باب صلاة الجماعة والإمامة (18/21) [حكم إمامة المرأة للنساء]
وعن أُمِّ وَرَقَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا؛ أنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَمَرَهَا أن تَؤُمَّ أهلَ دارِها. رواهُ أبو دَاوُدَ، وصَحَّحَهُ ابنُ خُزَيْمَةَ. |
سبل السلام للشيخ: محمد بن إسماعيل الأمير الصنعاني
25/394- وَعَنْ أُمِّ وَرَقَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَهَا أَنْ تَؤُمَّ أَهْلَ دَارِهَا. رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ. (وَعَنْ أُمِّ وَرَقَةَ): بِفَتْحِ الْوَاوِ وَالرَّاءِ وَالْقَافِ، هِيَ أُمُّ وَرَقَةَ بِنْتُ نَوْفَلٍ الأَنْصَارِيَّةُ، وَقِيلَ: بِنْتُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عُوَيْمِرٍ، كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَزُورُهَا وَيُسَمِّيهَا الشَّهِيدَةَ، وَكَانَتْ قَدْ جَمَعَتِ الْقُرْآنَ، وَكَانَتْ تَؤُمُّ أَهْلَ دَارِهَا. وَلَمَّا غَزَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَدْراً قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ائْذَنْ لِي فِي الْغَزْوِ مَعَكَ .. الْحَدِيثَ. وَأَمَرَهَا أَنْ تَؤُمَّ أَهْلَ دَارِهَا، وَجَعَلَ لَهَا مُؤَذِّناً يُؤَذِّنُ، وَكَانَ لَهَا غُلامٌ وَجَارِيَةٌ فَدَبَّرَتْهُمَا. وَفِي الْحَدِيثِ: أَنَّ الْغُلامَ وَالْجَارِيَةَ قَامَا إلَيْهَا فِي اللَّيْلِ فَغَمَّاهَا بِقَطِيفَةٍ لَهَا حَتَّى مَاتَتْ، وَذَهَبَا، فَأَصْبَحَ عُمَرُ فَقَامَ فِي النَّاسِ فَقَالَ: مَنْ عِنْدَهُ مِنْ عِلْمِ هَذَيْنِ، أَوْ مَنْ رَآهُمَا فَلْيَجِئْ بِهِمَا، فَوُجِدَا، فَأَمَرَ بِهِمَا فَصَلَبَهُمَا وَكَانَا أَوَّلَ مَصْلُوبٍ بِالْمَدِينَةِ. (أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَهَا أَنْ تَؤُمَّ أَهْلَ دَارِهَا. رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَصَحَّحَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ). وَالْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى صِحَّةِ إمَامَةِ الْمَرْأَةِ أَهْلَ دَارِهَا، وَإِنْ كَانَ فِيهِم الرَّجُلُ؛ فَإِنَّهُ كَانَ لَهَا مُؤَذِّنٌ وَكَانَ شَيْخاً كَمَا فِي الرِّوَايَةِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا كَانَتْ تَؤُمُّهُ وَغُلامَهَا وَجَارِيَتَهَا. وَذَهَبَ إلَى صِحَّتِهِ أَبُو ثَوْرٍ وَالْمُزَنِيُّ وَالطَّبَرِيُّ، وَخَالَفَ فِي ذَلِكَ الْجَمَاهِيرُ. وَأَمَّا إمَامَةُ الرَّجُلِ النِّسَاءَ فَقَطْ، فَقَدْ رَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ مِنْ حَدِيثِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، أَنَّهُ جَاءَ إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، عَمِلْتُ اللَّيْلَةَ عَمَلاً، قَالَ: ((مَا هُوَ؟)) قَال: نِسْوَةٌ مَعِي فِي الدَّارِ قُلْنَ: إِنَّكَ تَقْرَأُ وَلا نَقْرَأُ، فَصَلِّ بِنَا. فَصَلَّيْتُ ثَمَانِياً وَالْوِتْرَ، فَسَكَتَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالَ: فَرَأَيْنَا أَنَّ سُكُوتَهُ رِضاً. قَالَ الْهَيْثَمِيُّ: فِي إسْنَادِهِ مَنْ لَمْ يُسَمَّ، قَالَ: وَرَوَاهُ أَبُو يَعْلَى وَالطَّبَرَانِيُّ فِي (الأَوْسَطِ)، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ. |
توضيح الأحكام للشيخ: عبد الله بن عبد الرحمن البسام
343 - وَعَنْ أُمِّ وَرَقَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَهَا أَنْ تَؤُمَّ أَهْلَ دَارِهَا. رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وصَحَّحَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ. ــ دَرَجَةُ الْحَدِيثِ: الْحَدِيثُ حَسَنٌ، رَوَاهُ أَحْمَدُ (26739)، وَأَبُو دَاوُدَ، وَابْنُ الْجَارُودِ (2/91) والدَّارَقُطْنِيُّ (1/403) والْحَاكِمُ (1/320) والْبَيْهَقِيُّ (3/130)، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ، وَقَدْ أَعَلَّهُ المُنْذِرِيُّ بالوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، وَلَكِنَّ مُسْلِماً احْتَجَّ بِهِ، وَوَثَّقَهُ جَمَاعَةٌ كَابْنِ مَعِينٍ. وَقَالَ العَيْنِيُّ: حَدِيثٌ صَحِيحٌ. مَا يُؤْخَذُ مِنَ الْحَدِيثِ: 1 - أُمُّ وَرَقَةَ بِنْتُ نَوْفَلٍ الأَنْصَارِيَّةُ منْ فُضْلَيَاتِ نِسَاءِ الصَّحَابَةِ، كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَزُورُهَا، وَقَدْ جَمَعَتِ الْقُرْآنَ، فَأَمَرَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ تَؤُمَّ أَهْلَ دَارِهَا، فَكَانَتْ تَؤُمُّهُمْ فِي الصَّلاةِ فِي بَيْتِهَا. 2 - الْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى صِحَّةِ صَلاةِ النِّسَاءِ جَمَاعَةً فِي الْبَيْتِ. 3 - إِذَا أَمَّتِ الْمَرْأَةُ النِّسَاءَ فَصَلاتُهُنَّ جَمَاعَةً لَهَا من الأَحْكَامِ مَا لصلاةِ الرِّجَالِ جَمَاعَةً، إِلاَّ مَا خَصَّهُ الدليلُ كَاسْتِحْبَابِ وقوفِ الإِمَامَةِ بَيْنَهُنَّ فِي صَفِّهِنَّ. 4 - يَدُلُّ الْحَدِيثُ عَلَى صِحَّةِ إمامةِ الْمَرْأَةِ بِالنِّسَاءِ، اللاتِّي لَيْسَ مَعَهُنَّ الرِّجَالُ. 5 - صَلاةُ الْجَمَاعَةِ ـ وُجُوباً ـ مَنُوطَةٌ بالرجالِ بالمساجدِ، ذَلِكَ أَنَّ الأهدافَ الكريمةَ والمقاصدَ النبيلةَ الْحَسَنَةَ المُتَرَتِّبَةَ عَلَى إقامةِ الْجَمَاعَةِ ـ هِيَ أَعْمَالٌ مطلوبةٌ من الرِّجَالِ، وَلَيْسَتْ مَطْلُوبَةً مِنَ النِّسَاءِ، فَالمشاورةُ، وَتَبَادُلُ الآراءِ، وَالتَّنَاصُرُ، والتَّعَاوُنُ ضِدَّ أَعْدَاءِ الإِسْلامِ، وَإِبْرَامُ الأُمُورِ وَحَلُّهَا، كُلُّهَا أَشْيَاءُ تَتَعَلَّقُ بالرجالِ؛ لِبُعْدِ نَظَرِهِمْ، وَسَدَادِ رَأْيِهِمْ، وَجَلَدِهِمْ، وَتَحَمُّلِهِمْ صِعَابَ الأُمُورِ، فَكَانَتِ الاجتماعاتُ للعبادةِ فِي المساجدِ مَفْرُوضَةً عَلَيْهِمْ للعبادةِ، وَتَحْقِيقاً لِهَذِهِ المقاصدِ الطَّيِّبَةِ. أَمَّا جَانِبُ العبادةِ المَحْضُ، فَالبيوتُ أَقْرَبُ إِلَى الإخلاصِ، وَسِرِّيَّةِ الْعَمَلِ والبُعْدِ عَن الرياءِ، فَفُضِّلَ فِي حَقِّ النِّسَاءِ الحُصُولُ عَلَى هَذِهِ الفضيلةِ فِي البيوتِ، كَمَا جَاءَ فِي حَدِيثِ أُمِّ وَرَقَةَ هَذَا، مَعَ مَا يُنْكَفُ من المفاسدِ عِنْدَ عَدَمِ حضورِ الْمَرْأَةِ إِلَى الْمَسْجِدِ، وَمَا يُخْشَى منْ فِتْنَةِ الرِّجَالِ بِهِنَّ، وَفِتْنَتِهِنَّ بِهِمْ، وَقَدْ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((وَبُيُوتُهُنَّ خَيْرٌ لَهُنَّ)). رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ (567) . 6 - إِذَا طَلَبَتِ الْمَرْأَةُ منْ زَوْجِهَا أَوْ مِنْ مَحْرَمِهَا حُضُورَ المساجدِ، فَلا يَنْبَغِي مَنْعُهَا، وَلَكِنْ بِشَرْطِهِ. قَالَ فِي (الرَّوْضِ المُرْبِعِ وَحَاشِيَتِهِ): وَإِذَا اسْتَأْذَنَتِ الْمَرْأَةُ إِلَى الْمَسْجِدِ، كُرِهَ مَنْعُهَا؛ لأَنَّ الصَّلاةَ المكتوبةَ فِي جَمَاعَةٍ فِيهَا فَضْلٌ كَبِيرٌ، وَكَذَلِكَ الْمَشْيُ إِلَى المساجدِ، وَلِمَا رَوَى أحمدُ (9362) وَأَبُو دَاوُدَ (565) مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((لا تَمْنَعُوا إِمَاءَ اللَّهِ مَسَاجِدَ اللَّهِ، وَلْيَخْرُجْنَ تَفِلاتٍ)). وَلِمَا فِي (الْبُخَارِيِّ) (5238)، و(مسلمٍ) (442) مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((إِذَا اسْتَأْذَنَكُمْ نِسَاؤُكُمْ بِاللَّيْلِ إِلَى الْمَسَاجِدِ فَأْذَنُوا لَهُنَّ)). وَكُلُّ صَلاةٍ وَجَبَ حُضُورُهَا للرجالِ، اسْتُحِبَّ للنساءِ حُضُورُهَا. وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((وَلْيَخْرُجْنَ تَفِلاتٍ))؛ أَيْ: غَيْرَ مُتَطَيِّبَاتٍ، وَيَلْحَقُ بالطيبِ مَا هُوَ فِي مَعْنَاهُ، مِن المحركاتِ لِدَاعِي الشهوةِ، كَحُسْنِ الملبسِ، والتَّحَلِّي، والتَّجَمُّلِ، فَإِنَّ رَائِحَتَهَا، وَزِينَتَهَا، وَصُورَتَهَا، وَإِبْدَاءَ مَحَاسِنِهَا ـ فِتْنَةٌ لَهَا، وفتنةٌ لِلرَّجُلِ فِيهَا، فَإِنْ فَعَلَتْ ذَلِكَ، أَوْ شَيْئاً مِنْهُ، حَرُمَ عَلَيْهَا الخروجُ؛ لِمَا رَوَى مُسْلِمٌ (444) مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((أَيُّمَا امْرَأَةٍ أَصَابَتْ بَخُوراً فَلا تَشْهَدَنَّ مَعَنَا الْعِشَاءَ الآخِرَةَ)). وَلِمَا فِي (الْبُخَارِيِّ) (869) و(مسلمٍ) (445) عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: (لَوْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى مِنَ النِّسَاءِ مَا رَأَيْنَا، لَمَنَعَهُنَّ مِنَ الْمَسَاجِدِ). قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ: شَرَطَ الْعُلَمَاءُ فِي خُرُوجِ النِّسَاءِ أَنْ يَكُونَ بِلَيْلٍ، غَيْرَ مُتَزَيِّنَاتٍ وَلا مُتَطَيِّبَاتٍ، وَلا مُزَاحِمَاتٍ للرِّجَالِ، وَفِي مَعْنَى الطيبِ إِظْهَارُ الزينةِ، وَجِنْسُ الحُلِيِّ، فَإِنْ كَانَ شَيْءٌ منْ ذَلِكَ وَجَبَ مَنْعُهُنَّ خَوْفَ الْفِتْنَةِ. وَقَالَ ابْنُ القَيِّمِ: يَجِبُ عَلَى وَلِيِّ الأَمْرِ أَنْ يَمْنَعَ اختلاطَ الرِّجَالِ بِالنِّسَاءِ فِي الأسواقِ، وَالمُتَنَزَّهَاتِ، وَمَجَامِعِ الرِّجَالِ، وَهُوَ مَسْؤُولٌ عَنْ ذَلِكَ. |
الساعة الآن 04:14 AM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By
Almuhajir