معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد

معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد (http://afaqattaiseer.net/vb/index.php)
-   منتدى المستوى السادس (http://afaqattaiseer.net/vb/forumdisplay.php?f=1038)
-   -   تطبيقات على درس الأسلوب البياني (http://afaqattaiseer.net/vb/showthread.php?t=42118)

هيئة الإشراف 8 جمادى الآخرة 1441هـ/2-02-2020م 02:48 AM

تطبيقات على درس الأسلوب البياني
 
تطبيقات على درس الأسلوب البياني
الدرس (هنا)

أريج نجيب 16 جمادى الآخرة 1441هـ/10-02-2020م 12:36 AM

الأسلوب البياني
قال تعالى : ( قل هو الله أحد * الله الصمد * لم يلد ولم يولد * ولم يكن له كفوا أحد ) تفسير سورة الأخلاص
سورة الإخلاص أربع ايات مكية في قول ابن مسعود والحسن وعطاء وعكرمة وجابر وهو القول الراجح لأنها اشتملت على التوحيد ومدنية في أحد قولي ابن عباس وقتادة والضحاك والسدي
سبب نزولها قال بعض المشركين للنبي صلى الله عليه وسلم : انسب لنا ربك فنزلت ( قل هو الله أحد )
(قل ) المخاطب رسول الله صلى الله عليه وسلم والأمة قل يا محمد
( هو ) ضمير مبتدأ
( الله) لفظ الجلاله خبر المبتدأ ومعناها هو المألوه المعبود
( أحد ) خبر ثاني وهو المتفرد والمتوحد بجلاله وعظمته الواحد الوتر
( الله الصمد ) جملة مستقلة
( الصمد ) المستغني عن جميع المخلوقات لكماله وهو الذي تصمد إليه الخلائق في حوائجها فجميع الخلائق مفتقرة إليه
وقال قوم : (الصمد ) الدائم الباقي وقيل ( الصمد ) لاجوف له
( لم يلد ) لم يلد لأنه لا مثيل له ولا نظير مستغني عن كل أحد ليسله صاحبة ولا ولد ولا شريك
( ولم يولد ) هو الأول ليس قبله شيء
قال تعالى : ( وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ الْجِنَّ وَخَلَقَهُمْ ۖ وَخَرَقُوا لَهُ بَنِينَ وَبَنَاتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ ۚ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يَصِفُونَ (100) بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۖ أَنَّىٰ يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُن لَّهُ صَاحِبَةٌ ۖ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ ۖ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (101) الأنعام
وقال ( وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ (26) الأنبياء
وقال : ( وَقَالُواْ ٱتَّخَذَ ٱلرَّحۡمَٰنُ وَلَدٗا (88) لَّقَدۡ جِئۡتُمۡ شَيۡ‍ًٔا إِدّٗا (89) تَكَادُ ٱلسَّمَٰوَٰتُ يَتَفَطَّرۡنَ مِنۡهُ وَتَنشَقُّ ٱلۡأَرۡضُ وَتَخِرُّ ٱلۡجِبَالُ هَدًّا (90) أَن دَعَوۡاْ لِلرَّحۡمَٰنِ وَلَدٗا (91) وَمَا يَنۢبَغِي لِلرَّحۡمَٰنِ أَن يَتَّخِذَ وَلَدًا (92) مريم
في صحيح البخاري ( لا أحد أصبر على أذى سمعه من الله أنهم يجعلون له ولدا وهو يرزقهم ويعافيهم )
و قول ابن جرير والترمذي : الصمد الذي لم يلد ولم يولد لأنه ليس شيء يولد إلا سيموت وليس شيء يموت إلا سيورث والله عز وجل لا يموت ولا يورث .
( لم يكن له كفوا أحد ) لمين أحا مساويا في جميع صفاته
فيها تقديم وتأخير تقديره 0 ولم يكن له كفوا أحد) فقدم خبر كان على اسمها لينساق أواخر الاي على نظم واحد
وقريء كفوا بضم الفاء وسكونها
وجاء في فضل هذه السورة قال صلى الله عليه وسلم ( أنها تعدل ثلث القران)
وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يقرأ بها في الركعة الثانية في سنة الفجر وسنة المغرب وفي ركعتا الطواف وكذلك يقرأها في الوتر لأنها مبنية على الإخلاص التام لله ولهذا تسمى سورة الإخلاص

مريم البلوشي 16 جمادى الآخرة 1441هـ/10-02-2020م 04:00 PM

(يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ (8)

بعدما ذكر الله افتراء اليهود و النصارى عليه سبحانه بالكذب بجعل أنداد و شركاء له في الآية التي قبل ، فهذه الآية جاءت بمثابة استئناف بياني ناشىء للسؤال الذي طراء على الاذهان لماذا افتروا على الله هذا الافتراء الشنيع . فكانت الإجابة في هذه الآية بأنهم يريدون إخفاء الإسلام و يمنعوا انتشاره بين الناس و رد الحق بالباطل .
فاللام في ليطفئوا لام العلة. وذهب بعض النحاة إلى أن الفعل محمول على المصدر. أي إرادتهم لإطفاء نور الله. والإرادة في الغالب تقرن بأن، يقال: أريد أن تفعل وقال الله تعالى في سورة التوبة : (يريدون أن يطفئوا نور الله), و في هذه الآية استبدل أن بالام وهي في معنى أن و قد ذكرت كثيراً في القرآن الكريم (يريدون ليطفئوا نور اللّه بأفواههم) (وأمرت لأعدل بينكم) و اللام هذه بعد فعل الإرادة تفيد على الزيادة في التأكيد على مرادهم و مبتغاهم.

النور: هو الضياء المتشعشع الذي تنفذه أنوار الأبصار فتصل به إلى نظر المبصرات وهو يتزايد بتزايد أسبابه. ويقال: نار الشيء وأنار واستنار، إذا أضاء. والنور مأخوذ من النار، يقال تنورت النار: إذا قصدت نحوها. ثم يستعار في مواضع تدل عليها القرينة فيقال: أنار فلان كلامه إذا أوضحه. ومنار الأرض: أعلامها وحدودها. والمنارة: مفعلة من الاستنارة.
وذكر أهل التفسير في المراد ف نور الله عدة اقوال :
القول الأول : أنه القرآن ; يريدون إبطاله وتكذيبه بالقول ; قاله ابن عباس وابن زيد .
القول الثاني : أنه الإسلام ; يريدون دفعه بالكلام ; قاله السدي .
القول الثالث : أنه محمد صلى الله عليه وسلم ; يريدون هلاكه بالأراجيف ; قاله الضحاك .
القول الرابع : حجج الله ودلائله ; يريدون إبطالها بإنكارهم وتكذيبهم ; قاله ابن بحر .
و أصح الاقوال انه الإسلام.
فإضافة النور إلى اسم الله تعالى إضافة تشريف و هو يدل على كماله و انه لا يقدر على إطفائه أحد ف ( والله متم نوره) . ( و الله متم نوره) فهي معطوفة على (يريدون) فهي تشير على استحالة تحقق ما يريدون و يطمحون له من إطفاء و إخفاء الإسلام ،. و كونها جاءت في جملة اسمية مما زاد ثبوت إتمام الله لدينه و أنه سينتشر إلى جميع الافاق .
فالتمام: هو حصول جميع ما للشيء من كيفية أو كمية.
فتمام النور: حصول أقوى شعاعه وإتمامه إمداد آلته بما يقوى شعاعه كزيادة الزيت في المصباح وإزالة ما يغشاه.
كما جاء في الحديث "والله لَيِتَمَّن هذا الأمرُ حتى يسيرَ الراكبُ من صنَعاء إلى حضرَموت لا يخاف إلا الله أو الذئب على غنمه ولكنكم تستعجلون" .
(بأفواههم)
وإرادتهم إطفاء نور الله بأفواههم، إنما هي بخصامهم وجدالهم بالباطل. فكان لذكر (بأفواههم) وقع عظيم في هذا التمثيل لأن الإِطفاء قد يكون بغير الأفواه مثل المروحة والكِير، وهم أرادوا إبطال آيات القرآن بزعم أنها من أقوال السحر.
(و لو كره الكافرون)
أي والله متم نوره حتى لو كره الكافرين ذلك ، و لو في الآية شرطية في المستقبل وهي التي يصلح موضعها إن نحو (ولو كره المشركون) ( ولو أعجبك حسنهن) و قد جاءت في سياق الامر المفروض تهكما ( فلن يُقْبَل من أحدهم مِلءُ الأرضِ ذهباً ولو افتدى به ).

فقد تضمنت الآية تشبيه الهيئة بالهيئة و تشبيه المعقول بالمحسوس ، فقد مثلت حال الكافرين عند مرادهم عوق الإسلام عن الظهور بقوم يبتغون الظلام للتلصص و غيره من الأمور التي تساعدهم على الاختفاء .و شبه الإسلام بضوء المصباح الذي خاف و كره المتلصصون من ان يشع نوره للناس فيفتضح أمرهم ، فأرادوا إطفائه بالنفخ فلم ينطفىء.


المراجع
- تفسير القرطبي
-التحرير و التنوير، ابن عاشور
-الوجوه والنظائر، نزهة الأعين النواظر لابن الجوزي
-بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز
-بيان المُستشكل، أنموذج جليل لابن أبي بكر الرازي


صلاح الدين محمد 18 جمادى الآخرة 1441هـ/12-02-2020م 11:46 PM

رسالة في تفسير قوله تعالى :{ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ (1) مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ (2) وَإِنَّ لَكَ لَأَجْرًا غَيْرَ مَمْنُونٍ (3) وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ (4)} [القلم: 1 - 4]


هذه السورة الكريمة تشتمل على معاني بديعة وآيات جليلة , تظهر فيها ما للنبي الكريم صلى الله عليه وسلم من المكانة العالية عند ربه , فقد زكاه ربه ورفع شأنه صلى الله عليه وسلم فقال تعالى :
"ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ" : فبدا السورة الكريمة بحرف من الحروف المقطعة , فهذه الحروف المقطعة من المعجزات التي اشتمل عليها القرآن الكريم فمن الأقوال التي قيلت فيه أن هذا القرآن مألف من هذه الحروف التي تعرفونها , فهل تستطيعون أن تأتوا بمثله أو بسورة من مثله , فإنكم لن تستطيعوا ذلك , ثم أقسم الله تعالى بالقلم وما يسطرون ؛ وفي ذلك من الإشارة إلى أهمية القراءة والكتابة وفيه الحث على التعلم وعلى الكتابة.
أخرج ابن جرير عن قتادة {وما يسطرون} وما يكتبون.
يقال منه: سطر فلانٌ الكتاب فهو يسطر سطرًا: إذا كتبه؛ ومنه قول رؤبة بن العجّاج : إنّي وأسطارٍ سطرن سطرا .
ثم جاء جواب القسم بنفي الجنون عن النبي صلى الله عليه وسلم فقال تعالى : "مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ" فقد كان كفار قريش يرمونه صلى الله عليه وسلم بكل التهم التي هو أبعد منها كل البعد صلى الله عليه وسلم فقد كانوا يلقبونه قبل البعثة بكل الصفات الحميدة مثل الصادق الأمين وغيرها من الصفات وقد كانوا يعدونه من أرجحهم عقلا , ومع ذلك حينما دعاهم إلى التوحيد ناقضوا أنفسهم واتهموه بكل نقيصة ؛ فكذبهم الله تعالى في قولهم إنه مجنون .
وذكر الزمخشري أن الباء متعلقة بمجنون منفيا , كما تتعلق بعاقل مثبتا في قولك : أنت بنعمة الله عاقل , مستويا في ذلك الإثبات والنفي , والمعنى؛ استبعاد ما كان ينسبه إليه كفار مكة عداوة وحسدا ، وأنه من إنعام الله عليه بحصافة العقل والشهامة التي يقتضيها التأهيل للنبوة .
قالل ابن عاشور : "ولما ثبت الله رسوله صلى الله عليه وسلم فدفع بهتان أعدائه أعقبه بإكرامه بأجر عظيم على ما لقيه من المشركين من أذى بقوله : "وَإِنَّ لَكَ لَأَجْرًا غَيْرَ مَمْنُونٍ" .
أي : إن لك يا محمد أجرا غير مقطوع أو أجر غير ممنون به عليك , وفي قوله "لك" اشارة إلى اختصاص الله تعالى له صلى الله عليه وسلم بهذا الأجر العظيم الذي لا ينقطع عنه صلى الله عليه وسلم , ولا يمن عليه به ؛ فإن الله تعالى لا يمن على عباده بمنة ثم يمن بها عليهم , وذكر ابن عاشور في اشتقاق "ممنون" قولان :
الأول : أن يكون مشتقا من المعطي على المعطى إذا عد عليه عطاءه وذكره له، أو افتخر عليه به فإن ذلك يسوء المعطى، قال النابغة:
علي لعمرو نعمة بعد نعمة ... لوالده ليست بذات عقارب
أي ليس فيها أذى .
الثاني : مشتقا من قولهم: من الحبل، إذا قطعه، أي أجرا غير مقطوع عنك، وهو الثواب المتزايد كل يوم، أو أجرا أبديا في الآخرة، ولهذا كان لإيثار كلمة «ممنون» هنا من الإيجاز بجمع معنيين بخلاف قوله: "عطاء غير مجذوذ" في سورة هود لأن ما هنا تكرمة للرسول صلى الله عليه وسلم .
قال ابن عاشور : وبعد أن آنس نفس رسوله صلى الله عليه وسلم بالوعد عاد إلى تسفيه قول الأعداء فحقق أنه متلبس
بخلق عظيم وذلك ضد الجنون مؤكدا ذلك بثلاثة مؤكدات . قال تعالى : "وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ" أي : إنك يا محمد جامع لكل الأخلاق العظيمة الحسنة فهو كما قالت عنه عائشة رضي الله عنها حينما سئلت عن خلقه صلى الله عليه وسلم فقالت : ( كان خلقه القرآن ) .
وذكر الرازي أن وصفه بأنه على خلق عظيم فيه "تعريف لمن رماه بالجنون بأن ذلك كذب ، وخطأ وذلك لأن الأخلاق الحميدة والأفعال المرضية كانت ظاهرة منه ، ومن كان موصوفاً بتلك الأخلاق والأفعال لم يجز إضافة الجنون إليه لأن أخلاق المجانين سيئة ، ولما كانت أخلاقه الحميدة كاملة لا جرم وصفها الله بأنها عظيمة" .
وفي استخدام "إنك" ما يدل على التحقيق والتوكيد على أنه على أعلى الأخلاق التي وصل إلى منهاها صلى الله عليه وسلم
وفي استخدام حرف الجر "على" ما يدل على الاستعلاء والتمكن ؛ فكأنه صلى الله عليه وسلم على وارتفع حتى فاق كل الأخلاق وتمكن منها واستعلى بها فكانت هذه الأخلاق له سجية وسليقة لا يتكلفها , وحق له ذلك فإنه قد أدبه ربه فأحسن تأديبه صلى الله عليه وسلم , فمن كانت هذه حاله فقد بلغ الكمال في الأخلاق المحمودة , والبعد كل البعد عن الأخلاق المذمومة .
قال ابن عاشور : واعلم أن جماع الخلق العظيم الذي هو أعلى الخلق الحسن هو التدين، ومعرفة الحقائق، وحلم النفس، والعدل، والصبر على المتاعب، والاعتراف للمحسن، والتواضع، والزهد، والعفة، والعفو، والجمود، والحياء، والشجاعة، وحسن الصمت، والتؤدة، والوقار، والرحمة، وحسن المعاملة والمعاشرة.
والأخلاق كامنة في النفس ومظاهرها تصرفات صاحبها في كلامه، وطلاقةوجهه، وثباته، وحكمه، وحركته وسكونه، وطعامه وشرابه، وتأديب أهله ومن لنظره، وما يترتب على ذلك من حرمته عند الناس، وحسن الثناء عليه والسمعة.
وأما مظاهرها في رسول الله صلى الله عليه وسلم ففي ذلك كله وفي سياسته أمته، وفيما خص به من فصاحة كلامه وجوامع كلمه.


والله أعلم

ندى توفيق 25 جمادى الآخرة 1441هـ/19-02-2020م 02:00 PM

قال تعالى : {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ (1) فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ (2) إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ (3) } ]سورة الكوثر[

سورة الكوثر تسمى أيضاً سورة النحر، و آيها ثلاث، وهي و سورة النصر؛ أقصر سورتين في القرآن، وعلى وجازتها فهي تزخر بالمعاني البلاغية، و الصور البيانية،التي تحرك القلوب، وتبهج النفوس، و تبصِّر العقول، بنور الهداية، و صدق الرسالة، و عظمة الخالق سبحانه و حكمته البالغة
و قد ابتُدئت السورة بلفظ التوكيد "إن"، للدلاللة على تحقق الخبر، و للتنبيه على ما يليه، متصلاً بنون العظمة، إشعاراً بعظمة الخالق، و هيمنته على خلقه، و أنهم مربوبون في تدبيره المطلق ، لا يُسأل عما يفعل في ملكه، و لا يُغالب في قدرته و حكمه، كما في قوله تعالى : ﴿إنّا أنْزَلْناهُ في لَيْلَةِ القَدْرِ﴾ [القدر: ١]
" أعطيناك" من العطاء و الإيتاء، ولكن العطاء فيه دلالة التمليك دون الإيتاء، كما أن العطية قد تكون صغيرة أو كبيرة، بخلاف الإيتاء فهو واسع ، قال تعالى : {وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِّنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ} [الحجر : 87]
ففي معنى العطية تعظيم لقدر الرسول الكريم ﷺ ، و أنها على رفعتها و كونها من الملك الوهاب؛ دل عليه اتصالها بنون العظمة، هي جزء من أُعطياته الوافرة الواسعة، قال تعالى : {وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَىٰ} [الضحى : 5]
و قد صيغ فعل العطاء بصيغة الماضي، للدلالة على تيقن الوقوع، و أنه سبحانه لا يحده زمان و لا مكان، فكل الأزمان الماضية و الحاضرة و المستقبلة عنده سيان، كتب مقادير الخلائق قبل خلقها، ووعده واقع، و قوله الحق، لا راد لقضائه، و لا معقب لحكمه.
قال رسول الله ﷺ :" كَتَبَ اللَّهُ مَقادِيرَ الخَلائِقِ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ السَّمَواتِ والأرْضَ بِخَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ، قالَ: وَعَرْشُهُ على الماءِ. " ( رواه مسلم)

وكذلك وردت آيات الحساب في الآخرة بصيغة الماضي، قال تعالى : {وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ (90) وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِلْغَاوِينَ (91) وَقِيلَ لَهُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ تَعْبُدُونَ(92) مِن دُونِ اللَّهِ هَلْ يَنصُرُونَكُمْ أَوْ يَنتَصِرُونَ (93) فَكُبْكِبُوا فِيهَا هُمْ وَالْغَاوُونَ (94) وَجُنُودُ إِبْلِيسَ أَجْمَعُونَ (95) قَالُوا وَهُمْ فِيهَا يَخْتَصِمُونَ (96) تَاللَّهِ إِن كُنَّا لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ (97)} [الشعراء : 90-97]

" الكوثر" هو نهر فى الجنة، عليه خير كثير، و هو قول الجمهور، للنص على ذلك، كما في الحديث الذي رواه مسلم في صحيحه :
بيْنَا رَسولُ اللهِ ﷺذَاتَ يَومٍ بيْنَ أظْهُرِنَا إذْ أغْفَى إغْفَاءَةً ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ مُتَبَسِّمًا، فَقُلْنَا: ما أضْحَكَكَ يا رَسولَ اللهِ، قالَ: أُنْزِلَتْ عَلَيَّ آنِفًا سُورَةٌ فَقَرَأَ: بسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ {إنَّا أعْطَيْنَاكَ الكَوْثَرَ (1) فَصَلِّ لِرَبِّكَ وانْحَرْ (2) إنَّ شَانِئَكَ هو الأَبْتَرُ} [الكوثر: 1 - 3]، ثُمَّ قالَ: أتَدْرُونَ ما الكَوْثَرُ؟ فَقُلْنَا اللَّهُ ورَسولُهُ أعْلَمُ، قالَ: فإنَّه نَهْرٌ وعَدَنِيهِ رَبِّي عزَّ وجلَّ، عليه خَيْرٌ كَثِيرٌ، هو حَوْضٌ تَرِدُ عليه أُمَّتي يَومَ القِيَامَةِ، آنِيَتُهُ عَدَدُ النُّجُومِ، فيُخْتَلَجُ العَبْدُ منهمْ، فأقُولُ: رَبِّ، إنَّه مِن أُمَّتي فيَقولُ: ما تَدْرِي ما أحْدَثَتْ بَعْدَكَ.
و مما ذكره السيوطي في تفسيره، عن حَسَّانَ بْنَ ثَابِتٍ قوله :
(وَحَبَاهُ الإِلَهُ بِالْكَوْثَرِ الأَكْ.......بَــرِ فِيهِ النَّعِيمُ وَالْخَيْرَاتُ).

و الكوثرلغةً: الْكَثِيرُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، وَرَجُلٌ كَوْثَرٌ: كَثِيرُ الْعَطَاءِ وَالْخَيْرِ، وَهُوَ فَوْعَل مِنَ الْكَثْرَةِ وَالْوَاوُ زَائِدَةٌ ، انتهى بتصرف من (لسان العرب لابن منظور)

و قد أخذ ابن عباس و سعيد بن جبير، بهذا المعنى اللغوي، على اعتبار عموم اللفظ ، لكل خير دنيوي و أخروي، و من ضمنه نهر الجنة الوارد عن النبي صلى الله عليه وسلم، و الأقوال المتنوعة الأخرى

و لا ريب أن الله تعالى قد أفاض على نبيه الكريم ﷺ من الخيرات العاجلة و الآجلة، الظاهرة و الباطنة ما لا يُعد و لا يحصى، و ما يغني عما فات من الدنيا، و بيان ذلك في اختيار و صف المبالغة " الكوثر"، معرّفاً بال التعريف الدالة على الإستغراق لكافة النعم، مع كمالها، إضافة إلى حذف الموصوف ، ليشمل و يعم

قال تعالى : {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُّبِينًا (1) لِّيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مُّسْتَقِيمًا (2) وَيَنصُرَكَ اللَّهُ نَصْرًا عَزِيزًا (3)} [الفتح : 1-3]

و قال تعالى : {أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ (1) وَوَضَعْنَا عَنكَ وِزْرَكَ (2) الَّذِي أَنقَضَ ظَهْرَكَ (3) وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ (4)} [الشرح : 1-4]

و أما الفاء في لفظ " فصلّ" فهي لترتب الشكر على النعمة، و أفضل الشكر الصلاة؛ فرضها و نفلها، و الذبح ، لله تعالى وحده ، دل عليه الالتفات من ضمير المتكلم، ولام التخصيص في " لربك"
قال تعالى : {قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الأنعام : 162]
و في اختيار لفظ الربوبية إشارة إلى العناية الإلهية بالنبي الكريم صلوات ربي وسلامه عليه، و توليه بالتدبير و النصرة،و إغنائه عن الالتفات اللناس، و فيه تعريض بالمشركين الذين كانوا يصلون و ينحرون لغير الله تعالى

"و انحر" الواو للعطف، أي فصل لربك ، و انحر لربك

وجميع الأقوال الواردة في معنى الصلاة و النحر، هي من باب التمثيل و التنويع، كذكر صلاة العيد و نحر الأضحية في الحج و بغير الحج، أو الأمر بالصلاة ثم النحر يوم الحديبية ، أو في وضعية الصلاة

و القول الأولى الذي قرره ابن جرير، هو عموم الصلاة و النحر شكراً لله تعالى على ما أنعم به، أخذاً بمطلق اللفظ و عمومه

و يساعد على ذلك حذف متعلق كل من الصلاة و النحر ، وانعدام القرينة المخصصة لكل منهما

و كذلك قوله في الآية التالية ﴿إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأبْتَرُ﴾، أخذاً بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، حيث قال : " وأولى الأقوال في ذلك عندي بالصواب أن يقال: إن الله تعالى ذكره أخبر أن مُبغض رسول الله ﷺ هو الأقلّ الأذلّ، المنقطع عقبه، فذلك صفة كل من أبغضه من الناس، وإن كانت الآية نزلت في شخص بعينه"، انتهى كلامه

فقد تعددت الأقوال فيمن نزلت فيه الآية، فقيل العاص بن وائل، و قيل عقبة بن أبي معيط، و قيل جماعة من قريش

و بملاحظة الأسلوب البياني في القرآن الكريم، يتبين لنا مقابلة الكوثر بالأبتر، وتأكيد اختصاص الرسول الكربم بالخير العميم في مقابل انقطاعه التام الكامل عن عدوه و مبغضه

حيث " إنّ " حرف توكيد، للدلالة على أهمية الخبر

" شَانِئَكَ" : شنأ: الشَّنَاءَةُ مِثْلُ الشَّناعةِ: البُغْضُ،الشَّانِئُ: المُبْغِضُ ( لسان العرب لابن منظور)

"هو" ضمير منفصل ، يفيد الاختصاص و التأكيد

" الأبتر" : بتر: البَتْرُ: اسْتِئْصالُ الشَّيْءِ قَطْعًا، بَتَرْتُ الشيءَ بَتْراً: قَطَعَتْهُ قَبْلَ الإِتمام. والانْبتارُ: الانْقِطاعُ ، والأَبْتَرُ: المقطوعُ الذَّنَب مِنْ أَيّ مَوْضِعٍ كَانَ مِنْ جَمِيعِ الدَّوَابِّ؛وَكُلُّ أَمر انْقَطَعَ مِنَ الْخَيْرِ أَثَرُه، فَهُوَ أَبْتَرُ، والأَبْتَرُ: الَّذِي لَا عَقِبَ لَهُ، والأَبْتَرُ: المُعْدِمُ. والأَبْتَرُ: الخاسرُ. والأَبْتَرُ: الَّذِي لَا عُرْوَةَ لَهُ مِنَ المَزادِ والدِّلاء. انتهى ( من لسان العرب لابن منظور)

و قد جاء اللفظ على وزن أفعل التفضيل، للمبالغة في الانقطاع عن كل خير ، و معرفاً بال التعريف للتعيين و التخصيص، كما ذكر ذلك ابن تيمية في تفسيره

فالخير كل الخير في اتباع هدي المصطفى ﷺ، و كلما زاد تمت الخيرات و الهبات من رب السماوات، فمستكثر و مستقل
فاللهم اجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، و ارزقنا الإخلاص في القول والعمل، و حسن الاتباع لسنة المصطفى ، حتى نلقاه على الحوض في جنة عرضها السماوات والأرض

هيئة التصحيح 2 26 جمادى الآخرة 1441هـ/20-02-2020م 05:50 PM

تقويم تطبيقات على درس الأسلوب البياني


أحسنتم سددكم الله ونفع بكم ، ونذكركم أن الغرض من هذه التدريبات هو تعرف الطالب على هذا النوع من أساليب التفسير، وأن يتدرّب على التعبير عن المسائل اللغوية بما يتيسّر له فهمه
وملاحظته من كلام المفسّرين في هذه المرحلة.
والخطوة الأولى في إعداد رسالة تفسيرية بالأسلوب البياني أن يستخلص الطالب أولا مسائل الآية بالنظر وقبل مطالعة التفاسير، كما فعل أصحاب الرسالات البيانية الموضوعة في الدرس.
هذه المسائل التي سيستخلصها الطالب ستعطيه فرصة للتفكير فيها أولا، ومحاولة استخلاص الفوائد البلاغية من هذه المسائل بما يتيسّر له من خلال استفادته العلمية السابقة، وهذا مطلوب مهمّ نرجو أن تعتنوا به جيدا.
ثم تفيده بعد ذلك عند مراجعة التفاسير واختيارها، لأنه يبحث عن مسائل محدّدة واضحة فيطلبها من مصادرها.
وإليك هذا المثال للتفريب

قال تعالى: {وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا}.
الناظر إلى هذه الآية تتوارد على ذهنه أسئلة:
- ما معنى "قضى" وما الحكمة من التعبير بلفظ القضاء على وجه الخصوص؟ لمَ لم يقل مثلا: أمر؟
- ما معنى الربوبية؟ وما الحكمة من التعبير بوصف الربوبية خاصّة؟ لمَ لم يقل: وقضى إلهكم؟
- من المخاطب؟ وما المعنى الذي توحيه الإضافة في قوله: "ربك"؟
- ما معنى العبادة؟
- ما الذي أفاده الاستثناء "ألا تعبدوا إلا إياه"، لماذا لم يقل : قضى أن تعبدوه؟
- تأمّل الخطاب للمفرد "ربك" ثم تحوّله للجمع "تعبدوا"، ترى ما فائدته؟
- ما فائدة تقديم الجارّ والمجرور "وبالوالدين"؟
- ما الذي يفيده تنكير لفظة "إحسانا"؟


1: أريج نجيب.
بارك الله فيكِ ونشكر اجتهادك، لكن أسلوب رسالتك للتقرير العلمي أقرب، ولم أقف على الأسلوب البياني إلا لمسألة التقديم والتأخير التي ذكرتِ، فأوصيك بمراجعة مقدمة الدرس ورسالة فضيلة الشيخ عبدالعزيز الداخل في قوله تعالى:( نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم * وأنّ عذابي هو العذاب الأليم ) ليتبين لكِ كيفية استخدام الأدوات المذكورة في المقدمة في بيان الرسالة.
وننتظر تعديلك وإن شئتِ استبدال الآيات فلا مانع والأمر إليكِ وفقكِ الله.


2: مريم البلوشي.أ
أحسنتِ بارك الله فيك وسددكِ.
الآية متعلقة بما قبلها وكان الأحسن ذكرها ابتداءََ ليكون المعنى مكتملا.
- تحرير مسألة المراد بالنور غير مناسب في مقام الأسلوب البياني.
- فاتكِ تخريج الحديث.

3: صلاح محمد.أ
أحسنت بارك الله فيك وسددك.

- رسالتك تناسب أسلوب الحجاج أيضا ففيها ما يشير إلى ذلك.
- من أنواع البيان في الآيات الجناس النقاص بين لفظتي مجنون وممنون.
أوصيك بالاستفادة من رسالة فضيلة الشيخ عبدالعزيز الداخل في قوله تعالى:( نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم * وأنّ عذابي هو العذاب الأليم ).

نفعكم الله جميعا وتقبل منكم

أريج نجيب 3 رجب 1441هـ/26-02-2020م 07:11 PM

اعادة للإسلوب البياني
وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنتُمْ تُتْلَىٰ عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللَّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ ۗ وَمَن يَعْتَصِم بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ (101) .
قال ابن عباس : كان بين الأوس والخزرج قتال وشر في الجاهلية ، فذكروا ما كان بينهم فثار بعضهم على بعض بالسيوف ; فأتي النبي - صلى الله عليه وسلم - فذكر ذلك له فذهب إليهم فنزلت الآية (وكيف تكفرون وأنتم تتلى عليكم آيات الله وفيكم رسوله ) إلى قوله تعالى : فأنقذكم منها ويدخل في هذه الآية من لم ير النبي - صلى الله عليه وسلم لأن ما فيهم من سنته يقوم مقام رؤيته .
قال الزجاج : يجوز أن يكون هذا الخطاب لأصحاب محمد خاصة لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان فيهم وهم يشاهدونه ويجوز أن يكون هذا الخطاب لجميع الأمة
( وكيف تكفرون ) وأنتم تتلى عليكم آيات الله وفيكم رسوله ) قاله تعالى على جهة التعجب يعني : ولم تكفرون؟
وكيف في موضع نصب ، وفتحت الفاء عند الخليل وسيبويه لالتقاء الساكنين ، واختير لها الفتح لأن ما قبل الفاء ياء فثقل أن يجمعوا بين ياء وكسرة .
أن الكفر بعيد منكم وحاشاكم منه أيها المؤمنون بعد إيمانكم بالله وبرسوله، فترتدّوا على أعقابكم
(وأنتم تتلى عليكم آيات الله ) انزل على رسوله القران وهو يتلوه عليكم ليل ونهار ويبلغكم ما فيه وهو جحة الله لكم بيصركم ويدلكم على طريق الهدى ويحذركم من طريق الضلال
(وفيكم رسوله ) محمد صلى الله عليه وسلم وجوده عندكم رحمة من الله ليبين لكم طريق الصواب والخير والحلال والحرام فعندكم حجتين القران والرسول ثم بعد ذلك ترتدوا على أعقابكم وترجعوا لجاهليتكم
( ومن يعتصم بالله ) وأصل " العَصْم " المنع، فكل مانع شيئًا فهو " عاصمه "، والممتنع به " معتصمٌ به "ولذلك قيل للحبل " عِصام " وللسبب الذي يتسبب به الرجل إلى حاجته " يعني بـ " العُصم " الأسباب، أسبابَ الذمة والأمان. يقال منه: " اعتصمت بحبل من فلان " و " اعتصمتَ حبلا منه " و " اعتصمت به واعتصمته "، وأفصح اللغتين إدخال " الباء "،
كما قال تعالى:( وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا ) وقد جاء: " اعتصمته "،
كما قال الشاعر:
إذَا أَنْــتَ جَــازَيْتَ الإخـاءَ بِمِثْلِـهِ
وَآسَــيْتَنِي, ثــمَّ اعْتَصَمْـتَ حِبَالِيَـا
فقال: " اعتصمت حباليا "، ولم يدخل " الباء " وذلك نظير قولهم : " تناولت الخِطام، وتناولت بالخطام " و " تعلَّقت به وتعلقته
كما قال الشاعر:
تَعَلَّقَــتْ هِنْــدًا ناشِـئًا ذَاتَ مِـئْزَرٍ
وَأَنْـتَ وَقَـدَ قَـارَفْتَ, لم تَدْرِ مَا الحِلْمُ
وعصمه الطعام : منع الجوع منه
تقول العرب : عصم فلانا الطعام أي منعه من الجوع فكنوا السويق بأبي عاصم لذلك .
قال أحمد بن يحيى : العرب تسمي الخبز عاصما وجابرا
ومعنى يعتصم أي : يمتنع بالله ويؤمن به ويتوكل عليه ويستمسك بدينه وطاعته
(فقد هدي إلى صراط مستقيم ) معنى الهداية: لغةً: الهُدَى: الرشاد والدلالة، و"هَديتُه" الطريق والبيتَ "هدايةً": عرَّفته وتفرَّد هو سبحانه بالهدى الذي معناه التأييد والتوفيق
الصراط قيل: إنه القرآن، وقيل: الرسول صلى الله عليه وسلم وصاحباه من بعده، وقيل: الإسلام
قال ابن القيم: "والقول الجامع في تفسير الصراط المستقيم هو الطريق الذي نصبه الله لعباده على ألسنة رسله وجعله موصلاً لعباده إليه ولا طريق لهم سواه، وهو إفراده بالعبودية وإفراد رسله بالطاعة، وهو مضمون شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله
وهو الصراط الذي يرجوه كل مسلم يسأل الله في كل صلواته الفريضة والنافله أن يرزقه إياه قائلاً: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} [الفاتحة:6]. ثم بيّن سبحانه وتعالى وصف هذا الصراط في الآ هناك من الملاحظات الهامة في هذا السياق أن يضاف الصراط تارة إلى الله وتارة إلى العباد ويذكر مفرداً معرفاً باللام تارة وبالإضافة تارة فقال: "أما إضافته إلى الله فلأنه هو الذي شرعه ونصبه، وأما إضافته إلى العباد فلأنهم أهل سلوكه، وأما ذكره مفرداً معرفاً باللام تارة وبالإضافة تارة فلإفادة تعيينه واختصاصه وأنه صراط واحد بخلاف طرق أهل الضلال".
المراجع :
تفسير البغوي
تفسيرالقرطبي
تفسير السيوطي
تفسير ابن كثير

أمل حلمي 9 رجب 1441هـ/3-03-2020م 01:42 PM

قوله تعالى: {ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها}
وردت هذه الآيات في سورة الشمس وفيها يقسم الله تعالى بالنفس في قوله: {ونفس وما سواها}:
والنفس هي اسم جنس ومعناها ذات الإنسان، وقد جاءت نكرة للتكثير ولتعم كل نفس.
ما: قيل أن معناها (مَن) لإرادة معنى الوصفية ومعناها والشئ القادر على تسويتها وهذا يدل على تعالى كمال قدرته، وقيل أن (ما) مصدرية فيكون المعنى والنفس وتسويتها، ولكن الراجح هو الأول لأن ما المصدرية تجرد الفعل عن الفاعل وبذلك يخل المعنى فيما بعدها {فألهمها فجورها وتقواها}.
سواها: أي إكمال عقلها ونظرها.
وقوله تعالى: {فألهمها فجورها وتقواها}:
قال الراغب: الإِلهام إيقاع الشيء في الرُوع ويختص ذلك بما كان من جهة الله تعالى وَجهة الملأ الأعلى ويطلق الإِلهام إطلاقاً خاصاً على حدوث علم في النفس بدون تعليم ولا تجربة ولا تفكير فهو علم يحصل من غير دليل سواء ما كان منه وجدانياً كالانسياق إلى المعلومات الضرورية والوجدانية، وما كان منه عن دليل كالتجريبيات والأمور الفكرية والنظرية. وإيثار هذا الفعل هنا ليشمل جميع علوم الإِنسان، ولذلك فهذا اللفظ إن لم يكن من مبتكرات القرآن يكن مما أحياه القرآن لأنه اسم دقيق الدلالة على المعاني النفسية وقليل رواجُ أمثال ذلك في اللغة قبل الإِسلام لقلة خطور مثل تلك المعاني في مخاطبات عامة العرب.
ومعنى الآية أي فهمها أعمال البر وأعمال الفجور، حتى عرف ذلك الجاهل والعاقل.
وقدم الفجور على التقوى لأن إلهامه بهذا المعنى من مبادىء تجنبه وهو تخلية والتخلية مقدمة على التحلية، وقيل قدمها لمراعاة الفواصل.
قوله تعالى: {قد أفلح من زكاها}
زكى نفسه: أي أعلاها وأنماها بالطاعة والبر والصدقة واصطناع المعروف.
وأصل التزكية: الزيادة، ومنه يقال زكا الزرع إذا كثر ريعه، وزكت النفقة إذا بورك فيها، ومنه زكاة الرجل عن ماله لأنها تُثمر ماله وتنميه.
قوله تعالى: {وقد خاب من دساها}
دساها: أصلها دسست والتدسية معناها النقص والاخفاء.
قال الشاعر:
ودسست عمراً في التراب فأصبحت حلائله منه أرامل ضيعا

ومعنى الآية خاب وخسر من دسى نفسه أي نقصها وأخفاها بترك عمل البر وبركوب المعاصي، وقيل المعنى دساها أي أخفاها في أهل الخير بالرياء.
والله تعالى وأعلم

المصادر:
مشكل القرآن
تفسير التحرير والتنوير
روح المعاني للألوسي
الكشاف للزمخشري
البحر المحيط لابن حيان

هيئة التصحيح 2 21 رجب 1441هـ/15-03-2020م 07:32 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أريج نجيب (المشاركة 381851)
اعادة للإسلوب البياني
وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنتُمْ تُتْلَىٰ عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللَّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ ۗ وَمَن يَعْتَصِم بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ (101) .
قال ابن عباس : كان بين الأوس والخزرج قتال وشر في الجاهلية ، فذكروا ما كان بينهم فثار بعضهم على بعض بالسيوف ; فأتي النبي - صلى الله عليه وسلم - فذكر ذلك له فذهب إليهم فنزلت الآية (وكيف تكفرون وأنتم تتلى عليكم آيات الله وفيكم رسوله ) إلى قوله تعالى : فأنقذكم منها ويدخل في هذه الآية من لم ير النبي - صلى الله عليه وسلم لأن ما فيهم من سنته يقوم مقام رؤيته .
قال الزجاج : يجوز أن يكون هذا الخطاب لأصحاب محمد خاصة لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان فيهم وهم يشاهدونه ويجوز أن يكون هذا الخطاب لجميع الأمة
( وكيف تكفرون ) وأنتم تتلى عليكم آيات الله وفيكم رسوله ) قاله تعالى على جهة التعجب يعني : ولم تكفرون؟
وكيف في موضع نصب ، وفتحت الفاء عند الخليل وسيبويه لالتقاء الساكنين ، واختير لها الفتح لأن ما قبل الفاء ياء فثقل أن يجمعوا بين ياء وكسرة .
أن الكفر بعيد منكم وحاشاكم منه أيها المؤمنون بعد إيمانكم بالله وبرسوله، فترتدّوا على أعقابكم
(وأنتم تتلى عليكم آيات الله ) انزل على رسوله القران وهو يتلوه عليكم ليل ونهار ويبلغكم ما فيه وهو جحة الله لكم بيصركم ويدلكم على طريق الهدى ويحذركم من طريق الضلال
(وفيكم رسوله ) محمد صلى الله عليه وسلم وجوده عندكم رحمة من الله ليبين لكم طريق الصواب والخير والحلال والحرام فعندكم حجتين القران والرسول ثم بعد ذلك ترتدوا على أعقابكم وترجعوا لجاهليتكم
( ومن يعتصم بالله ) وأصل " العَصْم " المنع، فكل مانع شيئًا فهو " عاصمه "، والممتنع به " معتصمٌ به "ولذلك قيل للحبل " عِصام " وللسبب الذي يتسبب به الرجل إلى حاجته " يعني بـ " العُصم " الأسباب، أسبابَ الذمة والأمان. يقال منه: " اعتصمت بحبل من فلان " و " اعتصمتَ حبلا منه " و " اعتصمت به واعتصمته "، وأفصح اللغتين إدخال " الباء "،
كما قال تعالى:( وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا ) وقد جاء: " اعتصمته "،
كما قال الشاعر:
إذَا أَنْــتَ جَــازَيْتَ الإخـاءَ بِمِثْلِـهِ
وَآسَــيْتَنِي, ثــمَّ اعْتَصَمْـتَ حِبَالِيَـا
فقال: " اعتصمت حباليا "، ولم يدخل " الباء " وذلك نظير قولهم : " تناولت الخِطام، وتناولت بالخطام " و " تعلَّقت به وتعلقته
كما قال الشاعر:
تَعَلَّقَــتْ هِنْــدًا ناشِـئًا ذَاتَ مِـئْزَرٍ
وَأَنْـتَ وَقَـدَ قَـارَفْتَ, لم تَدْرِ مَا الحِلْمُ
وعصمه الطعام : منع الجوع منه
تقول العرب : عصم فلانا الطعام أي منعه من الجوع فكنوا السويق بأبي عاصم لذلك .
قال أحمد بن يحيى : العرب تسمي الخبز عاصما وجابرا
ومعنى يعتصم أي : يمتنع بالله ويؤمن به ويتوكل عليه ويستمسك بدينه وطاعته
(فقد هدي إلى صراط مستقيم ) معنى الهداية: لغةً: الهُدَى: الرشاد والدلالة، و"هَديتُه" الطريق والبيتَ "هدايةً": عرَّفته وتفرَّد هو سبحانه بالهدى الذي معناه التأييد والتوفيق
الصراط قيل: إنه القرآن، وقيل: الرسول صلى الله عليه وسلم وصاحباه من بعده، وقيل: الإسلام
قال ابن القيم: "والقول الجامع في تفسير الصراط المستقيم هو الطريق الذي نصبه الله لعباده على ألسنة رسله وجعله موصلاً لعباده إليه ولا طريق لهم سواه، وهو إفراده بالعبودية وإفراد رسله بالطاعة، وهو مضمون شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله
وهو الصراط الذي يرجوه كل مسلم يسأل الله في كل صلواته الفريضة والنافله أن يرزقه إياه قائلاً: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} [الفاتحة:6]. ثم بيّن سبحانه وتعالى وصف هذا الصراط في الآ هناك من الملاحظات الهامة في هذا السياق أن يضاف الصراط تارة إلى الله وتارة إلى العباد ويذكر مفرداً معرفاً باللام تارة وبالإضافة تارة فقال: "أما إضافته إلى الله فلأنه هو الذي شرعه ونصبه، وأما إضافته إلى العباد فلأنهم أهل سلوكه، وأما ذكره مفرداً معرفاً باللام تارة وبالإضافة تارة فلإفادة تعيينه واختصاصه وأنه صراط واحد بخلاف طرق أهل الضلال".
المراجع :
تفسير البغوي
تفسيرالقرطبي
تفسير السيوطي
تفسير ابن كثير

أحسنتِ بارك الله فيكِ.
الأسلوب البياني واضح لديكِ لكن أسلوبك لم يظهر في الرّسالة وذلك بعدم ذكر مقدمة والربط في الانتقال بين الآيات والمعااني.
من جهة أخرى ينبغي إسناد سبب النزول.
الدرجة:ب+

هيئة التصحيح 2 28 رجب 1441هـ/22-03-2020م 10:28 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ندى توفيق (المشاركة 381544)
قال تعالى : {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ (1) فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ (2) إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ (3) } ]سورة الكوثر[

سورة الكوثر تسمى أيضاً سورة النحر، و آيها ثلاث، وهي و سورة النصر؛ أقصر سورتين في القرآن، وعلى وجازتها فهي تزخر بالمعاني البلاغية، و الصور البيانية،التي تحرك القلوب، وتبهج النفوس، و تبصِّر العقول، بنور الهداية، و صدق الرسالة، و عظمة الخالق سبحانه و حكمته البالغة
و قد ابتُدئت السورة بلفظ التوكيد "إن"، للدلاللة على تحقق الخبر، و للتنبيه على ما يليه، متصلاً بنون العظمة، إشعاراً بعظمة الخالق، و هيمنته على خلقه، و أنهم مربوبون في تدبيره المطلق ، لا يُسأل عما يفعل في ملكه، و لا يُغالب في قدرته و حكمه، كما في قوله تعالى : ﴿إنّا أنْزَلْناهُ في لَيْلَةِ القَدْرِ﴾ [القدر: ١]
" أعطيناك" من العطاء و الإيتاء، ولكن العطاء فيه دلالة التمليك دون الإيتاء، كما أن العطية قد تكون صغيرة أو كبيرة، بخلاف الإيتاء فهو واسع ، قال تعالى : {وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِّنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ} [الحجر : 87]
ففي معنى العطية تعظيم لقدر الرسول الكريم ﷺ ، و أنها على رفعتها و كونها من الملك الوهاب؛ دل عليه اتصالها بنون العظمة، هي جزء من أُعطياته الوافرة الواسعة، قال تعالى : {وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَىٰ} [الضحى : 5]
و قد صيغ فعل العطاء بصيغة الماضي، للدلالة على تيقن الوقوع، و أنه سبحانه لا يحده زمان و لا مكان، فكل الأزمان الماضية و الحاضرة و المستقبلة عنده سيان، كتب مقادير الخلائق قبل خلقها، ووعده واقع، و قوله الحق، لا راد لقضائه، و لا معقب لحكمه.
قال رسول الله ﷺ :" كَتَبَ اللَّهُ مَقادِيرَ الخَلائِقِ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ السَّمَواتِ والأرْضَ بِخَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ، قالَ: وَعَرْشُهُ على الماءِ. " ( رواه مسلم)

وكذلك وردت آيات الحساب في الآخرة بصيغة الماضي، قال تعالى : {وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ (90) وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِلْغَاوِينَ (91) وَقِيلَ لَهُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ تَعْبُدُونَ(92) مِن دُونِ اللَّهِ هَلْ يَنصُرُونَكُمْ أَوْ يَنتَصِرُونَ (93) فَكُبْكِبُوا فِيهَا هُمْ وَالْغَاوُونَ (94) وَجُنُودُ إِبْلِيسَ أَجْمَعُونَ (95) قَالُوا وَهُمْ فِيهَا يَخْتَصِمُونَ (96) تَاللَّهِ إِن كُنَّا لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ (97)} [الشعراء : 90-97]

" الكوثر" هو نهر فى الجنة، عليه خير كثير، و هو قول الجمهور، للنص على ذلك، كما في الحديث الذي رواه مسلم في صحيحه :
بيْنَا رَسولُ اللهِ ﷺذَاتَ يَومٍ بيْنَ أظْهُرِنَا إذْ أغْفَى إغْفَاءَةً ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ مُتَبَسِّمًا، فَقُلْنَا: ما أضْحَكَكَ يا رَسولَ اللهِ، قالَ: أُنْزِلَتْ عَلَيَّ آنِفًا سُورَةٌ فَقَرَأَ: بسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ {إنَّا أعْطَيْنَاكَ الكَوْثَرَ (1) فَصَلِّ لِرَبِّكَ وانْحَرْ (2) إنَّ شَانِئَكَ هو الأَبْتَرُ} [الكوثر: 1 - 3]، ثُمَّ قالَ: أتَدْرُونَ ما الكَوْثَرُ؟ فَقُلْنَا اللَّهُ ورَسولُهُ أعْلَمُ، قالَ: فإنَّه نَهْرٌ وعَدَنِيهِ رَبِّي عزَّ وجلَّ، عليه خَيْرٌ كَثِيرٌ، هو حَوْضٌ تَرِدُ عليه أُمَّتي يَومَ القِيَامَةِ، آنِيَتُهُ عَدَدُ النُّجُومِ، فيُخْتَلَجُ العَبْدُ منهمْ، فأقُولُ: رَبِّ، إنَّه مِن أُمَّتي فيَقولُ: ما تَدْرِي ما أحْدَثَتْ بَعْدَكَ.
و مما ذكره السيوطي في تفسيره، عن حَسَّانَ بْنَ ثَابِتٍ قوله :
(وَحَبَاهُ الإِلَهُ بِالْكَوْثَرِ الأَكْ.......بَــرِ فِيهِ النَّعِيمُ وَالْخَيْرَاتُ).

و الكوثرلغةً: الْكَثِيرُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، وَرَجُلٌ كَوْثَرٌ: كَثِيرُ الْعَطَاءِ وَالْخَيْرِ، وَهُوَ فَوْعَل مِنَ الْكَثْرَةِ وَالْوَاوُ زَائِدَةٌ ، انتهى بتصرف من (لسان العرب لابن منظور)

و قد أخذ ابن عباس و سعيد بن جبير، بهذا المعنى اللغوي، على اعتبار عموم اللفظ ، لكل خير دنيوي و أخروي، و من ضمنه نهر الجنة الوارد عن النبي صلى الله عليه وسلم، و الأقوال المتنوعة الأخرى

و لا ريب أن الله تعالى قد أفاض على نبيه الكريم ﷺ من الخيرات العاجلة و الآجلة، الظاهرة و الباطنة ما لا يُعد و لا يحصى، و ما يغني عما فات من الدنيا، و بيان ذلك في اختيار و صف المبالغة " الكوثر"، معرّفاً بال التعريف الدالة على الإستغراق لكافة النعم، مع كمالها، إضافة إلى حذف الموصوف ، ليشمل و يعم

قال تعالى : {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُّبِينًا (1) لِّيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مُّسْتَقِيمًا (2) وَيَنصُرَكَ اللَّهُ نَصْرًا عَزِيزًا (3)} [الفتح : 1-3]

و قال تعالى : {أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ (1) وَوَضَعْنَا عَنكَ وِزْرَكَ (2) الَّذِي أَنقَضَ ظَهْرَكَ (3) وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ (4)} [الشرح : 1-4]

و أما الفاء في لفظ " فصلّ" فهي لترتب الشكر على النعمة، و أفضل الشكر الصلاة؛ فرضها و نفلها، و الذبح ، لله تعالى وحده ، دل عليه الالتفات من ضمير المتكلم، ولام التخصيص في " لربك"
قال تعالى : {قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الأنعام : 162]
و في اختيار لفظ الربوبية إشارة إلى العناية الإلهية بالنبي الكريم صلوات ربي وسلامه عليه، و توليه بالتدبير و النصرة،و إغنائه عن الالتفات اللناس، و فيه تعريض بالمشركين الذين كانوا يصلون و ينحرون لغير الله تعالى

"و انحر" الواو للعطف، أي فصل لربك ، و انحر لربك

وجميع الأقوال الواردة في معنى الصلاة و النحر، هي من باب التمثيل و التنويع، كذكر صلاة العيد و نحر الأضحية في الحج و بغير الحج، أو الأمر بالصلاة ثم النحر يوم الحديبية ، أو في وضعية الصلاة

و القول الأولى الذي قرره ابن جرير، هو عموم الصلاة و النحر شكراً لله تعالى على ما أنعم به، أخذاً بمطلق اللفظ و عمومه

و يساعد على ذلك حذف متعلق كل من الصلاة و النحر ، وانعدام القرينة المخصصة لكل منهما

و كذلك قوله في الآية التالية ﴿إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأبْتَرُ﴾، أخذاً بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، حيث قال : " وأولى الأقوال في ذلك عندي بالصواب أن يقال: إن الله تعالى ذكره أخبر أن مُبغض رسول الله ﷺ هو الأقلّ الأذلّ، المنقطع عقبه، فذلك صفة كل من أبغضه من الناس، وإن كانت الآية نزلت في شخص بعينه"، انتهى كلامه

فقد تعددت الأقوال فيمن نزلت فيه الآية، فقيل العاص بن وائل، و قيل عقبة بن أبي معيط، و قيل جماعة من قريش

و بملاحظة الأسلوب البياني في القرآن الكريم، يتبين لنا مقابلة الكوثر بالأبتر، وتأكيد اختصاص الرسول الكربم بالخير العميم في مقابل انقطاعه التام الكامل عن عدوه و مبغضه

حيث " إنّ " حرف توكيد، للدلالة على أهمية الخبر

" شَانِئَكَ" : شنأ: الشَّنَاءَةُ مِثْلُ الشَّناعةِ: البُغْضُ،الشَّانِئُ: المُبْغِضُ ( لسان العرب لابن منظور)

"هو" ضمير منفصل ، يفيد الاختصاص و التأكيد

" الأبتر" : بتر: البَتْرُ: اسْتِئْصالُ الشَّيْءِ قَطْعًا، بَتَرْتُ الشيءَ بَتْراً: قَطَعَتْهُ قَبْلَ الإِتمام. والانْبتارُ: الانْقِطاعُ ، والأَبْتَرُ: المقطوعُ الذَّنَب مِنْ أَيّ مَوْضِعٍ كَانَ مِنْ جَمِيعِ الدَّوَابِّ؛وَكُلُّ أَمر انْقَطَعَ مِنَ الْخَيْرِ أَثَرُه، فَهُوَ أَبْتَرُ، والأَبْتَرُ: الَّذِي لَا عَقِبَ لَهُ، والأَبْتَرُ: المُعْدِمُ. والأَبْتَرُ: الخاسرُ. والأَبْتَرُ: الَّذِي لَا عُرْوَةَ لَهُ مِنَ المَزادِ والدِّلاء. انتهى ( من لسان العرب لابن منظور)

و قد جاء اللفظ على وزن أفعل التفضيل، للمبالغة في الانقطاع عن كل خير ، و معرفاً بال التعريف للتعيين و التخصيص، كما ذكر ذلك ابن تيمية في تفسيره

فالخير كل الخير في اتباع هدي المصطفى ﷺ، و كلما زاد تمت الخيرات و الهبات من رب السماوات، فمستكثر و مستقل
فاللهم اجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، و ارزقنا الإخلاص في القول والعمل، و حسن الاتباع لسنة المصطفى ، حتى نلقاه على الحوض في جنة عرضها السماوات والأرض

أحسنتِ جدا بارك الله فيكِ وزادكِ علما.
الدرجة:أ

هيئة التصحيح 2 28 رجب 1441هـ/22-03-2020م 10:42 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أمل حلمي (المشاركة 382141)
قوله تعالى: {ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها}
وردت هذه الآيات في سورة الشمس وفيها يقسم الله تعالى بالنفس في قوله: {ونفس وما سواها}:
والنفس هي اسم جنس ومعناها ذات الإنسان، وقد جاءت نكرة للتكثير ولتعم كل نفس.
ما: قيل أن معناها (مَن) لإرادة معنى الوصفية ومعناها والشئ القادر على تسويتها وهذا يدل على تعالى كمال قدرته، وقيل أن (ما) مصدرية فيكون المعنى والنفس وتسويتها، ولكن الراجح هو الأول لأن ما المصدرية تجرد الفعل عن الفاعل وبذلك يخل المعنى فيما بعدها {فألهمها فجورها وتقواها}.
سواها: أي إكمال عقلها ونظرها.
وقوله تعالى: {فألهمها فجورها وتقواها}:
قال الراغب: الإِلهام إيقاع الشيء في الرُوع ويختص ذلك بما كان من جهة الله تعالى وَجهة الملأ الأعلى ويطلق الإِلهام إطلاقاً خاصاً على حدوث علم في النفس بدون تعليم ولا تجربة ولا تفكير فهو علم يحصل من غير دليل سواء ما كان منه وجدانياً كالانسياق إلى المعلومات الضرورية والوجدانية، وما كان منه عن دليل كالتجريبيات والأمور الفكرية والنظرية. وإيثار هذا الفعل هنا ليشمل جميع علوم الإِنسان، ولذلك فهذا اللفظ إن لم يكن من مبتكرات القرآن يكن مما أحياه القرآن لأنه اسم دقيق الدلالة على المعاني النفسية وقليل رواجُ أمثال ذلك في اللغة قبل الإِسلام لقلة خطور مثل تلك المعاني في مخاطبات عامة العرب.
ومعنى الآية أي فهمها أعمال البر وأعمال الفجور، حتى عرف ذلك الجاهل والعاقل.
وقدم الفجور على التقوى لأن إلهامه بهذا المعنى من مبادىء تجنبه وهو تخلية والتخلية مقدمة على التحلية، وقيل قدمها لمراعاة الفواصل.
قوله تعالى: {قد أفلح من زكاها}
زكى نفسه: أي أعلاها وأنماها بالطاعة والبر والصدقة واصطناع المعروف.
وأصل التزكية: الزيادة، ومنه يقال زكا الزرع إذا كثر ريعه، وزكت النفقة إذا بورك فيها، ومنه زكاة الرجل عن ماله لأنها تُثمر ماله وتنميه.
قوله تعالى: {وقد خاب من دساها}
دساها: أصلها دسست والتدسية معناها النقص والاخفاء.
قال الشاعر:
ودسست عمراً في التراب فأصبحت حلائله منه أرامل ضيعا

ومعنى الآية خاب وخسر من دسى نفسه أي نقصها وأخفاها بترك عمل البر وبركوب المعاصي، وقيل المعنى دساها أي أخفاها في أهل الخير بالرياء.
والله تعالى وأعلم

المصادر:
مشكل القرآن
تفسير التحرير والتنوير
روح المعاني للألوسي
الكشاف للزمخشري
البحر المحيط لابن حيان

أحسنتِ بارك الله فيكِ، لم تبيني لفظة ( قد) في الآيات وأثرها على المعنى وسبب تكرارها، وأن قوله تعالى:( قد أفلح من زكاها) هي جواب القسم.
وفي تفسير الشنقيطي مزيد بيان.
الدرجة:ب

وسام عاشور 4 شعبان 1441هـ/28-03-2020م 11:50 PM

رسالة في الأسلوب البياني في آيات سورة الذاريات
"وَالسَّمَاء بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ (47) وَالأَرْضَ فَرَشْنَاهَا فَنِعْمَ الْمَاهِدُونَ (48) وَمِن كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ" (49)"

مقدمة
لما بين المولى عز وجل مصارع الأمم السابقة لما كذبت رسلها انتقل إلى بيان أدلة الوحدانية وإثبات البعث والنشور
فجاءت الآيات وكأنها جملة اعتراضية بين جملة (وقوم نوح من قبل..) وبين جملة (كذلك ما أتى الذين من قبلهم)


وَالسَّمَاء بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ (47)
سبب نصب السماء:
لأنها معطوفة على جملة فعلية (هل أتاك حديث...)، ومثلها (وعاداً وثمودً..) أي هل وأتاك حديث عاد وثمود، فهي جملة فعلية أيضاً أضمر فعلها والتقدير (وبنينا السماء بنيناها بأيد)، ذكره الأندلسي

دلالة تقدم الاستدلال ببناء السماء قبل فرش الأرض:
لأنها أعظم مخلوق يشاهده الناس فهذا الخلق الذي عاينوا أثره ولم يشاهدوا كيفيته ينبئ عن خالق عظيم
، ثم عطف عليه خلق الأرض كضدين، ثم عطف عليهما خلق الأجناس التي تعيش بينهما
*وفي ذلك فائدة ذكرها الفخر الرزاي أن رفع السماء مقدم على بسط الرض

دلالة استخدام لفظ البناء مع السماء:في ذلك عدة أوجه ذكرها الفخر الرازي
1-أن البناء يكون ثابتاً فالسماء ثابتة إلى قيام الساعة لم تتبدل ولم يعدم منها جزء، اما الأرض فهي متبدلة غير ثابتة فكم منها صار بحراً أو عاد أرضاً منذ خلقها الله
2-أن لفظ البناء للمرفوع أليق، أما الأرض مبسوطة
3-قيل إن السماء مسكن الأرواح والبناء أليق بالمسكن، أما الأرض فموضع الأعمال

الحكمة من تقدم المفعول على الفعل:
للاهتمام به فتقديم السماء هو تقديم الدليل على عظمة الخالق، والمعنى (تلك السماء عظيمة البناء الله وحده بانيها فاعرفوه بها إن كنتم لا تعرفوه)، ذكره الفخر الرزاي
*ثم زاده تقوية بأن تعلق المفعول بفعله مرتين مرة بنفسه ومرة بضميره (ذكره ابن عاشور)

الحكمة من استخدام صيغة الجمع في سياق اثبات الوحدانية (فلم يقل بنيتها أو بناها):
الجمع هنا جمع تعظيم وهو أدل على نفي الشريك، لأنه لا يتوهم أن ما يعبدون من الأصنام بنت من السماء شيئاً، فالمعنى (بنينا نحن، ونحن غير ما يدعون، لأن كل ما هو دون السماء لا يصلح أن يكون خالقها وبانيها)
1-لما كان الكلام موجه للإنسان فالإنسان يقيس الوجاهة والعظمة في جنسه بأن العظيم لديهم لا يباشر شيئاً بنفسه وإنما يفعله خدمه وجنده، ولله المثل الأعلى فيٌقاس الشاهد على الغائب
2-أن الفعل إذا وقع من الله لا يملك أحد رده فيقال فعلنا بدل فعلت لأن الكل له منقاد لا راد لما يرد

المراد بأيد:

-أصلها جمع يد ويشهد له قول الله تعالى:
".... لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ....(75 ص", "... مِّمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا... (71)يس"
-ثم كثر اطلاقه حتى صار اسما ً للقوة ويشهد له قول الله تعالى:
"...وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُودَ ذَا الْأَيْد...ِ (17)"
-والمعنى بنيناها بقدرة لا يقدر عليها أحد

لماذا لم يقل بأيدينا كما في آية يس؟ فاكتفى هنا بالإشارة للقوة فقط:
والسبب أن السماء لا يخطر ببال أحد انها مخلوقة لغير الله فلا ضرورة لذكر (بأيدينا)
، أما الأنعام فليست كذلك فلزم التأكيد على كونها مخلوقة من الله فجاءت بأيدينا كما في آية يس (ذكره الفخر الرازي)

دلالة التوكيد في (وإنا لموسعون):
جاءت الواو اعتراضية ثم جاء التوكيد بالنون واللام، لتنزيل المخاطبين منزلة من ينكر سعة قدرة الله بزعمهم استحالة البعث

المراد ب (موسعون):
هي اسم فاعل من أوسع , والمراد به إما:
1-السعة المكانية: فصارت الأرض وما يحيط بها من ماء وهواء بالنسبة للسماء كحلقة في فلاة
واستخدام لفظ السعة بهذا المعنى فيه دلالة على عظم خلق السماء وأنها على ترامي أطرافها بلا عمد

2-القدرة: قال تعالى:" لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا..."البقرة (286)
ومتعلق القدرة هنا إما يكون رفع السماء، وأما احياء الموتى
قال تعالى:" أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَىٰ أَن يَخْلُقَ مِثْلَهُم ۚ بَلَىٰ وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ (81)"يس

3-السعة في الرزق: فتكون في سياق الامتنان ويكون المعنى(وإنا لموسعون بالرزق على الخلق) كما نقله غير واحد عن الحسن
ولا جرم فقد سبق الإشارة للرزق في ذات السورة قال تعالى:" وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ (22)", وختمت السورة كذلك بالإشارة للرزق " مَا أُرِيدُ مِنْهُم مِّن رِّزْقٍ...(57) نَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ" (58)

وَالأَرْضَ فَرَشْنَاهَا فَنِعْمَ الْمَاهِدُونَ (48)
سبب نصب الأرض:
هو نفسه سبب نصب السماء وهو كونها معطوفة على جمل فعلية، والمعنى (وفرشنا الأرض فرشناها..)

معنى الفرش:
الفرش مجاز عن البسط والتسوية والمعنى مهدناها وبسطناها لتستقروا عليها

دلالة استخدام لفظ الفرش مع الأرض:
-فيه دلالة على رحمة الله بعبادة إذ جعلها مبسوطة ميسورة للسكنى والبناء والإقامة والمشي...
-وروعي في وصف الأرض ما يبدو للإنسان من سطحها، وما ينتفع به منها

الحكمة من تقدم المفعول على الفعل:

هي نفسها الحكمة من تقدم المفعول في السماء (على فعلها وهو البناء) وهو الاهتمام بها فتعلق المفعول بفعله كذلك مرتين مرة بنفسه ومرة بضميره

الحكمة من استخدام صيغة الجمع في سياق اثبات الوحدانية:
قلنا كما في الآية السابقة أن صيغة الجمع هنا ادل على نفي الشريك وأبين في اثبات الوحدانية

معنى الماهدون:

الماهد هو المهيء والموطيء للموضع الذي يتمهد ويفترش (ذكره الأندلسي)

المخصوص بالمدح في (فنعم الماهدون):

-أي فنعم الماهدون ماهدوها، أو فنعم الماهدون نحن، فالمولى عز وجل هو المخصوص بالمدح المقدر
-والمراد منه تلقين الناس الثناء على الله

الحكمة من عدم تكرار بأيد:
لدلالة ما قبله عليه

وَمِن كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ" (49)
المراد بالشيء:
هو الجنس وأقل ما يكون تحت الجنس نوعان

المراد بالزوجين:
قيل المراد به على قولين:
1-الذكر والأنثى: أي من الآدميين دون غيرهم، قول ابن زيد
2-سائر المخلوقات من آدميين وغيرهم من الألوان والثمار والجمادات: قول مجاهد، وهو إما ضدين أو متشاكلين (ذكره ابن كثير والعيني والقسطلاني والعسقلاني...وغيرهم)
كالسماء والأرض -النهار والليل -الشمس والقمر -البر والبحر -الموت والحياة -الأسود والأبيض -مر وحامض ورجح الطبري القول الثاني

دلالة استخدام فعل الخلق:
-فيه دلالة على الوحدانية والتفرد بالألوهية وكمال القدرة، فالله قادر على خلق زوجين من نفس الجنس
-وفيه كذلك امتنان برحمة الله بعبيده إذ لو خلق كل الأجناس نوعا واحد لوقع الالتباس ولتعطلت مصالح العباد

دلالة استخدام لعلكم تذكرون:
-الجملة هنا تعليل لجملة (ومن كل شيء خلقنا زوجين)
-والغاية من ذلك هي التذكر وليس غيره وفي ذلك عدة أوجه:
1-أن خالق الأزواج لا يكون له زوج غلا فهو مخلوق لا خالق
2-أن من له هذا الكمال والتفرد في خلق الأزواج من كل الأجناس لا يعجزه إحياء الموتى من بقايا ورفات فهو أهون عليه جل وعلى
3-الترجي هنا للتذكر والتفكر في الفرق بين الممكن الغير مألوف والمستحيل فلا يحمل العبد قلة الاعتياد على استبعاد ما هو ممكن، فهو ممكن لكنكم ما ألفتموه، فقد رأيتم من قبل ما هو غريب وعجيب وهو أن خلق الله من كل زوجين اثنين من كل الأجناس وهو أمر عجيب، لكنكم ألفتموه وكذلك البعث أمر عجيب لكنكم ما ألفتموه لكنه ممكن وهين وليس مستحيل

خاتمة:
بعد أن قدم الله لمنكري الوحدانية ومنكري البعث والنشور الأدلة القاطعة والدامغة أردف بقوله تعالى:
" فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ ۖ إِنِّي لَكُم مِّنْهُ نَذِيرٌ مُّبِينٌ (50) وَلَا تَجْعَلُوا مَعَ اللَّهِ إِلَٰهًا آخَرَ ۖ إِنِّي لَكُم مِّنْهُ نَذِيرٌ مُّبِينٌ (51)
أمر العباد بما يستوجبه التذكر والتفكر فيما أمر أدلة وبراهين، وهذا يستوجب الفرار إلى الله بالإنابة وأن يفرد الله بالعباد وينزهه عن الشريك والند سبحانه وتعالى عما يصفون

المراجع:
الكتب:
- مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير: للفخر الرازي (ت: 606هـ)
- -التحرير والتنوير للطاهر بن عاشور التونسي (ت:1393 هـ)
- الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل: للزمخشري (ت: 538هـ)
- حَاشِيةُ الشِّهَابِ عَلَى تفْسيرِ البَيضَاوِي: لشهاب الدين الخفاجي (ت: 1069هـ)


مواقع وبرامج:
موقع جمهرة العلوم
المكتبة الشاملة

هيئة التصحيح 2 6 شعبان 1441هـ/30-03-2020م 09:08 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة وسام عاشور (المشاركة 383270)
رسالة في الأسلوب البياني في آيات سورة الذاريات
"وَالسَّمَاء بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ (47) وَالأَرْضَ فَرَشْنَاهَا فَنِعْمَ الْمَاهِدُونَ (48) وَمِن كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ" (49)"

مقدمة
لما بين المولى عز وجل مصارع الأمم السابقة لما كذبت رسلها انتقل إلى بيان أدلة الوحدانية وإثبات البعث والنشور
فجاءت الآيات وكأنها جملة اعتراضية بين جملة (وقوم نوح من قبل..) وبين جملة (كذلك ما أتى الذين من قبلهم)


وَالسَّمَاء بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ (47)
سبب نصب السماء:
لأنها معطوفة على جملة فعلية (هل أتاك حديث...)، ومثلها (وعاداً وثمودً..) أي هل وأتاك حديث عاد وثمود، فهي جملة فعلية أيضاً أضمر فعلها والتقدير (وبنينا السماء بنيناها بأيد)، ذكره الأندلسي

دلالة تقدم الاستدلال ببناء السماء قبل فرش الأرض:
لأنها أعظم مخلوق يشاهده الناس فهذا الخلق الذي عاينوا أثره ولم يشاهدوا كيفيته ينبئ عن خالق عظيم
، ثم عطف عليه خلق الأرض كضدين، ثم عطف عليهما خلق الأجناس التي تعيش بينهما
*وفي ذلك فائدة ذكرها الفخر الرزاي أن رفع السماء مقدم على بسط الرض

دلالة استخدام لفظ البناء مع السماء:في ذلك عدة أوجه ذكرها الفخر الرازي
1-أن البناء يكون ثابتاً فالسماء ثابتة إلى قيام الساعة لم تتبدل ولم يعدم منها جزء، اما الأرض فهي متبدلة غير ثابتة فكم منها صار بحراً أو عاد أرضاً منذ خلقها الله
2-أن لفظ البناء للمرفوع أليق، أما الأرض مبسوطة
3-قيل إن السماء مسكن الأرواح والبناء أليق بالمسكن، أما الأرض فموضع الأعمال

الحكمة من تقدم المفعول على الفعل:
للاهتمام به فتقديم السماء هو تقديم الدليل على عظمة الخالق، والمعنى (تلك السماء عظيمة البناء الله وحده بانيها فاعرفوه بها إن كنتم لا تعرفوه)، ذكره الفخر الرزاي
*ثم زاده تقوية بأن تعلق المفعول بفعله مرتين مرة بنفسه ومرة بضميره (ذكره ابن عاشور)

الحكمة من استخدام صيغة الجمع في سياق اثبات الوحدانية (فلم يقل بنيتها أو بناها):
الجمع هنا جمع تعظيم وهو أدل على نفي الشريك، لأنه لا يتوهم أن ما يعبدون من الأصنام بنت من السماء شيئاً، فالمعنى (بنينا نحن، ونحن غير ما يدعون، لأن كل ما هو دون السماء لا يصلح أن يكون خالقها وبانيها)
1-لما كان الكلام موجه للإنسان فالإنسان يقيس الوجاهة والعظمة في جنسه بأن العظيم لديهم لا يباشر شيئاً بنفسه وإنما يفعله خدمه وجنده، ولله المثل الأعلى فيٌقاس الشاهد على الغائب
2-أن الفعل إذا وقع من الله لا يملك أحد رده فيقال فعلنا بدل فعلت لأن الكل له منقاد لا راد لما يرد

المراد بأيد:

-أصلها جمع يد ويشهد له قول الله تعالى:
".... لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ....(75 ص", "... مِّمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا... (71)يس"
-ثم كثر اطلاقه حتى صار اسما ً للقوة ويشهد له قول الله تعالى:
"...وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُودَ ذَا الْأَيْد...ِ (17)"
-والمعنى بنيناها بقدرة لا يقدر عليها أحد

لماذا لم يقل بأيدينا كما في آية يس؟ فاكتفى هنا بالإشارة للقوة فقط:
والسبب أن السماء لا يخطر ببال أحد انها مخلوقة لغير الله فلا ضرورة لذكر (بأيدينا)
، أما الأنعام فليست كذلك فلزم التأكيد على كونها مخلوقة من الله فجاءت بأيدينا كما في آية يس (ذكره الفخر الرازي)

دلالة التوكيد في (وإنا لموسعون):
جاءت الواو اعتراضية ثم جاء التوكيد بالنون واللام، لتنزيل المخاطبين منزلة من ينكر سعة قدرة الله بزعمهم استحالة البعث

المراد ب (موسعون):
هي اسم فاعل من أوسع , والمراد به إما:
1-السعة المكانية: فصارت الأرض وما يحيط بها من ماء وهواء بالنسبة للسماء كحلقة في فلاة
واستخدام لفظ السعة بهذا المعنى فيه دلالة على عظم خلق السماء وأنها على ترامي أطرافها بلا عمد

2-القدرة: قال تعالى:" لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا..."البقرة (286)
ومتعلق القدرة هنا إما يكون رفع السماء، وأما احياء الموتى
قال تعالى:" أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَىٰ أَن يَخْلُقَ مِثْلَهُم ۚ بَلَىٰ وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ (81)"يس

3-السعة في الرزق: فتكون في سياق الامتنان ويكون المعنى(وإنا لموسعون بالرزق على الخلق) كما نقله غير واحد عن الحسن
ولا جرم فقد سبق الإشارة للرزق في ذات السورة قال تعالى:" وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ (22)", وختمت السورة كذلك بالإشارة للرزق " مَا أُرِيدُ مِنْهُم مِّن رِّزْقٍ...(57) نَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ" (58)

وَالأَرْضَ فَرَشْنَاهَا فَنِعْمَ الْمَاهِدُونَ (48)
سبب نصب الأرض:
هو نفسه سبب نصب السماء وهو كونها معطوفة على جمل فعلية، والمعنى (وفرشنا الأرض فرشناها..)

معنى الفرش:
الفرش مجاز عن البسط والتسوية والمعنى مهدناها وبسطناها لتستقروا عليها

دلالة استخدام لفظ الفرش مع الأرض:
-فيه دلالة على رحمة الله بعبادة إذ جعلها مبسوطة ميسورة للسكنى والبناء والإقامة والمشي...
-وروعي في وصف الأرض ما يبدو للإنسان من سطحها، وما ينتفع به منها

الحكمة من تقدم المفعول على الفعل:

هي نفسها الحكمة من تقدم المفعول في السماء (على فعلها وهو البناء) وهو الاهتمام بها فتعلق المفعول بفعله كذلك مرتين مرة بنفسه ومرة بضميره

الحكمة من استخدام صيغة الجمع في سياق اثبات الوحدانية:
قلنا كما في الآية السابقة أن صيغة الجمع هنا ادل على نفي الشريك وأبين في اثبات الوحدانية

معنى الماهدون:

الماهد هو المهيء والموطيء للموضع الذي يتمهد ويفترش (ذكره الأندلسي)

المخصوص بالمدح في (فنعم الماهدون):

-أي فنعم الماهدون ماهدوها، أو فنعم الماهدون نحن، فالمولى عز وجل هو المخصوص بالمدح المقدر
-والمراد منه تلقين الناس الثناء على الله

الحكمة من عدم تكرار بأيد:
لدلالة ما قبله عليه

وَمِن كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ" (49)
المراد بالشيء:
هو الجنس وأقل ما يكون تحت الجنس نوعان

المراد بالزوجين:
قيل المراد به على قولين:
1-الذكر والأنثى: أي من الآدميين دون غيرهم، قول ابن زيد
2-سائر المخلوقات من آدميين وغيرهم من الألوان والثمار والجمادات: قول مجاهد، وهو إما ضدين أو متشاكلين (ذكره ابن كثير والعيني والقسطلاني والعسقلاني...وغيرهم)
كالسماء والأرض -النهار والليل -الشمس والقمر -البر والبحر -الموت والحياة -الأسود والأبيض -مر وحامض ورجح الطبري القول الثاني

دلالة استخدام فعل الخلق:
-فيه دلالة على الوحدانية والتفرد بالألوهية وكمال القدرة، فالله قادر على خلق زوجين من نفس الجنس
-وفيه كذلك امتنان برحمة الله بعبيده إذ لو خلق كل الأجناس نوعا واحد لوقع الالتباس ولتعطلت مصالح العباد

دلالة استخدام لعلكم تذكرون:
-الجملة هنا تعليل لجملة (ومن كل شيء خلقنا زوجين)
-والغاية من ذلك هي التذكر وليس غيره وفي ذلك عدة أوجه:
1-أن خالق الأزواج لا يكون له زوج غلا فهو مخلوق لا خالق
2-أن من له هذا الكمال والتفرد في خلق الأزواج من كل الأجناس لا يعجزه إحياء الموتى من بقايا ورفات فهو أهون عليه جل وعلى
3-الترجي هنا للتذكر والتفكر في الفرق بين الممكن الغير مألوف والمستحيل فلا يحمل العبد قلة الاعتياد على استبعاد ما هو ممكن، فهو ممكن لكنكم ما ألفتموه، فقد رأيتم من قبل ما هو غريب وعجيب وهو أن خلق الله من كل زوجين اثنين من كل الأجناس وهو أمر عجيب، لكنكم ألفتموه وكذلك البعث أمر عجيب لكنكم ما ألفتموه لكنه ممكن وهين وليس مستحيل

خاتمة:
بعد أن قدم الله لمنكري الوحدانية ومنكري البعث والنشور الأدلة القاطعة والدامغة أردف بقوله تعالى:
" فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ ۖ إِنِّي لَكُم مِّنْهُ نَذِيرٌ مُّبِينٌ (50) وَلَا تَجْعَلُوا مَعَ اللَّهِ إِلَٰهًا آخَرَ ۖ إِنِّي لَكُم مِّنْهُ نَذِيرٌ مُّبِينٌ (51)
أمر العباد بما يستوجبه التذكر والتفكر فيما أمر أدلة وبراهين، وهذا يستوجب الفرار إلى الله بالإنابة وأن يفرد الله بالعباد وينزهه عن الشريك والند سبحانه وتعالى عما يصفون

المراجع:
الكتب:
- مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير: للفخر الرازي (ت: 606هـ)
- -التحرير والتنوير للطاهر بن عاشور التونسي (ت:1393 هـ)
- الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل: للزمخشري (ت: 538هـ)
- حَاشِيةُ الشِّهَابِ عَلَى تفْسيرِ البَيضَاوِي: لشهاب الدين الخفاجي (ت: 1069هـ)


مواقع وبرامج:
موقع جمهرة العلوم
المكتبة الشاملة

أحسنتِ جدا بارك الله فيكِ، يبقى مأخذ واحد وهو أن تربطي بين المسائل بأسلوبك وتخرجيها بصورة رسالة حتى لا تأخذ صورة التلخيص.
الدرجة:ب+


الساعة الآن 01:49 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir