معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد

معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد (http://afaqattaiseer.net/vb/index.php)
-   كتاب الصلاة (http://afaqattaiseer.net/vb/forumdisplay.php?f=139)
-   -   باب صلاة الجمعة (9/21) [النهي عن الكلام أثناء الخطبة] (http://afaqattaiseer.net/vb/showthread.php?t=2774)

محمد أبو زيد 10 محرم 1430هـ/6-01-2009م 04:31 PM

باب صلاة الجمعة (9/21) [النهي عن الكلام أثناء الخطبة]
 

وعن ابنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما قالَ: قالَ رسولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ: ((مَنْ تَكَلَّمَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ فَهُوَ كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا، وَالَّذِي يَقُولُ لَهُ: أَنْصِتْ، لَيْسَتْ لَهُ جُمُعَةٌ)). رواهُ أحمدُ، بإسنادٍ لا بَأْسَ به.
وهو يُفَسِّرُ حديثَ أبي هُرَيْرةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ في (الصحيحينِ). مَرفوعًا: ((إِذَا قُلْتَ لِصَاحِبِكَ: أَنْصِتْ، يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ فَقَدْ لَغَوْتَ)).

محمد أبو زيد 11 محرم 1430هـ/7-01-2009م 08:25 AM

سبل السلام للشيخ: محمد بن إسماعيل الأمير الصنعاني
 

10/423 - وَعَن ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((مَنْ تَكَلَّمَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَالإِمَامُ يَخْطُبُ فَهُوَ كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً، وَالَّذِي يَقُولُ لَهُ: أَنْصِتْ، لَيْسَتْ لَهُ جُمُعَةٌ)) رَوَاهُ أَحْمَدُ بِإِسْنَادٍ لا بَأْسَ بِهِ، وَهُوَ يُفَسِّرُ حَدِيثَ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي الصَّحِيحَيْنِ مَرْفُوعاً.
(وَعَن ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ تَكَلَّمَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَالإِمَامُ يَخْطُبُ فَهُوَ كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً، وَالَّذِي يَقُولُ لَهُ: أَنْصِتْ، لَيْسَتْ لَهُ جُمُعَةٌ. رَوَاهُ أَحْمَدُ بِإِسْنَادٍ لا بَأْسَ بِهِ)، وَلَهُ شَاهِدٌ قَوِيٌّ فِي جَامِعِ حَمَّادٍ مُرْسَلٌ. (وَهُوَ)؛ أَيْ: حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ، (يُفَسِّرُ الْحَدِيثَ):
11/424 - ((إِذَا قُلْتَ لِصَاحِبِكَ: أَنْصِتْ، يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَالإِمَامُ يَخْطُبُ فَقَدْ لَغَوْتَ)).
(وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي الصَّحِيحَيْنِ مَرْفُوعاً: إِذَا قُلْتَ لِصَاحِبِكَ: أَنْصِتْ، يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَالإِمَامُ يَخْطُبُ فَقَدْ لَغَوْتَ). فِي قَوْلِهِ: ((يَوْمَ الْجُمُعَةِ)) دَلالَةٌ عَلَى أَنَّ خُطْبَةَ غَيْرِ الْجُمُعَةِ لَيْسَتْ مِثْلَهَا يُنْهَى عَن الْكَلامِ حَالَهَا.
وَقَوْلُهُ: ((وَالإِمَامُ يَخْطُبُ)) دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ يَخْتَصُّ النَّهْيُ بِحَالِ الْخُطْبَةِ، وَفِيهِ رَدٌّ عَلَى مَنْ قَالَ: إنَّهُ يُنْهَى عَن الْكَلامِ مِنْ حَالِ خُرُوجِ الإِمَامِ، وَأَمَّا الْكَلامُ حالَجُلُوسِهِ بَيْنَ الْخُطْبَتَيْنِ فَهُوَ غَيْرُ خَاطِبٍ، فَلا يُنْهَى عَن الْكَلامِ حالَهُ.
وَقِيلَ: هُوَ وَقْتٌ يَسِيرٌ يُشَبَّهُ بِالسُّكُوتِ لِلتَّنَفُّسِ، فَهُوَ فِي حُكْمِ الْخَاطِبِ، وَإِنَّمَا شَبَّهَهُ بِالْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً؛ لأَنَّهُ فَاتَهُ الانْتِفَاعُ بِأَبْلَغِ نَافِعٍ، وَقَدْ تَكَلَّفَ الْمَشَقَّةَ وَأَتْعَبَ نَفْسَهُ فِي حُضُورِ الْجُمُعَةِ، وَالْمُشَبَّهُ بِهِ كَذَلِكَ فَاتَهُ الانْتِفَاعُ بِأَبْلَغِ نَافِعٍ مَعَ تَحَمُّلِ التَّعَبِ فِي اسْتِصْحَابِهِ.
وَفِي قَوْلِهِ: ((لَيْسَتْ لَهُ جُمُعَةٌ)) دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لا صَلاةَ لَهُ؛ فَإِنَّ الْمُرَادَ بِالْجُمُعَةِ الصَّلاةُ، إلاَّ أَنَّهَا تُجْزِئُهُ إجْمَاعاً، فَلا بُدَّ مِنْ تَأْوِيلِ هَذَا بِأَنَّهُ نَفْيٌ لِلْفَضِيلَةِ الَّتِي يَحُوزُهَا مَنْ أَنْصَتَ، وَهُوَ كَمَا فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ الَّذِي أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَابْنُ خُزَيْمَةَ بِلَفْظِ: ((مَنْ لَغَا وَتَخَطَّى رِقَابَ النَّاسِ كَانَتْ لَهُ ظُهْراً)).
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ أَحَدُ رُوَاتِهِ: مَعْنَاهُ أَجْزَأَتْهُ الصَّلاةُ وَحُرِمَ فَضِيلَةَ الْجَمَاعَةِ.
وَقَد احْتَجَّ بِالْحَدِيثِ مَنْ قَالَ بِحُرْمَةِ الْكَلامِ حَالَ الْخُطْبَةِ، وَهُم الْهَادَوِيَّةُ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَمَالِكٌ وَرِوَايَةٌ عَن الشَّافِعِيِّ؛ فَإِنَّ تَشْبِيهَهُ بِالْمُشَبَّهِ بِهِ الْمُسْتَنْكَرِ، وَمُلاحَظَةَ وَجْهِ الشَّبَهِ يَدُلُّ عَلَى قُبْحِ ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ نِسْبَتُهُ إلَى فَوَاتِ الْفَضِيلَةِ الْحَاصِلَةِ بِالْجُمُعَةِ مَا ذَاكَ إلاَّ لِمَا يَلْحَقُ الْمُتَكَلِّمَ مِن الْوِزْرِ الَّذِي يُقَاوِمُ الْفَضِيلَةَ مُحْبِطاً لَهَا.
وَذَهَبَ الْقَاسِمُ وَابْنَا الْهَادِي، وَأَحَدُ قَوْلَيْ أَحْمَدَ، وَالشَّافِعِيُّ إلَى التَّفْرِقَةِ بَيْنَ مَنْ يَسْمَعُ الْخُطْبَةَ وَمَنْ لا يَسْمَعُهَا. وَنَقَلَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ الإِجْمَاعَ عَلَى وُجُوبِ الإِنْصَاتِ عَلَى مَنْ يَسْمَعُ خُطْبَةَ الْجُمُعَةِ إلاَّ عَنْ قَلِيلٍ مِن التَّابِعِينَ.
وَقَوْلُهُ: ((إِذَا قُلْتَ لِصَاحِبِكَ: أَنْصِتْ، فَقَدْ لَغَوْتَ)) تَأْكِيدٌ فِي النَّهْيِ عَن الْكَلامِ؛ لأَنَّهُ إذَا عُدَّ مِن اللَّغْوِ، وَهُوَ أَمْرٌ بِمَعْرُوفٍ، فَأَوْلَى مِنْ غَيْرِهِ. فَعَلَى هَذَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَأْمُرَهُ بِالإِشَارَةِ إنْ أَمْكَنَ ذَلِكَ.
وَالْمُرَادُ بِالإِنْصَاتِ قِيلَ: مِنْ مُكَالَمَةِ النَّاسِ، فَيَجُوزُ عَلَى هَذَا الذِّكْرُ وَقِرَاءَةُ الْقُرْآنِ، وَالأَظْهَرُ أَنَّ النَّهْيَ شَامِلٌ لِلْجَمِيعِ، وَمَنْ فَرَّقَ فَعَلَيْهِ الدَّلِيلُ، فَمِثْلُ جَوَابِ التَّحِيَّةِ وَالصَّلاةِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ ذِكْرِهِ عِنْدَ مَنْ يَقُولُ بِوُجُوبِهَا فقَدْ تَعَارَضَ فِيهِ عُمُومُ النَّهْيِ هُنَا وَعُمُومُ الْوُجُوبِ فِيهِمَا، وَتَخْصِيصُ أَحَدِهِمَا لِعُمُومِ الآخَرِ تَحَكُّمٌ مِنْ دُونِ مُرَجِّحٍ.
وَاخْتَلَفُوا فِي مَعْنَى قَوْلِهِ: ((لَغَوْتَ))، وَالأَقْرَبُ مَا قَالَهُ ابْنُ الْمُنِيرِ أَنَّ اللَّغْوَ مَا لا يَحْسُنُ، وَقِيلَ: بَطَلَتْ فَضِيلَةُ جُمُعَتِكَ وَصَارَتْ ظُهْراً.

محمد أبو زيد 11 محرم 1430هـ/7-01-2009م 08:26 AM

توضيح الأحكام للشيخ: عبد الله بن عبد الرحمن البسام
 

370 - وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((مَنْ تَكَلَّمَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ ـ وَالإِمَامُ يَخْطُبُ ـ فَهُوَ كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً، وَالَّذِي يَقُولُ لَهُ: أَنْصِتْ، لَيْسَتْ لَهُ جُمُعَةٌ)). رَوَاهُ أَحْمَدُ بِإِسْنَادٍ لا بَأْسَ بِهِ.
وَهُوَ يُفَسِّرُ حَدِيثَ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي (الصَّحِيحَيْنِ) مَرْفُوعاً: ((إِذَا قُلْتَ لِصَاحِبِكَ: أَنْصِتْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ ـ وَالإِمَامُ يَخْطُبُ ـ فَقَدْ لَغَوْتَ)).
ــ
دَرَجَةُ الْحَدِيثِ:
الْحَدِيثُ فِيهِ فِقْرَتَانِ:
إِحْدَاهُمَا: ((إذا قُلْتَ لِصَاحِبِكَ: أَنْصِتْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ ـ وَالإمامُ يَخْطُبُ ـ فَقَدْ لَغَوْتَ)). هَذَا حَدِيثٌ مَرْفُوعٌ فِي (الصَّحِيحَيْنِ)، وَهَذِهِ الفِقْرَةُ هِيَ الأَصْلُ فِي الْحَدِيثِ.
الثَّانِيَةُ: ((مَنْ تَكَلَّمَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَالإِمَامُ يَخْطُبُ))... إلخ. فَهَذِهِ مُفَسِّرَةٌ لِلْجُمْلَةِ الأُخْرَى.
قَالَ المُؤَلِّفُ: رَوَاهُ أَحْمَدُ بإسنادٍ لا بَأْسَ بِهِ.
قَالَ الصَّنْعَانِيُّ: وَلَهُ شَاهِدٌ قَوِيٌّ مُرْسَلٌ فِي (جَامِعِ حَمَّادٍ).
مُفْرَدَاتُ الْحَدِيثِ:
أَسْفَاراً: جَمْعُ (سِفْرٍ) بِكَسْرِ السينِ، وَالسِّفْرُ: الْكِتَابُ الكَبِيرُ، جَمْعُهُ: (أَسْفَارٌ)، وَسُمِّيَ الْكِتَابُ الكَبِيرُ سِفْراً؛لأَنَّهُ يُسْفِرُ عَن الْمَعْنَى إِذَا قُرِئَ، وَإِنَّمَا شَبَّهَ الْقَارِئَ الَّذِي لا يَسْتَفِيدُ وَلا يَعْمَلُ بالحِمَارِ، يَحْمِلُ أَسْفَاراً؛لأَنَّهُ فَاتَهُ الانتفاعُ منْ سَمَاعِ الذِّكْرِ، مَعَ تَكَلُّفِهِ مَشَقَّةَ التَّهَيُّؤِ للجُمُعَةِ، وَالحضورِ إِلَيْهَا.
أَنْصِتْ: فِعْلٌ أَمْرٌ، مِنْ: أَنْصَتَ يُنْصِتُ إِنْصَاتاً، وَالإنصاتُ: هُوَ السكوتُ للاستماعِ والإصغاءِ وَالْمُرَاعَاتِ، يُقَالُ: أَنْصَتَهُ، وَأَنْصَتَ لَهُ.
والإمامُ يَخْطُبُ: (الواوُ) وَاوُ الْحَالِ، وَالجملةُ جملةٌ حَالِيَّةٌ، مِنْ فَاعِلِ (أَنْصَتَ).
لَغَوْتَ: لَغَا الشَّيْءُ لَغْواً، مِنْ بَابِ قَالَ؛أَيْ: بَطَلَ، وَاللَّغْوُ: هُوَ الْكَلامُ الَّذِي لا يُعْتَدُّ بِهِ، وَلا يُحْصَلُ مِنْهُ عَلَى فائدةٍ وَلا نَفْعٍ، وَهُوَ الساقطُ من الْكَلامِ، وَمَنْ تَكَلَّمَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ سَقَطَ نَصِيبُهُ مِنْ أَجْرِ الْجُمُعَةِ.
مَا يُؤْخَذُ مِنَ الْحَدِيثِ:
1 - فِي الْحَدِيثِ دلالةٌ عَلَى تحريمِ الْكَلامِ، والإمامُ يَخْطُبُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ.
2 - فِيهِ دلالةٌ عَلَى أَنَّ النَّهْيَ عَن الْكَلامِ مُخْتَصٌّ بحالِ الخطبةِ، وَهُوَ رَدٌّ عَلَى قَوْلِ مَنْ يَقُولُ: إِنَّ النَّهْيَ عَن الْكَلامِ مِنْ خُرُوجِ الإمامِ.
3 - فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى إِبَاحَةِ الْكَلامِ بَيْنَ الخُطْبَتَيْنِ؛ لأَنَّ الْمَنْعَ هُوَ حَالُ خُطْبَةِ الإمامِ.
4 - فِيهِ دلالةٌ عَلَى تحريمِ تَسْكِيتِ الْمُتَكَلِّمِ أَثْنَاءَ الخطبةِ، وَأَنَّ مَنْ سَكَّتَ الْمُتَكَلِّمَ فَقَدْ لَغَا، حَيْثُ أَتَى بِكَلامٍ فِي حَالٍ، هُوَ مَأْمُورٌ فِيهَا بالإنصاتِ والاستماعِ.
5 - قَوْلُهُ: (لَيْسَتْ لَهُ جمعةٌ). الأَصْلُ فِي النَّفْيِ أَنَّهُ لِنَفْيِ الْحَقِيقَةِ الشَّرْعِيَّةِ، بِمَعْنَى أَنَّهُ لَمْ تَصِحَّ لَهُ جُمُعَةٌ، وَلَكِنْ صَرَفُهَا إِلَى نَفْيِ الكمالِ أَرْجَحُ، ذَلِكَ أَنَّ الْخَلَلَ هُنَا لَيْسَ فِي نَفْسِ الصَّلاةِ، وَإِنَّمَا هُوَ خَارِجَهَا، وَإِذَا لَمْ يَتَعَدَّ الْخَلَلُ إِلَى العبادةِ يُحْمَلُ عَلَى نَفْيِ الكمالِ.
6 - إِذَا كَانَ لا بُدَّ مِنْ تَسْكِيتِ الْمُتَكَلِّمِ، فَلْيَكُنْ بالإشارةِ، فَهِيَ أَخَفُّ وَأَبْعَدُ عَن الانْشِغَالِ بالكلامِ والمحاورةِ.
7 - مُثِّلَ الْمُتَكَلِّمُ أَثْنَاءَ الخطبةِ بالحمارِ، الَّذِي يَحْمِلُ عَلَى ظَهْرِهِ أَسْفَارَ الكُتُبِ، وَمَرَاجِعَ الْعِلْمِ، ذَلِكَ أَنَّ الْمُتَكَلِّمَ قَدْ تَكَلَّفَ لِحُضُورِ الْجُمُعَةِ، وَسَمَاعِ الخطبةِ، وَالاسْتِعْدَادِ لَهَا، وَالْمَجِيءِ إِلَيْهَا، وَالْمَشَقَّةِ فِي حُضُورِهَا، ثُمَّ لَمْ يَنْتَفِعْ بِأَهَمِّ مَا فِي صَلاةِ الْجُمُعَةِ، وَهِيَ الخطبةُ الَّتِي قَالَ عَنْهَا: {فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} [الْجُمُعَة: 9]. فَهُوَ مِثْلُ الْحِمَارِ الَّذِي حَمَلَ عَلَى ظَهْرِهِ أَسْفَارَ الكُتُبِ، وَذَخَائِرَ الْعِلْمِ، وَمَعَ ذَلِكَ لا يَسْتَفِيدُ مِنْهَا، فَهَذَا لَمْ يَسْتَفِدْ منْ جُمُعَتِهِ، الَّتِي بَذَلَ المَشَقَّةَ فِي الوصولِ إِلَيْهَا، فَبَيْنَ هَذَا اللاغِي وَبَيْنَ الْحِمَارِ المَوْصُوفِ بالبلادةِ شَبَهٌ، مِنْ حَيْثُ عَدَمُ الانتفاعِ والاستفادةِ مِمَّا حَمَلَ.
8 - وُجُوبُ الإنصاتِ للخَطِيبِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَقَدْ نَقَلَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ الإِجْمَاعَ عَلَى وُجُوبِ ذَلِكَ.
9 - تحريمُ الْكَلامِ حَالَ سَمَاعِ الخطبةِ، وأنَّهُ مُنَافٍ للمَقَامِ.
10 - اسْتُثْنِيَ مِنْ هَذَا مَنْ يُخَاطِبُهُ الإمامُ، أَوْ يُخَاطِبُ الإمامَ، كَمَا جَاءَ فِي قِصَّةِ الرَّجُلِ الَّذِي شَكَا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ القَحْطَ، وَالرجلِ الَّذِي دَخَلَ الْمَسْجِدَ، وَلَمْ يُصَلِّ تَحِيَّةَ الْمَسْجِدِ، فَأَمَرَهُ بالقيامِ وَالصَّلاةِ.
11 - الخُطْبَتَانِ منْ أعظمِ شَعَائِرِ الْجُمُعَةِ، فَيَجِبُ الإنصاتُ لَهُمَا، ولذا فَإِنَّ أَقَلَّ كَلِمَةٍ وَالإمامُ يَخْطُبُ، تُعْتَبَرُ لَغْواً لِمُنَافَاتِهَا سَمَاعَ الذِّكْرِ وَالخُطْبَةِ.
12 - أَجْمَعَ الأَئِمَّةُ الأربعةُ عَلَى وُجُوبِ الإنصاتِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ والإمامُ يَخْطُبُ، لَكِنِ اخْتَلَفُوا فِي حُكْمِ رَدِّ السَّلامِ وَنَحْوِهِ؛فَبَعْضُهُم أَجَازَ تَشْمِيتَ العاطسِ، وَرَدَّ السَّلامِ، وَمِنْهُم الثَّوْرُ وَالأَوْزَاعِيُّ وَأَحْمَدُ وَأَتْبَاعُهُ.
وَبَعْضُهُمْ: لَمْ يُجِزِ التَّشْمِيتَ وَرَدَّ السَّلامِ، فَهُوَ مُقَابِلٌ للقولِ الَّذِي قَبْلَهُ، وَيُرْوَى عَن الشَّعْبِيِّ وَسَعِيدِ بنِ جُبَيْرٍ، وإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ.
وَبَعْضُهُمْ: فَرَّقَ بَيْنَ مَنْ يَسْمَعُ الخطبةَ فَلا يَجُوزُ، وَمَنْ لا يَسْمَعُهَا فَيَجُوزُ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ، وَمَرْوِيٌّ عَنْ عَطَاءٍ وَجَمَاعَةٍ، وَالجمهورُ عَلَى أَنَّ صلاتَهُ لا تَفْسُدُ إِذَا تَكَلَّمَ.
13 - قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ: اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِيمَنْ لا يَسْمَعُ الخطبةَ، هَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ السكوتُ كَمَا لَوْ كَانَ يَسْمَعُ، وَقَالَ الجمهورُ: نَعَمْ؛ لأَنَّهُ إِذَا تَكَلَّمَ يُشَوِّشُ عَلَى السَّامِعِينَ، وَيَشْغَلُهُمْ عَن الاستماعِ.
وَقَالَ النَّخَعِيُّ وَأَحْمَدُ والشَّافِعِيُّ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ: لا يَلْزَمُهُ، وَلَكِنْ يُسْتَحَبُّ لَهُ.
قَالَ مُحَرِّرُهُ: اسْتَثْنَى بَعْضُ الْعُلَمَاءِ مَنْ لا يَسْمَعُ لِصَمَمِهِ، أنَّهُ لا يَنْبَغِي لَهُ السكوتُ، بَلْ يَشْتَغِلُ بالقراءةِ والذِّكْرِ، وَهُوَ قَوْلٌ وَجِيهٌ.


الساعة الآن 06:01 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir