![]() |
32: قصيدة الحارث بن وعلة الجرمي: فدى لكما رجلى أمي وخالتي = غداة الكلاب إذ تحز الدوابر
قال الحارث بن وعلة الجرمي: فدى لكما رجلى أمي وخالتي = غداة الكلاب إذ تحز الدوابر نجوت نجاءً لم ير الناس مثله = كأني عقاب عند تيمن كاسر خدارية سفعاء لبد ريشها = من الطل يوم ذو أهاضيب ماطر كأنا وقد حالت حذنة دوننا = نعام تلاه فارس متواتر فمن بك يرجو في تميم هوادة = فليس لجرم في تميم أواصر ولما سمعت الخيل تدعو مقاعساً = تطالعني من ثغرة النحر جائر فإن أستطيع لا تلتبس بي مقاعس = ولا يرني مباداهم والمحاضر ولا تك لي حدادة مضربة = إذا ما غدت قوت العيال تبادر يقول لي النهدي: إنك مرد في = وكيف رداف الفل، أمك عابر يذكرني بالرحم بيني وبينه = وقد كان في نهد وجرم تدابر ولما رأيت الخيل تترى أثائجاً = علمت بأن اليوم أحمس فاجر |
شرح المفضليات للشيخين: أحمد شاكر وعبد السلام هارون
32 وقال الحارث بن وعلة الجرمي 1: فدى لكما رجلى أمي وخالتي = غداة الكلاب إذ تحز الدوابر 2: نجوت نجاءً لم ير الناس مثله = كأني عقاب عند تيمن كاسر 3: خدارية سفعاء لبد ريشها = من الطل يوم ذو أهاضيب ماطر 4: كأنا وقد حالت حذنة دوننا = نعام تلاه فارس متواتر 5: فمن يك يرجو في تميم هوادة = فليس لجرم في تميم أواصر 6: ولما سمعت الخيل تدعو مقاعساً = تطالعني من ثغرة النحر جائر 7: فإن أستطيع لا تلتبس بي مقاعس = ولا يرني مباداهم والمحاضر 8: ولا تك لي حدادة مضرية = إذا ما غدت قوت العيال تبادر 9: يقول لي النهدي: إنك مردفي = وكيف رداف الفل، أمك عابر 10: يذكرني بالرحم بيني وبينه = وقد كان في نهد وجرم تدابر 11: ولما رأيت الخيل تترى أثائجاً = علمت بأن اليوم أحمس فاجر ترجمته: هكذا نسبت القصيدة في المفضليات للحرث بن وعلة. وكذلك نقل الأنباري عن الأصمعي قال: (أنشدنيها أبو عمرو بن العلاء للحرث بن وعلة الجرمي (وسائر الرواة والأخباريين ينسبونها لأبيه وعلة. فنقل الأنباري ذلك عن أحمد بن عبيد عن هاشم بن محمد عن المفضل وإسحاق بن الجصاص، وكذلك في النقائض والأغاني والعقد، كلهم يذكر أن الذي حضر الوقعة يوم الكلاب الثاني وقال القصيدة هو وعلة الجرمي. وهو وعلة بن عبد الله بن الحرث بن بلع بن سبيلة بن الهون بن أعجب بن قدامة بن جرم بن ربان، وهو علاف بن حلوان بن عمران بن الحافي بن قضاعة بن مالك بن عمرو بن زيد بن مالك بن حمير بن سبأ. وكان وعلة وابنه الحرث من فرسان قضاعة وأنجادها وأعلامها وشعرائها. وشهد وعلة يوم الكلاب الثاني، فأفلت بعد أن أدركه قيس بن عاصم المنقري وطلبه، ففاته ركضا وعدوا، جعل يركض فرسه، فإذا ظن أنها قد أعيت وثب عنها فعدا منها، وصاح بها فتجري وهو يجاريها، فاذا أعيا وثب فركبها، حتى نجا. فسأل عنه قيس فعرف أنه وعلة الجرمي، فانصرف وتركه. و(بلع) بضم ففتح. و(سبيلة) بالتصغير. و(جرم) بفتح فسكون. و(ربان) بفتح الراء المهملة وتشديد الباء الموحدة، ويرسم مصحفا في كثير من الكتب. (وغلاف) ككتاب. وهناك شاعر آخر اسمه (الحرث بن وعلة بن المجالد) وهو شيباني ذهلي، له شعر في حماسة أبي تمام، يشتبه على العلماء بالحرث بن وعلة الجرمي، وهذا غير ذاك. وللذهلي ترجمة في المؤتلف 197 وذكر نسبه في الأغاني 20: 132 وقد اشتبه الاسمان على القالي في أماليه 1: 262، 2: 69 فذكر أبياتا من كلمة الحرث الذهلي ونسبها للجرمي. واضطراب الأمر على أبي عبيد البكري في سمط اللآلي 585 فظنهما واحدا وقال: (الحرث بن وعلة الذهلي، وكذلك هو في الحماسة حيثما ذكر، ولعله كان مجاورا في جرم)!! جو القصيدة: قالها وعلة في يوم الكلاب الثاني، وكان بين أهل اليمن من مذحج وهمدان وكندة، وبين بني تميم، سعد والرباب، ورئيس الرباب النعمان بن جساس، ورئيس سعد قيس بن عاصم المنقري. فلما غدوا على القتال نادى قيس بن عاصم: يا آل مقاعس، ومقاعس هو الحرث بن عمرو بن كعب بن سعد، فسمع الصوت وعلة الجرمي، وكان صاحب لواء أهل اليمن يومئذ، فطرحه، وكان أول منهزم من قومه، وحملت عليهم سعد والرباب فهزموهم. ولما أكثرت تميم القتل في أهل اليمن أمرهم قيس بن عاصم بالكف عن القتل وأن يحزوا عراقيبهم، وهو ما أشار إليه وعلة وإلى فراره في الأبيات 1-3. وأشار إلى نداء قيس آل مقاعس في البيتين 6، 7. ثم إن وعلة لحق به رجل من بني نهد اسمه سليط بن قتب، فقال له النهدي: أردفني خلقك فإني أتخوف القتل، فأبى أن يردفه، وهو ما يشير إليه البيتان. تخريجها: الأبيات 6، 2، 3، 9، 7، 1، 5 في الأغاني 15: 72. والأبيات 1، 2، 6-8 فيه 19: 140-141. والأبيات 6، 2، 3، 9، 10، 5 في النقائض 15 والأبيات 1-10 في العقد 1: 101 ولكن الشطر الأول برواية أخرى وفيه بيت زائد بعد البيت 3. وانظر الشرح 327-331. (1) الكلاب: بضم الكاف: هو يوم الكلاب الثاني بين تميم واليمن، وانظر الخزانة 1: 197-199. تحز: تقطع. الدوابر: الأصول، أي يقتل القوم فتذهب أصولهم ولا يبقى لهم أثر. (2) تيمن: موضع باليمن. الكاسر: الذي يضم جناحيه يريد الانحطاط إلى الصيد، يكون للمذكر والمؤنث. (3) الخدارية: التي يضرب لونها إلى السواد، وهي صفة للعقاب. السفعاء: مأخوذ من السفعة، بضم فسكون، وهي سواد يضرب إلى حمرة. الأهاضيب: جمع أهضوبة، وهي المطرة العظيمة. (4) حذنة: بضم الحاء المهملة والذال المعجمة وتشديد النون: أرض لبني عامر بن صعصعة متواتر: متواتر العدو متتابعه، وهو صفة للنعام. شبهوا أنفسهم حين هربوا بنعام يخاف فارسا يتبعه. (5) الهوادة: اللين والرقة. الأواصر: سبق شرحها في 31: 12. (6) مقاعس: أراد بني مقاعس، وهم بنو الحرث بن عمرو بن كعب بن سعد بن زيد مناة بن تميم، ولقبوا ببني مقاعس في هذا اليوم، انظر الاشتقاق 150. تطالعني: طلع مني وارتفع، يعني فزعا. ثغرة النحر: النقرة في أعلى الصدر. الجائر: حر يؤذي الجوف عند الجوع. (7) التبس: اختلط، والمراد لايدركوني. مبداهم: من بدا منهم في البادية. محاضرهم: من نزل الحاضرة. وأصلهما مكان البدو والحضر. يريد: لا آلو عدوا وهربا مخافة أن أوسر. (8) الحداد: البواب والسجان. تبادر: أي إذا غدت فإنما همها قوت عيالها. فكيف يكون حالي إذا كان من أسرني هذه حاله من الضيق. (9) النهدي: رجل من بني نهد، يقال له سليط بن قتب، بفتحتين، من بني رفاعة. الرداف: أن يركب شخص آخر خلفه. الفل: المهزوم، كأنه سماه بالمصدر. العابر: العبري، أي الباكية الحزينة. (10) الرحم: بكسر فسكون: هو الرحم بفتح فكسر. تدابر: تقاطع. (11) تترى: متواترين، التاء مبدلة من الواو، أصلها (وترى) بفتح الواو، كالتقوى، من الوقاية. وهي من المواترة، وهي المتابعة، نصبت على الحال، وحقيقتها أنها مصدر في موضع الحال، ومن العرب من ينونها، وبه قرأ أبو عمرو وابن كثير في سورة المؤمنون 44 {ثم أرسلنا رسلنا تترا} وانظر العكبري 2: 81، واللسان 7: 137-138 ويخطئ كثير من الكتاب في عصرنا فيظنونها فعلا مضارعا ويضعونها موضعه. أثائج: جماعات، وهذا الحرف لم يذكر في المعاجم. أحمس: شديد القتال. فاجر: يركب فيه الفجور. |
شرح المفضليات لابن الأنباري
وقال الحارث بن وعلة الجرمي 1: فدى لكما رجلي أمي وخالتي.......غداة الكلاب إذ تحز الدوابر أي: يقطع الأصل وهذا مثل: قطع الله دابره أي أصله ويروى: إذ تشد الدوائر، قال الأصمعي: أنشدنيها أبو عمرو بن العلاء للحارث بن وعلة الجرمي، قال أحمد: قال هشام بن محمد أخبرني المفضل وإسحاق بن الجصاص قال حضر وعلة بن الحارث الجرمي كلاب تميم وانهزم فلحقه رجل من بني سعد فعقر به، فنزل وعلة فأحضر على رجليه فلحق رجلاً من بني نهد يقال له سليط بن قتب من بني رفاعة فقال وعلة: أردفني خلفك فإني أتخوف القتل فأبى أن يردفه فنجا الجرمي على رجليه وأدركت بنو سعد النهدي فقتلوه فقال وعلة حين أتى أهله: لما سمعت الخيل تدعو مقاعسًا.......تطلع مني ثغرة النحر جائر وقال منتجع بن نبهان التيمي وقد روى: فدى لكما رجلي أمي وخالتي.......غداة الكلاب إذ تحز الدوابر يا أبا عبد الله جعلته رجليًا يعدو على رجليه وهو الذي يقول: يقول لي النهدي هل أنت مردفي.......وكيف رداف الفل أمك عابر أي كيف يردفك رجل مفلول هارب على وجهه: ألا تراه يا أبا عبد الله فارسًا، فقال: إنها كانت تارات كان فارسًا ثم قام به فرسه أو عقر فنزل فنجا على رجليه عدوًا، قال أحمد: ويقال إن هذه القصيدة لعابس بن الحصين أحد بني قدامة بن جرم بن ربان، وقال قائل هذا وقد عورض في هذه القصيدة وإنها لوعلة بن الحارث رادًا على من عارضه، أما يعلم أنه كان في بني نمير ولم يشهد هذه الحرب مع قومه وكانت بالحارث قتلت أخاه فجاء بحلفائه بني نمير فأغار بهم عليهم حتى قطع الحلف الذي بين بني جرم وبني الحارث بن كعب وجاء الإسلام وولده فيهم وهو الذي يقول: سائل مجاور جرم هل جنيت لهم.......حربًا تزيل بين الجيرة الخلط أي تركت النساء بلا رجال أي قتلت رجالهم فبقيت الرحال ليس لها من يرحل عليها فأوقدها النساء. حتى علوت بجرار له جلب.......يأتي مخارم بين السهل والفرط وهل تركت نساء الحي ضاحية.......في ساحة الحي يستوقدن بالغبط 2: نجوت نجاء لم ير الناس مثله.......كأني عقاب عند تيمن كاسر (النجا) يمد ويقصر وكاسر يكون للمؤنث والمذكر والكسر الانحطاط إلى الصيد، قال الشاعر: نجوت نجاءً ليس فيه وتيرة، أي ليس فيه حبس ولا إبطاء ويقال في هذا الأمر وتيرة إذا كان فيه حبس. وقال الأصمعي: كان الحارث يوم هرب ينزل مرة فيعدو ويركب فرسه ساعة يعقب فرسه، فلذلك قال: فدى لكما رجلي. قال وأنشد ابن الأعرابي: نجوت نجاءً ليس فيه وتيرة، أي فترة والمواترة أن يجيء شيء في إثر شيء يجيء هذا ثم يكون هنيهة ثم يجيء هذا وليس بالمتصل، ومنه واتر بين كذا وكذا ويروى دون (تيمن). 3: خدارية سفعاء لبد ريشها.......من الطل يوم ذو أهاضيب ماطر (السفعاء): مأخوذة من السفعة وهو سواد يضرب إلى حمرة، ومنه قيل للأثافي سفع لأن النار تلوحها. ويروى (خدارية) صقعاء وهي التي في ذنبها بياض و(الطل): الندى و(الأهاضيب): جمع هضبة وهي دفعة من المطر، و(الخدارية) التي يضرب لونها إلى سواد، وأصل الخدر تكاثف ظلمة الغيم ويروى: لثق ريشها بطخفة يوم، ويروى: من الدجن يوم. وروى أحمد صقعاء قال: وإنما قيل لها صقعاء لبياض في ريشها وأنكر سفعاء وقال: هو تصحيف. 4: كأنا وقد حالت حذنة دوننا.......نعام تلاه فارس متواتر (حذنة) موضع شبهوا أنفسهم حين هربوا بنعام يخاف (فارسًا يتلوه) أي يتبعه فهو لا يألو عدوًا. و(متواتر) أي متواتر العدو متتابعه، (تلاه) تبع إثره ومتواتر يعني النعام تبع بعضه بعضًا لما تلاه الفارس يطرده. 5: فمن يك يرجو في نميم هوادة.......فليس لجرم في تميم أواصر (الهوادة): اللين والرقة و(الأواصر) العواطف الواحدة آصرة، يقال ما تثنيني على فلان آصرة أي ما تعطفني عليه عاطفة لقرابة ولا ود، (الهوادة): اللين والرأفة والرفاهية، ومنه هود في السير إذا لين فيه قال: ويقال ما تأصره علي آصرة رحم أي ما تعطفه علي عاطفة. 6: ولما سمعت الخيل تدعو مقاعسًا.......تطالعني من ثغرة النحر جائر (تطالعني) طلع مني وارتفع يعني فزعًا و(ثغرة النحر) الهزمة على الصدر وقال غيره: (الثغرة) النكتة التي على الصدر أسفل من العنق و(الجائر) حر يؤذي الجوف عند الخلاء. 7: فإن أستطع لا تلتبس بي مقاعس.......ولا يرني مبداهم والمحاضر يقول لا آلو عدوًا وهربًا مخافة أن أوسر فيراني منهم من بدا ومن حضر، وواحد (المحاضر) محضر. ويروى: (بداهم والحواضر). 8: ولا تك لي حدادة مضرية.......إذا ما غدت قوت العيال تبادر (الحداد) البواب وهو مأخوذ من الحدد وهو المنع، يقال حددته حدًا إذا منعته وقد حد الرجل عن الرزق إذا منع منه وهو محدود وهو قول الشاعر: لله درك إني قد رميتهم.......لولا حددت ولا عذرى لمحدود ومنه جعلت الحدود بين الأرضين وقوله (قوت العيال تبادر) أي إذا غدت فإنما همها قوت عيالها، أي: فكيف يكون حالي إذا كان من أسرني هذه حاله من الضيق، غيره: (حدادة) حابسة سيئة الخلق إنما همها (إذا غدت قوت عيالها) فكيف حالي إذا كنت أسيرها. ويقال للبواب والحاجب حداد، ويقال حده عن كذا وكذا إذا صرفه ومنه رجل محدود أي مصروف عن الكسب، قال الشاعر: لا تعبدن إلاهًا دون خالقكم.......وإن دعيتم فقولوا دونه حدد (الفل): المنهزم وأصل الفل الكسر ومنه قيل للسيف فلول و(العابر) العبرى يقال عابر وعبرى وثاكل وثكلى ويقال هابل لا غير، قال الفل المهزوم كأنه سماه بالمصدر فله يفله فلاً. 9: يقول لي النهدي إنك مردفي.......وكيف رداف الفل أمك عابر 10: يذكرني بالرحم بينني وبينه.......وقد كان في نهد وجرم تدابر قال أحمد: (تدابر): تقاطع وتباعد وتعاد، يقال: تدابر القوم إذا تعادوا وهو رجل مدابر، وقال أمية: زعم ابن جدعان بن عمـ.......ـرو أنه يومًا مدابر (أحمس): شديد و(فاجر): يركب فيه الفجور، غيره: (تترى): تتبع بعضها بعضًا وأصلها الواو، و(أثائج): جماعات ورجل (أحمس): شديد القتال. ومسافر سفرًا له.......ما إن ينوب له المسافر 11: ولما رأيت الخيل تترى أثائجًا.......علمت بأن اليوم أحمس فاجر [شرح المفضليات: 327-331] |
الساعة الآن 12:26 AM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By
Almuhajir