رحم الله شيخنا رحمة واسعة وأنزل عليه شآبيب الرحمات والرضوان
ورفع درجته في المهديين وخلفه في عقبه في الغابرين وغفر لنا وله أجمعين

إن فقد الأئمة مصيبة من أجل المصائب، يحزن لها القلب، وتدمع لها العين، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا جل وعلا فإنا لله وإنا إليه راجعون
هم بهجة الحياة الدنيا وزينتها، وهم أعلام الهدى ومناراته

تبلغ من الدنيا أخي وتجوَّزِ = فما أنت عن لأوائها بمحرَّز
وما أنت فيها بالمخلَّى لحِبِّه = ولا أنت موفور الحبيب فميِّز
ستُرزأ يوماً والمصائب جمة = حبيباً يفدَّى بالتراث المكنَّز
له نُزل في القلب عزَّ مكانه = تبوأ منه منزل المتحوز
وكل فتى لو طال فيها مقامه = سيلقى الذي ما كان عنه بمعجز
فيا لك من خطب كأن مصابه = على بعض ما أملت ضربة مجهز
غداة أتانا نعيه فقلوبنا = عليها كمثل الجاثم المتركز
وتحسب وجه الأرض غُيِّر لونه = بلون كئيب ذابلٍ متحوز
فكم أنت راء من مصاب بموته = وذي حيرة كالمبهت المتوهز
يسائلهم بالله علَّ مخبِّراً = يقول التي فيها سراء الملهَّز
فلم يك غير الحق فارفضَّ دمعه = ورجَّع فعل الصابر المتعزز
وطار بأقطار البسيطة نعيه = وسار مسير الشمس في كل حيز
فكم من مصاب كان يخشى فراقه = أتاه الذي يخشى كوعدٍ منجَّز
وكنت أظنُّ اليتم للطفل دوننا = إلى أن بدا في كل وجهٍ مغرز
كأن عليهم من توافق حزنهم = كساء تواصوه كئيب المخرَّز
سنبكيك لو جفت مآق كثيرة = تناست أساها حين أفضت لمأرِز
ونطوي من الأحزان ما لم يبح به = مصاب يبث الشكو لم يتعزز
فما أم طفل ذي ثلاث مهذب = جميل المحيَّا ذي كساء مطرز
ضحوك لعوب ما يمل حديثه = حبيب لدي الجلاس غير منبز
إذا قام يهفو بالفؤاد وإن دنا = ففي منزل وسط الحشا متمركز
فبينا تملاه بسابغ غبطة = تفديه بالعينين وعد المنجِّز
تخرمه سهم من الموت مُقْصِدٌ = وغيب عنها في صفيح مرجز
فباتت حسير القلب تسبل دمعها = تجر عليه زفرة المتعزز
بأعظم منا حرقة لفراقه = وأعظم وَتراً بالفقيد المفوِّز
وهل فقد طفل يستعاض بغيره = كفقد إمام ذي مقام مبرَّز
إمام من الأعلام حبر مقدم = مهيب جليل القدر غير مغمَّز
ضليع بأحكام الشريعة ناصح = إلى غير قول الحق لم يتحيز
له من لسان الصدق أعظم شاهد = بقول يبين الحق غير ملغَّز
فلله كم من مستنير بقوله = إذا حازه لم يحتفل قول ملحِز
إذا صدروا لم يسألوا عنه غيره = لأمر حرام أو حلال مُجَوَّز
جهور بقول الحق لا يخش لائما = إذا حُمَّ أمر فيه لم يتكزَّز
ثمال اليتامى والمساكين والنسا = فما كان عن حاجاتهم بمحجَّز
كريم السجايا والسماحة دأبه = فلا تُخش منه عبسة المتقزز
جواد تهادى الناس أخبار جوده = فكم سد خلات وحاجة معوز
أقام لنشر العلم جلَّ حياته = فلا تحرمن من شرحه المتميز
بعلم وآداب وحالة خاشع = وتلك أماني الصادق المتحفِّز
فبادر - وقيت الشرَّ - نفسكَ واغتنم = بقية قوم كالعبور المجوِّز
ألم تر أهل العلم من قبل موته = كما حتحت الأوراق هزُّ المهزهز
ولما رأيت الناس كلمى قلوبهم = بحمل الأسى كالموقر المتعجز
خشيت إذا دب الإياس تواهنوا = وتلك - حذاري - فرصة المتنهز
فيا أمة الإسلام هل فيكمُ فتى = عظيم جِلاد النفس في كل منجَز
فيفني بتطلاب المعالي حياته = حفياً بها كالدائن المتنجِّز
فليس عزيزاً أن نعوَّض مثله = ومن يرتجي فضل الإله سيُحْرِزِ