اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة إسراء خليفة
«الذي دأبه العجلة» هل في هذا إشارة لضعف بقلبه وأثر الذكر عليه؟
|
روى الترمذي من حديث سهل بن سعد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (العجلة من الشيطان).
وروى ابن وهب من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه مرفوعاً: (التأنّي من الله، والعجلة من الشيطان).
وقد نقل المناوي عن ابن القيّم أنه قال: إنما كانت العجلة من الشيطان لأنها خفة وطيش وحدة في العبد تمنعه من التثبت والوقار والحلم، وتوجب وضع الشيء في غير محله، وتجلب الشرور وتمنع الخيور، وهي متولدة بين خلقين مذمومين: التفريط والاستعجال قبل الوقت).
وقال ابن القيم أيضاً في شأن العجلة في الصلاة: (وقد علق الله سبحانه الفلاح بخشوع المصلى في صلاته فمن فاته خشوع الصلاة لم يكن من أهل الفلاح, ويستحيل حصول الخشوع مع العجلة والنقر قطعا. بل لا يحصل الخشوع قط إلا مع الطمأنينة، وكلما زاد طمأنينة ازداد خشوعا, وكلما قل خشوعة اشتدت عجلته حتى تصير حركة يديه بمنزلة العبث الذي لا يصحبه خشوع ولا إقبال على العبودية، ولا معرفة حقيقة العبودية).
والعجلة المذمومة هي التي تخرج صاحبها عن الرفق والأناة؛ فيجرّه ذلك إلى كثرة الخطأ والزلل، وسرعة الانفعال والغضب، وكثرة السآمة والفشل، وقد صحّ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من يحرم الرفق يحرم الخير)؛ وكثيرا ما تعود العجلة على صاحبها بالندامة.
وقد قيل:
قد يدرك المتأنّي بعض حاجته .. وقد يكون مع المستعجل الزلل
ولذلك ينبغي للمؤمن أن يحرص على الرفق والأناة؛ فإذا بدرت منها بادرة استعجال مذموم فليسرع الأوبة؛ حتى يربّي نفسه على ترك الاستعجال.
وبين العجلة والمبادرة فرق قد يخفى على المتعجّلين؛ فالمبادرة قد ورد الأمر بها، وهي مستحبة في كثير من أعمال الخير والبر، وأما العجلة فمذمومة منهيّ عنها، وفرق ما بينهما أن المبادرة مصحوبة بالرفق والأناة ومسبوقة باليقين والعلم؛ فيأتي المبادر ما يأتي وهو عارف بما عليه أن يفعله وما عليه أن يجتنبه، بخلاف المتعجّل الذي يسرع إلى أمر لم يحسن معرفته، ولم يترفّق في اكتسابها ولا في طريقة تحصيل ما أراد، ولم يتثبّت من صحّة تصوّره؛ فيقع في أخطاء في التصوّر والعمل ويشقّ على نفسه ويضرّها من حيث أراد التعجيل بنفعها.