الحجة لئلا يقولوا لولا أرسلت إلينا رسولا فيوقظنا من سنة الغفلة، وينبهنا لما وجب الانتباه له.
فإن قيل: كيف قال: (أنزله بعلمه) ولم يقل أنزله بقدرته أو بعلمه وقدرته مع أن الله تعالى لا يفعل إلا عن علم وقدرة؟
قلنا: معناه أنزله وفيه علمه، أي معلومة أو معلمة من الشرائع والأحكام، وقيل: معناه أنزله عليك بعلم منه أنك أولى بإنزاله عليك من سائر خلقه.
[أنموذج جليل: 91]
فإن قيل: كلام الله تعالى صفة قديمة (قائمة) بذاته وعيسى عليه الصلاة والسلام مخلوق حادث، فكيف صح إطلاق الكلمة عليه في قوله تعالى: (رسول اللّه وكلمته)
قلنا: معناه أن وجوده في بطن أمه كان بكلمة الله تعالى، وهي قوله: (كن) من غير واسطة، بخلاف غيره من البشر، وقيل المراد بالكلمة الحجة.
فإن قيل: على الوجه الأول لو كان صحة إطلاق الكلمة على عيسى عليه الصلاة والسلام لهذا المعنى يصح إطلاقها على آدم عليه الصلاة والسلام، لأن هذا المعنى فيه أتم وأكمل، لأنه وجد بهذه الكلمة من غير واسطة أب ولا أم أيضًا؟
قلنا: لا نسلم أنه لا يصح إطلاقها عليه بهذا المعنى بل يصح.
فإن قيل: لو صح إطلاقها عليه لجاء به القرآن كما جاء في حق عيسى عليه الصلاة والسلام؟
قلنا: إنما جاء به، لأن المجيء به في حق عيسى عليه الصلاة والسلام إنما كان للرد على من أفترى عليه، وعلى أمه ونسبه إلى أب، ولم يوجد هذا المعنى في حق آدم عليه الصلاة والسلام، لاتفاق الناس كلهم على إنه غير مضاف إلى الأب ولا إلى أم.
[أنموذج جليل: 92]


التوقيع :
قال ابن الجوزي - رحمه الله تعالى - :
" من رزق همة عالية يعذب بمقدار علوها .... من علت همته طلب العلوم كلها ، و لم يقتصر على بعضها ، و طلب من كل علم نهايته ، و هذا لا يحتمله البدن .
ثم يرى أن المراد العمل فيجتهد في قيام الليل و صيام النهار ، و الجمع بين ذلك و بين العلم صعب" .
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
النساء, سورة


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:54 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir