سؤال عن دلائل معرفة أهل العلم المتبعين للحق
 

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كنت أدرس كتاب شرح السنة للإمام البربهاري لأحد الشيوخ الذي تصادف سماعي له في ظل تلك الأحداث واقتنعت به ولكني تعجبت بعد ذلك من طريقة الشيخ في الرد على المخالفين وأهل البدع ووجدت أنه منهج يتبعه من شابه هذا الشيخ فى طريقتهم بالرغم من جمال الاتباع الحق الذي ينطقون به فهل يحق لي الاعتراض على الأسلوب أم أنه أعلم بكيفية الرد والضرورة التي فعل ذلك لها وربما يكون لهذا العلم طرق أجهلها ولكني بالفطرة لا أتقبلها ولا أعرف استبدل الشيخ إلا بعد أن أتأكد وأتبين الحق فالأمر جد محير نسأل الله السلامة من الفتن
- ما هي الدلائل التي نتبين بها المتبع الحق لكتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ من نتبع ومن نشهد له والكل مختلفون؟

إذا رأيت من العالم الجمع بين العلم والنصح والخشية مع عفّة اللسان فاحرصي على شروحه فإنه يكون موفقاً للحق غالباً بإذن الله، ومن علامات ذلك أنه يشتغل بما ينفع طلاب العلم ويحرص عليه ويعرض عما يشغل عن ذلك؛ وتكون عنايته للبناء والتعليم والتفهيم أكثر من ردوده على المخالفين، حتى في ردوده يجد الطالب فيها من الإنصاف وحسن القول وتحرّي العدل والأمانة وتوضيح المسائل ما يعين على حسن فهمها ويحببها إلى المنصوح له.
وأمّا من كان أكثر اشتغاله بالطعن في الناس وتتبع أخطائهم وتحميل كلامهم ما لا يحتمل أو الحكم على الناس من زاوية أسوأ ما يجده لهم مع انشغاله عن البناء العلمي المتوازن لطلاب العلم فهذا ينبغي الحذر من متابعته في طريقته؛ فإن كان الطالب صاحب تمييز جيّد ولم يجد أحسن منه فليأخذ عنه ما يحسن شرحه وتقريره من مسائل العلم ويُعرض عن طريقته الظالمة في النقد والتجريح.
وليحذر الطالب في أوّل أمره من الاشتغال بالردود، وليعتن أولا بتأسيس بنائه العلمي وليجتهد في ذلك ؛ فإنه إذا حصل العلم من وجهه تحصيلاً حسناً مؤصلا تبيّن له كثير مما يشكل على غيره، وعرف ما كان يجهله مما كان يريبه أثنا طلبه للعلم، وسبب ذلك بعد توفيق الله عز وجل اكتمال دائرة النظر لديه بمعرفته للأصول وحسن تقريرها.
وسبب الانحراف في هذا الباب هو الجهل والهوى؛ والجهل يكون في الأصول وفي الفروع وفي منهج أهل العلم من السلف الصالح ومن تبعهم بإحسان؛ ومن جهل شيئاً ونفر عنه عاداه.
والهوى يُعمي ويصمّ فقد يستحسن المرء ممن يحبّهم ما كان يستقبحهم ممن ينفر عنهم؛ ويعظّم المقالة التي ليس فيها كبير علم بسبب صدورها ممن يحبّه، وينتقد المقالة التي فيها علم غزير وحكمة وتحرير بسبب صدورها ممن يبغضه لعصبية جاهلية؛ فتجده يفليها فلي الرأس يطمع أن يجد فيها مطعناً، وإذا لم يجد طعن في نيّة صاحبها وقصده، وهذا كلّه من اتباع الهوى وفرط الجهل، وقد قال الله تعالى: {ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله إن الذين يضلون عن سبيل الله لهم عذاب شديد بما نسوا يوم الحساب}.