بسم الله الرحمن الرحيم
سورة القلم (الآيات: 7 - 16)
* {هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ} يَعلَمُ أن من اتَّهَمَكَ بالضلالِ هم الضالُّونَ، لمخالَفَتِهم لِمَا فيه نَفْعُهم في العاجِلِ والآجِلِ.
* {وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} إلى سبيلِه الْمُوَصِّلِ إلى السعادةِ الآجِلَةِ والعاجلةِ.
* {فَلاَ تُطِعِ الْمُكَذِّبِينَ} رُؤساءُ كُفَّارِ مَكَّةَ الذين كَذَّبُوكَ وعانَدُوا الحقَّ؛ لأنَّهم لا يُرِيدونَ إلاَّ الباطِلَ. وهذا عامٌّ في كلِّ مُكَذِّبٍ، وفي كلِّ طاعةٍ ناشئةٍ عن التكذيبِ.
* {وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ} توافِقُهم إمَّا بالقوْلِ أو بالفعْلِ أو بالسكوتِ، {فَيُدْهِنُونَ}.أو: تَميلُ إلى مُرادِهم فيَميلونَ إلى مُرادِكَ.
والْمُدَاهَنَةُ مُعاشَرَةٌ في الظاهِرِ ومُحَالَفَةٌ مِن غيرِ مُوافَقَةِ الباطِنِ، وقالَ القُتَيْبِيُّ في معنى الآيةِ: إنَّ الكُفَّارَ قالوا للنبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: نَعْبُدُ مَعَكَ إِلَهَكَ مُدَّةً، وتَعبدُ معنا إلَهَنا مُدَّةً.
* {وَلاَ تُطِعْ كُلَّ حَلاَّفٍ} وهو كذَّابٌ فهو {مَهِينٍ} حَقيرٍ، خَسيسِ النفْسِ، ناقِصِ الْهِمَّةِ في الخيرِ. ومعناه ههنا: قِلَّةُ الرأيِ والتمييزِ.
قالَ ابنُ عَبَّاسٍ: هو الوليدُ بنُ الْمُغيرةِ. وعن مُجاهِدٍ: هو الأسوَدُ بنُ عبدِ يَغوثَ. وعن بعضِهم: هو الأخنَسُ بنُ شَريقٍ، وقيلَ: هو على العُمومِ.
* {هَمَّازٍ} يستهزئ بالناسِ في وُجوهِهم، واللَّمَّازُ الذي يَذْكُرُهم في الغِيبَةِ. أو عَتَّابٍ مُغتابٍ طَعَّانٍ في الناسِ
* {مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ}؛ بينَ الناسِ ، أي: نَقْلُ كلامِ بعضِهم لبعضٍ؛ بقَصْدِ الإفسادِ وإلقاءِ العداوةِ والبَغضاءِ.
عن النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ برِوايةِ حُذيفةَ أنه قالَ: ((لاَ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ قَتَّاتٌ)).
وأنه قالَ: ((شِرَارُ النَّاسِ الْمَشَّاؤُونَ بِالنَّمِيمَةِ الْبَاغُونَ لِلْبُرَآءِ الْعَنَتَ)).
وعن يحيى بنِ أبي كثيرٍ قالَ: يُفْسِدُ النَّمَّامُ في يومٍ ما لا يُفْسِدُه الساحِرُ في شهْرٍ.
* {مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ} الذي يَلْزَمُه القيامُ به؛ مِن النفقاتِ الواجبةِ, والكفَّاراتِ, والزَّكَوَاتِ.
أو بَخيلٍ، ويُقالُ: مَنَّاعٍ مِن الإسلامِ.
وكانَ الوليدُ بنُ الْمُغيرةِ قالَ لبَنِيهِ وأَهْلِه: مَن أسْلَمَ مِنكم قطَعْتُ منه رِفْدِي ورِفْقِي.
* {مُعْتَدٍ} مُتجاوِزٍ في الظلْمِ على الْخَلْقِ في الدماءِ والأموالِ والأعراضِ.
* {أَثِيمٍ} المعصية والذنب في الحقِّ المتعلق باللَّهِ تعالى.
* {عُتُلٍّ} الشديدُ الْخَلْقِ الفاحشُ الْخُلُقِ. وقالَ الزَّجَّاجُ: هو الغَليظُ الجافِي.
- وقالَ ابنُ عباسٍ: "مَن يَعْمَلُ السوءَ ويُعْرَفُ به". أوْرَدَه النَّقَّاشُ
وقد رُوِيَ عن النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنه قالَ: ((أَلاَ أُنَبِّئُكُمْ بِأَهْلِ النَّارِ؟ كُلُّ جَعْظَرِيٍّ جَوَّاظٍ صَخَّابٍ بِالأَسْوَاقِ، جِيفَةٍ بِاللَّيْلِ حِمَارٍ بِالنَّهَارِ، وَعَالِمٍ بِالدُّنْيَا جَاهِلٍ بِالآخِرَةِ)).
الْجَعْظَرِيِّ (كالعُتُلّ): وهو الأَكولُ الشروبُ الظلومُ، ِ
والْجَوَّاظُ: هو الْجَمَّاعُ الْمَنَّاعُ، ذكَرَه شَدَّادُ بنُ أَوْسٍ.
وقالَ ثَعلبٌ: الْجَوَّاظُ: هو الكثيرُ اللحْمِ المختالُ في مِشيتِه.
ويُقالُ: فلانٌ جَظٌّ، أيْ: ضَخْمٌ.
* {بَعْدَ ذَلِكَ} وهو بعدَ ما عَدَّ مِن مَعَايِبِه
* {زَنِيمٍ}دَعِيٍّ ليسَ له أصْلٌ مُلْصَق بالقوْمِ وليس منهم ، له زَنَمَةٌ: عَلاَمَةٌ في الشَّرِّ يُعْرَفُ بها.
* {أَنْ كَانَ ذَا مَالٍ وَبَنِينَ} وقُرِئَ: (أَأَنْ كَانَ) لأنْ كانَ أو لأَجْلِ أنه، والمعنى: لا تُطِعْهُ لِمَالِه وبَنِيهِ.
وقيلَ: المرادُ به التوبيخُ والتقريعُ
و هذه الآيات وإنْ كانَتْ في بعضِ الْمُشرِكينَ؛ الذي لأَجْلِ كَثرةِ مالِه ووَلَدِه، طَغَى واستكبَرَ عن الحَقِّ، فإِنَّها عامَّةٌ في كُلِّ مَن اتَّصَفَ بهذا الوصْفِ؛ لأنَّ القرآنَ نَزَلَ لهدايةِ الخلْقِ كُلِّهم.
* {قَالَ أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ} واحدُها أُسطورةٌ. وقالَ الكِسائيُّ: تُرَّهَاتٌ مِن الكلامِ لا نِظامَ لها.
ثم تَوَعَّدَ تعالى بأنَّه سيَسِمُه على خُرطومِه بالسوادِ في العذابِ حتى يكونُ عليه سِمَةٌ وعَلاَمَةٌ في وَجْهه يُعْرَفُ بها.
وقيلَ: يُلْصِقُ به عاراً ومَسَبَّةً وشَيْناً لا يُفارِقُه أَبَداً.
قالَ أبو عُبيدةَ والْمُبَرِّدُ وغيرُهما، الْخُرطومُ: الأَنْفُ، ومعناه: يُجعلُ على أنْفِه سِمَةٌ يُعرَفُ بها أنه مِن أهْلِ النارِ.
ووَصَفَ الأنفَ مَوْضِعَ الوجهِ لأنه منه.
اللهم اغفر لي ولوالدي وللمسلمين والمسلمات