سؤال: هل الأحاديث الواردة في ذكر خصال المنافقين تفيد الحصر؟
في الروايتين اللتين ذكر فيهما خصال المنافقين وهي: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان، إذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر.
إذاً هل خصال النفاق (الأصغر) خمسة؟ وهل «إذا عاهد غدر» هي نفس معنى «إذا اؤتمن خان» أم أن هناك فرق بينهما؟ |
اقتباس:
الأحاديث الواردة في ذكر خصال المنافقين لا تفيد الحصر؛ فقد يذكر في حديث خصلة واحدة، وقد يذكر في حديث آخر ثلاث خصال ، وقد يذكر في حديث آخر أربع، والأحاديث التي في ذكر خصال المنافقين كثيرة. وقد يكون بين تلك الخصال تداخل واشتراك في قدر من المعنى؛ فالخيانة على سبيل المثال جامعة لجملة من صفات المنافقين؛ لأن الأصل في المنافقين الغش والمخادعة وهذا هو الذي يحملهم على مخالفة الصدق والأمانة؛ فيكون منهم الكذب في الحديث، والكذب خيانة كما أنّ الصدق أمانة، ويكون فيهم الغدر بالعهد، والغدر خيانة، ويكون فيهم الفجور في الخصومة، وهي خيانة، ويكون فيهم إخلاف الوعد، وهو خيانة لمن وعده. لكن لمّا كانت هذه الخصال تبرز في هذه الأعمال الظاهرة حسن البيان بها؛ لأن الكذب في الحديث معنى متميّز عن إخلاف الوعد، وكذلك الفجور في الخصومة معنى متميّز عن الغدر بالعهد، وأما خيانة الأمانة فإذا أريد بها أنّه إذا اؤتمن على شيء مما جرت العادة بائتمان الناس عليه من حديث السرّ أو الودائع فهو معنى متميّز كذلك. وإذا أريد به عموم خيانة الأمانات فهو جامع لهذه الخصال كلها؛ وأعظم الأمانات الأمانة التي حمّلها الله تعالى لعباده بالإيمان به وطاعة رسوله واتّباع هداه؛ كما قال الله تعالى: {إنا عرضنا الأمانة على السموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوماً جهولا . ليعذب الله المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات ويتوب الله على المؤمنين والمؤمنات وكان الله غفورا رحيما} الآية. فأمانة الإيمان أعظم الأمانات وقد خانها المنافقون، وهذه الخيانة العظمى لها توابع ولوازم تنتج لهم أنواعا من الخيانات فيما بينهم وبين الله، وفيما بينهم وبين المسلمين. والمقصود أن قول النبي صلى الله عليه وسلم: (آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان) متفق عليه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، هذا الحديث ليس فيه معارضة ولا مخالفة لحديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أربع من كن فيه كان منافقا خالصا، ومن كانت فيه خلة منهن كانت فيه خلة من نفاق حتى يدعها: إذا حدث كذب، وإذا عاهد غدر، وإذا وعد أخلف، وإذا خاصم فجر). متفق عليه. لأن المقصود التنبيه على ما يعرف به المنافق، وقد تحصل المعرفة بعلامة واحدة كما في حديث أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (آية الإيمان حبّ الأنصار، وآية النفاق بغض الأنصار). متفق عليه. وقول علي بن أبي طالب رضي الله عنه: (والذي فلق الحبة، وبرأ النسمة، إنه لعهد النبي الأمي صلى الله عليه وسلم إلي أن لا يحبني إلا مؤمن، ولا يبغضني إلا منافق). وفي حديث عبد الله بن عمرو بن العاص مزيد فائدة ، وهي أنّ هذه الخصال الأربع لا تجتمع إلا في المنافق الخالص. |
الساعة الآن 01:49 AM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By
Almuhajir