![]() |
الدرس الرابع: أمثلة وتطبيقات على استخلاص المسائل التفسيرية
.
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خير الخلق أجمعين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد .. فنحمد الله إليكم طلاب وطالبات التفسير وعلوم القرآن، على ما منّ به وتفضل من إقامة هذه البرامج القيمة التي كانت سببا في تيسير هذا العلم على كثير من طلابه. ونبدأ مستعينين بالله تعالى في التدرب على أول وأهم مهارات التلخيص، وهي مهارة تلخيص دروس التفسير.. ومدة التطبيق الخاص بهذه المهارة أربعة أيام بإذن الله تعالى، في ثلاثة دروس، نفصل فيها إن شاء الله بالشرح والتطبيق الخطوات الرئيسية للتلخيص، وهي خمس خطوات: استخلاص المسائل، وترتيبها، والتحرير العلمي، وحسن الصياغة، وحسن العرض. |
الخطوة الأولى: استخلاص المسائل التفسيرية ما المراد بالمسائل التفسيرية؟ هي المعاني التي اشتملت عليها الآية القرآنية، ويقوم المفسر ببيانها وإيضاحها بالتفصيل. فهب أنك يا طالب القرآن كلفت بتحضير درس تفسر فيه قول الله تعالى: اقتباس:
- معنى عبس - معنى تولى - من الذي عبس وتولى؟ - لماذا عبس وتولى؟ - ما سبب عتاب الله له؟ - من هو الأعمى؟ - ما سبب مجيئه؟ - من المخاطب في قوله: {وما يدريك}؟ - ما معنى الاستفهام {وما يدريك}؟ - معنى {يزكى} - معنى {يذكر} - المقصد من الآيات تلك هي المسائل التفسيرية التي إن أوصلتها لطلابك فإنك بذلك تكون قد أوضحت لهم معاني هذه الآيات إيضاحا جيدا، هكذا بتقليب النظر وتأمل الآيات حرفا حرفا، ولفظة لفظة، ألم بكثير من مسائل الآيات. فالمسألة التفسيرية باختصار عبارة عن سؤال في جزئية محددة من الآية، والمفسر يجيبك عنها. كيف أستخلص المسائل التفسيرية من الآية؟ تستخلص المسائل التفسيرية بطريقتين، أنت الآن مطالب بالأولى منها على وجه الخصوص.. أما الأولى: فهي استخلاصها من ثنايا كلام المفسرين، تجد المفسر يتكلم عن جزئية محددة في الآية، تضع أنت لها عنوانا معبرا، فتكون قد استخلصت المسألة، وهكذا تباعا، أضع عنوانا لما يتكلم عنه المفسر في الآية تحديدا، فتجتمع لدي المسائل. - وقد ينص المفسر على المسألة بصورة مباشرة، كأن يقول: معنى {تولى} أي أعرض، أو يقول: المخاطب في الآية هو النبي صلى الله عليه وسلم، فهذه المسائل لا ينبغي أن تفوتك يا طالب القرآن، العبرة فقط أن تركز مع كلام المفسر، لتكتشف المسائل بعد إعانة الله لك . - وقد يشير المفسر إلى المسألة بصورة غير مباشرة، تحتاج منك إلى مزيد تأمل ونظر، وربط بين الأقوال، وهذه تأتي بكثرة المران إن شاء الله، فلا تبتئس إن فاتتك أول الأمر. الطريقة الثانية: أن تستخلص المسائل من تأمل الآية نفسها قبل الرجوع إلى كلام المفسرين، كما فعلنا مع بعض مسائل سورة "عبس"، وهذه الطريقة وإن كنت غير مطالب بها في أول الدراسة، لأنها تستلزم في معظم الأحيان معرفة أدوات خاصة يستعملها المفسرون في ذلك، إلا أن التدرب عليها يعين على حسن تدبر القرآن، ويفتح أبوابا للفهم والتأمل لم تكن تخطر لك على بال، وتجبر النقص الذي قد يلحظ في المسائل التي يوردها بعض المفسرين من باب الاختصار، فتتسع مدارك الطالب، وتنمو لديه ملكة استخلاص المسائل شيئا فشيئا بإذن الله. ونبدأ مستعينين بالله بتوضيح ما ذكرنا بالمثال، ثم نعقب ببعض التنبيهات إن شاء الله سنقرأ كلام المفسرين، وكلما قابلتنا مسألة أشرنا إليها بإذن الله في موضعها باللون الأحمر. |
المثال الأول:
اقتباس:
المسائل التفسيرية قوله تعالى:{وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا } ● مرجع الضمير ك ● أنواع الصبر ك ● وصف الجنة ك ● سبب تخصيص الحرير بالذكر مع أنه داخل في النعيم الموعود؟ ك قوله تعالى:{مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ لَا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْسًا وَلَا زَمْهَرِيرًا} ● معنى الاتكاء ك ● مرجع الضمير في قوله: {لا يرون فيها} ك ● المقصود بالأرائك ك ● معنى الزمهرير ك ● دلالة الآية على كمال نعيم أهل الجنة وسلامته من المنغصات ك المثال الثاني: اقتباس:
● مرجع الضمير {هو} ● المقصود بالغيب ● القراءات في {ضنين} ● معنى {ضنين} على القراءتين ● تضمن الآية الثناء على النبي صلى الله عليه وسلم في قيامه بالدعوة |
سؤال:كيف أستخلص وأجمع مسائل الآية الواحدة من أكثر من تفسير؟
1- بنفس الطريقة التي أستخرج بها المسائل من تفسير واحد، أذهب إلى بقية المفسرين وأستخرج المسائل التي تكلموا عنها، مسائل كل تفسير على حدة المثال الثالث: اقتباس:
●- المقسم به ●- المقصود بالقلم ●- معنى قوله تعالى: {ما يسطرون} ●- فائدة الإقسام القلم ●- المقسم عليه ●- بيان النعمة ●- المناسبة بين المقسم به والمقسم عليه ●- ما يفيده القسم من عظم مكانة النبي صلى الله عليه وسلم اقتباس:
●- معنى قوله تعالى: {ن} ●- المقسم به ●- فائدة الإقسام بالقلم ●- المقصود بالقلم ●- معنى {ما يسطرون} ●- المقسم عليه ●- المخاطب في الآيات ●- المراد بالنعمة ●- ما يفيده القسم من عظم مكانة النبي صلى الله عليه وسلم 3- أرتب المسائل التي جمعتها من التفاسير على ترتيبها في الآية 4- أضع بجوار كل مسألة رمز المفسر الذي تكلم عنها: (ك)، أو (س)، أو (ش)، وأرجو أن ننتبه جيدا لأمر وضع رموز المفسرين وأين توضع 5- إذا تكررت المسألة الواحدة في أكثر من تفسير أضعها كمسألة واحدة وبجوارها رموز المفسرين الذين تناولوها مسائل الآيات تقريبا متطابقة عند السعدي والأشقر، فنحن جمعنا 17 مسألة، لكن بحذف المكرر منها نجدها 9 مسائل فقط، ومع كتابة رموز المفسرين نجد مسائل الآيات كالتالي: مسائل تفسير قوله تعالى: {ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ (1) ما أنتَ بنعمةِ ربكّ بمجنون (2)} القلم ● معنى قوله تعالى: {ن} ش ● المقسم به س ش ● المقصود بالقلم س ش ● معنى قوله تعالى: {ما يسطرون} س ش ● المقسم عليه س ● المخاطب في الآيات س ش ● المراد بالنعمة س ش ● المناسبة بين المقسم به والمقسم عليه س ● ما يفيده القسم من عظم مكانة النبي صلى الله عليه وسلم |
أخطاء شائعة في استخلاص مسائل التفسير - توجد أنواع من المسائل يجب أن تصبح لدى الطالب كالمسلمات، كلما رآها في آية يتعرض لها، وحتى قبل قراءة كلام المفسرين، هذه المسائل تتكرر كثيرا، وهي سهلة واضحة، فلا ينبغي أن تفوته مطلقا، ومنها:1- مرجع الضمير: كما في قوله: {وجزاهم} على من يعود الضمير؟ هل هم المؤمنون؟ هل الكافرون؟ لابد إذا قابله ضمير في الآية أن يبحث عن مرجعه، ولو في آيات سابقة. 2- المخاطب في الآيات: إذا رأيت أسلوب خطاب في الآية، لابد أن تذكر من المخاطب. 3- أساليب الاستفهام: لابد لكل أسلوب استفهام من معنى وغرض محدد، لابد من الإشارة إليه، وسنوضحه لاحقا إن شاء الله 4- أساليب القسم: لها ثلاث مسائل على الأقل، لابد من التعرض لها: أ- المقسم به ب- المقسم عليه ج- فائدة القسم (وهي دائما لتعظيم شأن المقسم به والمقسم عليه، ويظهر جليا في كلام المفسرين) 5- متعلّق الفعل، فإذا كان في الآية فعل لابد من معرفة نوع هذا الفعل هل هو لازم أو متعدٍّ؟ ، وإذا كان متعدّيا فما هو مفعوله؟ ، وما هو فاعله إذا لم يسمّ في الآية؟ فمثلا قوله تعالى: {فأخذتكم الصاعقة وأنتم تنظرون}: ينظرون إلى ماذا؟؟ هذا هو متعلق الفعل، أو نقول: متعلق النظر 6- مقاصد الآيات، وقد لا يذكرها المفسر في كثير من الأحوال بصورة مباشرة، لكنها تستخلص من مجموع تفسيره لمسائل الآية، فعلى الطالب أن يفتش عنها كثيرا قبل أن يغادر. هذه بعض المسائل التي تتكرر كثيرا في الآيات، لا ينبغي أن تفوتك أبدا - بعض الطلاب عندما يطالب باستخلاص المسائل يضع الآية كلها مهما طالت كمسألة واحدة، وقد يضع آيتين، فيقول: المسألة الأولى: معنى قوله تعالى {عبس وتولى* أن جاءه الأعمى} وهذا خطأ فالآية الواحدة على وجازتها قد تحتوي على عدد كبير من المسائل يجب فصلها والتعبير عنها تعبيرا دقيقا، وهذا أدعى لفهم القرآن فهما دقيقا محكما. - بعض الطلاب يضع عناوين لفقرات كبيرة من التفسير، ويعتبرها المسائل، فمثلا في آيات سورة عبس قد يقول: قصة النبي صلى الله عليه وسلم مع عبد الله بن أم مكتوم وقد يقول في الثانية: جزاء المؤمنين في الآخرة وهناك فرق بين المسائل، والأفكار الرئيسة للدرس، وتأسيس الملخص على المسائل التفسيرية يضمن فهما أعمق وأدق لمراد الله تعالى من كلامه - بعض الطلاب يعبر عن المسائل بذكر الفوائد السلوكية والإيمانية، ولا يتعرض لمعاني المفردات ولا التراكيب، والفوائد السلوكية والإيمانية وإن كانت مطلوبة، إلا أنها مبنية في الأصل على فهم المعنى وما قد يتعلق به من أسباب النزول وغيره، فلا آتي الأمر من آخره. - بعض الطلاب تفوته الكثير من المسائل، لأنه لا يركز مع كلام المفسر التركيز المطلوب، بل ربما يعتقد أن الكثير من كلامه هو كلام إنشائي، وليس هذا بصحيح، فإن كلام هؤلاء العلماء ليس ككلامنا في عصرنا هذا، وكل كلمة يقولها المفسر لها مكانتها المعتبرة في التفسير، فيجب الوقوف معها طويلا. ملاحظة أخيرة: وهي أن بعض الطلاب يقصّر في تسمية المسائل، ويكتفي بقوله: معنى كذا، ومعنى كذا، ولو اجتهد في تسمية المسألة باسم واضع يعبر عن محتواها، لكان ذلك أنفع له في رسوخ معاني الآيات واستيعابها، وسأعطيكم مثالا من سورة العصر، فبعض الطلاب يورد مسائلها هكذا: اقتباس:
مع أن مسائل السورة قد وردت بنصها في كلام المفسرين، وبيانها كالتالي، فلاحظوا الفرق: ● المقسم به ● المراد بالعصر ● فائدة القسم بالعصر ● المقسم عليه ● المراد بالإنسان ● معنى الخسر ● مراتب الخسران ● المستثنى من الخسران ● المقصود بالإيمان ● المقصود بالصالحات ● معنى التواصي بالحق ● أنواع الصبر ● لم نص على الصبر مع أنه داخل في الحق؟ فهذه بعض الملحوظات التي يجب أن يجتهد الطالب في تلافيها في الملخص، وليأخذ الأمر شيئا فشيئا حتى يتم له إن شاء الله، وليستعن بالله ولا يعجزن. |
الخطوة الثانية: الترتيب ويقصد به ترتيب مسائل الدرس ترتيبا موضوعيا على العلوم المتعلقة بالآية. فالمفسر أثناء تفسيره للآية، يتعرض لمسائل في علوم شتى، فإلى جانب مسائل التفسير نجده يتعرض لمسائل في القراءات ومسائل في اللغة ومسائل في السلوك ومسائل في الاعتقاد، ومن المهم تصنيف هذه المسائل وترتيبها، لأن ذلك مما ييسر فهم الآية واستيعابها. فنبدأ بتوزيع تلك المسائل على العلوم، فما كان من المسائل متعلقا بالتفسير وضعناه ضمن المسائل التفسيرية، وما يتعلق بالعقيدة وضعناه ضمن المسائل العقدية، وما يتصل باللغة وضعناه ضمن المسائل اللغوية. يفضل تقديم المسائل المتعلقة بعلوم القرآن، كالقراءات، والرسم، وعد الآي، والوقف والابتداء ثم مسائل أسباب النزول، وما ورد في فضل الآية أو السورة. ثم مسائل التفسير، ثم المسائل العقدية، ثم المسائل اللغوية، ثم أحكام الآية. ثم في الأخير أذكر استطرادات المفسرين، وهي المسائل الفرعية التي لا تتعلق تعلقا مباشرا في فهم الآية، ولو حذفت فإنها لا تؤثر. هكذا: اقتباس:
أخطاء ترتيب المسائل - عدم مراعاة ترتيب مسائل العلم الواحد فنجد في بعض الملخصات تداخل لأنواع المسائل، نجد مسألة في التفسير، تليها مسألة في اللغة، تليها مسألة في القراءات، ثم مسألة أخرى في التفسير.. وهذا خطأ، بل تجب مراعاة تتسلسل مسائل العلم الواحد، فجعل مسائل القراءات كلها متوالية، ومسائل التفسير كلها متوالية ، ومسائل اللغة كلها متوالية، وهكذا.. - عدم مراعاة ترتيب المسائل على ترتيبها في الآيات فنجد بعض الطلاب لا يراعي ترتيب مسائل الآية نفسها، فيقدم مسألة عن آخر الآية على مسألة في أولها، أو مسائل آية قبل مسائل آية أخرى، وهذا أيضا لا يصح. |
تطبيقات الدرس الرابع استخلص المسائل التفسيرية فقط من الأمثلة التالية: التطبيق الأول: تفسير قول الله تعالى: {وَإِنَّهُ لَتَذْكِرَةٌ لِلْمُتَّقِينَ (48) وَإِنَّا لَنَعْلَمُ أَنَّ مِنْكُمْ مُكَذِّبِينَ (49) وَإِنَّهُ لَحَسْرَةٌ عَلَى الْكَافِرِينَ (50) وَإِنَّهُ لَحَقُّ الْيَقِينِ (51) فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ (52)} الحاقةقالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ نَاصِرٍ السّعْدِيُّ (ت: 1376هـ): ({وَإِنَّهُ}؛ أي: القرآنَ الكريمَ، {لَتَذْكِرَةٌ لِلْمُتَّقِينَ} يَتذَكَّرُونَ به مَصالِحَ دِينِهم ودُنياهم، فيَعْرِفُونها ويَعْمَلُونَ عليها، يُذَكِّرُهم العقائدَ الدينيَّةَ والأخلاقَ الْمَرْضِيَّةَ، والأحكامَ الشرعيَّةَ فيَكُونونَ مِن العُلماءِ الرَّبَّانِيِّينَ والعُبَّادِ العارفِينَ والأئمَّةِ الْمَهْدِيِّينَ. {وَإِنَّا لَنَعْلَمُ أَنَّ مِنْكُمْ مُكَذِّبِينَ} به، وهذا فيه تَهديدٌ ووَعِيدٌ للمُكَذِّبِينَ، فإِنَّه سيُعَاقِبُهم على تَكذيبِهم بالعُقوبةِ البَليغةِ. {وَإِنَّهُ لَحَسْرَةٌ عَلَى الْكَافِرِينَ}؛ فإنَّهم لَمَّا كَفَروا به ورَأَوْا ما وَعَدَهم به، تَحَسَّروا؛ إذ لم يَهْتَدُوا به ولم يَنقادُوا لأَمْرِه، ففَاتَهم الثوابُ وحَصَلُوا على أشَدِّ العذابِ، وتَقطَّعَتْ بهم الأسبابُ. {وَإِنَّهُ لَحَقُّ الْيَقِينِ}؛ أي: أعلَى مَراتِبِ العِلْمِ؛ فإنَّ أَعلى مَراتِبِ العلْمِ اليَقينُ، وهو العلْمُ الثابتُ، الذي لا يَتَزَلْزَلُ ولا يَزولُ. واليَقِينُ مَراتِبُه ثلاثةٌ، كلُّ واحدةٍ أَعْلَى مِمَّا قَبْلَها: أوَّلُها: عِلْمُ اليَقينِ، وهو العلْمُ الْمُستفادُ مِن الخَبَرِ، ثم عَيْنُ اليَقينِ، وهو العلْمُ المُدْرَكُ بحاسَّةِ البصَرِ، ثم حَقُّ اليَقِينِ، وهو العِلْمُ الْمُدْرَكُ بحاسَّةِ الذَّوْقِ والْمُباشَرَةِ. وهذا القرآنُ الكريمُ بهذا الوَصْفِ، فإنَّ ما فيه مِن العلومِ الْمُؤَيَّدَةِ بالبراهينِ القَطعيَّةِ، وما فيه مِن الحقائقِ والمعارِفِ الإيمانيَّةِ يَحْصُلُ به -لِمَن ذَاقَه- حَقُّ اليَقينِ. {فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ}؛ أي: نَزِّهْهُ عمَّا لا يَلِيقُ بجَلالِه, وقَدِّسْهُ بذِكْرِ أوصافِ جَلالِه وجَمالِه وكَمالِه. قالَ مُحَمَّدُ سُلَيْمَان الأَشْقَرُ (1430هـ) :48- {وَإِنَّهُ لَتَذْكِرَةٌ لِّلْمُتَّقِينَ} أيْ: إنَّ القرآنَ لتَذْكِرَةٌ لأَهْلِ التَّقْوَى؛ لأنهم الْمُنتفعونَ به. 49- {وإنا لنعلم أن منكم مكذبين} أيْ: أنَّ بَعْضَكُم يُكَذِّبُ بالقُرآنِ فنحنُ نُجازِيهم على ذلك. 50-{وَإِنَّهُ لَحَسْرَةٌ عَلَى الْكَافِرِينَ} أيْ: وإنَّ القرآنَ لَحَسْرَةٌ ونَدامةٌ على الكافرينَ يومَ القِيامةِ. 51-{وَإِنَّهُ لَحَقُّ الْيَقِينِ} لكَونِه مِن عندِ اللهِ، فلا يَحُومُ حولَه رِيبَةٌ ولا يَتطرَّقُ إليه شَكٌّ. 52-{فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ} أيْ: نَزِّهْهُ عما لا يَليقُ به بالتسبيحِ، وهو الذكْرُ المعروفُ. قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : {وإنّه لتذكرةٌ للمتّقين} يعني: القرآن كما قال: {قل هو للّذين آمنوا هدًى وشفاءٌ والّذين لا يؤمنون في آذانهم وقرٌ وهو عليهم عمًى} [فصّلت: 44]. ثمّ قال {وإنّا لنعلم أنّ منكم مكذّبين} أي: مع هذا البيان والوضوح، سيوجد منكم من يكذّب بالقرآن. ثمّ قال: {وإنّه لحسرةٌ على الكافرين} قال ابن جريرٍ: وإنّ التّكذيب لحسرةٌ على الكافرين يوم القيامة وحكاه عن قتادة بمثله. وروى ابن أبي حاتمٍ، من طريق السّدّيّ، عن أبي مالكٍ: {وإنّه لحسرةٌ على الكافرين} يقول: لندامةٌ. ويحتمل عود الضّمير على القرآن، أي: وإنّ القرآن والإيمان به لحسرةٌ في نفس الأمر على الكافرين، كما قال: {كذلك سلكناه في قلوب المجرمين لا يؤمنون به} [الشّعراء: 200، 201]، وقال تعالى: {وحيل بينهم وبين ما يشتهون} [سبأ: 54] ولهذا قال ها هنا: {وإنّه لحقّ اليقين} أي: الخبر الصّدق الحقّ الذي لا مرية فيه ولا شكّ ولا ريب. ثمّ قال: {فسبّح باسم ربّك العظيم} أي: الّذي أنزل هذا القرآن العظيم). التطبيق الثاني: تفسير قول الله تعالى: {قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآناً عَجَباً (1) يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَداً (2)} الجنقالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ نَاصِرٍ السّعْدِيُّ (ت: 1376هـ): أي: {قُلْ} يا أَيُّهَا الرسولُ للناسِ {أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ} صَرَفَهم اللَّهُ إلى رَسولِه لسَمَاعِ آياتِه؛ لِتَقُومَ عليهم الْحُجَّةُ، وتَتِمَّ عليهم النعمةُ، ويَكونوا نُذُراً لقَوْمِهم. وأَمَرَ اللَّهُ رسولَه أنْ يَقُصَّ نَبَأَهم على الناسِ؛ وذلكَ أنَّهم لَمَّا حَضَرُوه قالوا: أَنْصِتُوا. فلَمَّا أَنْصَتُوا فهِمُوا مَعانِيَهِ، ووَصَلَتْ حَقائِقُه إلى قُلوبِهم. {فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآناً عَجَباً}؛ أي: مِن العَجائبِ الغاليةِ، والمطالِبِ العاليةِ. {يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ}، والرُّشْدُ: اسمٌ جامعٌ لكلِّ ما يُرْشِدُ الناسَ إلى مَصَالِحِ دِينِهم ودُنياهُمْ، {فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَداً} فجَمَعُوا بينَ الإيمانِ الذي يَدخُلُ فيه جميعُ أعمالِ الخيرِ، وبينَ التَّقْوَى الْمُتَضَمِّنَةِ لتَرْكِ الشرِّ، وجَعَلُوا السببَ الداعِيَ لهم إلى الإيمانِ وتَوابِعِه، ما عَلِمُوه مِن إرشاداتِ القرآنِ، وما اشْتَمَلَ عليه مِن المصالِحِ والفوائدِ واجتنابِ الْمَضَارِّ؛ فإنَّ ذلك آيةٌ عَظيمةٌ وحُجَّةٌ قاطعةٌ لِمَن اسْتَنَارَ به واهتَدَى بِهَدْيِهِ. وهذا الإيمانُ النافعُ المُثمِرُ لكلِّ خيرٍ، الْمَبْنِيُّ على هدايةِ القرآنِ، بخِلافِ إيمانِ العوائدِ والْمُرَبِّي والإلْفِ ونحوِ ذلك؛ فإِنَّهُ إيمانُ تَقليدٍ تحتَ خَطَرِ الشُّبُهاتِ والعوارِضِ الكثيرةِ. قالَ مُحَمَّدُ سُلَيْمَان الأَشْقَرُ (1430هـ) : -{قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ} المعنى: قلْ يا مُحَمَّدُ لأُمَّتِكَ: أَوْحَى اللهُ إِلَيَّ على لسانِ جِبريلَ. {أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِّنَ الْجِنِّ} عددٌ منهم إلى قِراءتي للقرآنِ. والسورةُ التي كانَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَقرؤُها عندَما استَمَعُوا إليه هي سورةُ{اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ} ولم يُرسِلِ اللهُ إليهم رُسُلاً منهم، بل الرسُلُ جميعاً مِن الإنسِ مِن بني آدَمَ. {فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا} أيْ: قالوا لقَوْمِهم لَمَّا رَجَعُوا إليهم: سَمِعْنا كلامًا مَقروءاً عَجَباً في فَصاحتِه وبَلاغتِه. وقِيلَ: عَجَباً في مَوَاعِظِه. وقيلَ: في بَرَكَتِه. 2-{يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ} أيْ: إلى الحَقِّ والصوابِ ومَعْرِفَةِ اللهِ. {فَآمَنَّا بِهِ} أيْ: صَدَّقْنَا به أنه مِن عندِ اللهِ. {وَلَن نُّشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَداً} مِن خَلْقِه، ولا نَتَّخِذَ معه إِلَهًا آخَرَ، آمَنَتِ الجنُّ بسماعِ القرآنِ مَرَّةً واحدةً، وأَدْرَكُوا بعقُولِهم أنه كلامُ اللهِ، ولم يَنتفعْ كُفَّارُ قُريشٍ، لا سيما رؤساؤُهم بسماعِه مَرَّاتٍ، مع كونِ الرسولِ منهم يَتلوهُ عليهم بلسانِهم، لا جَرَمَ صَرَعَهم اللهُ أذَلَّ مَصْرَعٍ, وقَتَلَهم أقْبَحَ مَقْتَلٍ. وفي الآيةِ أنَّأَعْظَمَ ما في دَعوةِ محمَّدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ تَوحيدُاللهِ تعالى وخَلْعُ الشرْكِ وأهلِه. قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (تفسير سورة الجنّ وهي مكّيّةٌ. يقول تعالى آمرًا رسوله صلّى اللّه عليه وسلّم أن يخبر قومه: أنّ الجنّ استمعوا القرآن فآمنوا به وصدّقوه وانقادوا له، فقال تعالى: {قل أوحي إليّ أنّه استمع نفرٌ من الجنّ فقالوا إنّا سمعنا قرآنًا عجبًا يهدي إلى الرّشد} أي: إلى السّداد والنّجاح، {فآمنّا به ولن نشرك بربّنا أحدًا} وهذا المقام شبيهٌ بقوله تعالى: {وإذ صرفنا إليك نفرًا من الجنّ يستمعون القرآن} [الأحقاف: 29] وقد قدّمنا الأحاديث الواردة في ذلك بما أغنى عن إعادته هاهنا. التطبيق الثالث: قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ (1) قُمِ اللَّيْلَ إِلاَّ قَلِيلاً (2) نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً (3) أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً (4) إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلاً ثَقِيلاً (5) إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْأً وَأَقْوَمُ قِيلاً (6) إِنَّ لَكَ فِي اَلنَّهَارِ سَبْحاً طَوِيلاً (7) وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلاً (8) رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلاً (9)}قالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ نَاصِرٍ السّعْدِيُّ (ت: 1376هـ): الْمُزَّمِّلُ: الْمُتَغَطِّي بثِيابِه كالْمُدَّثِّرِ، وهذا الوصْفُ حَصَلَ مِن رَسولِ اللَّهِ حِينَ أَكْرَمَه اللَّهُ برِسالتِه وابتَدَأَهُ بإنزالِ وَحْيِه بإرسالِ جِبْرِيلَ إليه، فرَأَى أمْراً لم يَرَ مِثلَه، ولا يَقْدِرُ على الثَّبَاتِ له إلاَّ الْمُرْسَلونَ، فاعْتَرَاه في ابتداءِ ذلكَ انزعاجٌ حينَ رَأَى جِبريلَ عليه السلامُ، فأَتَى إلى أهْلِه فقالَ: ((زَمِّلُونِي زَمِّلُونِي)). وهو تُرْعَدُ فَرَائِصُه، ثم جاءَه جِبريلُ فقالَ: اقْرَأْ. فقالَ: ((مَا أَنَا بِقَارِئٍ)). فغَطَّه حتى بَلَغَ مِنه الْجَهْدُ، وهو يُعَالِجُه على القِراءَةِ، فقَرأَ صَلَّى اللَّهُ عليه وسَلَّمَ, ثم أَلْقَى اللَّهُ عليه الثَّبَاتَ وتَابَعَ عليه الوَحْيُ، حتى بَلَغَ مبْلَغاً ما بَلَغَه أحَدٌ مِن الْمُرْسَلينَ. فسُبحانَ اللَّهِ! ما أَعْظَمَ التفاوُتَ بينَ ابتداءِ نُبُوَّتِه ونِهَايَتِها؛ ولهذا خَاطَبَه اللَّهُ بهذا الوَصْفِ الذي وُجِدَ منه في أوَّلِ أمْرِه. فأَمَرَه هنا بالعباداتِ الْمُتَعَلِّقَةِ به، ثم أَمَرَه بالصبْرِ على أَذِيَّةِ أعدائِه، ثم أَمَرَه بالصَّدْعِ بأَمْرِه، وإعلانِ دَعوتِهم إلى اللَّهِ، فأَمَرَه هنا بأَشْرَفِ العباداتِ وهي الصلاةُ، وبِآكَدِ الأوقاتِ وأفْضَلِها وهو قِيامُ الليلِ. ومِن رَحْمَتِه تعالى أنَّه لم يَأْمُرْه بقيامِ الليلِ كُلِّه، بل قالَ: {قُمِ اللَّيْلَ إِلاَّ قَلِيلاً}، ثم قَدَّرَ ذلكَ فقالَ: {نِصْفَهُ أَوِ انُقْصْ مِنْهُ}؛ أي: مِن النصْفِ {قَلِيلاً}؛ بأنْ يكونَ الثُّلُثَ ونحوَه، {أَوْ زِدْ عَلَيْهِ}؛ أي: على النِّصْفِ، فيكونُ الثُّلُثَيْنِ ونحوَها. {وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً}؛ فإنَّ تَرْتِيلَ القرآنِ به يَحْصُلُ التدَبُّرُ والتفَكُّرُ، وتحريكُ القلوبِ به، والتعَبُّدُ بآياتِه والتَّهَيُّؤُ والاستعدادُ التامُّ له، فإِنَّه قالَ: {إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلاً ثَقِيلاً}؛ أي: نُوحِي إليكَ هذا القرآنَ الثقيلَ؛ أي: العظيمةَ مَعانِيهِ الجليلةَ أَوصافُه. وما كانَ بهذا الوصْفِ حَقيقٌ أنْ يُتَهَيَّأَ له ويُرَتَّلَ ويُتَفَكَّرَ فيما يَشْتَمِلُ عليه. ثم ذكَرَ الحِكْمَةَ في أَمْرِه بقيامِ الليلِ فقالَ: {إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ}؛ أي: الصلاةَ فيه بعدَ النوْمِ {هِيَ أَشَدُّ وَطْأً وَأَقْوَمُ قِيلاً}؛ أي: أَقْرَبُ إلى تَحصيلِ مَقصودِ القرآنِ، يَتَوَاطَأُ على القرآنِ القلْبُ واللسانُ، وتَقِلُّ الشواغِلُ ويَفْهَمُ ما يَقولُ ويَستقيمُ له أمْرُه. وهذا بخِلافِ النهارِ؛ فإِنَّه لا يَحْصُلُ به هذا المقصودُ؛ ولهذا قالَ: {إِنَّ لَكَ فِي اَلنَّهَارِ سَبْحاً طَوِيلاً}؛ أي: تَرَدُّداً على حوائِجِكَ ومَعاشِكَ يُوجِبُ اشتغالَ القلْبِ، وعَدَمَ تَفَرُّغِه التفَرُّغَ التامَّ. {وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ} شامِلٌ لأنواعِ الذِّكْرِ كُلِّها، {وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلاً}؛ أي: انقَطِعْ إلى اللَّهِ تعالى؛ فإنَّ الانقطاعَ إلى اللَّهِ والإنابةَ إليه هو الانفصالُ بالقلْبِ عن الخلائقِ، والاتِّصافُ بِمَحَبَّةِ اللَّهِ وكلِّ ما يُقَرِّبُ إليه ويُدْنِي مِن رِضاهُ. {رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ} وهذا اسمُ جِنسٍ يَشمَلُ الْمَشارِقَ والْمَغارِبَ كلَّها، فهو تعالى رَبُّ الْمَشارِقِ والْمَغارِبِ، وما يكونُ فيها مِن الأنوارِ، وما هي مَصْلَحَةٌ له مِن العالَمِ العُلْوِيِّ والسُّفْلِيِّ، فهو رَبُّ كلِّ شيءٍ وخالِقُه ومُدَبِّرُه. {لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ}؛ أي: لا مَعبودَ إلاَّ وَجهُه الأَعْلَى، الذي يَستحِقُّ أنْ يُخَصَّ بالْمَحَبَّةِ والتعظيمِ والإجلالِ والتكريمِ. ولهذا قالَ: {فَاتَّخِذْهُ وَكِيلاً}؛ أي: حافِظاً ومُدَبِّراً لأمورِك كلِّها. قالَ مُحَمَّدُ سُلَيْمَان الأَشْقَرُ (1430هـ) : 1-{يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ} وهذا الْخِطابُ للنبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسَلَّمَ كانَ يَتَزَمَّلُ بثِيابِه أوَّلَ ما جاءَهُ جِبريلُ بالوحْيِ خَوْفاً منه، فإنه لَمَّا سَمِعَ صوتَ الْمَلَكِ ونَظَرَ إليه أخَذَتْهُ الرِّعدةُ، فأتى أهْلَه وقالَ: ((زَمِّلُونِي دَثِّرُونِي)). ثم بعدَ ذلك خُوطِبَ بالنُّبُوَّةِ والرسالةِ وأَنِسَ بجبريلَ. 2-{قُمِ اللَّيْلَ إِلاَّ قَلِيلاً} أيْ: قُمْ للصلاةِ في الليلِ، وصَلِّ الليلَ كُلَّه إلاَّ يَسِيراً منه. 4،3-{نِصْفَهُ أَوِ انقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا أَوْ زِدْ عَلَيْهِ} كأنه قالَ: قُمْ ثُلُثَيِ الليلِ، أو نِصْفَه أو ثُلُثَهُ. أَخْرَجَ أحمدُ, ومسلِمٌ, عن سعْدِ بنِ هِشامٍ قالَ: قلتُ لعائشةَ: أنْبِئِينِي عن قِيامِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ. قالتْ: ألسْتَ تَقرأُ هذه السورةَ:{يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ}؟ قلتُ: بلى. قالتْ: فإنَّ اللهَ افْتَرَضَ قِيامَ الليلِ في أوَّلِ هذه السورةِ فقامَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسَلَّمَ وأصحابُه حَوْلاً، حتى انْتَفَخَتْ أقْدَامُهم، وأَمْسَكَ اللهُ خاتِمَتَها في السماءِ اثْنَيْ عشرَ شَهْراً، ثم أَنزلَ التخفيفَ في آخِرِ هذه السورةِ، فصارَ قِيامُ الليلِ تَطَوُّعاً مِن بعدِ فَرْضِه. {وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا} أيْ: اقْرَأْهُ على مَهْلٍ مع تَدَبُّرٍ حَرفًا حرْفاً، والترتيلُ هو أنْ يُبَيِّنَ جميعَ الحروفِ ويُوفِيَ حَقَّها مِن الإشباعِ دُونَ تَنَطُّعٍ وَتَقَعُّرٍ في النُّطْقِ. 5-{إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا} أيْ: سنُوحِي إليكَ القرآنَ، وهو قولٌ ثَقيلٌ فَرائضُه وحُدودُه، وحَلالُه وحَرامُه، لا يَحْمِلُه إلا قلْبٌ مؤيَّدٌ بالتوفيقِ, ونفْسٌ مُزَيَّنَةٌ بالتوحيدِ. 6-{إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ} يُقالُ لقيامِ الليلِ: ناشئةٌ. إذا كانَ بعدَ نَومٍ، فإذا نِمْتَ مِن أوَّلِ الليلِ ثم قُمتَ فتلكَ الْمَنْشَأَةُ والنشأةُ. {هِيَ أَشَدُّ وَطْأً} أثْقَلُ على المصلِّي مِن صلاةِ النهارِ؛ لأنَّ الليلَ للنومِ. {وَأَقْوَمُ قِيلاً} أيْ: وأَسَدُّ مَقَالاً وأَثْبَتُ قِراءةً، لحضورِ القلْبِ فيها، وأشَدُّ استقامةً؛ لأنَّ الأصواتَ فيها هادئةٌ والدنيا ساكنةٌ. 7-{إِنَّ لَكَ فِي اَلنَّهَارِ سَبْحًا طَوِيلًا} أيْ: تَصَرُّفاً في حَوَائِجِكَ، وإِقْبَالاً وإِدْبَاراً، وذَهاباً ومَجيئاً، فَصَلِّ بالليلِ. 8-{وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ} لَيلاً ونَهاراً واستَكْثِرْ مِن ذلك. {وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلاً} أيْ: انقَطِعْ إلى اللهِ انْقِطَاعاً بالاشتغالِ بعِبادتِه، والتماسِ ما عندَه. 9-{فَاتَّخِذْهُ وَكِيلاً} أيْ: إذا عَرفتَ أنه المخْتَصُّ بالرُّبوبيَّةِ، فاتَّخِذْه {وَكيلاً}. أيْ: قائماً بأُمُورِكَ، وعَوِّلْ عليه في جميعِها. تعليمات: - يفتح الطالب صفحة باسمه في هذا القسم: ( تطبيقات دورة أنواع التلخيص). - يؤدي الطالب التطبيق الأول؛ ثمّ يضع رابط المشاركة هنا في هذا الموضوع لتسهيل التصحيح. - ينتظر حتى يُصحح له التطبيق الأول؛ ثمّ يؤدي التطبيق الثاني، وبعد تصحيح التطبيق الثاني يؤدي التطبيق الثالث، وذلك حتى يستفيد من الملحوظات التي تبيّن له في صفحته على أدائه للتطبيق الأول، ويضع رابط المشاركة هنا. وفق الله الجميع لما يحب ويرضى |
أديت التطبيق الأول
|
على الرابط التالي:
http://afaqattaiseer.net/vb/showthre...669#post156669 |
|
|
http://www.afaqattaiseer.net/vb/show...23&postcount=2
رابط التطبيق الأول ، لكن لي سؤال لم ألغيتم أيقونية تعديل المشاركة؟ |
تلخيص الدرس الأول:
الإجابة الأولى والثانية :http://www.afaqattaiseer.net/vb/show...97&postcount=2
|
التطبيق الثالث:
التطبيق الثالث:http://www.afaqattaiseer.net/vb/show...62&postcount=4
|
الحمدلله تم حل التطبيق الأول والثاني
http://www.afaqattaiseer.net/vb/show...6#.VKvbEYq8anM |
تم أداء التطبيق الاول
|
التطبيق الأول
http://www.afaqattaiseer.net/vb/show...4#.VKvc83sgz2Q |
أديت التطبيق الاول والثاني ،وانا في انتظار تصحيح الثاني حتى أضع الثالث
|
|
|
تم بفضل الله التطبيق الاول
الرابط http://www.afaqattaiseer.net/vb/show...d=1#post156793 جزاكم الله خيرا |
تطبيقي الأول
|
|
|
التطبيق الأول
http://www.afaqattaiseer.net/vb/show...17&postcount=2 |
الساعة الآن 11:43 AM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By
Almuhajir