خاطرة : انصافا له
 

الأدب حين يعلو تنحنى أمامه الفوضى ...
أيها الكرام ..

تخيلوا معي لو أن الله لم يخلق القلم !!

بم كنا نعبر فرحا أو حزنا !!
بم كنا نحفظ علما أو نثرا !!
بم كنا نسطر للأجيال تاريخا !!

نحن يا كرام مدينون لله ثم للقلم بالكثير الكثير ..
أكتب هذا في خضم الانفتاح على الوسائل البديلة عن القلم لكن ...

مهما تطورت البدائل لن تحتل مكانة القلم .. هو ركن الثقافة وحامل لواء البيان ..
أرأيتم كم هي رائعة لحظة التفكير بنعمة لا نكاد نراها ..
نعمة أني أحمل قلما يعبر عن ذاتي , أقضي به حاجاتي ، أبقيه صديقا وفيا أحكى له فلا يحكي عني ، كتوم دون أن أستكتمه !!
أيها الكرام
هذه وقفة منصف بحق من خدمنا سنوات طوال ... ولا عزاء للبدائل !!

بسم الله الرحمن الرحيم

قال تعالى ( ولو شاء الله لهدى الناس جميعا )
وقال تعالى (ولو يؤاخذ الله الناس بما كسبوا ما ترك على ظهرها من دابة )
وقال تعالى ( ولو بسط الله الرزق لعباده لبغوا في الأرض )

الأخ فيصل هداني الله وإياك إلى سواء السبيل ..
وقد تطرقت في ردك إلى مسألة علمية عقدية ، فتأدبا مع العلماء وطلبا للحق وغلقا لباب المراءاة والجدال فإني أحيل الرد إلى فضيلة الشيخ عبد العزيز الداخل حفظه الله أو من يراه لبيان موقف الشرع الحكيم فيما طرح والحكمة ضالة المؤمن .
مع العلم أني أقصد بالقلم ما نحمله بأيدينا لا ما خلقه الله عنده فقال : اكتب ..
اللهم اجعلنا ممن يقبل الحق وارزقنا الأدب والعلم، وجزى الله عنا خيرا شيخنا وعلماء الأمة .

خاطرة أختنا الفاضلة فاطمة جميلة وذات مضمون قيم ورسالة سامية وفقها الله وبارك فيها ، وهي طالبة علم معروفة ولها عناية بعلم العقيدة وهي التي تولت إدراج شروح العقيدة الواسطية ، وفقها الله وزادها من فضله وبركاته

ولا أرى فيما ذكرته ما ينتقد عليها ، والتخيل وسيلة من وسائل التفكر ، وهي إنما دعت إلى التخيل في آلاء الله ونعمه ومخلوقاته، ولم تدع إلى التفكر والتخيل في ذات الله جل وعلا وبين الأمرين فرق كبير
فالأول: مشروع مندوب إليه، وهو من أجل العبادات وأنفعها، يبعث على الشكر ، ويزداد به الإيمان واليقين، ويعرف به المرء ضعفه وتقصيره.

والثاني: ممنوع محظور
وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث ابن عمر وابن عباس وأبي ذر وعبد الله بن سلام أنه قال: (تفكروا في آلاء الله ولا تفكروا في ذات الله) وروي موقوفاً على ابن عباس بإسناد جيد ولفظه: (تفكروا في خلق الله ولا تتفكروا في ذات الله) وله ألفاظ أخرى
وهذا الحديث عليه هدي أئمة أهل السنة والجماعة وعملهم.
وقد ذكرت الأخت فاطمة من الأدلة ما يدل على صحة هذا المنهج ، وهو كثير جداً في القرآن الكريم
فقوله تعالى: (ولو بسط الله الرزق لعباده لبغوا في الأرض) يبعث المتأمل فيه ضرورة إلى تخيل تلك الصورة التي أشار إليه القرآن الكريم من بسط الرزق للعباد وحصول البغي والفساد

وكذلك قوله تعالى: (ولو يؤاخذ الله الناس بما كسبوا ما ترك على ظهرها من دابة) يبعث على التفكر في هذا الأمر العظيم لو حصل كيف تكون الحال

وكذلك قوله تعالى: (ولو شاء الله لأعنتكم إن الله عزيز حكيم) يبعث على التفكر في هذه الشريعة السمحة، وتخيل لو أنها لم تيسر لنا كيف يكون حالنا ؟

وكذلك قوله تعالى: (فاصبر لحكم ربك ولا تكن كصاحب الحوت إذ نادى وهو مكظوم، لولا أن تداركه نعمة من ربه لنبذ بالعراء وهو مذموم) فانظر إلى هذا التصوير القرآني البديع
لأمر لم يحصل وكاد أن يحصل لولا أن تداركه الله بنعمته.

فالذي أراه أن انتقاد أخينا فيصل وفقه الله في غير محله ، وهو قد أبدى رأيه في الخاطرة بقوله: (وهي جميلة بلا ريب)
وبين عذره أيضاً بقوله: (لعل للاخت تفسيرا آخرا جهلته أنا )

ونعلم أن ما دفعه إلى ذلك إلا الغيرة على العقيدة والحرص الشديد على نصح إخوانه ، وحري بمن كان هذا دأبه أن يجتهد في الازدياد من العلم النافع ويعتني بالتأصيل العلمي عسى الله أن ينفع به أمة الإسلام .

وفقكم الله لكل خير

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الذي جعل لنا من أهل العلم والفضل من نعود له فينير دروب الجهل ويزيح بالدليل مواطن الشبهات فمنهم نتعلم ونتأدب ..
شيخنا الفاضل أفاض الله عليك سابغ البركات ووفير الهبات وجعل الحق معكم وألبسكم رداء العافية ونفع بكم الأمة ..
جزيتم خيرا على ما علمتمونا وابنتموه لنا ..
ولا أقول إلا اللهم اجعلني خيرا مما يظنون واغفر لي ما لايعلمون ..

اخي فيصل بورك بك وسدد الله طريقك ..
أشكرك لطرحك فقد فتحت مسألة نادرا ما نلحظها فاستفدت منها وآمل أن يكون غيرنا قد استفاد منها كذلك..
اللهم بارك في أعضاء هذا المعهد وطلابه وأمة الإسلام .
والسلامة عليكم ورحمة الله وبركاته .

خاطرة جميله فيها لفته مهمه لتذكر الكثير من نعم الله علينا
وما أكثر النعم التي غفلنا عن تذكرها وشكرها
حقا لو أن الله لم يخلق القلم لما وصل إلينا هذا الإرث العلمي العظيم من سلفنا الصالح.