إذا كان التدمير وسيلة إلى مصلحة أعظم من مفسدته فهو جائز
وعن ابنِ عُمرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما قالَ: حَرَّقَ رسولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَخْلَ بني النَّضيرِ وقَطَّعَ. مُتَّفَقٌ عليهِ. |
سبل السلام للشيخ: محمد بن إسماعيل الأمير الصنعاني
20/1199 - وَعَن ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: حَرَّقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَخْلَ بَنِي النَّضِيرِ وَقَطَّعَ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. (وَعَن ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما قَالَ: حَرَّقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَخْلَ بَنِي النَّضِيرِ وَقَطَّعَ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ). يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ إفْسَادِ أَمْوَالِ أَهْلِ الْحَرْبِ بِالتَّحْرِيقِ وَالْقَطْعِ لِمَصْلَحَةٍ فِي ذَلِكَ، ونَزَلَت الآيَةُ: {مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ} الآيَةَ. قَالَ الْمُشْرِكُونَ: إِنَّكَ تَنْهَى عَن الْفَسَادِ فِي الأَرْضِ، فَمَا بَالُ قَطْعِ الأَشْجَارِ وَتَحْرِيقِهَا؟ قَالَ فِي مَعَالِمِ التَّنْزِيلِ: اللِّينَةُ: فِعْلَةٌ مِن اللَّوْنِ، وَيُجْمَعُ عَلَى أَلْوَانٍ. وَقِيلَ: مِن اللِّينِ، وَمَعْنَاهُ: النَّخْلَةُ الْكَرِيمَةُ، وَجَمْعُهَا لِينٌ. وَقَدْ ذَهَبَ الْجَمَاهِيرُ إلَى جَوَازِ التَّحْرِيقِ وَالتَّخْرِيبِ فِي بِلادِ الْعَدُوِّ، وَكَرِهَهُ الأَوْزَاعِيُّ وَأَبُو ثَوْرٍ، وَاحْتَجَّا بِأَنَّ أَبَا بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَصَّى جُيُوشَهُ أَنْ لا يَفْعَلُوا ذَلِكَ. وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ رَأَى الْمَصْلَحَةَ فِي بَقَائِهَا؛ لأَنَّهُ قَدْ عَلِمَ أَنَّهَا تَصِيرُ لِلْمُسْلِمِينَ، فَأَرَادَ بَقَاءَهَا لَهُمْ، وَذَلِكَ يَدُورُ عَلَى مُلاحَظَةِ الْمَصْلَحَةِ. |
توضيح الأحكام للشيخ: عبد الله بن عبد الرحمن البسام
1112 - وَعَن ابنِ عُمرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُما قالَ: حَرَّقَ رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَخْلَ بَنِي النَّضِيرِ وَقَطَعَ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. مُفْرَدَاتُ الْحَدِيثِ: - حَرَّقَ: حَرَّقَتِ النَّارُ الشَّيْءَ: أَهْلَكَتْهُ. - بَنِي النَّضِيرِ: قَبِيلَةٌ مِنَ الْيَهُودِ كَانَتْ تَسْكُنُ الْمَدِينَةَ، وَكَانَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْمُسْلِمِينَ عُهُودٌ، فَغَدَرُوا، وَنَقَضُوا عَهْدَهُم، فَحَاصَرَهُم النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سِتَّ لَيَالٍ، ثُمَّ صَالَحَهُم عَلَى أَنْ يَرْحَلُوا مِنْ بِلادِهِم، فَرَحَلُوا. - قَطَعَ: يُقَالُ: قَطَعَ الشَّيْءَ، فَصَلَ بَعْضَهُ عَنْ بَعْضٍ، وَأَبَانَهُ. مَا يُؤْخَذُ مِنَ الْحَدِيثِ: 1- بَنُو النضيرِ إِحْدَى قبائلِ الْيَهُودِ المُقِيمِينَ قُرْبَ الْمَدِينَةِ، وَقَدْ أَبْرَمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والمسلمونَ مَعَهُم عَهْداً، يَأْمَنُ بِهِ كُلٌّ مِنَ الآخرِ، وَلَكِنَّهُمْ لَمْ يَفُوا بِهَذَا الْعَهْدِ؛ حَسَداً وَبَغْياً، وَأَرَادُوا قَتْلَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بقصَّةٍ مشهورةٍ فِي السِّيرَةِ، فَانْتَقَضَ عَهْدُهُمْ، فَكَانَ مِنَ الحَزْمِ أَلاَّ يَبْقَوْا مَصْدَرَ خَطَرٍ عَلَى الإِسْلامِ وَأَهْلِهِ، فَحَاصَرَهُم النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سِتَّةَ أَيَّامٍ، فَقَطَعَ الصَّحَابَةُ أثناءَ الحصارِ بَعْضَ نَخِيلِهِمْ، وَحَرَّقُوهَا؛ نِكَايَةً بِهِمْ، وَجَزَاءً لِغَدْرِهِمْ، فَشَكَّ الصَّحَابَةُ فِي جَوَازِ هَذَا الْعَمَلِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى قَوْلَهُ: {مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيُخْزِيَ الْفَاسِقِينَ}. [الْحَشْر: 5]. 2- اصْطَلَحُوا مَعَ الْمُسْلِمِينَ بِأَنَّهُم يُجْلَوْنَ مِنْ بِلادِهِم، عَلَى أَنَّ لَهُمْ مَا حَمَلَتْهُ ظُهُورُ إِبِلِهِم إِلاَّ السلاحَ، فَحَمَلُوهَا، وَجَلَوْا عَنْ دِيَارِهِم، وَصَارَتْ بِلادُهُم، وَمَا خَلَّفُوا مِنْ أَمْوَالِهِم فَيْئاً، لَمْ يُقَسَّمْ بَيْنَ الْمُجَاهِدِينَ؛ لأَنَّهُ لَمْ يُحَصَّلْ بالقتالِ. قَالَ تَعَالَى: {وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلا رِكَابٍ}. [الْحَشْر: 6]. ثُمَّ ذَكَرَ تَعَالَى مَصْرِفَ الفَيْءِ بِقَوْلِهِ: {مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ}. [الْحَشْر: 7]. 3- الْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ قَطْعِ النَّخْلِ وَحَرْقِهَا، وَهَدْمِ الحُصُونِ، ونحوِ ذَلِكَ، إِذَا كَانَ هَذَا يُحَقِّقُ مَصْلَحَةً للمُسْلِمِينَ، وَيَحْصُلُ بِهِ نِكَايَةٌ للعَدُوِّ، كَمَا حَصَلَ فِي حِصَارِ بَنِي النَّضِيرِ. 4- الفَيْءُ: هُوَ مَا أُخِذَ مِنْ مَالِ الْكُفَّارِ – مِمَّنْ لَيْسَ لَهُمْ عَهْدٌ – بِحَقٍّ مِنْ غَيْرِ قِتَالٍ، سُمِّيَ فَيْئاً؛ لأَنَّهُ فَاءَ؛ أَيْ: رَجَعَ مِنَ الْكُفَّارِ الَّذِينَ هُم غَيْرُ مُسْتَحِقِّينَ لَهُ إِلَى الْمُسْلِمِينَ الَّذِينَ لَهُم الْحَقُّ الأَوْفَرُ فِيهِ. 5- وَيَدُلُّ الْحَدِيثُ عَلَى أَنَّ التدميرَ إِذَا كَانَ وَسِيلَةً إِلَى مصلحةٍ أَعْظَمَ مِنْ مَفْسَدَتِهِ فَهُوَ جَائِزٌ، أَمَّا قَاعِدَةُ: دَرْءُ المفاسدِ مُقَدَّمٌ عَلَى جَلْبِ المصالحِ، فَإِنَّهُ إِذَا كَانَتْ إِفْسَاداً مَحْضاً، أَوْ كَانَتِ الْمَفْسَدَةُ أَرْجَحَ مِنَ المصلحةِ. |
الساعة الآن 09:20 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By
Almuhajir