بعض آداب التطبب
102- وَإِنْ مَرِضَتْ أُنْثَى وَلَمْ يَجِدُوا لَهَا = طَبِيْبًا سِوَى فَحْلٍ: أَجِزْهُ وَمَهِّدِ 103- وَيُكْرَهُ حَقْنُ الْمَرْءِ إِلاَّ ضَرُورَةً = وَيَنْظُرُ مَا يَحْتَاجُهُ حَاقِنٌ قَدِ 104- كَقَابِلَةٍ: حِلٌّ لَهَا نَظَرٌ إِلَى = مَكَانِ وِلاَدَاتِ النِّسَا فِي التَّوَلُّدِ 105- وَيُكْرَهُ إِنْ لَمْ يَسْرِ قَطْعُ بَوَاسِرٍ = وَبَطُّ الأَذَى: حِلٌّ كَقَطْعِ مُجَوَّدِ 106- لآكِلَةٍ تَسْرِي بِعُضْوٍ: أَبِنْهُ إِنْ = تَخَافَنَّ عُقْبَاهُ، وَلاَ تَتَرَدَّدِ 107- وَقَبْلَ الأَذَى لاَ بَعْدَهُ الْكَيَّ: فَاكْرَهَنْ = وَعَنْهُ: عَلَى الإِطْلاَقِ غَيْرُ مُقَيَّدِ |
غذاء الألباب للشيخ : محمد بن أحمد السفاريني
مطلب يَطِبُّ الرَّجُلُ الْأُنْثَى وَالْأُنْثَى الرَّجُلَ لِلضَّرُورَةِ وَإِنْ مَرِضَتْ أُنْثَى وَلَمْ يَجِدُوا لَهَا طَبِيبًا سِوَى فَحْلٍ أَجِزْهُ ومهد (وَإِنْ مَرِضَتْ أُنْثَى) دَاوَتْهَا وَطَبَّتْهَا أُنْثَى مِثْلُهَا , وَلَوْ كَافِرَةً فِيمَا يَظْهَرُ (وَ) إنْ (لَمْ يَجِدُوا لَهَا) أَيْ الْأُنْثَى (طَبِيبًا سِوَى فَحْلٍ) , يُفْهَمُ مِنْ نِظَامِهِ أَنَّهُ إنْ وُجِدَ خَصِيٌّ يُقَدَّمُ عَلَى الْفَحْلِ وَيُتَّجَهُ , وَكَذَا خُنْثَى , فَإِنْ عَدِمْنَا الْأُنْثَى , وَالْخَصِيَّ , وَالْخُنْثَى بِمَعْنَى تَعَذُّرِ تَأَتِّي الْمَقْصُودِ مِنْهُمْ , وَلَمْ يَتَأَتَّ إلَّا مِنْ ذَكَرٍ فَحْلٍ (أَجِزْهُ) وَلَا تَمْنَعْهُ (ومهد) جَوَازَ ذَلِكَ لِلضَّرُورَةِ , وَحَيْثُ جَازَ ذَلِكَ , فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ مِنْهَا نَظَرُ مَا تَدْعُو الْحَاجَةُ إلَى نَظَرِهِ حَتَّى الْفَرْجِ , وَكَذَا اللَّمْسُ لِلضَّرُورَةِ , وَكَذَا الرَّجُلُ مَعَ الرَّجُلِ قَالَ ابْنُ حَمْدَانَ: وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ مِنْ يَطِبُّهُ سِوَى امْرَأَةٍ فَلَهَا نَظَرُ مَا تَدْعُو الْحَاجَةُ إلَى نَظَرِهِ مِنْهُ حَتَّى فَرْجِهِ قَالَ الْقَاضِي: يَجُوزُ لِلطَّبِيبِ أَنْ يَنْظُرَ مِنْ الْمَرْأَةِ إلَى الْعَوْرَةِ عِنْدَ الْحَاجَةِ إلَيْهَا نَصَّ عَلَيْهِ , وَكَذَلِكَ يَجُوزُ لِلْمَرْأَةِ وَالرَّجُلِ أَنْ يَنْظُرَا إلَى عَوْرَةِ الرَّجُلِ عِنْدَ الضَّرُورَةِ نَصًّا , وَكَذَلِكَ تَجُوزُ خِدْمَةُ الْمَرْأَةِ الْأَجْنَبِيَّةِ وَيُشَاهِدُ مِنْهَا الْعَوْرَةَ فِي حَالِ الْمَرَضِ إذَا لَمْ يُوجَدْ مَحْرَمٌ نَصًّا , وَكَذَلِكَ يَجُوزُ لِذَوَاتِ الْمَحَارِمِ أَنْ يَلِيَ بَعْضُهُمْ عَوْرَةَ بَعْضٍ عِنْدَ الضَّرُورَةِ نَصًّا , وَحَيْثُ جَازَ لِلطَّبِيبِ مُدَاوَاةُ الْمَرْأَةِ الْأَجْنَبِيَّةِ , فَلَا تَجُوزُ لَهُ الْخَلْوَةُ بِهَا فِي بَيْتٍ أَوْ نَحْوِهِ قَالَ الْمَرْوَذِيُّ: قُلْت لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْكَحَّالِ: يَخْلُو بِالْمَرْأَةِ , وَقَدْ انْصَرَفَ مِنْ عِنْدِهِ النِّسَاءُ هَلْ هَذِهِ الْخَلْوَةُ مَنْهِيٌّ عَنْهَا؟قَالَ: أَلَيْسَ هُوَ عَلَى ظَهْرِ الطَّرِيقِ قِيلَ: بَلَى قَالَ: إنَّمَا الْخَلْوَةُ تَكُونُ فِي الْبَيْتِ . مطلب تُكْرَهُ الْحُقْنَةُ بِلَا حَاجَةٍ وَيُكْرَهُ حَقْنُ الْمَرْءِ إلَّا ضَرُورَةً وَيَنْظُرُ مَا يَحْتَاجُهُ حَاقِنٌ قَدْ (وَيُكْرَهُ حَقْنُ الْمَرْءِ) أَيْ الْإِنْسَانِ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى (إلَّا ضَرُورَةً) يَعْنِي حَاجَةً , إذْ الْكَرَاهَةُ تَزُولُ بِأَدْنَى حَاجَةٍ عَلَى قَاعِدَةِ الْمَذْهَبِ يُقَالُ: حَقَنْت الْمَرِيضَ إذَا أَوْصَلْت الدَّوَاءَ إلَى بَاطِنِهِ مِنْ مَخْرَجِهِ بالحقنة بِالْكَسْرِ وَاحْتَقَنَ هُوَ وَالِاسْمُ الْحُقْنَةُ مِثْلُ الْفُرْقَةِ مِنْ الِافْتِرَاقِ , ثُمَّ أُطْلِقَتْ عَلَى مَا يَتَدَاوَى بِهِ , وَالْجَمْعُ حُقَنٌ مِثْلُ غُرْفَةٍ وَغُرَفٍ قَالَ الْقَاضِي هَلْ تُكْرَهُ الحقنة , عَلَى رِوَايَتَيْنِ: إحْدَاهُمَا: تُكْرَهُ لِلْحَاجَةِ وَغَيْرِهَا , وَالثَّانِيَةُ: لَا تُكْرَهُ لِلْحَاجَةِ وَالضَّرُورَةِ , وَقَالَ الْخَلَّالُ: كَانَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ كَرِهَهَا فِي أَوَّلِ أَمْرِهِ , ثُمَّ أَبَاحَهَا عَلَى مَعْنَى الْعِلَاجِ , وَقَالَ الْمَرْوَذِيُّ: وُصِفَ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ فَفَعَلَ يَعْنِي الحقنة وَاحْتَجَّ الْقَاضِي لِلْقَوْلِ الْمَرْجُوحِ يَعْنِي كَرَاهَةَ الحقنة مُطْلَقًا بِمَا رَوَى وَكِيعٌ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ الحقنة وَرَوَاهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ عَلِيٍّ وَسَأَلَ ابْنَ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما رَجُلٌ احْتَقَنَ قَالَ: لَا تُبْدِ الْعَوْرَةَ وَلَا تَسْتَنَّ بِسُنَّةِ الْمُشْرِكِينَ رَوَاهُ الْخَلَّالُ . وَعَنْ نَافِعٍ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ : الحقنة كُفْرٌ وَرَوَى الْخَلَّالُ عَنْ عُمَرَ رضي الله عنه أَنَّهُ رَخَّصَ فِي الحقنة وَكَرِهَهَا عَلِيٌّ وَمُجَاهِدٌ وَإِبْرَاهِيمُ وَالشَّعْبِيُّ , وَقَالَ: هِيَ سُنَّةُ الْمُشْرِكِينَ , وَالْمُعْتَمَدُ كَرَاهَتُهَا بِلَا حَاجَةٍ وَلَهَا تُبَاحُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ . مطلب يَجُوزُ نَظَرُ الْعَوْرَةِ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ فِي مَوَاضِعَ ( وَيَنْظُرُ مَا) أَيْ شَيْئًا أَوْ الَّذِي (يَحْتَاجُهُ حَاقِنٌ) , فَالضَّمِيرُ فِي يَحْتَاجُهُ لِلْحَاقِنِ , وَهُوَ مُتَقَدِّمٌ رُتْبَةً , وَإِنْ تَأَخَّرَ لَفْظًا أَيْ وَيَنْظُرُ الْحَاقِنُ يَعْنِي الَّذِي يَحْقِنُ الْمَرِيضَ مَا يَحْتَاجُ النَّظَرَ إلَيْهِ مِنْ عَوْرَةِ الْمُحْتَقِنِ (قَدْ) أَيْ حَسَب يَعْنِي لَيْسَ لَهُ النَّظَرُ إلَّا إلَى مَحَلِّ الْحَاجَةِ . كَقَابِلَةٍ حِلٌّ لَهَا نَظَرٌ إلَى مَكَانِ وِلَادَاتِ النِّسَا فِي التَّوَلُّدِ (كَقَابِلَةٍ) , فَإِنَّهَا تَنْظُرُ إلَى مَا تَحْتَاجُ النَّظَرَ إلَيْهِ فَقَطْ , وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ: (حِلٌّ) أَيْ حَلَالٌ (لَهَا) أَيْ الْقَابِلَةِ (نَظَرٌ) أَيْ: أَنْ تَنْظُرَ (إلَى) مَا تَحْتَاجُ إلَيْهِ مِنْ (مَكَانِ وِلَادَاتِ النِّسَا فِي التَّوْلِيدِ) فَتَنْظُرُ إلَى مَوْضِعِ الْوِلَادَةِ وَنَحْوِهِ لِلْحَاجَةِ , وَلَا تَقْبَلُ الذِّمِّيَّةُ الْمُسْلِمَةَ مَعَ وُجُودِ مُسْلِمَةٍ تَقْبَلُهَا وَتَقَدَّمَ قَرِيبًا . (تَتِمَّةٌ) يَجُوزُ نَظَرُ الْعَوْرَةِ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ فِي مَوَاضِعَ مِنْهَا لِلطَّبِيبِ فِي الحقنة وَغَيْرِهَا وَمِنْهَا لِلْقَابِلَةِ . وَمِنْهَا لِلْخِتَانِ . وَمِنْهَا النَّظَرُ لِمَعْرِفَةِ الْبُلُوغِ إذَا اُحْتِيجَ إلَيْهِ . وَمِنْهَا حَلْقُ عَانَةِ مَنْ لَا يُحْسِنُ حَلْقَ عَانَتِهِ . وَمِنْهَا مَا ذَكَرَ فِي الْمُغْنِي فِي كِتَابِ الْجِهَادِ : إذَا وَقَفَتْ امْرَأَةٌ فِي صَفِّ الْكُفَّارِ , أَوْ عَلَى حِصْنِهِمْ فَتَكَشَّفَتْ لَهُمْ يَعْنِي لِلْمُسْلِمِينَ جَازَ رَمْيُهَا قَصْدًا , وَالنَّظَرُ إلَى فَرْجِهَا لِلْحَاجَةِ إلَى رَمْيِهَا . وَقَدْ رَوَى سَعِيدٌ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ : لَمَّا حَاصَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَهْلَ الطَّائِفِ أَشْرَفَتْ امْرَأَةٌ فَكَشَفَتْ عَنْ قُبُلِهَا فَقَالَ: هادونكم فَارْمُوهَا فَرَمَاهَا رَجُلٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ فَمَا أَخْطَأَ ذَاكَ مِنْهَا . وَمِنْهَا مَنْ يَلِي خِدْمَةَ مَرِيضٍ . وَمِنْهَا إذَا اخْتَلَفُوا فِي عَبَالَةِ ذَكَرِهِ بِأَنْ ادَّعَتْ الزَّوْجَةُ عَبَالَةَ ذَكَرِهِ وَضِيقَ فَرْجِهَا , وَخَافَتْ مِنْهُ الْإِفْضَاءَ وَأَنْكَرَ ذَلِكَ , فَتَلْزَمُهَا الْبَيِّنَةُ , وَيُقْبَلُ قَوْلُ امْرَأَةٍ ثِقَةٍ فِي ضِيقِ فَرْجِهَا وَعَبَالَةِ ذَكَرِهِ وَنَحْوِهِ , وَتَنْظُرُهُمَا وَقْتَ اجْتِمَاعِهِمَا لِلْحَاجَةِ , وَكَذَا كُلُّ مَا شَابَهُ ذَلِكَ مِثْلُ اخْتِلَافِهِمْ فِي الْبَكَارَةِ وَعَدَمِهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ . مطلب فِي حُكْمِ قَطْعِ الْبَوَاسِيرِ وَيُكْرَهُ إنْ لَمْ يَسْرِ قَطْعُ بواسر وَبَطُّ الْأَذَى حِلٌّ كَقَطْعِ مُجَوَّدٍ (وَيُكْرَهُ) تَنْزِيهًا (إنْ لَمْ يَسْرِ) أَيْ إنْ لَمْ يَخَفْ سِرَايَتَهُ (قَطْعُ بواسر) جَمْعُ بَاسُورٍ قَالَ فِي الْقَامُوسِ: الْبَاسُورُ عِلَّةٌ مَعْرُوفَةٌ وَجَمْعُهُ بَوَاسِيرُ . وَفِي لُغَةِ الْإِقْنَاعِ الْبَاسُورُ وَاحِدُ الْبَوَاسِيرِ , وَهِيَ عِلَّةٌ تَحْدُثُ فِي الْمَقْعَدَةِ وَفِي دَاخِلِ الْأَنْفِ أَيْضًا , وَقَدْ تُبْدَلُ السِّينُ صَادًا فَيُقَالُ باصور , وَلَمْ أَرَ مَنْ جَعَلَ جَمْعَهُ بواسر كَمَا فِي النَّظْمِ فَتَفَطَّنْ . قَالَ الْحَجَّاوِيُّ فِي شَرْحِ هَذِهِ الْمَنْظُومَةِ كَغَيْرِهِ نَصَّ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رضي الله عنه فِي رِوَايَةِ أَبِي طَالِبٍ وَغَيْرِهِ عَلَى كَرَاهَةِ قَطْعِ الْبَوَاسِيرِ , وَقَالَ فِي رِوَايَةِ إسْحَاقَ بْنِ إبْرَاهِيمَ: أَكْرَهُهُ كَرَاهَةً شَدِيدَةً أَخْشَى أَنْ يَمُوتَ فَيَكُونَ قَدْ أَعَانَ عَلَى قَتْلِ نَفْسِهِ وَقَدَّمَ فِي الْآدَابِ الْكُبْرَى الْإِبَاحَةَ , وَعِبَارَتُهُ: وَيُبَاحُ قَطْعُ الْبَوَاسِيرِ وَقِيلَ: يُكْرَهُ , وَإِنْ خِيفَ مِنْهُ التَّلَفُ حَرُمَ , وَإِنْ خِيفَ مِنْ تَرْكِ قَطْعِهَا التَّلَفُ جَازَ إنْ لَمْ يَسْرِ الْقَطْعُ غَالِبًا , ذَكَرَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى قَالَ السَّامِرِيُّ: وَالنَّهْيُ هُوَ الْمَنْصُوصُ عَنْهُ , وَقَالَ غَيْرُهُ: نَصَّ أَحْمَدُ عَلَى الْكَرَاهَةِ فِي رِوَايَةِ أَبِي طَالِبٍ وَغَيْرِهِ , وَفِي رِوَايَةِ إسْحَاقَ: أَكْرَهُهُ شَدِيدًا كَمَا قَدَّمْنَا (وَبَطُّ) مِنْ بَابِ قَتَلَ شَقَّ (الْأَذَى) يَعْنِي أَنَّ بَطَّ نَحْوَ الْجُرْحِ مِنْ الْبُثُورِ وَمَا يَطْلُعُ فِي بَدَنِ الْإِنْسَانِ لِيَخْرُجَ مِنْهَا الْأَذَى مِنْ الْقَيْحِ وَالصَّدِيدِ (حِلٌّ) أَيْ حَلَالٌ قَالَ فِي الْآدَابِ الْكُبْرَى , وَيُبَاحُ الْبَطُّ ضَرُورَةً مَعَ ظَنِّ السَّلَامَةِ , (كَمَا) يَحِلُّ (قَطْعُ عُضْوٍ مِنْ أَعْضَاءِ الْإِنْسَانِ (مُجَوَّدِ) أَيْ مُمَكَّنٍ الدَّاءُ فِيهِ فَيُقْطَعُ . مطلب فِي حُكْمِ بَطِّ الْجُرْحِ وَقَطْعِ الْعُضْوِ خَوْفَ السَّرَيَانِ لِآكِلَةٍ تَسْرِي بِعُضْوٍ أَبِنْهُ إنْ تَخَافَنَّ عُقْبَاهُ وَلَا تتردد (لِ) أَجْلِ زَوَالِ (آكِلَةٍ تَسْرِي) مِنْ السَّرَيَانِ أَيْ تَزِيدُ (بِعُضْوٍ) هِيَ فِيهِ (أَبِنْهُ) أَيْ اقْطَعْهُ وَافْصِلْهُ عَنْك (إنْ) كُنْت (تَخَافَنَّ عُقْبَاهُ) أَيْ عَاقِبَتَهُ إنْ لَمْ تَقْطَعْهُ بِأَنْ خِفْت زِيَادَةَ الْأَلَمِ وَسَرَيَانَ الْأَذَى , فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَأَبِنْهُ عَنْك (وَلَا تتردد) فِي قَطْعِهِ , فَإِنَّهُ حَلَالٌ جَائِزٌ قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رضي الله عنه فِي رِوَايَةِ الْمَرْوَذِيِّ: كَانَ الْحَسَنُ يَكْرَهُ الْبَطَّ وَلَكِنَّ عُمَرَ رضي الله عنه رَخَّصَ فِيهِ قَالَ ابْنُ حَمْدَانَ: وَكَذَا مُعَالَجَةُ الْأَمْرَاضِ الْمَخُوفَةِ كُلِّهَا وَمُدَاوَاتُهَا وَيُرْوَى عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه قَالَ: دَخَلْت مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى رَجُلٍ نَعُودُهُ بِظَهْرِهِ وَرَمٌ فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذِهِ مِدَّةٌ قَالَ: بُطُّوا عَنْهُ قَالَ عَلِيٌّ: فَمَا بَرِحْت حَتَّى بُطَّتْ وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُشَاهِدُ . وَيُرْوَى عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ طَبِيبًا أَنْ يُبْطِنَ بَطْنَ رَجُلٍ أَحَوَى الْبَطْنِ فَقِيلَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلْ يَنْفَعُ الطِّبُّ؟قَالَ: الَّذِي أَنْزَلَ الدَّاءَ أَنْزَلَ الشِّفَاءَ فِيمَا شَاءَ وَرَوَى ابْنُ السُّنِّيِّ عَنْ بَعْضِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَتْ: دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم , وَقَدْ خَرَجَ فِي بَعْضِ أُصْبُعِي بَثْرَةٌ فَقَالَ: عِنْدَك ذَرِيرَةٌ قُلْت: نَعَمْ قَالَ: ضَعِيهَا وَقَوْلِي: اللَّهُمَّ مُصَغِّرَ الْكَبِيرِ وَمُكَبِّرَ الصَّغِيرِ صَغِّرْ مَا بِي . الْبَثْرُ , وَالْبُثُورُ خُرَاجٌ صِغَارٌ بِتَخْفِيفِ الرَّاءِ وَاحِدَتُهَا بَثْرَةٌ , وَقَدْ بَثِرَ وَجْهُهُ يَبْثَرُ بِتَثْلِيثِ الثَّاءِ الْمُثَلَّثَةِ , وَالذَّرِيرَةُ بِفَتْحِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ دَوَاءٌ هِنْدِيٌّ يُتَّخَذُ مِنْ قَصَبٍ طَيِّبٍ يُجَاءُ بِهِ مِنْ الْهِنْدِ حَارَّةً يَابِسَةً تَنْفَعُ مِنْ وَرَمِ الْمَعِدَةِ , وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها طَيَّبْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِيَدِي بِذَرِيرَةٍ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ لِلْحِلِّ , وَالْإِحْرَامِ (لَطِيفَةٌ): ذَكَرَ الشَّيْخُ بُرْهَانُ الدِّينِ فِي شَرْحِ حُكْمِ ابْنِ عَطَاءِ اللَّهِ , وَكَذَا ذَكَرَهُ الْإِمَامُ الْمُحَقِّقُ فِي رَوْضَةِ الْمُحِبِّينَ وَنُزْهَةِ الْمُشْتَاقِينَ وَذَكَرَهُ غَيْرُهُمَا: أَنَّ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ رضي الله عنهما اُبْتُلِيَ بِقُرْحَةٍ فِي سَاقِهِ فَبَلَغَتْ إلَى أَنْ نُشِرَ سَاقُهُ فِي الْمَوْضِعِ الصَّحِيحِ مِنْهَا فَقَالَ لَهُ الْأَطِبَّاءُ: أَلَا نَسْقِيك مُرْقِدًا فَلَا تَحُسُّ بِمَا نَصْنَعُ بِك فَقَالَ: لَا وَلَكِنْ شَأْنُكُمْ فَنَشَرُوا مِنْهُ السَّاقَ , ثُمَّ حَسَمُوهَا بِالزَّيْتِ الْمَغْلِيِّ فَمَا حَرَّكَ عُضْوًا وَلَا أَنْكَرُوا مِنْهُ شَيْئًا حَتَّى مَسَّهُ الزَّيْتُ فَمَا زَادَ عَلَى أَنْ قَالَ حَسَنٌ . مطلب فِي كَرَاهَةِ الْكَيِّ إلَّا لِحَاجَةٍ وَقَبْلَ الْأَذَى لَا بَعْدَهُ الْكَيَّ فاكرهن وَعَنْهُ عَلَى الْإِطْلَاقِ غَيْرُ مُقَيَّدِ (وَقَبْلَ) حُصُولِ (الْأَذَى) الْمُحْوِجِ إلَى الْكَيِّ بِالنَّارِ , وَكَذَا قَبْلَ حُصُولِ الدَّاءِ الْمُوجِبِ لِقَطْعِ بَعْضِ الْعُرُوقِ مَكْرُوهٌ الْكَيُّ وَقَطْعُ الْعُرُوقِ, (لَا) يُكْرَهُ ذَلِكَ (بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ وُجُودِ الدَّاءِ الْمُوجِبِ (لِلْكَيِّ) وَنَحْوُهُ ضَرُورَةً , وَأَمَّا قَبْلَ حُصُولِ الدَّاءِ الْكَيَّ (فاكرهن) أَيْ فاكرهن الْكَيَّ بِالنَّارِ لِنَهْيِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَنْهُ فِي عِدَّةِ أَخْبَارٍ , وَقَالَ: مَا أُحِبُّ أَنْ أَكْتَوِيَ كَمَا فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ وَغَيْرِهِ . وَقَوْلُهُ (فاكرهن) فِعْلُ أَمْرٍ مُؤَكَّدٍ بِنُونِ التَّوْكِيدِ الْخَفِيفَةِ , وَالْكَيُّ مَفْعُولٌ مُقَدَّمٌ , (وَعَنْهُ) أَيْ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رضي الله عنه كَرَاهَةُ الْكَيِّ (عَلَى) سَبِيلِ (الْإِطْلَاقِ غَيْرُ مُقَيَّدٍ) بِحُصُولِ الْأَذَى , فَعَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ يُكْرَهُ الْكَيُّ مُطْلَقًا قَبْلَ حُصُولِ الْأَذَى وَبَعْدَهُ لِمَا فِي الْحَدِيثِ عَنْ النَّبِيِّ: صلى الله عليه وسلم مَنْ اكْتَوَى أَوْ اسْتَرْقَى فَقَدْ بَرِيءَ مِنْ التَّوَكُّلِ رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ . وَأَخْرَجَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ وَابْنُ مَاجَهْ وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ عَنْ عِمْرَانَ رضي الله عنه : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ الْكَيِّ فَاكْتَوَيْنَا فَمَا أَفْلَحْنَا وَلَا أَنْجَحْنَا . قَالَ فِي الْآدَابِ الْكُبْرَى قَالَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ فِي مَوْضِعٍ يُكْرَهُ الْكَيُّ وَقَطْعُ الْعُرُوقِ عَلَى وَجْهِ التَّدَاوِي فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ , وَالْأُخْرَى لَا يُكْرَهُ , وَفِي الْفُرُوعِ وَفِي كَرَاهَةِ مَوْتِ الْفَجْأَةِ رِوَايَتَانِ , وَالْأَخْبَارُ مُخْتَلِفَةٌ , وَكَذَا الرِّوَايَتَانِ فِي حقنة لِحَاجَةٍ وَقَطْعِ الْعُرُوقِ وَفَصْدِهَا , وَكَذَا الْخِلَافُ فِي كَيٍّ وَرَقْيَةٍ وَتَعْوِيذَةٍ وَتَمِيمَةٍ , وَعَنْهُ يُكْرَهُ قَبْلَ الْأَلَمِ فَقَطْ , وَالْحَاصِلُ: أَنَّ فِي الْمَذْهَبِ فِي الْمَسْأَلَةِ أَقْوَالًا . ثَالِثُهَا : انْتِفَاءُ الْكَرَاهَةِ بَعْدَ حُصُولِ الدَّاءِ , وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما قَالَ: سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: إنْ كَانَ فِي شَيْءٍ مِنْ أَدْوِيَتِكُمْ خَيْرٌ فَفِي شَرْطَةِ مِحْجَمٍ , أَوْ شَرْبَةٍ مِنْ عَسَلٍ أَوْ لَذْعَةٍ بِنَارٍ وَمَا أُحِبُّ أَنْ أَكْتَوِيَ . وَرَوَى ابْنُ مَاجَهْ وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ عَنْ خَبَّابٍ رضي الله عنه أَنَّهُ قَالَ , وَقَدْ اكْتَوَى فِي بَطْنِهِ سَبْعَ كَيَّاتٍ: مَا أَعْلَمُ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لَقِيَ مِنْ الْبَلَاءِ مَا لَقِيت , وَكَأَنَّهُ قَالَهُ رضي الله عنه تَسْلِيَةً لِلْمُؤْمِنِ الْمُصَابِ لَا عَلَى وَجْهِ الشِّكَايَةِ . قُلْت : وَإِذَا عَلِمْت ثُبُوتَ النَّهْيِ عَنْ الْكَيِّ وَتَحَقَّقْت أَنَّهُ نَهْيُ كَرَاهَةٍ لِظَاهِرِ الْأَخْبَارِ , وَفِعْلِ الصَّحَابَةِ الْأَخْيَارِ , ظَهَرَ لَك أَنَّ الْكَرَاهَةَ تَزُولُ بِنُزُولِ الضَّرَرِ إذْ الْقَاعِدَةُ: زَوَالُهَا بِأَدْنَى حَاجَةٍ . فَظَهَرَ أَنَّ الْمَذْهَبَ عَدَمُ كَرَاهَةِ الْكَيِّ لِلْحَاجَةِ . وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ : بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إلَى أُبَيِّيَ بْنِ كَعْبٍ طَبِيبًا فَقَطَعَ مِنْهُ عِرْقًا , ثُمَّ كَوَاهُ . وَعَنْ جَابِرٍ أَيْضًا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَوَى سَعْدَ بْنَ مُعَاذٍ فِي أَكْحَلِهِ مَرَّتَيْنِ رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ . وَلِمُسْلِمٍ رُمِيَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ فِي أَكْحَلِهِ فَحَسَمَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِيَدِهِ بِمِشْقَصٍ , ثُمَّ وَرِمَتْ فَحَسَمَهُ الثَّانِيَةَ . قَوْلُهُ فَحَسَمَهُ أَيْ كَوَاهُ وَكَوَى صلى الله عليه وسلم سَعْدَ بْنَ زُرَارَةَ مِنْ الشَّوْكَةِ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى الْإِبَاحَةِ مِنْ فِعْلِهِ صلى الله عليه وسلم وَيُكْرَهُ بِلَا حَاجَةٍ لِلنَّهْيِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ . |
الساعة الآن 12:59 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By
Almuhajir