سؤال: هل علم الكلام ينتفي فيه اشتراط قصد التعبد فلا يعد من البدع؟
 

فضيلة الشيخ السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
هل يمكن القول بأن اشتراط قصد التعبد في تعريف البدعة فيه نظر بدليل أن علم الكلام بدعة ومع ذلك فإن أصحابه لا يقصدون التعبد لله به؟
أفيدوني بارك الله فيكم

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته..
إذا أورد على طالب العلم سؤال مثل هذا السؤال فينبغي له أن لا ينساق لطرح المسائل بهذه الطريقة لأن المسائل الأصولية والعقدية لا تقرر بمثال ولا مثالين وإنما عمدتها النصوص والقواعد الشرعية والأدلّة العامة ومنهج السلف الصالح؛ فإذا تقرر الحكم بالاستدلال الصحيح؛ فلا بأس أن يجيب على ما يُشكل على السائل؛ بعد أن يقرّر أصل المسألة ويتبيّن حكمها.
فيقال أوّلا: البدعة هي إحداث في أمر الدين؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو ردّ)).
وهذا التقرير المستند للدليل الصحيح لا يُعارض بمثال مشتبه لدى السائل.
فإن سؤال السائل تضمّن ثلاث مسائل ينبغي لطالب العلم أن يفرّق بينها:
المسألة الأولى: ما حكم تعلّم علم الكلام؟
والمسألة الثانية: هل يُستخدم علم الكلام في مسائل العبادة؟
والمسألة الثالثة: هل يُشترط قصد التعبّد في تعريف البدعة؟

وهذه المسائل لا تلازم بينها؛ لأن تحريم علم الكلام لما فيه من محاذير كثيرة نبّه عليها الأئمّة ويؤول بمن اشتغل به إلى الحيرة والشك والمغالطات؛ فأسباب تحريمه ليست محصورة في كونه بدعة عند من يستخدمه في مسائل الدين.
بل حتى لو لم يتكلّم به في مسائل الدين على افتراض إمكان ذلك فهو علم محرّم.
ثم من استعمله في إثبات وجود الله تعالى فهو مبتدع ضالّ؛ لأن مسائل الإيمان بالله وأصلها الإيمان بوجوده عبادة، ومن زعم أنّه يريد إثبات وجود الله ولا يريد التقرّب بذلك إلى الله فدعواه مغلوطة.
وأمّا المسألة الثالثة فهي أن قصد التعبّد يطلق ويراد به ما يبعث على العمل في الأصل، ويُطلق ويراد به ما يقوم في قلب العامل؛ ونفي الأمر الثاني لا يقتضي نفي الأمر الأوّل؛ كمن يؤّدّي عبادة من العبادات المعروفة وقلبه غافل لاهٍ أو لا يريد بهذا الفعل التقرّب إلى الله لا يستلزم ذلك أن جنس العمل الذي قام به ليس بعبادة، وإنما لم يؤجر عليه لأنه لم يحتسب فيه.