![]() |
مختصر و رؤوس أقلام من شرح الأربعين النووية لشيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله جل و علا .
بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله وحده و الصلاة و السلام على من لا نبي بعده.و بعد:
فهذا مختصر و رؤوس أقلام من شرح الأربعين النووية لشيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله جل و علا . سأدرجه إن شاء الله حديثا حديثا. الحديث الأول & إنما الأعمال بالنيات& عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله يقول : (إنما الأعمال بنيات و إنما لكل إمرئ ما نوى .فمن كانت هحرته إلى الله و رسوله فهجرته إلى الله و رسوله, و من كانت هجرته لدنيا يصيبها أو إمرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه .) رواه البخاري و مسلم - عمر أمير المؤمنين إمارته شرعية بتعيين أبي بكر له وهو إمام شرعي بمبايعة الصحابة .و هو حسنة من حسناته . - الحديث تلقاه من النبي صلى الله عليه و سلم بلا واسطة. و العجب أن هذا الحديث لم يروه إلا عمر و هو صحيح و قد صدر به البخاري صحيحه, و له شواهد كثيرة من الكتاب و السنة. (( البلاغة)) (إنما الأعمال بالنيات) فيه من أوجه البلاغة – الحصر- و هو إثبات الحكم في المذكور و نفيه عما سواه . وكذالك قوله (و إنما لكل إمرئ ما نوى) . (فهجرته إلى ما هاجر إليه) إخفاء النية من هاجر للدنيا . و الفائدة البلاغية في ذلك- التحقير- . أي ليس أهلا لأن يذكر. ((اللغة)) الأعمال: يشمل الأعمال بأنواعها : القلبية و اللسانية و الجوارح. النية لغة : القصد شرعا: العزم على فعل العبادة تقربا إلى الله تعالى و محلها القلب. (إنما الأعمال بنيات و إنما لكل إمرئ ما نوى) فيها قولان: 1) أن الجملة الثانية توكيد للأولى فبالتالي فالمعنى واحد. 2) أن الثانية غير الأولى فالكلام من باب التأسيس لا من باب التوكيد . و القاعدة : أن الكلام إذا دار بين كونه تأسيسا أو توكيدا جعل تأسيسا. فالأولى : باعتبار المنوي و هو العمل. و الثانية : باعتبار المنوي له و هو المعمول له . ويدل لهذا ما فرعه النبي صلى الله عليه و سلم بعده. فالمقصود من الأولى :نية التمييز العبادات بعضها من بعض و العبادات من العادات. و المقصود من الثانية: نية القصد و الإرادة . و هي الإخلاص لله تعالى. ثم ضرب النبي صلى الله عليه و سلم مثلا بالمهاجر فقال: (فمن كانت هجرته ) الهجرة لغة: من الهجر و هو الترك. شرعا: الإنتقال من بلاد الكفر إلى بلاد الإسلام. - الهجرة واجبة على كل مسلم لا يستطيع إظهار دينه في بلاد الكفر. -الهجرة إلى الله : إرادة وجه الله و نصرة دينه. في كل وقت و حين. -الهجرة إلى الرسول: لشخصه و شريعته حال حياته و بعد مماته إلى شريعته فقط. نظير هذا قوله تعالى : *فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله و رسوله* إلى الله دائما و إلى النبي صلى الله عليه و سلم نفسه في حياته و إلى سنته بعد وفاته. - قال العلماء مدار الإسلام على حديثين: هذا الحديث و حديث عائشة (من عمل عملا ... ) لأن الأول عمدة أعمال القلوب و الثاني عمدة أعمال الجوارح. فلا يكون العمل صحيحا إلا إذا كان خالصا صوابا. من فوائد الحديث 1) وجوب تمييز العبادات بعضها عن بعض و العبادات عن العادات. 2) الحث على الإخلاص,و يجب العناية به و الحث عليه لأنه الركيزة الأولى و الهامة التي خلق الناس من أجلها. 3) حسن تعليم النبي صلى الله عليه و سلم و ذلك بتنوع الكلام و تقسيمه. 4) قرن النبي صلى الله عليه و سلم مع الله بالواو فيما يتعلق الشريعة فقط أما فيما يتعلق بالأمور الكونية فلا يقرن مع الله أحدا. 5) الهجرة من الأعمال الصالحة لأنها يقصد بها التقرب إلى الله جل و علا , و التقرب إلى الله جل و علا هو العبادة. مسألة : هل الهجرة واجبة أم مستحبة ؟ فيها تفصيل حسب البلاد المهاجر منها . أ) البلاد الكافرة التي لا يستطيع أن يظهر فيها دينه, الهجرة منها واجبة. ب) البلاد الكافرة التي يستطيع أن يظهر فيها دينه, الهجرة منها مستحبة. ت) البلاد الفاسقة , إن خاف على نفسه فواجبة و ألا فتكون غير واجبة. ث) البلاد الفاسقة , لا يخاف على نفسه و بقاؤه فيه صلاح , يجب عليه البقاء بل يقال أن الهجرة في حقه حرام. مسألة : هل طلب العلم أفضل أم الجهاد؟ فيه تفصيل . - أما طلب العلم من حيث هو فهو أفضل لأن نفعه متعد. - أما من حيث المكلف فكل بحسبه. - من كان قويا جلدا مقداما فالجهاد في حقه أفضل. - من كان عكس ذلك فطلب العلم في حقه أفضل. |
الحديث الثاني
بيان الإسلام و الإيمان و الإحسان. عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : (بينما نحن جلوس عند رسول الله صلى الله عليه و سلم ذات يوم إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب شديد سواد الشعر لا يرى عليه أثر السفر و لا يعرفه منا أحد حتى جلس إلى النبي صلى الله عليه و سلم فأسند ركبتيه إلى ركبتيه و وضع كفيه على فخذيه و قال : يا محمد أخبرني عن الإسلام . فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله و أن محمد رسول الله و تقيم الصلاة و تؤتي الزكاة و تصوم رمضان و تحج البيت إن استطعت إليه سبيلا .قال :صدقت .فعجبنا له يسأله و يصدقه .قال أخبرني عن الإيمان .قال :أن تؤمن بالله و ملائكته وكتبه و رسله و اليوم الأخر و تؤمن بالقدر خيره و شره . قال : صدقت . قال : أخبرني عن الإحسان . قال :أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك. قال : فأخبرني عن الساعة . قال: ما المسؤول عنها بأعلم بها من السائل . قال :فأخبرني عن أمارتها . قال :أن تلد الأمة ربتها و أن ترى الحفاة العراة العالة رعاء الشاء يتطاولون في البنيان .ثم اطلق فلبث مليا ثم قال :يا عمر أتدري من السائل ؟ قلت الله و رسوله أعلم .قال : فإنه جبريل أتاكم يعلمكم دينكم . أخرجه البخاري و مسلم . الشرح. (بينما) هي (بين) و( ما) زائدة للتوكيد . (جلوس) مبتدأ و خبره (عند رسول الله) (ذات) تفيد النكرة .أي في يوم من الأيام.و تستعمل في اللغة على وجوه منها : أ- صاحبة. ت-إسما موصولا كما في لغة الطي. ث- بمعنى النكرة الدالة على العموم , وهو الغالب. (رجل) مبهم , و هو في شكله رجل و في حقيقته ملك . جاء في صورة شاب عليه ثياب الحضر و ليس من أهل المدينة المعروفين . (جلس إلى النبي) و لم يقل عنده ليفيد الغاية. (ووضع كفيه على فخذيه) أي فخذي نفسه و هذا من شدة الإحترام . (يا محمد) و لم يقل يا رسول الله ليوهم أنه أعرابي . (أن تشهد) أي تقر و تعترف بلسانك و قلبك معا . إعراب (( لا إله إلا الله )) هذه جملة إسمية منفية ب(لا) التي لنفي الجنس, و نفي الجنس أعم النفي. إسمها (إله) و خبرها محذوف و التقدير (حق). (إلا)أداة حصر و لفظ الجلالة بدل من خبر (لا) المحذوف و ليس خبرها لأن (لا)النافية للجنس لا تعمل إلا في النكرات . فصارت الجملة فيها شيء محذوف و هو الخبر و تقديره (حق). أي لا أله حق إلا الله. (و أن محمد رسول الله) أظهر اسمه العلم أوكد و أشد تعظيما من أن يقول أني رسول الله مع أن السياق يقتضيه لأنه يخاطبه. (رسول) بمعنى مرسل , و الرسول هو من أوحي إليه بشرع و أمر بتبليغه و العمل به . (تقيم الصلاة) أي تأتي بها قائمة تامة معتدلة . و كلمة الصلاة تشمل الفريضة و النافلة. (و تؤتي الزكاة) أي تعطي. و الزكاة هي: المال الواجب بذله لمستحقيه من الأموال الزكوية تعبدا لله تعالى. و هي الذهب و الفضة و الماشية و الخراج من الأرض و عروض التجارة. (و تصوم رمضان) أي تمسك عن المفطرات تعبدا لله تعالى من طلوع الفجر إلى غروب الشمس . و المفطرات لا تفطر الصائم إلا بثلاثة شروط: 1)أن يكون عالما. 2)أن يكون ذاكرا. 3)أن يكون مريدا. و أصل الصيام في اللغة : الإمساك. (و تحج البيت) أي تقصد البيت لأداء النسك في وقت مخصوص تعبدا لله تعالى. - العمرة دون الحج ليست ركنا و لكنها واجبة يأثم بتركها. (صدقت) يقتضي أن السائل على علم بالمسألة لهذا تعجب الصحابة. (إن استطعت إليه سبيلا) نص على الحج لأن الغالب فيه المشقة , و إلا فكل العبادات لابد فيها من الاستطاعة. شرح أركان الإسلام الخمس. الركن الأول: جعلت الشهادتين ركنا واحدا لأنها عليها تبنى الأعمال كلها. فالأولى تستلزم الإخلاص. و الثانية تستلزم المتابعة. و هما شرط في قبول العمل المتقرب به إلى الله جل و علا . و أشهد أي أقر بقلبي ناطقا بلساني, و إن كان أخرص يكفي الإقرار بالقلب للعجز. مسألة: هل هذه الشهادة تدخل الإنسان في الإسلام؟ الجواب: نعم, و إن ظننا أنه قالها تعوذا. و الدليل قصة أسامة مع المشرك. فنحن ليس لنا إلا الظاهر إلا إذا ارتد بعدها فيقتل لأن بالشهادة تلزمهم أحكام الإسلام. و من قالها من الكفار تعوذا يراقبون . و لابد من الشهادتين معا. - شهادة أن محمدا رسول الله تستلزم أمورا . 1) تصديقه فيما أخبر . إذا ثبت الحديث وجب التصديق سواء علمنا وجهه أو لم نعلم . 2) إمتثال أمره و لا نتردد فيه, فلا يسأل هل الأمر للوجوب أو للإستحباب اللهم إن وقع في المخالفة فيسأل إن كانت المخالفة للواجب تاب و إن كانت للمستحب فأمره أسهل. 3)اجتناب نهيه بلا تردد. 4) أن لا يقدم قول أحد من البشر على قول النبي صلى الله عليه و سلم و لو كان إمام من أئمة المسلمين لأنك أنت و الإمام يلزمكما إتباع النبي صلى الله عليه و سلم . 5) أن لا يبتدع في دين الله جل و علا ما لم يأت به النبي صلى الله عليه و سلم سواء كان عقيدة أو قولا أو فعلا. 6)أن لا يبتدع في حق النبي صلى الله عليه و سلم ما ليس منه . 7)أن تعتقد أن النبي صلى الله عليه و سلم ليس له شيء من الربوبية, فلا يدعى و لا يستغاث به. 8)احترام أقواله صلى الله عليه و سلم. |
بوركتم ونفع بكم أخي لفاضل رشيد |
الساعة الآن 01:50 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By
Almuhajir