معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد

معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد (http://afaqattaiseer.net/vb/index.php)
-   كتاب النكاح (http://afaqattaiseer.net/vb/forumdisplay.php?f=149)
-   -   باب عشرة النساء (11/11) [ذكر أن النبي كان يطوف على نسائه بغسل واحد] (http://afaqattaiseer.net/vb/showthread.php?t=3300)

محمد أبو زيد 21 محرم 1430هـ/17-01-2009م 12:35 PM

باب عشرة النساء (11/11) [ذكر أن النبي كان يطوف على نسائه بغسل واحد]
 

وعنْ أَنَسِ بنِ مالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كانَ يَطُوفُ على نِسائِهِ بِغُسْلٍ واحدٍ. أَخْرَجَاهُ، واللفظُ لمُسْلِمٍ.

محمد أبو زيد 21 محرم 1430هـ/17-01-2009م 07:24 PM

سبل السلام للشيخ: محمد بن إسماعيل الأمير الصنعاني
 

14/967 - وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَطُوفُ عَلَى نِسَائِهِ بِغُسْلٍ وَاحِدٍ. أَخْرَجَاهُ، وَاللَّفْظُ لِمُسْلِمٍ.
(وَعَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عنهُ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَطُوفُ عَلَى نِسَائِهِ بِغُسْلٍ وَاحِدٍ. أَخْرَجَاهُ، وَاللَّفْظُ لِمُسْلِمٍ).
تَقَدَّمَ الْكَلامُ عَلَيْهِ فِي بَابِ الْغُسْلِ، وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَكُن الْقَسْمُ بَيْنَ نِسَائِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَاجِباً.
وَقَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: إنَّهُ كَانَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَاعَةٌ مِن النَّهَارِ لا يَجِبُ عَلَيْهِ فِيهَا الْقَسْمُ، وَهِيَ بَعْدَ الْعَصْرِ، فَإِن اشْتَغَلَ عَنْهَا كَانَتْ بَعْدَ الْمَغْرِبِ، وَكَأَنَّهُ أَخَذَهُ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ الَّذِي أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ، أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إذَا انْصَرَفَ مِن الْعَصْرِ دَخَلَ عَلَى نِسَائِهِ، فَيَدْنُو مِنْ إِحْدَاهِنَّ. فَقَوْلُهَا: "فَيَدْنُو"، يَحْتَمِلُ أَنَّهُ لِلْوِقَاعِ، إلاَّ أَنَّ فِي بَعْضِ رِوَايَاتِهِ: مِنْ غَيْرِ وِقَاعٍ، فَهُوَ لا يَتِمُّ مَأْخَذاً لابْنِ الْعَرَبِيِّ.
وَقَدْ أَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ، أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَطُوفُ عَلَى نِسَائِهِ فِي اللَّيْلَةِ الْوَاحِدَةِ، وَلَهُ يَوْمَئِذٍ تِسْعُ نِسْوَةٍ. وَلا يَتِمُّ أَنْ يُرَادَ بِاللَّيْلَةِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ كَمَا قَالَهُ؛ لأَنَّهُ لا يَتَّسِعُ ذَلِكَ الْوَقْتُ، سِيَّمَا مَعَ الانْتِظَارِ لِصَلاةِ الْعِشَاءِ لِفِعْلِ ذَلِكَ. كَذَا قِيلَ، وَهُوَ مُجَرَّدُ اسْتِبْعَادٍ، وَإِلاَّ فَالظَّاهِرُ اتِّسَاعُهُ لِذَلِكَ؛ فَقَدْ كَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُؤَخِّرُ الْعِشَاءَ، ولأَنَّهُ أُعْطِيَ قُوَّةً فِي ذَلِكَ لَمْ يُعْطَهَا غَيْرُهُ.
وَالْحَدِيثُ دَلِيلٌ أَنَّهُ كَانَ لا يَجِبُ عليهِ الْقَسْمُ لِنِسَائِهِ، وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِهِ تَعَالَى: {تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ} الآيَةَ، وَذَهَبَ إلَيْهِ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ.
وَالْجُمْهُورُ يَقُولُونَ: يَجِبُ عَلَيْهِ الْقَسْمُ، وَتَأَوَّلُوا هَذَا الْحَدِيثَ بِأَنَّهُ كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ بِرِضَاءِ صَاحِبَةِ النَّوْبَةِ، وَبِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ فِعْلَهُ عِنْدَ اسْتِيفَاءِ الْقَسْمِ، ثُمَّ يَسْتَأْنِفُ الْقِسْمَةَ، وَبِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ قَبْلَ وُجُوبِ الْقَسْمِ.
وَقَوْلُهُ: " وَلَهُ يَوْمَئِذٍ تِسْعُ نِسْوَةٍ "، فِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ: " وَهُنَّ إِحْدَى عَشْرَةَ "، وَيُجْمَعُ بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ بِأَنْ يُحْمَلَ قَوْلُ مَنْ قَالَ: " تِسْعُ " نَظَراً إلَى الزَّوْجَاتِ اللاَّتِي اجْتَمَعْنَ عِنْدَهُ، وَلَمْ يَجْتَمِعْ عِنْدَهُ أَكْثَرُ مِنْ تِسْعٍ، وَأَنَّهُ مَاتَ عَنْ تِسْعٍ، كَمَا قَالَ أَنَسٌ رَضِيَ اللَّهُ عنهُ: أَخْرَجَهُ الضِّيَاءُ عَنْهُ فِي الْمُخْتَارَةِ. وَمَنْ قَالَ: " إِحْدَى عَشْرَةَ " أَدْخَلَ مَارِيَةَ الْقِبْطِيَّةَ وَرَيْحَانَةَ فِيهِنَّ، وَأَطْلَقَ عَلَيْهِمَا لَفْظَ نِسَائِهِ تَغْلِيباً.
وَفِي الْحَدِيثِ دَلالَةٌ عَلَى أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ أَكْمَلَ الرِّجَالِ فِي الرُّجُولِيَّةِ؛ حَيْثُ كَانَ لَهُ هَذِهِ الْقُوَّةُ، وَقَدْ أَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ، أَنَّهُ كَانَ لَهُ قُوَّةُ ثَلاثِينَ رَجُلاً. وَفِي رِوَايَةِ الإِسْمَاعِيلِيِّ: " قُوَّةُ أَرْبَعِينَ "، وَمِثْلُهُ لأَبِي نُعَيْمٍ فِي صِفَةِ الْجَنَّةِ، وَزَادَ مِنْ رِجَالِ أَهْلِ الْجَنَّةِ، وَقَدْ أَخْرَجَ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ، وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ، مِنْ حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ، أَنَّ الرَّجُلَ فِي الْجَنَّةِ لَيُعْطَى قُوَّةَ مِائَةٍ فِي الأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَالْجِمَاعِ وَالشَّهْوَةِ.

محمد أبو زيد 21 محرم 1430هـ/17-01-2009م 07:27 PM

توضيح الأحكام للشيخ: عبد الله بن عبد الرحمن البسام
 

891- وعن أَنسِ بنِ مَالِكٍ ـ رَضِيَ اللهُ عنهُ ـ أنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ كَانَ يَطُوفُ عَلَى نِسَائِهِ بِغُسْلٍ وَاحِدٍ. أَخْرَجَاهُ، واللَّفْظُ لمُسْلِمٍ.
ــــــــــــــــــــــــــــــ
* مُفرداتُ الحَديثِ:
- يَطُوفُ علَى نِسَائِهِ: طَافَ بنِسَائِهِ يَطُوفُ طَوْفاً: ألَمَّ بِهِنَّ، والإلمامُ هو الزِّيارَةُ القَصِيرَةُ، والمرادُ هنا: كِنايةٌ عن وِقَاعِهِ بِهِنَّ بغُسْلٍ وَاحِدٍ، وفي هذا دَلِيلُ كمالِ رُجولَتِه صَلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ.
* مَا يُؤْخَذُ مِن الحَدِيثِ:
1- الغُسْلُ مِن الجَنابَةِ مِن الطَّهَارَةِ المشروعةِ، ومن النَّظَافَةِ المُرَغَّبِ فيها، قالَ تعالى: {وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا} [المائدة: 6]؛ لِمَا في الاغتسالِ مِن فوائِدَ صِحِّيَّةٍ، فإنَّ المُجامِعَ حِينَما تَخْرُجُ منه النُّطْفَةُ، التي هي سُلالَةُ بَدَنِه، وجَوْهَرُ قُوَّتِه، يَحْصُلُ له بعدَ خُروجِها شيءٌ من الإجهادِ والتَّعَبِ، ويَحْصُلُ مِن ذلك فُتورٌ ورُكودٌ في حَرَكَةِ الدَّمِ ودَوْرَتِه.
2- من رَحْمَةِ العليمِ الخَبِيرِ: أنْ شَرَعَ الغُسْلَ من الجَنابَةِ الذي يُعِيدُ إلى الجِسْمِ قُوَّتَه وحَيَوِيَّتَه ونَشاطَه، وكَمْ للهِ في شَرْعِه مِن حِكَمٍ وأسرارٍ!!
وقدْ أَرْشَدَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ إلى هذا المعنى بما رَواهُ مسلمٌ، من حديثِ أبي سعيدٍ الخُدْرِيِّ، قالَ: قالَ رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: ((إِذَا أَتَى أَحَدُكُمْ أَهْلَهُ، ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَعُودَ، فَلْيَتَوَضَّأْ بَيْنَهُمَا وُضُوءاً)). زادَ الحاكِمُ: ((فَإِنَّهُ أَنْشَطُ لِلْعَوْدِ)).
3- القَسْمُ بينَ الزوجيْنِ أو الزوجاتِ وَاجِبٌ، والمَيْلُ إلى إِحْدَاهُنَّ مُحَرَّمٌ، وقَدْ جَاءَ في السُّنَنِ الأربعِ عن أبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عنهُ أنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ قالَ: ((مَنْ كَانَتْ لَهُ امْرَأَتَانِ يَمِيلُ لإِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى، جَاءَ يَوْمَ القِيَامَةِ يَجُرُّ أَحَدَ شِدْقَيْهِ سَاقِطاً، أَوْ مَائِلاً)).
4- أخَذَ العلماءُ من هذا الحديثِ وُجوبَ القَسْمِ بينَ الزوجاتِ، فقالَ في الإقناعِ وشَرْحِهِ: ويَحْرُمُ علَى مَن تَحْتَه أَكْثَرُ من زَوْجَةٍ دُخولُه في ليلتِها إلى غيرِها إلاَّ لضَرُورَةٍ، فإنْ لَبِثَ عندَها، أو جَامَعَ، لَزِمَه أنْ يَقْضِيَ لها مِثْلَ ذلك في حَقِّ الأُخْرَى؛ لأنَّ التسويةَ واجبةٌ ولا تَحْصُلُ إلاَّ بذلك.
5- تَقَدَّمَ أنَّ مِن حِكْمَةِ الغُسْلِ من الجَنابَةِ إعادةَ النشاطِ إلى البَدَنِ المُخْتَلِّ، وتَنْشِيطَ الأعضاءِ الخَامِلَةِ، نتيجةَ التَّعَبِ والإجهادِ، هذا هو المَعْهودُ، والمعروفُ عندَ الناسِ.
أَمَّا النبيُّ صَلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: فكانَ يَغْتَسِلُ مِن الجَنابَةِ؛ لأنها إِحْدَى الطهارتيْنِ، ويُحِبُّ أنْ يَكُونَ على كُلِّ أحوالِه طاهراً، ولكن لَدَيْهِ صَلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ من القُوَّةِ البَدَنِيَّةِ والرُّجولةِ ما هو أَكْمَلُ من غيرِه وأَوْفَى، وهذه بعضُ النصوصِالواصفةِ لتلك الحالِ:
- حديثُ البابِ في الصحيحيْنِ عن أَنَسٍ وهو خَادِمُه، قالَ: كانَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ يَطُوفُ على نسائِهِ بغُسْلٍ وَاحِدٍ.
- حديثُ أَنَسٍ عندَ البخاريِّ:(أنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ كانَ يَطُوفُ على نِسَائِهِ فِي اللَّيْلَةِ الوَاحِدَةِ وَلَهُ يَوْمَئِذٍ تِسْعُ نِسْوَةٍ). وجاءَ في صحيحِ البُخاريِّ:(أنه صَلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ كانَ لَهُ قُوَّةُ ثَلاثِينَ رَجُلاً. وفي رِوَايَةٍ لأسماءَ: عَلَى قُوَّةِ أَرْبَعِينَ.
6- فله هذه الخَاصِّيَّةُ من القُوَّةِ والرُّجُولَةِ التي يَكْتَفِي بها عن تَنْشِيطِ جِسْمِه بالماءِ والاغتسالِ، إذا كانَتِ الحالُ والوقْتُ غيرَ مُتَهَيِّئٍ للاغتسالِ مِن كلِّ مَرَّةٍ، على أنه صَلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ بعدَ فَراغِه يَسْكُبُ الماءَ على جِسْمِه، وكانَ يَغْتَسِلُ بالصَّاعِ من الماءِ.
7- أَمَّا أنه صَلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ يَدُورُ عليهنَّ في ليلةٍ واحدةٍ، ويُجامِعُهنَّ، فقدْ أجابَ العلماءُ عن ذلك بعدَّةِ أجوبةٍ، ولكنَّ أفضلَها، وأولاها، وأقْرَبَها من الصوابِ: أنَّ القَسْمَ بينَ زوجاتِه ليسَ واجباً عليه، قالَ تعالى: {تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكَ} [الأحزاب: 51].
فَقَدْ أخرَجَ ابنُ سَعْدٍ، عن مُحمدِ بنِ كَعْبٍ القرظيِّ قالَ: كانَ رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ مُوسَّعاً عليهِ في قَسْمِ أزواجِه، يَقْسِمُ بينَهنَّ كيفَ يشاءُ، وذلك قولُه تعالى: {ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَّ} [الأحزاب: 51] إذا عَلِمْنَ أنَّ ذلك عليهِ صَلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ.
قالَ ابنُ الجوزيِّ: القَسْمُ غَيْرُ وَاجِبٍ عليهِ صَلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ.
وقالَ الشيخُ تَقِيُّ الدِّينِ: أُبِيحَ له تَرْكُ القَسْمِ.
وقالَ ابنُ كثيرٍ عندَ تفسيرِ قولِه تعالى: {تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ} [الأحزاب: 51] أي: مِن أَزْوَاجِكَ، لا حَرَجَ عَلَيْكَ أَنْ تَتْرُكَ القَسْمَ لَهُنَّ، فتُقَدِّمَ مَن شِئْتَ، وتُؤَخِّرَ مَن شِئْتَ، وتُجامِعَ مَن شِئْتَ، وتَتْرُكَ مَن شِئْتَ، هكذا يُرْوَى عَنِ ابنِ عَبَّاسٍ، ومجاهدٍ، والحسنِ، وقتادَةَ، وأبي رَزِينٍ، وعبدِ الرحمنِ بنِ زَيْدٍِ، وغيرِهم.
ومعَ هذا كانَ صَلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ يَقْسِمُ لهُنَّ؛ ولهذا ذَهَبَ طائفةٌ مِن فُقهاءِ الشافعيةِ وغيرِهم: إلى أنه لم يَكُنِ القَسْمُ واجباً عليه صَلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، واحتَجُّوا بهذهِ الآيةِ الكريمةِ، واختارَ ابنُ جَريرٍ: أنَّ هذهِ الآيةَ عامَّةٌ في الواهباتِ، وفي النساءِ اللائي عندَه أنه مُخَيَّرٌ، إنْ شَاءَ قَسَمَ، وإنْ شَاءَ لَمْ يَقْسِمْ، وهذا الذي اخْتارَه حَسَنٌ جَيِّدٌ قَوِيٌّ يَجْمَعُ بينَ الأحاديثِ.
وقالَ السيوطيُّ: اخْتُصَّ صَلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ بإباحةِ عَدَمِ القَسْمِ لأزواجِه في أحَدِ الوجهيْنِ، وهو المُختارُ، وصَحَّحَهُ الغزاليُّ.
وقالَ الشيخُ عبدُ الرحْمَنِ السِّعْدِيُّ: أبَاحَ اللهُ له تَرْكَ القَسْمِ بينَ زَوْجَاتِه على وَجْهِ الوُجوبِ، وأنَّه إنْ فَعَلَ ذلك فهو تَبَرُّعٌ منه، ومعَ ذلك كانَ صَلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ يَجْتَهِدُ في القَسْمِ بينَهنَّ في كلِّ شيءٍ، ويَقُولُ: ((اللَّهُمَّ هَذَا قَسْمِي فِيمَا أَمْلِكُ، فَلاَتَلُمْنِي فِيمَا لاَ أَمْلِكُ)).


الساعة الآن 03:05 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir