![]() |
سؤال: هل الأفضل للعبد تذكر ذنوبه أم تناسيها؟
في الفوائد للإمام ابن القيم رحمه الله:
اقتباس:
يقول الإمام ابن قيم رحمه الله في كتاب طريق الهجرتين (1/168-169): اقتباس:
|
اقتباس:
قال: ((يا عقبة احرس لسانك وليسعك بيتك وابك على خطيئتك)). والخطيئة هنا مفرد مضاف فيعمّ كلّ خطيئة. وهذا من أدلّة القائلين بفضيلة تذكّر الذنب وتكرار التوبة منه فإنّه أدعى لردع النفس والازدياد من الأعمال الصالحة. وأمّا إن كان تذكّر الذنب سبب للفتنة به كمعاودة النفس حنينها إليه فإنّ الأولى بالعبد والأصلح له الإعراض عن تذكّر هذا الذنب وأن يجتهد في التوبة وعمل الأعمال الصالحة المكفّرة؛ وأن يصرف نفسه عن التفكير في هذا الذنب لأنّه لا يأمن من نفسه معاودة الحنين إليه والافتتان به، ولذلك كان من عقوبة الزاني التغريب سَنَة ليبتعد عن الموضع الذي زنى فيه لئلا يعاود الوقوع فيه مرّة أخرى، وفي صحيح البخاري من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كنت عند النبيّ صلى الله عليه وسلم فجاءه رجل فقال: يا رسول الله إني أصبت حدّاً فأقمه عليّ. قال: ولم يسأله عنه، قال: وحضرت الصلاة فصلّى مع النبي صلى الله عليه وسلم؛ فلمّا قضى النبيّ صلى الله عليه وسلم الصلاة قام إليه الرجل فقال: يا رسول الله إنّي أصبت حدّاً فأقم فيّ كتاب الله. قال: أليس قد صلّيت معنا؟ قال: نعم. قال: ((فإنّ الله قد غفر لك ذنبك)) أو قال: حدّك. ومن الناس من يحمله تذكّر الذنب على ترك أعمال صالحة جليلة قد يرتفع بها درجات عند الله، لازدرائه نفسه وظنّه أنه ليس ممن يقبل منه هذا العمل لو قام به، وهذا نوع قنوط، وهو من حيل الشيطان لصدّ الناس عن الأعمال الصالحة. وليس من مقاصد الشريعة أن يعيش المؤمن منكسر النفس بين الناس محبطاً كئيباً قاعداً عن الأعمال الصالحة الجليلة، بل ينبغي للمؤمن أن يكون عزيزاً بالله تعالى، محسن الظنّ به، وأن يكون انكساره لله تعالى، وخضوعه لله، يحمله على التقرب إليه وطلب رضاه بإحسان العمل والاستكثار من الصالحات. وإذا خشى على نفسه العجب والكبر، ذكّرها ما كان منها من تفريط في جنب الله وذنوب عصيان، ومنّة الله عليه بتوفيقه للتوبة منها؛ ولو شاء لخلّى بينه وبين نفسه الأمارة بالسوء تقوده إلى المهالك. والمقصود أن تذكّر الذنب إذا صحّت المقاصد الأربعة المذكورة وهي الخوف والرجاء وعدم القنوط من رحمة الله وعدم الأمن من مكره فهو تابع لما هو أصلح للنفس وأزكى لها؛ فإن كان الإعراض عن تذكّره بعد التوبة الصحيحة والإقبال على الطاعات أزكى للنفس وأصلح لها كان هذا هو المختار في حقّه، وإن كان تذكّر الذنب وتكرار التوبة منه أدعى لحسن العمل والاستكثار من الصالحات وردع النفس كان هذا هو المختار في حقّه، والذنوب وأحوال النفوس تختلف في هذا. والله تعالى أعلم. |
الساعة الآن 05:55 AM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By
Almuhajir