دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > إدارة برنامج إعداد المفسر > البحوث التفسيرية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 3 صفر 1436هـ/25-11-2014م, 11:27 AM
لمياء لمياء غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى السادس
 
تاريخ التسجيل: Apr 2014
المشاركات: 322
افتراضي صفحة الطالبة / لمياء غازي للبحث التفسيري للآيات 37 /38 /39 من سورة البقرة

بسم الله الرحمن الرحيم
قال تعالى : " وقل رب زدني علماً "
اللهم إنا نسألك العلم النافع والعمل الصالح المتقبل

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 11 صفر 1436هـ/3-12-2014م, 08:58 PM
لمياء لمياء غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى السادس
 
تاريخ التسجيل: Apr 2014
المشاركات: 322
افتراضي بحث تفسيري في الآيات 37 ،38 ،39 من سورة البقرة

بسم الله الرحمن الرحيم

بحث تفسيري


12: تفسير قوله تعالى { فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (37) قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعاً فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (38) وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (39)}

العناصر البحثية :

أولاً - القراءات :
- القراءات في قوله تعالى:{فتلقّى آدم من ربّه كلماتٌ}
- القراءات في قوله تعالى:{إنّه هو التّوّاب الرّحيم}
- القراءات في قوله تعالى:{فلا خوف عيهم}


ثانيا - المسائل التفسيرية :
- معنى "فتلقى آدم"
- المراد ب "كلمات"
- معنى "فتاب عليه"
- معنى "التواب الرحيم"
- معنى {قلنا اهبطوا منها جميعاً}
- السبب في تكرار الأمر في الهبوط
- معنى "هدىً"
- من المخاطبين في {فإما يأتينكم مني هدىً}
- معنى "التواب الرحيم"
- معنى {فمن تبع هداي}
- معنى {فلا خوف عليهم}
- معنى {ولا هم يحزنون}
- معنى {والذين كفروا}
- معنى "بآياتنا"
- معنى {أولئك أصحاب النار}
- معنى {هم فيها خالدون}


ثالثاً - المسائل اللغوية :
- معنى "فتلقى" في اللغة
- موضع "آدم" في الجملة
- علام تعود الهاء في "فتاب عليه"
- معنى "التواب" في اللغة
- إعراب "جميعاً"
- معنى "فإمَّا" وموضعها في الآية
- وجه تحريك "هدايَ" بالفتح
- وجه فتح ما قبل النون في "يأتيَنَّكم"
- معنى "فلا" و "لا"
- الشرط الأول وجوابه والشرط الثاني وجوابه
- محل {والذين كفروا}
- إعراب "أولئكَ"
- إعراب "أصحابُ"
- معنى الصحبة
- إعراب "هم فيها خالدون"


رابعاً - الأحاديث والآثار الواردة في الآيات :
ما ورد في قوله تعالى:{فَتَلَقَّى آَدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (37)}
ما ورد في قوله تعالى:{قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} 38)}
ماورد في قوله تعالى:{وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (39)}


خامساً - الفوائد العامة والسلوكية :


***************************************************
أولاً - القراءات :
- القراءات في قوله تعالى: {فتلقّى آدم من ربّه كلماتٌ}
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) :
وقد قرأ بعضهم: (فتلقّى آدم من ربّه كلماتٌ) فجعل الكلمات هي المتلقيّة آدم. وذلك وإن كان من وجهة العربيّة جائزًا إذ كان كلّ ما تلقّاه الرّجل فهو له متلقٍّ وما لقيه فقد لقيه، فصار للمتكلّم أن يوجّه الفعل إلى أيّهما شاء ويخرج من الفعل أيّهما أحبّ، فغير جائزٍ عندي في القراءة إلاّ رفع آدم على أنّه المتلقّي الكلمات لإجماع الحجّة من القرّاء وأهل التّأويل من علماء السّلف والخلف على توجيه التّلقّي إلى آدم دون الكلمات، وغير جائزٍ الاعتراض عليها فيما كانت عليه مجمعةً بقول من يجوز عليه السّهو والخطأ.
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): وقد قرأ بعض القرّاء: "فتلقّى آدم من ربّه كلماتٌ" فجعل الفعل للكلمات، والمعنى -والله أعلم- واحد؛ لأن ما لقيك فقد*لقيتَه،*وما نالك فقد نلته.
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ): ({فتلقّى آدم من رّبّه كلماتٍ فتاب عليه إنّه هو التّوّاب الرّحيم}*
قوله:*{فتلقّى آدم من رّبّه كلماتٍ}*فجعل "آدم" المتلقي، وقد قرأ*بعضهم (آدمَ) نصبًا،*ورفع "الكلمات" جعلهن المتلّقيات).*[معاني القرآن: 1 /53]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): قرأ ابن كثير:*(فتلقى*آدمَ*من ربّه كلمات)،*والاختيار ما عليه الإجماع، وهو في العربية أقوى، لأن آدم تعلم هذه الكلمات، فقيل: تلقّى هذه الكلمات، والعرب تقول: تلقيت هذا من فلان، المعنى: فهمي قبله من لفظه).*[معاني القرآن : 1/ 116-117]

- القراءات في قوله تعالى:{إنّه هو التّوّاب الرّحيم}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) :
قرأ الجمهور: «إنه» بكسر الألف على القطع.
وقرأ ابن أبي عقرب: «أنه» بفتح الهمزة على معنى لأنه،

- القراءات في قوله:{فمن اتبع هداي}
- وأخرج ابن الأنباري في المصاحف عن أبي الطفيل قال:*«قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم*{فمن اتبع هداي}*بتثقيل الياء وفتحها»
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) :
وقرأ الجحدري وابن أبي إسحاق: هدىً وهي لغة هذيل.
قال أبو ذؤيب يرثي بنيه:
سبقوا هويّ وأعنقوا لهواهم*.......*فتخرموا، ولكل جنب مصرع
وكذلك يقولون عصى وما أشبهه، وعلة هذه اللغة أن ياء الإضافة من شأنها أن يكسر ما قبلها، فلما لم يصح في هذا الوزن كسر الألف الساكنة أبدلت ياء وأدغمت.

- القراءات في قوله تعالى:{فلا خوف عليهم}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) :
وقرأ الزهري ويعقوب وعيسى الثقفي: «فلا خوف عليهم» نصب بالتبرية ووجهه أنه أعم وأبلغ في رفع الخوف، ووجه الرفع أنه أعدل في اللفظ لينعطف المرفوع من قولهم يحزنون على مرفوع، «ولا» في قراءة الرفع عاملة عمل ليس.
وقرأ ابن محيصن باختلاف عنه «فلا خوف» بالرفع وترك التنوين وهي على أن تعمل «لا» عمل ليس، لكنه حذف التنوين تخفيفا لكثرة الاستعمال.
***************************************************
ثانيا - المسائل التفسيرية :
- معنى "فتلقى آدم"
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) :*(القول*في تأويل قوله تعالى:*{فتلقّى آدم من ربّه كلماتٍ}
أمّا تأويل قوله:*{فتلقّى آدم}*فإنّه: أخذ وقبل، وأصله التّفعّل من اللّقاء كما يتلقّى الرّجل الرّجل يستقبله عند قدومه من غيبةٍ أو سفرٍ، فكذلك ذلك في قوله:*{فتلقّى}*كأنّه استقبله فتلقّاه بالقبول، حين أوحى إليه، أو أخبر به.
فمعنى ذلك إذًا: فلقّى اللّه آدم كلمات توبةٍ فتلقّاها آدم من ربّه وأخذها عنه تائبًا فتاب اللّه عليه بقيله إيّاها وقبوله إيّاها من ربّه.

قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) :
المعنى: فقال الكلمات فتاب الله عليه عند ذلك، والتلقي من آدم هو الإقبال عليها والقبول لها والفهم.
وحكى مكي قولا: أنه ألهمها فانتفع بها.

- المراد ب "كلمات"
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) :*(القول*في تأويل قوله تعالى:*{فتلقّى آدم من ربّه كلماتٍ} بعد أن سرد أقوال السلف:
وهذه الأقوال الّتي حكيناها عمّن حكيناها عنه وإن كانت مختلفة الألفاظ، فإنّ معانيها متّفقةٌ في أنّ اللّه جلّ ثناؤه لقّى آدم كلماتٍ، فتلقّاهنّ آدم من ربّه فقبلهنّ وعمل بهنّ وتاب بقيله إيّاهنّ وعمله بهنّ إلى اللّه من خطيئته، معترفًا بذنبه متنصّلاً إلى ربّه من خطيئته، نادما على ما سلف منه من خلاف أمره. فتاب اللّه عليه بقبوله الكلمات الّتي تلقّاهنّ منه وندمه على سالف الذّنب منه.
والّذي يدلّ عليه كتاب اللّه أنّ الكلمات الّتي تلقّاهنّ آدم من ربّه هنّ الكلمات الّتي أخبر اللّه عنه أنّه قالها متنصّلاً بقيلها إلى ربّه معترفًا بذنبه وهو قوله:*{ربّنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكوننّ من الخاسرين}*وليس ما قاله من خالف قولنا هذا من الأقوال الّتي حكيناها بمدفوعٍ قوله، ولكنّه قولٌ لا شاهد عليه من حجّةٍ يجب التّسليم لها فيجوز لنا إضافته إلى آدم، وأنّه ممّا تلقّاه من ربّه عند إنابته إليه من ذنبه.
وهذا الخبر الّذي أخبر اللّه عن آدم من قيله الّذي لقّاه إيّاه فقاله تائبًا إليه من خطيئته، تعريفٌ منه جلّ ذكره جميع المخاطبين بكتابه كيفيّة التّوبة إليه من الذّنوب، وتنبيهٌ للمخاطبين بقوله:*{كيف تكفرون باللّه وكنتم أمواتًا فأحياكم}*على موضع التّوبة ممّا هم عليه من الكفر باللّه، وأنّ خلاصهم ممّا هم عليه مقيمون من الضّلالة نظير خلاص أبيهم آدم من خطيئته مع تذكيره إيّاهم من السّالف إليهم من النّعم الّتي خصّ بها أباهم آدم وغيره من آبائهم).*[جامع البيان: 1/ 579-587]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ):*({فتلقّى آدم من ربّه كلماتٍ فتاب عليه إنّه هو التّوّاب الرّحيم (37)}*
قوله:*{فتلقّى آدم من ربّه كلماتٍ}
اختلف في تفسيره على*ستّة أوجهٍ:
فأحدها: [الوجه الأول]
- حدّثنا عليّ بن الحسين بن أشكاب، ثنا عليّ بن عاصمٍ، عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن الحسن، عن أبيّ بن كعبٍ قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم:«قال آدم عليه السّلام: أرأيت يا ربّ إن تبت ورجعت، أعايدي إلى الجنّة؟ قال: نعم. قال:*فذلك قوله:*{فتلقّى آدم من ربّه كلماتٍ}».
والوجه الثّاني:
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا عبيد اللّه، ثنا إسرائيل، عن السّدّيّ، عمّن حدّثه، عن ابن عبّاسٍ:*{فتلقّى آدم من ربّه كلماتٍ}*قال:*«قال آدم: يا ربّ، ألم تخلقني بيدك؟ قيل له: بلى: ونفخت فيّ من روحك؟ قيل له: بلى. وعطست فقلت: يرحمك اللّه، وسبقت رحمتك غضبك؟ قيل: بلى. وكتبت عليّ أن أعمل هذا؟ قيل: بلى، قال: أرأيت إن تبت هل*أنت أنتراجعي إلى الجنّة؟ قال: نعم». وكذلك فسّره عطيّة والسّدّيّ.
الوجه الثّالث:
- حدّثنا أبي، ثنا عبد اللّه بن محمّدٍ النّفيليّ، ثنا زهيرٌ، ثنا أبو إسحاق، عن رجلٍ من بني تميمٍ، قال: أتيت ابن عبّاسٍ فسألته: ما الكلمات الّتي تلقّى آدم من ربّه؟ قال:*«علّم شأن الحجّ، فهي الكلمات».
والوجه الرّابع:
- حدّثنا أحمد بن سنانٍ، ثنا عبد الرّحمن -يعني ابن مهديٍّ-، عن سفيان، عن عبد العزيز بن رفيعٍ، أخبرني من سمع عبيد بن عميرٍ يقول:*«قال آدم: يا ربّ، خطيئتي الّتي أخطأت شيءٌ كتبت عليّ قبل أن تخلقني، أو شيءٌ ابتدعته من قبل نفسي؟ قال: بل كتبته عليك قبل أن أخلقك. قال: فكما كتبته عليّ فاغفره لي». قال:*«فذلك قوله:*{فتلقّى آدم من ربّه كلماتٍ}».
والوجه الخامس:
- حدّثنا أحمد بن سنانٍ، ثنا ابن مهديٍّ، عن سفيان، عن خصيفٍ، عن مجاهدٍ وسعيد بن جبيرٍ:*{فتلقّى آدم من ربّه كلماتٍ}*قالا:*«قوله:{ربّنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكوننّ من الخاسرين}».*وروي عن الحسن وقتادة ومحمّد بن كعبٍ القرظيّ وخالد بن معدان وعطاءٍ الخراسانيّ والرّبيع بن أنسٍ نحو ذلك.
الوجه السّادس:
- حدّثنا أبي، ثنا أبو حذيفة، ثنا شبلٌ، حدّثني عبد اللّه بن كثيرٍ، أنّ مجاهدًا كان يقول في قول اللّه:*{فتلقّى آدم من ربّه كلماتٍ}:*«الكلمات: اللّهمّ لا إله إلا أنت سبحانك وبحمدك، ربّ إنّي ظلمت نفسي فاغفر لي إنّك خير الغافرين. اللّهمّ لا إله إلا أنت سبحانك وبحمدك، ب إنّي ظلمت نفسي فتب عليّ إنّك أنت التواب الرحيم»).*[تفسير القرآن العظيم: 1/ 90-91]

قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) :
اختلف المتأولون في الكلمات،
- فقال الحسن بن أبي الحسن:*«هي قوله تعالى:*{ربّنا ظلمنا أنفسنا}*الآية*[الأعراف: 23]».
- وقال مجاهد:*«هي أن آدم قال: سبحانك اللهم لا إله إلا أنت ظلمت نفسي فاغفر لي إنك أنت التواب الرحيم».
- وقال ابن عباس:*«هي أن آدم قال: أي رب ألم تخلقني بيدك؟ قال: بلى، قال: أي رب ألم تنفخ فيّ من روحك؟ قال بلى، قال: أي رب ألم تسكني جنتك؟ قال: بلى. قال: أرأيت إن تبت وأطعت أراجعي أنت إلى الجنة؟ قال: نعم».
- قال عبيد بن عمير:*«إن آدم قال: أي رب أرأيت ما عصيتك فيه أشيء كتبته علي أم شيء ابتدعته؟*قال: بل شيء كتبته عليك. قال: أي رب كما كتبته علي فاغفر لي».
- وقال قتادة:*«الكلمات هي أن آدم قال: أي رب أرأيت إن أنا تبت وأصلحت؟ قال: إذا أدخلك الجنة».
- وقالت طائفة: إن المراد بالكلمات ندمه واستغفاره وحزنه، رسول الله فتشفع بذلك، فهي الكلمات.
- وقالت طائفة: إن المراد بالكلمات ندمه واستغفاره وحزنه، وسماها كلمات مجازا لما هي في خلقها صادرة عن كلمات، وهي كن في كل واحدة منهن، وهذا قول يقتضي أن آدم لم يقل شيئا إلا الاستغفار المعهود.
وسئل بعض سلف المسلمين عما ينبغي أن يقوله المذنب، فقال: يقول ما قال أبواه، ربّنا ظلمنا أنفسنا. وما قال موسى:*{ربّ إنّي ظلمت نفسي فاغفر لي}*[القصص: 16]. وما قال يونس:{لا إله إلّا أنت سبحانك إنّي كنت من الظّالمين}*[الأنبياء: 87].

قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) :*({فتلقّى آدم من ربّه كلماتٍ فتاب عليه إنّه هو التّوّاب الرّحيم (37)}
قيل: إنّ هذه الكلمات مفسّرةٌ بقوله تعالى:*{قالا ربّنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكوننّ من الخاسرين}*[الأعراف: 23]*روي هذا عن مجاهدٍ، وسعيد بن جبيرٍ، وأبي العالية، والرّبيع بن أنسٍ، والحسن، وقتادة، ومحمّد بن كعبٍ القرظي، وخالد بن معدان، وعطاءٍ الخراسانيّ، وعبد الرّحمن بن زيد بن أسلم، وقال أبو إسحاق السّبيعي، عن رجلٍ من بني تميمٍ، قال: أتيت ابن عبّاسٍ، فسألته: [قلت]: ما الكلمات الّتي تلقّى آدم من ربّه؟ قال:*«علم [آدم] شأن الحج».
وقال سفيان الثّوريّ، عن عبد العزيز بن رفيع، أخبرني من سمع عبيد بن عمير، وفي روايةٍ: [قال]: أخبرني مجاهدٌ، عن عبيد بن عميرٍ، أنّه قال: قال آدم: يا ربّ، خطيئتي الّتي أخطأت شيءٌ كتبته عليّ قبل أن تخلقني، أو شيءٌ ابتدعته من قبل نفسي؟ قال: بل شيءٌ كتبته عليك قبل أن أخلقك. قال: فكما كتبته عليّ فاغفر لي. قال: فذلك قوله تعالى:*{فتلقّى آدم من ربّه كلماتٍ}.
وقال السّدّيّ، عمّن حدّثه، عن ابن عبّاسٍ:*{فتلقّى آدم من ربّه كلماتٍ}، قال:*«قال آدم، عليه السّلام: يا ربّ، ألم تخلقني بيدك؟ قيل له: بلى. ونفخت فيّ من روحك؟ قيل له: بلى. وعطست فقلت: يرحمك اللّه، وسبقت رحمتك غضبك؟ قيل له: بلى، وكتبت عليّ أن أعمل هذا؟ قيل له: بلى. قال: أفرأيت إن تبت هل أنت راجعي إلى الجنّة؟ قال: نعم».
وهكذا رواه العوفيّ، وسعيد بن جبيرٍ، وسعيد بن معبد، عن ابن عبّاسٍ، بنحوه. ورواه الحاكم في مستدركه من حديث سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، وقال: صحيح الإسناد، ولم يخرّجاه وهكذا فسّره السّدّيّ وعطيّة العوفي.
وقد روى ابن أبي حاتمٍ هاهنا حديثًا شبيهًا بهذا فقال: حدّثنا عليّ بن الحسين بن إشكاب، حدّثنا عليّ بن عاصمٍ، عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن الحسن، عن أبيّ بن كعبٍ، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم:*«قال آدم، عليه السّلام: أرأيت يا ربّ إن تبت ورجعت، أعائدي إلى الجنّة؟ قال: نعم. فذلك قوله:*{فتلقّى آدم من ربّه كلماتٍ}».
وهذا حديثٌ غريبٌ من هذا الوجه وفيه انقطاعٌ.
وقال أبو جعفرٍ الرّازيّ، عن الرّبيع بن أنسٍ، عن أبي العالية، في قوله تعالى:*{فتلقّى آدم من ربّه كلماتٍ}*قال:*«إنّ آدم لمّا أصاب الخطيئة قال: يا ربّ، أرأيت إن تبت وأصلحت؟ قال اللّه: إذن أرجعك إلى الجنّة فهي من الكلمات. ومن الكلمات أيضًا:*{ربّنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكوننّ من الخاسرين}*[الأعراف: 23]*».
وقال ابن أبي نجيح، عن مجاهدٍ أنّه كان يقول في قول اللّه تعالى:*{فتلقّى آدم من ربّه كلماتٍ}*قال:*«الكلمات: اللّهمّ لا إله إلّا أنت سبحانك وبحمدك، ربّ إنّي ظلمت نفسي فاغفر لي إنّك خير الغافرين، اللّهمّ لا إله إلّا أنت سبحانك وبحمدك، ربّ إنّي ظلمت نفسي فارحمني، إنّك خير الرّاحمين. اللّهمّ لا إله إلّا أنت سبحانك وبحمدك، ربّ إنّي ظلمت نفسي فتب عليّ، إنّك أنت التّوّاب الرحيم».

- معنى "فتاب عليه"
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) :*(القول في*تأويل قوله تعالى:*{فتاب عليه}.
وقوله:*{فتاب عليه}*يعني على آدم، والهاء الّتي في*{عليه}*عائدةٌ على آدم، وقوله:*{فتاب عليه}*يعني رزقه التّوبة من خطيئته. والتّوبة معناها الإنابة إلى اللّه والأوبة إلى طاعته ممّا يكره من معصيته).*[جامع البيان: 1 /587]
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) :
و«تاب عليه» معناه رجع به، والتوبة من الله تعالى الرجوع على عبده بالرحمة والتوفيق، والتوبة من العبد: الرجوع عن المعصية والندم على الذنب مع تركه فيما يستأنف وإنما خص الله تعالى آدم بالذكر هنا في التلقي والتوبة، وحواء مشاركة له في ذلك بإجماع لأنه المخاطب في أول القصة بقوله:*{اسكن أنت وزوجك الجنّة}*فلذلك كملت القصة بذكره وحده، وأيضا فلأن المرأة حرمة ومستورة فأراد الله الستر لها، ولذلك لم يذكرها في المعصية في قوله:*{وعصى آدم ربّه فغوى}*[طه: 121].
وروي أن الله تعالى تاب على آدم في يوم عاشوراء.
وكنية آدم أبو محمد، وقيل: أبو البشر.

- معنى "التواب الرحيم"
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) :*(القول في*تأويل قوله تعالى:*{إنّه هو التّوّاب الرّحيم قلنا اهبطوا منها جميعًا}.
وتأويل قوله:*{إنّه هو التّوّاب الرّحيم}*أنّ اللّه جلّ ثناؤه هو التّوّاب على من تاب إليه من عباده المذنبين من ذنوبه التّارك مجازاته بإنابته إلى طاعته بعد معصيته بما سلف من ذنبه.
وقد ذكرنا أنّ معنى التّوبة من العبد إلى ربّه: إنابته إلى طاعته، وأوبته إلى ما يرضيه بتركه ما يسخطه من الأمور الّتي كان عليها مقيمًا ممّا يكرهه ربّه، فكذلك توبة اللّه على عبده هو أن يرزقه ذلك، ويتوب من غضبه عليه إلى الرّضا عنه، ومن العقوبة إلى العفو والصّفح عنه.
وأمّا قوله:*{الرّحيم}*فإنّه يعني أنّه المتفضّل عليه مع التّوبة بالرّحمة، ورحمته إيّاه إقالتة عثرته وصفحه عن عقوبة جرمه).*[جامع البيان: 1/ 587]

قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) :
وقوله تعالى:*{إنّه هو التّوّاب الرّحيم}*أي: إنّه يتوب على من تاب إليه وأناب، كقوله:*{ألم يعلموا أنّ اللّه هو يقبل التّوبة عن عباده}*[التّوبة: 104]*وقوله:*{ومن يعمل سوءًا أو يظلم نفسه ثمّ يستغفر اللّه يجد اللّه غفورًا رحيمًا}*[النّساء: 11]، وقوله:*{ومن تاب وعمل صالحًا فإنّه يتوب إلى اللّه متابًا}*[الفرقان: 71]*وغير ذلك من الآيات الدّالّة على أنّه تعالى يغفر الذّنوب ويتوب على من يتوب وهذا من لطفه بخلقه ورحمته بعبيده، لا إله إلّا هو التّوّاب الرّحيم.

- معنى {قلنا اهبطوا منها جميعاً}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) :*({قلنا اهبطوا منها جميعًا فإمّا يأتينّكم منّي هدًى فمن تبع هداي فلا خوفٌ عليهم ولا هم يحزنون (38) والّذين كفروا وكذّبوا بآياتنا أولئك أصحاب النّار هم فيها خالدون (39)}
يقول تعالى مخبرًا عمّا أنذر به آدم وزوجته وإبليس حتّى أهبطهم من الجنّة،

- السبب في تكرار الأمر في الهبوط
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) :*(وكرر*الأمر بالهبوط لما علق بكل أمر منهما حكما غير حكم الآخر، فعلق بالأول العداوة، وعلق بالثاني إتيان الهدى.
وقيل: كرر الأمر بالهبوط على جهة تغليظ الأمر وتأكيده، كما تقول لرجل قم قم.
وحكى النقاش: أن الهبوط الثاني إنما هو من الجنة إلى السماء، والأول في ترتيب الآية إنما هو إلى الأرض، وهو الآخر في الوقوع، فليس في الأمر تكرار على هذا.

قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) :
[وذكر هذا الإهباط الثّاني لما تعلّق به ما بعده من المعنى المغاير للأوّل، وزعم بعضهم أنّه تأكيدٌ وتكريرٌ، كما تقول: قم قم، وقال آخرون: بل الإهباط الأوّل من الجنّة إلى السّماء الدّنيا، والثّاني من سماء الدّنيا إلى الأرض، والصّحيح الأوّل، واللّه تعالى أعلم بأسرار كتابه]).*[تفسير ابن كثير: 1/ 240-241]

- معنى "هدىً"
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) :*(القول*في تأويل قوله تعالى:*{منّي هدًى فمن تبع هداي فلا خوفٌ عليهم ولا هم يحزنون}
والهدى في هذا الموضع: البيان والرّشاد.
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) :*
واختلف في معنى قوله:*{هدىً}؛
- فقيل: بيان وإرشاد.*قال القاضي أبو محمد رحمه الله: والصواب أن يقال: بيان ودعاء.
- وقالت فرقة: الهدى الرسل، وهي إلى آدم من الملائكة، وإلى بنيه من البشر: هو فمن بعده.


- من المخاطبين في {فإما يأتينكم مني هدىً}
نقل ابن جرير الطبري عن أبي العالية: في قوله:*{فإمّا يأتينّكم منّي هدًى}*قال:*«الهدى: الأنبياء والرّسل والبيان».
فإن كان ما قال أبو العالية في ذلك كما قال، فالخطاب بقوله:*{اهبطوا}*وإن كان لآدم وزوجته، فيجب أن يكون مرادًا به آدم وزوجته وذرّيتهما.
فيكون ذلك حينئذٍ نظير قوله:*{فقال لها وللأرض ائتيا طوعًا أو كرهًا قالتا أتينا طائعين}*بمعنى: أتينا بما فينا من الخلق طائعين.*ونظير قوله في قراءة ابن مسعودٍ: ربّنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذرّيّتنا أمّةً مسلمةً لك وأرهم مناسكهم، فجمع قبل أن تكون ذرّيّةٌ، وهو في قراءتنا:*{وأرنا مناسكنا}،*وكما يقول القائل لآخر: كأنّك قد تزوّجت وولد لك وكثرتم وعزّزتم. ونحو ذلك من الكلام.
وإنّما قلنا إنّ ذلك هو الواجب على التّأويل الّذي ذكرناه عن أبي العالية؛ لأنّ آدم كان هو النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم أيّام حياته بعد أن أهبط إلى الأرض، والرّسول من اللّه جلّ ثناؤه إلى ولده، فغير جائزٍ أن يكون معنيًّا وهو الرّسول صلّى اللّه عليه وسلّم بقوله:*{فإمّا يأتينّكم منّي هدًى}*خطابًا له ولزوجته: فإمّا يأتينّكم منّي أنبياء ورسلٌ إلاّ على ما وصفت من التّأويل.
وقول أبي العالية في ذلك وإن كان وجهًا من التّأويل تحتمله الآية، فأقرب إلى الصّواب منه عندي وأشبه بظاهر التّلاوة أن يكون تأويلها: فإمّا يأتينّكم منّي يا معشر من أهبط إلى الأرض من سمائي، وهو آدم وزوجته وإبليس، كما قد ذكرنا قبل في تأويل الآية الّتي قبلها: إمّا يأتينّكم منّي بيانٌ من أمري وطاعتي ورشادٌ إلى سبيلي وديني، فمن اتّبعه منكم فلا خوفٌ عليهم ولا هم يحزنون، وإن كان قد سلف منهم قبل ذلك إليّ معصيةٌ وخلافٌ لأمري وطاعتي. يعرّفهم بذلك جلّ ثناؤه أنّه التّائب على من تاب إليه من ذنوبه والرّحيم بمن أناب إليه كما وصف نفسه بقوله:*{إنّه هو التّوّاب الرّحيم}.
وذلك أنّ ظاهر الخطاب بذلك إنّما هو للّذين قال لهم جلّ ثناؤه:*{اهبطوا منها جميعًا}*والّذين خوطبوا به هم من سمّينا في قول الحجّة من الصّحابة والتّابعين الّذين قد قدّمنا الرّواية عنهم. وذلك وإن كان خطابًا من اللّه جلّ ذكره لمن أهبط حينئذٍ من السّماء إلى الأرض، فهو سنّة اللّه في جميع خلقه، وتعريفٌ منه بذلك للّذين أخبر عنهم في أوّل هذه السّورة بما أخبر عنهم في قوله:*{إنّ الّذين كفروا سواءٌ عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون}،*وفي قوله:*{ومن النّاس من يقول آمنّا باللّه وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين}*أنّ حكمه فيهم إن تابوا إليه وأنابوا واتّبعوا ما أتاهم من البيان من عند اللّه، على لسان رسوله محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم، أنّهم عنده في الآخرة، ممّن لا خوفٌ عليهم ولا هم يحزنون، وأنّهم إن هلكوا على كفرهم وضلالتهم قبل الإنابة والتّوبة، كانوا من أهل النّار المخلّدين فيها.

قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) :*
اختلف في المقصود بهذا الخطاب؛
- فقيل: آدم وحواء وإبليس وذريتهم،
- وقيل: ظاهره العموم ومعناه الخصوص في آدم وحواء، لأن إبليس لا يأتيه هدى، وخوطبا بلفظ الجمع تشريفا لهما، والأول أصح لأن إبليس مخاطب بالإيمان بإجماع،
و«إن» في قوله:*{فإمّا}*هي للشرط دخلت ما عليها مؤكدة ليصح دخول النون المشددة، فهي بمثابة لام القسم التي تجيء لتجيء النون، وفي قوله تعالى:*{منّي}*إشارة إلى أن أفعال العباد خلق الله تعالى.
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) :*({قلنا اهبطوا منها جميعًا فإمّا يأتينّكم منّي هدًى فمن تبع هداي فلا خوفٌ عليهم ولا هم يحزنون (38) والّذين كفروا وكذّبوا بآياتنا أولئك أصحاب النّار هم فيها خالدون (39)}
يقول تعالى مخبرًا عمّا أنذر به آدم وزوجته وإبليس حتّى أهبطهم من الجنّة، والمراد الذّرّيّة: أنّه سينزل الكتب، ويبعث الأنبياء والرّسل

- معنى "التواب الرحيم"
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) :*(القول في*تأويل قوله تعالى:*{إنّه هو التّوّاب الرّحيم قلنا اهبطوا منها جميعًا}.
وتأويل قوله:*{إنّه هو التّوّاب الرّحيم}*أنّ اللّه جلّ ثناؤه هو التّوّاب على من تاب إليه من عباده المذنبين من ذنوبه التّارك مجازاته بإنابته إلى طاعته بعد معصيته بما سلف من ذنبه.
وقد ذكرنا أنّ معنى التّوبة من العبد إلى ربّه: إنابته إلى طاعته، وأوبته إلى ما يرضيه بتركه ما يسخطه من الأمور الّتي كان عليها مقيمًا ممّا يكرهه ربّه، فكذلك توبة اللّه على عبده هو أن يرزقه ذلك، ويتوب من غضبه عليه إلى الرّضا عنه، ومن العقوبة إلى العفو والصّفح عنه.
وأمّا قوله:*{الرّحيم}*فإنّه يعني أنّه المتفضّل عليه مع التّوبة بالرّحمة، ورحمته إيّاه إقالتة عثرته وصفحه عن عقوبة جرمه).*[جامع البيان: 1/ 587]

- معنى {فمن تبع هداي}
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) :
وقوله:*{فمن تبع هداي}*يعني: فمن اتّبع بياني الّذي أبيّنه على ألسن رسلي أو مع رسلي.
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) :
{فمن تبع هداي}*أي: من أقبل على ما أنزلت به الكتب وأرسلت به الرّسل.

- معنى {فلا خوف عليهم}
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) :
وقوله:*{فلا خوفٌ عليهم}*يعني: فهم آمنون في أهوال القيامة من عقاب اللّه غير خائفين عذابه، بما أطاعوا اللّه في الدّنيا واتّبعوا أمره وهداه وسبيله،
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) :
- ويحتمل قوله تعالى:*{لا خوف عليهم}*أي: فيما بين أيديهم من الدنيا، و{لا هم يحزنون}*على ما فاتهم منها،
- ويحتمل أن*{لا خوف عليهم}*يوم القيامة، و{لا هم يحزنون}*فيه،
- ويحتمل أن يريد أنه يدخلهم الجنة حيث لا خوف ولا حزن).*[المحرر الوجيز: 1/ 190-192]
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) :
{فلا خوفٌ عليهم}*أي: فيما يستقبلونه من أمر الآخرة*


- معنى {ولا هم يحزنون}
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) :*
*{ولا هم يحزنون}*يومئذٍ على ما خلّفوا بعد وفاتهم في الدّنيا.

قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) :
- ويحتمل قوله تعالى:*{لا خوف عليهم}*أي: فيما بين أيديهم من الدنيا، و{لا هم يحزنون}*على ما فاتهم منها،
- ويحتمل أن*{لا خوف عليهم}*يوم القيامة، و{لا هم يحزنون}*فيه،
- ويحتمل أن يريد أنه يدخلهم الجنة حيث لا خوف ولا حزن).*[المحرر الوجيز: 1/ 190-192]

قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) :
{ولا هم يحزنون}*على ما فاتهم من أمور الدّنيا، كما قال في سورة طه:*{قال اهبطا منها جميعًا بعضكم لبعضٍ عدوٌّ فإمّا يأتينّكم منّي هدًى فمن اتّبع هداي فلا يضلّ ولا يشقى}*[طه: 123]*قال ابن عبّاسٍ:«فلا يضلّ في الدّنيا ولا يشقى في الآخرة».

- معنى {والذين كفروا}
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) :*(وقوله:*{والّذين كفروا وكذّبوا بآياتنا أولئك أصحاب النّار هم فيها خالدون}*يعني: والّذين جحدوا آياتي وكذّبوا رسلي،
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) :*(وقوله*تعالى:*{والّذين كفروا}*الآية، عطف جملة مرفوعة على جملة مرفوعة، وقال:*{وكذّبوا}*وكان في الكفر كفاية لأن لفظة*{كفروا}*يشترك فيها كفر النعم وكفر المعاصي، ولا يجب بهذا خلود فبين أن الكفر هنا هو الشرك، بقوله:*{وكذّبوا بآياتنا}.

- معنى "بآياتنا"
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) :
وآيات اللّه: حججه وأدلّته على وحدانيّته وربوبيّته، وما جاءت به الرّسل من الأعلام والشّواهد على ذلك، وعلى صدقها فيما أنبأت عن ربّها. وقد بيّنّا أنّ معنى الكفر: التّغطية على الشّيء.

- معنى {أولئك أصحاب النار}
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) :
{أولئك أصحاب النّار}*يعني: أهلها الّذين هم أهلها دون غيرهم المخلّدون فيها أبدًا إلى غير أمدٍ ولا نهايةٍ.

- معنى {هم فيها خالدون}
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) :
المخلّدون فيها أبدًا إلى غير أمدٍ ولا نهايةٍ
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) :
{والّذين كفروا وكذّبوا بآياتنا أولئك أصحاب النّار هم فيها خالدون}*أي: مخلّدون فيها، لا محيد لهم عنها، ولا محيص.
***************************************************
ثالثاً - المسائل اللغوية :
- معنى "فتلقى" في اللغة
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ): ({فتلقى آدم من ربه كلمات}*أي: قبلها، أخذها عنه).*[غريب القرآن وتفسيره: 68]

- موضع "آدم" في الجملة
{آدم}*مرفوع، و"الكلمات" في موضع نصب
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({فتلقى آدم من ربه كلمات}*أي: قبلها وأخذ بها،*ومن رفع (الكلمات) ونصب (آدم) فمعناه: أنقذته*والحيّة*من الخطيئة).*[تفسير المشكل من غريب القرآن: 26]*
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({فَتَلَقَّى}: قبل).*[العمدة في غريب القرآن: 73]

- علام تعود الهاء في "فتاب عليه"
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) :*(القول في*تأويل قوله تعالى:*{فتاب عليه}.
وقوله:*{فتاب عليه}*يعني على آدم، والهاء الّتي في*{عليه}*عائدةٌ على آدم .

- معنى "التواب" في اللغة
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ):*
التوّاب من الناس: الذي يتوب من الذنب).*[مجاز القرآن: 1/ 39]

- إعراب "جميعاً"
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) :
{جميعاً}*حال من الضمير في*{اهبطوا}، وليس بمصدر ولا اسم فاعل، ولكنه عوض منهما دال عليهما، كأنه قال هبوطا جميعا، أو هابطين جميعا.

- معنى "فإمَّا" وموضعها في الآية
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ): ({قلنا اهبطوا منها جميعاً فإمّا يأتينّكم مّنّي هدًى فمن تبع هداي فلا خوفٌ عليهم ولا هم يحزنون}*
قال:*{فإمّا يأتينّكم مّنّي هدًى فمن تبع هداي}،*وذلك أن "إمّا" في موضع المجازاة، وهي "إما" لا تكون "أما"، وهي "إن" زيدت معها "ما" وصار الفعل الذي بعدها بالنون الخفيفة أو الثقيلة، وقد يكون بغير نون.*
وإنّما حسنت فيه النون لما دخلته "ما"؛ لأنّ "ما" نفي وهو ما ليس بواجب، وهي من الحروف التي تنفي الواجب، فحسنت فيه النون، نحو قولهم: "بعينٍ مّا أرينّك" حين أدخلت فيها "ما" حسنت النون، ومثل "إمّا" ههنا قوله:*{فإمّا ترينّ من البشر أحداً}*وقوله:*{قل رّبّ إمّا ترينّي ما يوعدون ربّ فلا تجعلني زفي القوم الظّالمين}*فالجواب في قوله:*{فلا تجعلني}،وأشباه هذا في القرآن والكلام كثير.
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ):
وإعراب (إمّا) في هذا الموضع إعراب حروف الشرط والجزاء، إلا أن الجزاء إذا جاء في الفعل معه النون الثقيلة أو الخفيفة لزمتها "ما"، ومعنى لزومها إياها معنى التوكيد، وكذلك معنى دخول النون في الشرط التوكيد، والأبلغ فيما يؤمر العباد به التوكيد عليهم فيه.

- وجه تحريك "هدايَ" بالفتح
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ):*
و{هداي}: الأكثر في القراءة والرواية عن العرب*{هداي فلا خوف}*فالياء في*{هداي}*فتحت؛ لأنها أتت بعد ساكن وأصلها الحركة التي هي الفتح، فالأصل أن تقول: هذا غلاميَ قد جاء -بفتح الياء-؛ لأنها حرف في موضع اسم مضمر منع الإعراب، فألزم الحركة كما ألزمت "هو" وحذف الحركة جائز؛ لأن الياء من حروف المد واللين، فلما سكن ما قبلها لم يكن بد من تحريكها، فجعل حظها ما كان لها في الأصل من الحركة وهو الفتح، ومن العرب من يقولون: "هدي" و"عصى"، فمن قرأ بهذه القراءة: فإنما قلبت الألف إلى الياء، للياء التي بعدها، إلا أن شأنّ ياء الإضافة أن يكسر ما قبلها، فجعل بدل كسر ما قبلها -إذ كانت الألف لا يكسر ما قبلها،*لا يكسر*هي- قلبها ياء، وطيء تقول في: "هدى" و"عصا" و"أفعى" وما أشبه هذا -في الوقف-:*"هُدَيْ" و"عَصَيْ" و"أفعى" بغير*إضافة.
وأنشد أبو الحسن الأخفش وغيره من النحويين:
تبشري بالرفه والماء الروى*.......*وفرج منك قريب قد أتى
وبعض العرب يجري ما يجريه في الوقف -في الأصل- مجراه في الوقف وليس هذا الوجه الجيد، وزعم سيبويه أن الذين أبدلوا من الألف الياء؛ أبدلوها في الوقف ليكون أبين لها، وحكى أيضاً أن قوما يقولون في الوقف "حبلو" و"أفعو".
وإنما يحكي أهل اللغة والعلم بها كل ما فيها، ليتميز الجيد المستقيم المطرد من غيره، ويجتنب غير الجيّد، فالباب في هذه الأشياء أن تنطق بها في الوصل والوقف بألف، فليس إليك أن تقلب الشيء لعلة ثم تنطق به على أصله والعلة لم تزل، فالقراءة التي ينبغي أن تلزم هي:*{هداي فلا خوف}*إلا أن تثبت برواية صحيحة "هديّ" فيقرأ بها. ووجهه من القياس ما وصفنا.
فأمّا قوله:*{هذا صراط عليّ مستقيم}*وقوله:*{إليّ مرجعكم}*فلا يجوز أن يقرأ "هذا صراط علاي"، ولا*"ثمّ إلاي مرجعكم"، لأن الوصل كان في هذا: "إلاي" و "عَلاَي" ولكن*الألف أبدلت منها مع المضمرات الياء، ليفصل بين ما آخره مما يجب أن نعرب ويتمكن، وما آخره مما لا يجب أن يعرب، فقلبت هذه الألف ياء لهذه العلة).*[معاني القرآن: 1/ 117-119]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ):
أما قوله:*{فمن تبع هداي فلا خوفٌ عليهم}*فانفتحت هذه الياء على كل حال؛ لأن الحرف الذي قبلها ساكن، وهي الألف التي في "هدى"، فلما*احتجت*إلى حركة الياء حركتها بالفتحة؛ لأنها لا تحرك إلا بالفتح، ومثل ذلك قوله:*{عصاي أتوكّأ عليها}،*ولغة للعرب يقولون: "عصيّ يا فتى"،*و(هديّ فلا خوفٌ عليهم)، لما كان قبلها*حرف ساكن وكان ألفاً، قلبته إلى الياء حتى تدغمه في الحرف الذي بعده، فيجرونها مجرى واحداً وهو أخف عليهم.

- وجه فتح ما قبل النون في "يأتيَنَّكم"
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ):
وفتح ما قبل النون في قوله:*{يأتينّكم}*لسكون الياء وسكون النون الأولى.

- معنى "فلا" و "لا"
قَالَ سِيبَوَيْهِ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ قُنْبُرٍ (ت: 180هـ):*(هذا باب ما لا تغير فيه (لا) الأسماء عن حالها التي كانت عليها قبل أن تدخل (لا)
ولا يجوز ذلك إلا أن تعيد (لا) الثانية من قبل أنه جواب لقوله: أغلام عندك أم جارية، إذا ادعيت أن أحدهما عنده. ولا يحسن إلا أن تعيد (لا) كما أنه لا يحسن إذا أردت المعنى الذي تكون فيه (أم) إلا أن تذكرها مع اسم بعدها.*
وإذا قال: لا غلام، فإنما هي جواب لقوله: هل من غلام، وعملت (لا) فيما بعدها وإن كان في موضع ابتداء، كما عملت (من) في الغلام وإن كان في موضع ابتداء.*
فمما لا يتغير عن حاله قبل أن تدخل عليه (لا) قول الله عز وجل ذكره:*{لا خوف عليهم ولا هم يحزنون}).*[الكتاب: 2/ 295]

- الشرط الأول وجوابه والشرط الثاني وجوابه
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) :
وقوله تعالى:*{فمن تبع هداي}*شرط جوابه*{فلا خوف عليهم}.
قال سيبويه: الشرط الثاني وجوابه هما جواب الأول في قوله:*{فإمّا يأتينّكم}.
وحكي عن الكسائي أن قوله:*{فلا خوفٌ عليهم}*جواب الشرطين جميعا.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: حكي هذا وفيه نظر، ولا يتوجه أن يخالف سيبويه هنا، وإنما الخلاف في نحو قوله تعالى:*{فأمّا إن كان من المقرّبين فروحٌ وريحانٌ}*[الواقعة: 89].
فيقول سيبويه: جواب الشرطين وأما في هذه الآية فالمعنى يمنع أن يكون فلا خوفٌ جوابا للشرطين.

- محل {والذين كفروا}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) :*(وقوله*تعالى:*{والّذين كفروا}*الآية، عطف جملة مرفوعة على جملة مرفوعة.

- إعراب "أولئكَ"و"أصحابُ"
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) :
{أولئك}*رفع بالابتداء و{أصحاب}*خبره،

- معنى الصحبة
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) :
الصحبة: الاقتران بالشيء في حالة ما، في زمن ما، فإن كانت الملازمة والخلطة فهو كمال الصحبة، وهكذا هي صحبة أهل النار لها، وبهذا القول ينفك الخلاف في تسمية الصحابة رضي الله عنهم إذ مراتبهم متباينة، أقلها الاقتران في الإسلام والزمن، وأكثرها الخلطة والملازمة.

- إعراب "هم فيها خالدون"
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) :
{هم فيها خالدون}*ابتداء وخبر في موضع الحال).*[المحرر الوجيز: 1/ 192-193]
************************************************************
رابعاً - الأحاديث والآثار الواردة في الآيات :
ما ورد في قوله تعالى:{فَتَلَقَّى آَدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (37)}
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ):*(وحدثني عبد الرحمن بن مهدي عن الثوري، عن خصيف الجزري، عن مجاهد وسعيد بن جبير في قول الله:*{فتلقى آدم من ربه كلماتٍ فتاب عليه}:*{قالا ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين}).*[الجامع في علوم القرآن: 1/ 112]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ):*(حدثنا الثوري، عن عبد العزيز، ثني وعبيد عن عبيد بن عمير، قال:*«قال آدم لربه وذكر خطيئته: رب أرأيت خطيئتي التي عصيتك بها أشيء كتبته علي قبل أن تخلقني أم شيء ابتدعته من نفسي؟ قال: بل شيء كتبته عليك قبل أن أخلقك، قال: فكما كتبته علي فاغفره لي، قال: فذلك قوله:*{فتلقى آدم من ربه كلمات}،*وهو قوله:*{ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين}»).*[تفسير عبد الرزاق: 1/ 44]*
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ):*(أخبرنا معمر، عن قتادة، في قوله:*{فتلقى آدم من ربه كلمات}:*«وهو قوله:*{ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين}»).*[تفسير عبد الرزاق: 1 /44]*
قالَ سعيدُ بنُ منصورٍ بن شعبة الخراسانيُّ: (ت:227هـ):*([قوله تعالى:*{فتلقّى آدم من ربّه كلماتٍ فتاب عليه إنّه هو التّوّاب الرّحيم}]
- حدثنا الحسن بن يزيد الأصمّ، قال: سمعت السّدّي يقول في قوله عزّ وجلّ:*{فتلقّى آدم من ربّه كلماتٍ فتاب عليه إنّه هو التّوّاب الرّحيم}*قال:*«ربّ خلقتني بيدك، ونفخت فيّ من روحك، فسبقت رحمتك غضبك، أرأيت إن تبت، وأصلحت، هل أنت رادّني إلى الجنّة؟»،*قال:*«قيل: نعم»).*[سنن سعيد بن منصور: 2/ 552]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) :*(القول*في تأويل قوله تعالى:*{فتلقّى آدم من ربّه كلماتٍ}
حدّثني يونس بن عبد الأعلى، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ: في قوله:*{فتلقّى آدم من ربّه كلماتٍ}*الآية. قال:*«لقّاهما هذه الآية:{ربّنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكوننّ من الخاسرين}».
واختلف أهل التّأويل في أعيان الكلمات الّتي تلقّاها آدم من ربّه؛
- فقال بعضهم بما حدّثنا به أبو كريبٍ، قال: حدّثنا ابن عطيّة، عن قيسٍ، عن ابن أبي ليلى، عن المنهال بن عمرٍو، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ:*«{فتلقّى آدم من ربّه كلماتٍ فتاب عليه}*قال: أي ربّ! ألم تخلقني بيدك؟ قال: بلى، قال: أي ربّ! ألم تنفخ فيّ من روحك؟ قال: بلى، قال: أي ربّ! ألم تسكنّي جنّتك؟ قال: بلى، قال: أي ربّ! ألم تسبق رحمتك غضبك؟ قال: بلى، قال: أرأيت إن تبت وأصلحت أراجعي أنت إلى الجنّة؟ قال: بلى».قال:*«فهو قوله:*{فتلقّى آدم من ربّه كلماتٍ}».
- وحدّثني عليّ بن الحسن، قال: حدّثنا مسلمٌ، قال: حدّثنا محمّد بن مصعبٍ، عن قيس بن الرّبيع، عن عاصم بن كليبٍ، عن سعيد بن معبد، عن ابن عبّاسٍ نحوه.
- وحدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي، قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ: قوله:*{فتلقّى آدم من ربّه كلماتٍ فتاب عليه}*قال:*«إنّ آدم قال لربّه إذ عصاه: ربّ أرأيت إن أنا تبت وأصلحت؟ فقال له ربّه: إنّي راجعك إلى الجنّة».
- وحدّثنا بشر بن معاذٍ، قال: حدّثنا يزيد بن زريعٍ، عن سعيدٍ، عن قتادة:*«قوله:*{فتلقّى آدم من ربّه كلماتٍ}*ذكر لنا أنّه قال:*يا*ربّ أرأيت إن أنا تبت وأصلحت؟ قال: إنّي إذًا راجعك إلى الجنّة».
قال: وقال الحسن:*«إنّهما قالا:*{ربّنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكوننّ من الخاسرين}».
- وحدّثني المثنّى، قال: حدّثنا آدم العسقلانيّ، قال: حدّثنا أبو جعفرٍ، عن الرّبيع، عن أبي العالية: في قوله:*{فتلقّى آدم من ربّه كلماتٍ}*قال:«إنّ آدم لمّا أصاب الخطيئة، قال: يا ربّ أرأيت إن تبت وأصلحت؟ فقال اللّه: إذًا أرجعك إلى الجنّة فهي من الكلمات. ومن الكلمات أيضًا:{ربّنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكوننّ من الخاسرين}».
- وحدّثني موسى بن هارون، قال: حدّثنا عمرو بن حمّادٍ، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ:*«{فتلقّى آدم من ربّه كلماتٍ}*قال: ربّ ألم تخلقني بيدك؟ قيل له: بلى، قال: ونفخت فيّ من روحك؟ قيل له: بلى، قال: وسبقت رحمتك غضبك؟ قيل له: بلى، قال: ربّ هل كتبت هذا عليّ؟ قيل له: نعم، قال: ربّ إن تبت وأصلحت هل أنت راجعي إلى الجنّة؟ قيل له: نعم. قال اللّه تعالى:*{ثمّ اجتباه ربّه فتاب عليه وهدى}».
- وقال آخرون بما حدّثنا به، محمّد بن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن بن مهديٍّ، قال: حدّثنا سفيان، عن عبد العزيز بن رفيعٍ، قال: حدّثني من سمع عبيد بن عميرٍ، يقول:*«قال آدم: يا ربّ خطيئتي الّتي أخطأتها أشيءٌ كتبته عليّ قبل أن تخلقني، أو شيءٌ ابتدعته من قبل نفسي؟ قال: بل شيءٌ كتبته عليك قبل أن أخلقك. قال: فكما كتبته عليّ فاغفره لي». قال:«فهو قول اللّه:*{فتلقّى آدم من ربّه كلماتٍ}».
- وحدّثنا ابن بشار، قال: حدّثنا مؤمّلٌ، قال: حدّثنا سفيان، عن عبد العزيز بن رفيعٍ، عن مجاهد، عن عبيد بن عميرٍ بمثله.
- وحدّثنا ابن بشار، قال: حدّثنا وكيع بن الجرّاح، قال: حدّثنا سفيان، عن عبد العزيز بن رفيعٍ، عمّن سمع عبيد بن عميرٍ يقول:*«قال آدم»، فذكر نحوه.
- وحدّثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا الثّوريّ، عن عبد العزيز، عن عبيد بن عميرٍ مثله.
- وحدّثنا المثنّى، قال: حدّثنا أبو نعيمٍ، قال: حدّثنا سفيان، عن عبد العزيز بن رفيعٍ، قال: أخبرني من سمع عبيد اللّه بن عميرٍ بنحوه.
- وقال آخرون بما حدّثني به، أحمد بن عثمان بن حكيمٍ الأوديّ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن بن شريكٍ، قال: حدّثنا أبي، قال: حدّثنا حصين بن عبد الرّحمن، عن حميد بن نبهانٍ، عن عبد الرّحمن بن يزيد بن معاوية أنّه قال:*«قوله:*{فتلقّى آدم من ربّه كلماتٍ فتاب عليه}*قال آدم: اللّهمّ لا إله إلاّ أنت سبحانك وبحمدك، أستغفرك وأتوب إليك، تب عليّ إنّك أنت التّوّاب الرّحيم».
- وحدّثني المثنّى بن إبراهيم، قال: حدّثنا أبو غسّان، قال: حدّثنا زهيرٍ، وحدّثنا أحمد بن إسحاق الأهوازيّ، قال: أخبرنا أبو أحمد، قال: حدّثنا سفيان، وقيسٌ، جميعًا عن خصيفٍ، عن مجاهدٍ: في قوله:*{فتلقّى آدم من ربّه كلماتٍ}*قال:*«قوله:*{ربّنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا}»، حتّى فرغ منها.
- وحدّثني المثنّى، قال: حدّثنا أبو حذيفة، قال: حدّثني شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ كان يقول في قول اللّه:*{فتلقّى آدم من ربّه كلماتٍ}:*«الكلمات: اللّهمّ لا إله إلاّ أنت سبحانك وبحمدك، ربّ إنّي ظلمت نفسي فاغفر لي إنّك خير الغافرين. اللّهمّ لا إله إلاّ أنت سبحانك وبحمدك، ربّي إنّي ظلمت نفسي فارحمني إنّك خير الرّاحمين. اللّهمّ لا إله إلاّ أنت سبحانك وبحمدك، ربّ إنّي ظلمت نفسي فتب عليّ إنّك أنت التّوّاب الرّحيم».
- وحدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا أبي، عن النّضر بن عربيٍّ، عن مجاهدٍ:*{فتلقّى آدم من ربّه كلماتٍ}*قال:*«هو قوله:*{ربّنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا}*الآية».
- وحدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ:*«{فتلقّى آدم من ربّه كلماتٍ}*قال:*أي*ربّ أتتوب عليّ إن تبت؟ قال: نعم. فتاب آدم، فتاب عليه ربّه».
- وحدّثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، عن قتادة: في قوله:*{فتلقّى آدم من ربّه كلماتٍ}*قال:«هو*قوله:*{ربّنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكوننّ من الخاسرين}».
- حدّثني يونس بن عبد الأعلى، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ:*«هو قوله:*{ربّنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكوننّ من الخاسرين}».
وهذه الأقوال الّتي حكيناها عمّن حكيناها عنه وإن كانت مختلفة الألفاظ، فإنّ معانيها متّفقةٌ في أنّ اللّه جلّ ثناؤه لقّى آدم كلماتٍ، فتلقّاهنّ آدم من ربّه فقبلهنّ وعمل بهنّ وتاب بقيله إيّاهنّ وعمله بهنّ إلى اللّه من خطيئته، معترفًا بذنبه متنصّلاً إلى ربّه من خطيئته، نادما على ما سلف منه من خلاف أمره. فتاب اللّه عليه بقبوله الكلمات الّتي تلقّاهنّ منه وندمه على سالف الذّنب منه.
والّذي يدلّ عليه كتاب اللّه أنّ الكلمات الّتي تلقّاهنّ آدم من ربّه هنّ الكلمات الّتي أخبر اللّه عنه أنّه قالها متنصّلاً بقيلها إلى ربّه معترفًا بذنبه وهو قوله:*{ربّنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكوننّ من الخاسرين}*وليس ما قاله من خالف قولنا هذا من الأقوال الّتي حكيناها بمدفوعٍ قوله، ولكنّه قولٌ لا شاهد عليه من حجّةٍ يجب التّسليم لها فيجوز لنا إضافته إلى آدم، وأنّه ممّا تلقّاه من ربّه عند إنابته إليه من ذنبه.
وهذا الخبر الّذي أخبر اللّه عن آدم من قيله الّذي لقّاه إيّاه فقاله تائبًا إليه من خطيئته، تعريفٌ منه جلّ ذكره جميع المخاطبين بكتابه كيفيّة التّوبة إليه من الذّنوب، وتنبيهٌ للمخاطبين بقوله:*{كيف تكفرون باللّه وكنتم أمواتًا فأحياكم}*على موضع التّوبة ممّا هم عليه من الكفر باللّه، وأنّ خلاصهم ممّا هم عليه مقيمون من الضّلالة نظير خلاص أبيهم آدم من خطيئته مع تذكيره إيّاهم من السّالف إليهم من النّعم الّتي خصّ بها أباهم آدم وغيره من آبائهم).*[جامع البيان: 1/ 579-587]

قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ):*(قوله:*{التّوّاب الرّحيم}
- حدّثنا محمّد بن العبّاس، ثنا محمّد بن عمرٍو، ثنا سلمة، قال محمّد بن إسحاق في قوله:*{الرّحيم}*قال:*«يرحم العباد على ما فيهم».
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا يحيى بن عبد اللّه بن بكيرٍ، حدّثني ابن لهيعة، حدّثني عطاء بن دينارٍ، عن سعيد بن جبيرٍ: قوله:*{الرّحيم}*قال:«رحيمٌ بهم بعد التّوبة»).*[تفسير القرآن العظيم: 1/ 92]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) :*(قوله تعالى:*{فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه إنه هو التواب الرحيم}.
- أخرج الطبراني في المعجم الصغير والحاكم وأبو نعيم والبيهقي في الدلائل، وابن عساكر عن عمر بن الخطاب، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:*«لما أذنب آدم بالذنب الذي أذنبه، رفع رأسه إلى السماء، فقال: أسألك بحق محمد إلا غفرت لي، فأوحى الله إليه: ومن محمد؟ فقال: تبارك اسمك، لما خلقتني رفعت رأسي إلى عرشك، فإذا فيه مكتوب: لا إله إلا الله، محمد رسول الله، فعلمت أنه ليس أحد أعظم عندك قدرا ممن جعلت اسمه مع اسمك، فأوحى الله إليه: يا آدم إنه آخر النبيين من ذريتك، ولولا هو ما خلقتك».
- وأخرج الفريابي، وعبد بن حميد، وابن أبي الدنيا في التوبة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم والحاكم وصححه، وابن مردويه عن ابن عباس في قوله:*{فتلقى آدم من ربه كلمات}:*«قال: أي رب ألم تخلقني بيدك؟ قال: بلى، قال: أي رب ألم تنفخ في من روحك؟ قال: بلى، قال: أي رب ألم تسبق إلي رحمتك قبل غضبك؟ قال: بلى، قال: أي رب أرأيت إن تبت وأصلحت أراجعي أنت إلى الجنة؟ قال: نعم».
- وأخرج الطبراني في الأوسط، وابن عساكر بسند ضعيف عن عائشة، عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال:*«لما أهبط الله آدم إلى الأرض قام وجاء الكعبة فصلى ركعتين، فألهمه الله هذا الدعاء: اللهم إنك تعلم سري وعلانيتي فاقبل معذرتي، وتعلم حاجتي فأعطني سؤلي، وتعلم ما في نفسي فاغفر لي ذنبي، اللهم إني أسألك إيمانا يباشر قلبي، ويقينا صادقا حتى أعلم أنه لا يصيبني إلا ما كتبت لي، وأرضني بما قسمت لي، فأوحى الله إليه: يا آدم قد قبلت توبتك وغفرت ذنبك، ولن يدعوني أحد بهذا الدعاء إلا غفرت له ذنبه، وكفيته المهم من أمره، وزجرت عنه الشيطان، واتجرت له من وراء كل تاجر، وأقبلت إليه الدنيا راغمة وإن لم يردها».
- وأخرج الطبراني في الأوسط، وابن عساكر بسند ضعيف عن عائشة، عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال:*«لما أهبط الله آدم إلى الأرض قام وجاء الكعبة فصلى ركعتين، فألهمه الله هذا الدعاء: اللهم إنك تعلم سري وعلانيتي فاقبل معذرتي، وتعلم حاجتي فأعطني سؤلي، وتعلم ما في نفسي فاغفر لي ذنبي، اللهم إني أسألك إيمانا يباشر قلبي، ويقينا صادقا حتى أعلم أنه لا يصيبني إلا ما كتبت لي، وأرضني بما قسمت لي، فأوحى الله إليه: يا آدم قد قبلت توبتك وغفرت ذنبك، ولن يدعوني أحد بهذا الدعاء إلا غفرت له ذنبه، وكفيته المهم من أمره، وزجرت عنه الشيطان، واتجرت له من وراء كل تاجر، وأقبلت إليه الدنيا راغمة وإن لم يردها».
- وأخرج الجندي والطبراني، وابن عساكر في فضائل مكة عن عائشة، قالت:*«لما أراد الله أن يتوب على آدم أذن له فطاف بالبيت سبعا -والبيت يومئذ ربوة حمراء-، فلما صلى ركعتين قام استقبل البيت، وقال: اللهم إنك تعلم سريرتي وعلانيتي فاقبل معذرتي، ؟؟ فأعطني سؤلي، وتعلم ما في نفسي فاغفر لي ذنوبي، اللهم إني أسألك إيمانا يباشر قلبي، ويقينا صادقا حتى أعلم أنه لا يصيبني إلا ما كتبت لي، والرضا بما قسمت لي، فأوحى الله إليه: إني قد غفرت ذنبك، ولن يأتي أحد من ذريتك يدعوني بمثل ما دعوتني إلا غفرت ذنوبه، وكشفت غمومه وهمومه ونزعت الفقر من بين عينيه، واتجرت له من وراء كل تاجر، وجاءته الدنيا وهي راغمة وإن كان لا يريدها».
- وأخرج الأزرقي في تاريخ مكة والطبراني في الأوسط والبيهقي في الدعوات، وابن عساكر بسند لابأس به عن بريدة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:*«لما أهبط الله آدم إلى الأرض طاف بالبيت أسبوعا، وصلى حذاء البيت ركعتين، ثم قال: اللهم أنت تعلم سري وعلانيتي فاقبل معذرتي، وتعلم حاجتي فأعطني سؤلي، وتعلم ما عندي فاغفر لي ذنوبي، أسألك إيمانا يباهي قلبي، ويقينا صادقا حتى أعلم أنه لا يصيبني إلا ما كتبت، لي ورضني بقضائك، فأوحى الله إليه: يا آدم إنك دعوتني بدعاء فاستجبت لك فيه، ولن يدعوني به أحد من ذريتك إلا استجبت له وغفرت له ذنبه، وفرجت همه وغمه، واتجرت له من وراء كل تاجر، وأتته الدنيا راغمة وإن كان لا يريدها».
- وأخرج وكيع، وعبد بن حميد وأبو الشيخ في العظمة وأبو نعيم عن عبيد أن عمير*اللثي*قال:*«قال آدم: يا رب أرأيت ما أتيت؛ أشيء كتبته علي قبل أن تخلقني أو شيء ابتدعته علي نفسي؟ قال: بل شيء كتبته عليك قبل أن أخلقك، قال: يا رب فكما كتبته علي فاغفره لي، فذلك قوله:*{فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه إنه هو التواب الرحيم}».
- وأخرج عبد بن حميد*والن*المنذر والبيهقي في شعب الإيمان عن قتادة، في قوله:*{فتلقى آدم من ربه كلمات}*قال:«ذكر لنا أنه قال: يا رب أرأيت إن تبت وأصلحت، قال: فإني إذن أرجعك إلى الجنة، قالا: ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين، فاستغفر آدم ربه وتاب إليه،*فتاب عليه. وأمّا عدو الله إبليس فوالله ما تنصل من ذنبه، ولا سأل التوبة حين وقع بما وقع به، ولكنه سأل النظرة إلى يوم الدين، فأعطى الله كل واحد*مهما*ما سأل».
- وأخرج الثعلبي من طريق عكرمة عن ابن عباس في قوله:*{فتلقى آدم من ربه كلمات}*قال:«قوله:{ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين}».- وأخرج ابن المنذر من طريق ابن جريج عن ابن عباس في قوله:*{فتلقى آدم من ربه كلمات}*قال:«هو قوله:*{ربنا ظلمنا أنفسنا}*الآية».
- وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم والبيهقي عن محمد بن كعب القرظي في قوله:*{فتلقى آدم من ربه كلمات}*قال:*«هو قوله:*{ربنا ظلمنا أنفسنا}الآيه، ولو سكت الله عنها لتفحص رجال حتى يعلموا ما هي».
- وأخرج وكيع، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله:*{فتلقى آدم من ربه كلمات}*قال:*«هو قوله*{ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين}».- وأخرج عبد بن حميد عن الحسن وعن الضحاك، مثله.
- وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم من طريق ابن إسحاق التميمي قال: قلت*لإبن*عباس: ما الكلمات التي تلقى آدم من ربه؟ قال:«علم شأن الحج، فهي الكلمات».
- وأخرج عبد بن حميد عن عبد الله بن زيد*ي*قوله*{فتلقى آدم من ربه كلمات}*قال:*«لا إله إلا أنت سبحانك وبحمدك، رب عملت سوءا وظلمت نفسي فاغفر لي إنك أنت خير الغافرين، لا إله إلا أنت سبحانك وبحمدك رب عملت سوءا وظلمت نفسي فارحمني إنك أنت أرحم الراحمين، لا إله إلا أنت سبحانك وبحمدك، رب عملت سوءا وظلمت نفسي فتب علي إنك أنت التواب الرحيم».
- وأخرج البيهقي في شعب الإيمان، وابن عساكر عن أنس في قوله:*{فتلقى آدم من ربه كلمات}*قال:«سبحانك اللهم وبحمدك عملت سوءا وظلمت نفسي فاغفر لي إنك أنت خير الغافرين، لا إله إلا أنت سبحانك وبحمدك عملت سوءا وظلمت نفسي فارحمني إنك أنت أرحم الراحمين، لا إله إلا أنت سبحانك وبحمدك عملت سوءا وظلمت نفسي فتب علي إنك أنت التواب الرحيم»،*وذكر أنه عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم ولكن شك فيه.
- وأخرج هناد في الزهد عن سعيد بن جبير قال:*«لما أصاب آدم الخطيئة فزع إلى كلمة الإخلاص، فقال: لا إله إلا أنت سبحانك وبحمدك، رب عملت سوءا وظلمت نفسي فتب علي إنك أنت التواب الرحيم».
- وأخرج ابن عساكر من طريق جويبر عن الضحاك عن ابن عباس:*«إن آدم عليه السلام طلب التوبة مائتي سنة حتى آتاه الله الكلمات ولقنه إياها»،
قال:*«بينا آدم عليه السلام جالس يبكي واضع راحته على جبينه، إذا أتاه جبريل فسلم عليه فبكى آدم، وبكى جبريل لبكائه، فقال له: يا آدم ما هذه البلية التي أجحف بك بلاؤها وشقاؤها؟ وما هذا البكاء؟ قال: يا جبريل وكيف لا أبكي وقد حولني ربي من ملكوت السموات إلى هوان الأرض، ومن دار المقام إلى دار الظعن والزوال، ومن دار النعمة إلى دار البؤس والشقاء، ومن دار الخلد إلى دار الفناء، كيف أحصي يا جبريل هذه المصيبة؟ فانطلق جبريل إلى ربه فأخبره بقالة آدم، فقال الله عز وجل: انطلق يا جبريل إلى آدم فقل: يا آدم ألم أخلقك بيدي؟ قال: بلى يا رب، قال: ألم أنفخ فيك من روحي؟ قال: بلى يا رب، قال: ألم أسجد لك ملائكتي؟ قال: بلى يا رب، قال: ألم أسكنك جنتي؟ قال: بلى يا رب، قال: ألم آمرك فعصيتني؟ قال: بلى يا رب، قال: وعزتي وجلالي وارتفاعي في علو مكاني لو أن ملء الأرض رجالا مثلك ثم عصوني لأنزلتهم منازل العاصين، غير أنه يا آدم قد سبقت رحمتي غضبي قد سمعت صوتك وتضرعك ورحمت بكاءك وأقلت عثرتك، فقل: لا إله إلا أنت سبحانك وبحمدك عملت سوءا وظلمت نفسي فارحمني إنك أنت خير الراحمين، لا إله إلا أنت سبحانك وبحمدك عملت سوءا وظلمت نفسي، فتب علي إنك أنت التواب الرحيم، فذلك قوله:*{فتلقى آدم من ربه كلمات}*الآية».
- وأخرج ابن المنذر عن محمد بن علي بن الحسين بن أبي طالب قال:*«لما أصاب آدم الخطيئة عظم كربه واشتد ندمه، فجاءه جبريل، فقال: يا آدم هل أدلك على باب توبتك الذي يتوب الله عليك منه؟ قال: بلى يا جبريل، قال: قم في مقامك الذي تناجي فيه ربك فمجده وامدح، فليس شيء أحب إلى الله من المدح، قال: فأقول ماذا يا جبريل؟ قال: فقل: لا إله إلا الله وحده لا شريك له
له الملك وله الحمد، يحيي ويميت وهو حي لا يموت، بيده الخير كله وهو على كل شيء قدير، ثم تبوء بخطيئتك، فتقول: سبحانك اللهم وبحمدك لا إله إلا أنت، رب إني ظلمت نفسي وعملت السوء، فاغفر لي إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، اللهم إني أسألك بجاه محمد عبدك وكرامته عليك أن تغفر لي خطيئتي»،
قال:*«ففعل آدم، فقال الله: يا آدم من علمك هذا؟ فقال: يا رب إنك لما نفخت في الروح، فقمت بشرا سويا أسمع وأبصر وأعقل وأنظر، رأيت على ساق عرشك مكتوبا: بسم الله الرحمن الرحيم، لا إله إلا الله وحده لا شريك له، محمد رسول الله، فلما لم أر أثر اسمك اسم ملك مقرب ولا نبي مرسل غير اسمه علمت أنه أكرم خلقك عليك، قال: صدقت، وقد تبت عليك وغفرت لك خطيئتك»،
قال:*«فحمد آدم ربه وشكره وانصرف بأعظم سرور ولم ينصرف به عبد من عند ربه، وكان لباس آدم النور، قال الله:*{ينزع عنهما لباسهما ليريهما سوآتهما}،*ثياب النور»،
قال:*«فجاءته الملائكة أفواجا تهنئه، يقولون: لتهنك توبة الله يا أبا محمد».
- وأخرج أحمد في الزهد عن قتادة قال:*«اليوم الذي تاب الله فيه على آدم يوم عاشوراء».
- وأخرج الديلمي في مسند الفردوس بسند واه، عن علي، قال: سألت النّبيّ صلى الله عليه وسلم عن قول الله:*{فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه}*فقال:*«إن الله أهبط آدم بالهند وحواء بجدة وإبليس ببيسان والحية بأصبهان، وكان للحية قوائم كقوائم البعير، ومكث آدم بالهند مائة سنة باكيا على خطيئته، حتى بعث الله إليه جبريل، وقال: يا آدم ألم أخلقك بيدي؟ ألم أنفخ فيك من روحي؟ ألم أسجد لك ملائكتي؟ ألم أزوجك حواء أمتي؟ قال: بلى، قال: فما هذا البكاء؟ قال: وما يمنعني من البكاء وقد أخرجت من جوار الرحمن، قال: فعليك بهؤلاء الكلمات، فإن الله قابل توبتك وغافر ذنبك، قل: اللهم إني أسألك بحق محمد وآل محمد، سبحانك لا إله إلا أنت عملت سوءا وظلمت نفسي فاغفر لي إنك أنت الغفور الرحيم، اللهم إني أسألك بحق محمد وآل محمد، سبحانك لا إله إلا أنت عملت سوءا وظلمت نفسي فتب علي إنك أنت التواب الرحيم، فهؤلاء الكلمات التي تلقى آدم».
- وأخرج ابن النجار عن ابن عباس قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الكلمات التي تلقاها آدم من ربه فتاب عليه، قال:*«سأل بحق محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين ألا تبت علي فتاب عليه».
- وأخرج الخطيب في أماليه، وابن عساكر بسند فيه مجاهيل عن ابن مسعود، عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال:*«إن آدم لما أكل من*والشجرة أوحى الله إليه: اهبط من جواري، وعزتي لا يجاورني من عصاني، فهبط إلى الأرض مسودا فبكت الأرض وضجت، فأوحى الله: يا آدم صم لي اليوم يوم ثلاثة عشر، فصامه فأصبح ثلثه أبيض، ثم أوحى الله إليه: صم لي هذا اليوم يوم أربعة عشر، فصامه فأصبح ثلثاه أبيض، ثم أوحى الله إليه صم لي هذا اليوم يوم خمسة عشر، فصامه فأصبح كله أبيض، فسميت أيام البيض».
- وأخرج ابن عساكر عن الحسن قال:*«لما أهبط الله آدم من الجنة إلى الأرض، قال له: يا آدم أربع احفظهن، واحدة لي عندك وأخرى لك عندي، وأخرى بيني وبينك، وأخرى بينك وبين الناس، فأما التي لي عندك: فتعبدني لا تشرك بي شيئا، وأما التي لك عندي: فأوفيك عملك لا أظلمك شيئا، وأما التي بيني وبينك: فتدعوني فأستجيب لك، وأما التي بينك وبين الناس: فترضى للناس أن تأتي إليهم بما ترضى أن يؤتوا إليك بمثله».
- وأخرج أحمد في الزهد والبيهقي في الأسماء والصفات، عن سلمان قال:*«لما خلق الله آدم، قال: يا آدم واحدة لي وواحدة لك وواحدة بيني وبينك، فأما التي لي: فتعبدني لا تشرك بي شيئا، وأما التي لك: فما عملت من شيء جزيتك به، وأن أغفر فأنا غفور رحيم، وأما التي بيني وبينك: فمنك المسألة والدعاء وعلي الإجابة والعطاء»، وأخرجه البيهقي من وجه آخر عن سلمان رفعه.
- وأخرج الخطيب، وابن عساكر عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«لما أهبط الله آدم إلى الأرض مكث فيها ما شاء الله أن يمكث، ثم قال له بنوه: يا أبانا تكلم، فقام خطيبا في أربعين ألفا من ولده وولد ولده، فقال: إن الله أمرني فقال: يا آدم أقلل كلامك ترجع إلى جواري».
- وأخرج الخطيب، وابن عساكر عن ابن عباس قال:*«لما أهبط الله آدم إلى الأرض، أكثر ذريته فنمت، فاجتمع إليه ذات يوم ولده وولد ولده، فجعلوا يتحدثون حوله، وآدم ساكت لا يتكلم، فقالوا: يا أبانا ما لنا نحن نتكلم وأنت ساكت لا تتكلم؟ فقال: يا بني إن الله لما أهبطني من جواره إلى الأرض، عهد إلي فقال: يا آدم أقل الكلام حتى ترجع إلى جواري».
- وأخرج ابن عساكر عن فضالة بن عبيد قال:*«إن آدم كبر حتى تلعب به بنو بنيه، فقيل له:*إلا*تنهى بني بنيك أن يلعبوا بك؟ قال: إني رأيت ما لم يروا، وسمعت ما لم يسمعوا، وكنت في الجنة وسمعت الكلام، إن ربي وعدني إن أنا أسكت فمي أن يدخلني الجنة».
- وأخرج ابن الصلاح في أماليه عن محمد بن النضر قال:*«قال آدم: يا رب شغلتني بكسب يدي، فعلمني شيئا فيه مجامع الحمد والتسبيح، فأوحى الله إليه: يا آدم إذا أصبحت فقل ثلاثا وإذا أمسيت فقل ثلاثا، الحمد لله رب العالمين حمدا يوافي نعمه ويكافىء مزيده، فذلك مجامع الحمد والتسبيح».
- وأخرج أبو الشيخ في العظمة عن قتادة قال:*«كان آدم عليه السلام يشرب من السحاب».
- وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف عن كعب قال:*«أول من ضرب الدينار والدرهم آدم عليه السلام».
- وأخرج ابن عساكر عن معاوية بن يحيى قال:«أول من ضرب الدينار والدرهم آدم، ولا تصلح المعيشة إلا بهما».
- وأخرج ابن أبي شيبة عن الحسن قال:«أول من مات آدم عليه السلام».
- وأخرج ابن سعد والحاكم، وابن مردويه*عن عن*أبي بن كعب، عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم، قال:«لما حضر آدم قال لبنيه: انطلقوا فاجنوا لي من ثمار الجنة، فخرجوا فاستقبلتهم الملائكة فقالوا: أين تريدون؟ قالوا: بعثنا أبونا لنجني له من ثمار الجنة، فقالوا: ارجعوا فقد كفيتم، فرجعوا معهم حتى دخلوا على آدم، فلما رأتهم حواء ذعرت منهم وجعلت تدنو إلى آدم وتلصق به، فقال: إليك عني، إليك عني، فمن قبلك أتيت، خلي بيني وبين ملائكة ربي، قال: فقبضوا روحه ثم غسلوه وحنطوه وكفنوه، ثم صلوا عليه ثم حفروا له ودفنوه، ثم قالوا: يا بني آدم هذه سنتكم في موتاكم فكذلكم فافعلوا»، وأخرجه ابن أبي شيبة عن أبي، موقوفا.
- وأخرج ابن عساكر عن أبي، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:*«إن آدم لما حضرته الوفاة أرسل الله إليه بكفن وحنوط من الجنة، فلما رأت حواء الملائكة جزعت، فقال: خلي بيني وبين رسل ربي، فما لقيت الذي لقيت إلا منك، ولا أصابني الذي أصابني إلا منك».
- وأخرج ابن عساكر عن ابن عباس قال:*«كان لآدم بنون، ود سواع ويغوث ويعوق ونسر، فكان أكبرهم يغوث، فقال له: يا بني انطلق، فإن لقيت أحدا من الملائكة فأمره يجيئني بطعام من الجنة وشراب من شرابها، فانطلق فلقي جبريل بالكعبة فسأله عن ذلك، قال: ارجع فإن أباك يموت، فرجع فوجداه يجود بنفسه، فوليه جبريل، فجاءه بكفن وحنوط وسدر، ثم قال: يا بني آدم أترون ما أصنع بأبيكم؟ فاصنعوه بموتاكم، فغسلوه وكفنوه وحنطوه ثم حملوه إلى الكعبة، فكبر عليه أربعا، ووضعوه مما يلي القبلة عند القبور، ودفنوه في مسجد الخيف».
- وأخرج الدارقطني في "سننه" عن ابن عباس قال:*«صلى جبريل على آدم وكبر عليه أربعا، صلى جبريل بالملائكة يومئذ في مسجد الخيف، وأخذ من قبل القبلة ولحد له وسنم قبره».
- وأخرج أبو نعيم في الحلية عن ابن عباس: أن النّبيّ صلى الله عليه وسلم أتي بجنازة فصلى عليها وكبر أربعا، وقال:*«كبرت الملائكة على آدم أربع تكبيرات».
- وأخرج ابن عساكر عن أبي أن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال:*«ألحد آدم وغسل بالماء وترا، فقالت الملائكة: هذه سنة ولد آدم من بعده».
- وأخرج ابن عساكر عن عبد الله بن أبي فراس، قال:*«قبر آدم في مغارة فيما بين بيت المقدس ومسجد إبراهيم ورجلاه عند الصخرة ورأسه عند مسجد إبراهيم، وبينهما ثمانية عشر ميلا».
- وأخرج ابن عساكر عن عطاء الخراساني قال:*«بكت الخلائق على آدم حين توفي سبعة أيام».
- وأخرج ابن عدي في الكامل وأبو الشيخ في العظمة، وابن عساكر، عن جابر أن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال:«ليس أحد من أهل الجنة إلا يدعى باسمه، إلا آدم فإنه يكنى أبا محمد، وليس أحد من أهل الجنة إلا وهم جرد مرد، إلا ما كان من موسى بن عمران فإن لحيته تبلغ سرته».
- وأخرج ابن عدي والبيهقي في الدلائل، وابن عساكر، عن علي، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«أهل الجنة ليست لهم كنى إلا آدم، فإنه يكنى أبا محمد تعظيما وتوقيرا.
- وأخرج ابن عساكر عن كعب قال:*«ليس أحد في الجنة له لحية إلا آدم عليه السلام، له لحية سوداء إلى سرته، وذلك أنه لم يكن له في الدنيا لحية، وإنما كانت اللحى بعد آدم، وليس أحد يكنى في الجنة غير آدم، يكنى فيها أبا محمد».
- وأخرج أبو الشيخ عن بكر بن عبد الله المزني قال:*«ليس أحد في الجنة له كنية إلا آدم يكنى أبا محمد، أكرم الله بذلك محمدا صلى الله عليه وسلم».
- وأخرج ابن عساكر عن غالب بن عبد الله العقيلي قال:*«كنية آدم في الدنيا أبو البشر، وفي الجنة أبو محمد».
- وأخرج أبو الشيخ في العظمة عن خالد بن معدان قال:*«أهبط آدم بالهند، وأنه لما توفي حمله خمسون ومائة رجل من بنيه إلى بيت المقدس، وكان طوله ثلاثين ميلا، ودفنوه بها، وجعلوا رأسه عند الصخرة، ورجليه خارجا من بيت المقدس ثلاثين ميلا».
- وأخرج الطبراني عن أبي برزة الأسلمي قال:*«إن آدم لما طؤطىء منع كلام الملائكة -وكان يستأنس بكلامهم-، بكى على الجنة مائة سنة، فقال الله عز وجل له: يا آدم ما يحزنك؟ قال: كيف لا أحزن وقد أهبطتني من الجنة ولا أدري أعود إليها أم لا؟ فقال الله تعالى: يا آدم قل: اللهم لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك سبحانك وبحمدك، رب إني عملت سوءا وظلمت نفسي فاغفر لي إنك أنت خير الغافرين، والثانية: اللهم لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك سبحانك وبحمدك، رب إني عملت سوءا وظلمت نفسي فاغفر لي إنك أنت أرحم الراحمين، والثالثة: اللهم لا إله إلا أنت سبحانك وبحمدك لا شريك لك رب عملت سوءا وظلمت نفسي فاغفر لي إنك أنت التواب الرحيم، فهي الكلمات التي أنزل الله على محمد صلى الله عليه وسلم*{فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه إنه هو التواب الرحيم}».
قال:«وهي لولده من بعده، وقال آدم لابن له يقال هبة الله، ويسميه أهل التوراة وأهل الإنجيل شيث: تعبد لربك واسأله أيردني إلى الجنة أم لا، فتعبد الله وسأل، فأوحى الله إليه: إني راده إلى الجنة، فقال: أي رب إني لست آمن، إن أبي سيسألني العلامة، فألقى الله سوارا من أسورة الحور، فلما أتاه قال: ما وراءك؟ قال: أبشر، قال: أخبرني أنه رادك إلى الجنه، قال: فما سألته العلامة، فأخرج السوار، فرآه فعرفه فخر ساجدا فبكى حتى سال من عينيه نهر من دموع، وآثاره تعرف بالهند،*وذكر أن كنز الذهب بالهند مما ينبت من ذلك السوار،
ثم قال: استطعم لي ربك من ثمر الجنة، فلما خرج من عنده مات آدم فجاءه جبريل فقال: إلى أين؟ قال: إن أبي أرسلني أن أطلب إلى ربي أن يطعمه من ثمر الجنة، قال: فإن ربه قضى أن لا يأكل منها شيئا حتى يعود إليها، وأنه قد مات فارجع فواره، فأخذ جبريل عليه السلام فغسله وكفنه وحنطه وصلى عليه، ثم قال جبريل: هكذا فاصنعوا بموتاكم».
- وأخرج أبو الشيخ عن مجاهد قال:*«قبر آدم عليه السلام بني في مسجد الخيف، وقبر حواء بجدة».
- وأخرج ابن أبي حنيفة في تاريخه، وابن عساكر عن الزهري والشعبي قالا:*«لما هبط آدم من الجنة وانتشر ولده، أرخ بنوه من هبوط آدم، فكان ذلك التاريخ حتى بعث الله نوحا، فأرخوا ببعث نوح، حتى كان الغرق، فكان التاريخ من الطوفان إلى نار إبراهيم، فأرخ بنو إسحاق من نار إبراهيم إلى بعث يوسف، ومن بعث يوسف إلى مبعث موسى، ومن مبعث موسى إلى ملك سليمان، ومن ملك سليمان إلى ملك عيسى، ومن مبعث عيسى إلى مبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأرخ بنو اسماعيل من نار إبراهيم إلى بناء البيت حين بناه إبراهيم وإسماعيل، فكان التاريخ من بناء البيت حتى تفرقت معد، فكان كلما خرج قوم من تهامة أرخوا مخرجهم حتى مات كعب بن لؤي، فأرخوا من موته إلى الفيل، فكان التاريخ من الفيل، حتى أرخ عمر بن الخطاب من الهجرة، وذلك سنة سبع عشرة أو ثمان عشرة».
- وأخرج ابن عساكر عن عبد العزيز بن عمران قال:«لم يزل للناس تاريخ، كانوا يؤرخون في الدهر الأول من هبوط آدم من الجنة، فلم يزل ذلك حتى بعث الله نوحا فأرخوا من دعاء نوح على قومه، ثم أرخوا من الطوفان، ثم أرخوا من نار إبراهيم، ثم أرخ بنو اسماعيل من بنيان الكعبة، ثم أرخوا من موت كعب بن لؤي، ثم أرخوا من عام الفيل، ثم أرخ المسلمون بعد من هجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم»).*[الدر المنثور: 1/ 313-335]


ما ورد في قوله تعالى:{قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} 38)}
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) :
- وقد حدّثني يعقوب بن إبراهيم، قال: حدّثنا هشيمٌ، قال: أخبرنا إسماعيل بن سالمٍ، عن أبي صالحٍ في قوله:*{اهبطوا منها جميعًا}*قال:*«آدم، وحوّاء، والحيّة، وإبليس»).*[جامع البيان: 1/ 588]
- كما حدّثنا المثنّى بن إبراهيم، قال: حدّثنا آدم العسقلانيّ، قال: حدّثنا أبو جعفرٍ، عن الرّبيع، عن أبي العالية: في قوله:*{فإمّا يأتينّكم منّي هدًى}*قال:*«الهدى: الأنبياء والرّسل والبيان».
- كما حدّثنا به المثنّى، قال: حدّثنا آدم، قال: حدّثنا أبو جعفرٍ، عن الرّبيع، عن أبي العالية:*«{فمن تبع هداي}:*يعني بياني»
- كما حدّثني يونس بن عبد الأعلى، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ:*«{لا خوفٌ عليهم}*يقول لا خوفٌ عليكم أمامكم، وليس شيءٌ أعظم في صدر الّذي يموت ممّا بعد الموت، فأمّنهم منه وسلاّهم عن الدّنيا، فقال:*{ولا هم يحزنون}»).*[جامع البيان: 1/ 589-591]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ):*({قلنا اهبطوا منها جميعًا فإمّا يأتينّكم منّي هدًى فمن تبع هداي فلا خوفٌ عليهم ولا هم يحزنون (38)}*
قوله:*{قلنا اهبطوا منها جميعًا}
- حدّثنا أبو سعيد بن يحيى بن سعيدٍ القطّان، ثنا يحيى بن حمّادٍ، ثنا أبو عوانة، عن إسماعيل بن سالمٍ، عن أبي صالحٍ مولى أمّ هانئٍ، في قوله:*{اهبطوا منها جميعًا}*قال:*«يعني آدم وحوّاء والحيّة».
وروي عن السّدّيّ نحو ذلك، وزاد فيه:*«إبليس».
- حدّثنا الحسن بن أبي الرّبيع، أنبأ عبد الرّزّاق، قال: قال معمرٌ وأخبرني عوفٌ، عن قسامة، عن أبي موسى قال:*«إنّ اللّه تعالى حين أهبط آدم من الجنّة إلى الأرض علّمه صنعة كلّ شيءٍ، وزوّده من ثمار الجنّة مثل ثمرتكم هذه من ثمار الجنّة، غير أنّ هذه تتغيّر وتلك لا تتغيّر».
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا عمرو بن حمّادٍ بن طلحة، ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ:*«{اهبطوا منها جميعًا}*فهبطوا فنزل آدم بالهند. وأنزل معه بالحجر الأسود، وأنزل بقبضةٍ من ورق الجنّة فبثّه بالهند فنبت شجر الطّيب. فإنّما أصل ما يجاء به من الهند من الطّيب من قبضة الورق الّتي هبط بها آدم، وإنّما قبضها آدم حين أخرج من الجنّة أسفًا على الجنّة حين أخرج منها»).[تفسير القرآن العظيم: 1/ 92]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ):*(قوله:*{فإما يأتينكم مني هدى}
[الوجه الأوّل]
- حدّثنا عصام بن روّادٍ، ثنا آدم، ثنا أبو جعفرٍ الرّازيّ، عن الرّبيع، عن أبي العالية في قوله:*{فإمّا يأتينّكم منّي هدًى}*قال:«الهدى: الأنبياء والرّسل، والبيان».
الوجه الثّاني:
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا صفوان، ثنا الوليد، أخبرني بكير بن معروفٍ، عن مقاتل ابن حيّان، في قول اللّه عزّ وجلّ:*{فإمّا يأتينّكم منّي هدًى}:«يعني بالهدى محمّدًا صلّى اللّه عليه وسلّم».
الوجه الثّالث:
- حدّثنا محمود بن الفرج الأصبهانيّ الزّاهد، ثنا محمّد بن يحيى بن فيّاضٍ الزّمّانيّ، ثنا أبو بكرٍ الحنفي البراء بن يزيد، عن الحسن في قوله:*{فإمّا يأتينّكم منّي هدًى}*قال:*«القرآن»).[تفسير القرآن العظيم: 1 /93]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ):*(قوله:*{فمن تبع هداي}
- حدّثنا عصام بن روّادٍ، ثنا آدم، ثنا أبو جعفرٍ، عن الرّبيع، عن أبي العالية في قوله:*{فمن تبع هداي}:«يعني البيان».
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا صفوان، ثنا الوليد، أخبرني بكير بن معروفٍ، عن مقاتل ابن حيّان، في قول اللّه:*{فمن تبع هداي}:«يقول: فمن تبع محمّدًا صلّى اللّه عليه وسلّم».
- حدّثنا أبي، ثنا شهاب بن عبّادٍ، ثنا إبراهيم بن حميدٍ، عن أبي خالدٍ:«{فمن تبع هداي}يعني كتابي»).*[تفسير القرآن العظيم: 1/ 93]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ):*(قوله:*{فلا خوفٌ عليهم}
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا يحيى بن عبد اللّه بن بكيرٍ، حدّثني عبد اللّه بن لهيعة، حدّثني عطاء بن دينارٍ، عن سعيد بن جبيرٍ في قول اللّه:*{فلا خوفٌ عليهم}:«يعني في الآخرة»).*[تفسير القرآن العظيم: 1/ 93]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ):*(قوله:*{ولا هم يحزنون}
- وبه عن سعيد بن جبيرٍ في قوله:*{ولا هم يحزنون}:*«يعني: لا يحزنون للموت»).*[تفسير القرآن العظيم: 1/ 93]
- وأخرج عبد الرزاق في المصنف والبيهقي في شعب الإيمان، عن قتادة قال:*«لما هبط إبليس، قال: أي رب قد لعنته، فما علمه؟ قال: السحر، قال: فما قراءته؟ قال: الشعر، قال: فما كتابه؟ قال: الوشم، قال: فما طعامه؟ قال: كل ميتة وما لم يذكر اسم الله عليه، قال: فما شرابه؟ قال: كل مسكر، قال: فأين مسكنه؟ قال: الحمام، قال: فأين مجلسه؟ قال: الأسواق، قال: فما صوته؟ قال: المزمار، قال: فما مصائده؟ قال: النساء».
- وأخرج أبو نعيم في الحلية عن ابن عباس قال: قال رسول صلى الله عليه وسلم:*«قال إبليس لربه تعالى: يا رب قد أهبط آدم، وقد علمت أنه سيكون كتاب ورسل، فما كتابهم ورسلهم؟ قال: رسلهم الملائكة والنبيون، وكتبهم التوراة والإنجيل والزبور والفرقان، قال: فما كتابي؟ قال: كتابك الوشم، وقراءتك الشعر، ورسلك الكهنة، وطعامك ما لم يذكر اسم الله عليه، وشرابك كل مسكر، وصدقك الكذب، وبيتك الحمام، ومصائدك النساء، ومؤذنك المزمار، ومسجدك الأسواق»).*[الدر المنثور: 1/ 335-336]

ماورد في قوله تعالى:{وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (39)}
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) :
- حدّثنا به عقبة بن سنانٍ البصريّ، قال: حدّثنا غسّان بن مضر، قال: حدّثنا سعيد بن يزيد، وحدّثنا سوّار بن عبد اللّه العنبريّ، قال: حدّثنا بشر بن المفضّل، قال: حدّثنا أبو مسلمة، وحدّثني يعقوب بن إبراهيم، وأبو بكر بن عونٍ، قالا: حدّثنا إسماعيل ابن عليّة، عن سعيد بن يزيد، عن أبي نضرة، عن أبي سعيدٍ الخدريّ، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم:*«أمّا أهل النّار الّذين هم أهلها فإنّهم لا يموتون فيها ولا يحيون، ولكنّ أقوامًا أصابتهم النّار بخطاياهم أو بذنوبهم فأماتتهم إماتةً حتّى إذا صاروا فحمًا أذن في الشّفاعة»).*[جامع البيان: 1/ 592]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ):
- حدّثنا محمّد بن يحيى، أنبأ العبّاس بن الوليد النّرسيّ، ثنا يزيد بن سعيدٍ، عن قتادة قوله:*{والّذين كفروا}*قال:*«المشركون من قريشٍ»).*[تفسير القرآن العظيم: 1 /94]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ):*(قوله*تعالى:*{بآياتنا}
[الوجه الأول]
- حدّثنا أحمد بن عثمان بن حكيمٍ، ثنا أحمد بن المفضّل، ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ:*«أمّا آيات اللّه فمحمّدٌ صلّى اللّه عليه وسلّم».
والوجه الثّاني:
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا يحيى بن عبد اللّه بن بكيرٍ، حدّثني ابن لهيعة، حدّثني عطاء بن دينارٍ، عن سعيد بن جبيرٍ:*«قوله:*{بآياتنا}*يعني القرآن»).*[تفسير القرآن العظيم: 1/ 94]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ):*(قوله:*{أولئك أصحاب النّار}
- حدّثنا أبو بكر بن أبي موسى الأنصاريّ، ثنا هارون بن حاتمٍ، ثنا عبد الرّحمن ابن أبي حمّادٍ، ثنا أسباط بن نصرٍ، عن السّدّيّ، عن أبي مالكٍ في قوله:*{أصحاب النّار}:«يعذّبون فيها»).*[تفسير القرآن العظيم: 1/ 94]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ):*(قوله:*{هم فيها خالدون}
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ):*(قوله:*{هم فيها خالدون}
- حدّثنا محمّد بن يحيى، أنبأ أبو غسّان، ثنا سلمة بن الفضل، عن محمّد بن إسحاق، قال فيما حدّثني محمّد بن أبي محمّدٍ عن عكرمة أو سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ:*{أولئك أصحاب النّار هم فيها خالدون}:«أي: خالدون أبدًا».
- حدّثنا أبي، ثنا أبو صفوان نصر بن قديد بن نصر بن سيّارٍ اللّيثيّ، ثنا ربعيّ بن عبد اللّه بن الجارود بن أبي سبرة الهذليّ، عن الجارود بن أبي سبرة، عن أنسٍ يرفعه قال:*«المخلّدون في النّار في توابيت من حديدٍ*مطبقةٍ»).*[تفسير القرآن العظيم: 1/ 94]
*************************************************************************
خامساً - الفوائد العامة والسلوكية :
[color="rgb(46, 139, 87)"]قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): [/color](وقوله عزّ وجلّ:*{فتلقّى آدم من ربّه كلمات فتاب عليه إنه هو التّوّاب الرّحيم (37)}
في هذه الآية موعظة لولدهما، وتعريفهم كيف السبيل إلى التنصّل من الذنوب، وأنه لا ينفع إلا الاعتراف والتوبة، لأن ترك الاعتراف بما حرّم اللّه -عزّ وجلّ- حرام وكفر باللّه، فلا بد من الاعتراف مع التوبة، فينبغي أن يفهم هذا المعنى، فإنه من أعظم ما يحتاج إليه من الفوائد.
[color="rgb(46, 139, 87)"]قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) :[/color]*(قوله عز*وجل:*{فتلقّى آدم من ربّه كلماتٍ فتاب عليه إنّه هو التّوّاب الرّحيم (37)
وإنما خص الله تعالى آدم بالذكر هنا في التلقي والتوبة، وحواء مشاركة له في ذلك بإجماع لأنه المخاطب في أول القصة بقوله:*{اسكن أنت وزوجك الجنّة}*فلذلك كملت القصة بذكره وحده، وأيضا فلأن المرأة حرمة ومستورة فأراد الله الستر لها، ولذلك لم يذكرها في المعصية في قوله:*{وعصى آدم ربّه فغوى}*[طه: 121].
وبنية*{التّوّاب}*للمبالغة والتكثير، وفي قوله تعالى:*{إنّه هو التّوّاب الرّحيم}*تأكيد فائدته: أن التوبة على العبد إنما هي نعمة من الله، لا من العبد وحده لئلا يعجب التائب، بل الواجب عليه شكر الله تعالى في توبته عليه).*[المحرر الوجيز: 1/ 188-190]


قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله عزّ وجلّ:*{قلنا اهبطوا منها جميعا فإمّا يأتينّكم منّي هدى فمن تبع هداي فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون (38)}
الفائدة في ذكر الآية: أنه عزّ وجلّ أعلمهم أنه يبتليهم بالطاعة وأنه يجازيهم بالجنة عليها وبالنّار على تركها، وأن هذا الابتلاء وقع عند الهبوط على الأرض.
********************************************

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 12 صفر 1436هـ/4-12-2014م, 04:48 PM
لمياء لمياء غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى السادس
 
تاريخ التسجيل: Apr 2014
المشاركات: 322
افتراضي

فوائد سلوكية

في قوله تعالى { فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (37) قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعاً فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (38) وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (39)}

- دوام التضرع إلى الله وعدم الانقطاع عنه حتى وإن زل المرء من أسباب النجاة فالمؤمن لا ينقطع عن ربه وإن أصابه فتور أو غفلة أو زلل فإنه سريع الإنابة لربه فيتوب عليه لأنه تواب على من تاب وأناب كما قال تعالى : ( وإني لغفارٌ لمن تاب و ءامن وعمل صالحاً ثم اهتدى )

- سرعة التوبة والإنابة إلى الله عز وجل وإن عظم الذنب من أسباب قبول التوبة كما في قوله تعالى : (والذين إذا فعلوا فاحشةً أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون )

- اتباع هدي الأنبياء والمرسلين والشرائع التي أنزلوا بها يحصل به الفوز بالطمأنينة في الدنيا والنجاة في الآخرة والعكس لمن أعرض عن الهدى واتبع هواه فإنه لا نجاة له ولا طمأنينة حتى وإن تنعم وتقلب في نعم الله عليه في الدنيا فإنه لا تحصل له طمأنينة في قلبه ولا يشعر بلذة القرب من ربه فهو محروم وإن كان أعظم الملوك لذلك تجد كثيراً من غير المسلمين من المنعمين المترفين من ينتحر وينهي حياته بطريقة مأساوية بالرغم من كثرة النعم التي تحيط به لأن قلبه محجوب عن ربه فكيف يطمئن ويسكن؟!

- المعصية لها شؤم في الدنيا وذلك ملاحظ فما من معصية إلا وتبعها إما قلة في البركة أو نقص في مدد السماء من المطر والأرزاق كما قال تعالى :( كثر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا ) ولقد اهبط آدم من الجنة من بعد أن كرمه الله وأسجد له ملائكته بسبب معصية اقترفها فالمؤمن يحذر من المعاصي فلا يدري ماذا تجر عليه من شؤم.

والله تعالى أعلى وأعلم

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الطالبة, صفحة


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:07 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir