معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد

معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد (http://afaqattaiseer.net/vb/index.php)
-   كشف الشبهات (http://afaqattaiseer.net/vb/forumdisplay.php?f=33)
-   -   الجواب الثاني: أن من جحد التوحيد فهو أعظم كفراً ممن جحد الصلاة والصيام (http://afaqattaiseer.net/vb/showthread.php?t=282)

عبد العزيز الداخل 2 ذو القعدة 1429هـ/31-10-2008م 02:02 AM

الجواب الثاني: أن من جحد التوحيد فهو أعظم كفراً ممن جحد الصلاة والصيام
 
وَيُقالُ:
إِذَا كُنْتَ تُقِرُّ أَنَّ مَنْ صَدَّقَ الرَّسُولَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في كُلِّ شَيْءٍ وَجَحَدَ وُجُوبَ الصَّلاةِ فهو كَافِرٌ حَلالُ الدَّمِ وَالمَالِ بالإِجْمَاعِ، وَكَذَلِكَ إِذَا أَقَرَّ بِكُلِّ شَيْءٍ إِلاَّ البَعْثَ، وَكَذَلِكَ لَوْ جَحَدَ وُجُوبَ صَوْمِ رَمَضَانَ وَصَدَّق بِذَلِكَ كلِّه، لا يُجحدُ هذا ولا تَخْتَلِفُ المَذَاهِبُ فِيهِ، وَقَدْ نَطَقَ بِهِ القُرْآنُ كَمَا قَدَّمْنَا.

فَمَعْلُومٌ أَنَّ التَّوْحِيدَ هُوَ أَعْظَمُ فَرِيضَةٍ جَاءَ بِهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،وهُوَ أَعْظَمُ مِن الصَّلاةِ، وَالزَّكاةِ، وَالصَّوْمِ، وَالحجِّ، فَكَيْف إذَا جَحَدَ الإِنْسَانُ شَيْئاً مِنْ هَذِهِ الأُمُورِ كَفَرَ وَلَوْ عَمِلَ بِكُلِّ ما جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ وَإِذَا جَحَدَ التَّوْحِيدَ الَّذِي هُو دِينُ الرُّسُلِ كُلِّهِمْ لا يَكْفُرُ؟ سُبحانَ اللهِ، ما أَعْجَبَ هذا الجَهْلَ.

مسلمة 12 30 ذو القعدة 1429هـ/28-11-2008م 07:57 PM

شرح سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ
 
(5) (وَيُقَالُ أَيْضًا) هَذَا جَوَابٌ ثَانٍ للشُّبْهَةِ السَّابِقَةِ (إِذَا كُنْتَ تُقِرُّ أَنَّ مَنْ صَدَّقَ الرَّسُولَ فِي كُلِّ شَيْءٍ وَجَحَدَ وُجُوبَ الصَّلاَةِ فهو كَافِرٌ حَلاَلُ الدَّمِ والمَالِ بالإِجْمَاعِ، وَكَذَلِكَ إِذَا أَقَرَّ بكُلِّ شَيْءٍ إِلاَّ البَعْثَ، وَكَذَلِكَ لَوْ جَحَدَ صَوْمَ رَمَضَانَ وَصَدَّقَ بِذَلِكَ كُلِّهِ لاَ يَجْحَدُ) الخَصْمُ (هَذَا) لاَ يُنْكِرُ مَا قُرِّرَ مِن وُجُوبِ هَذِه المَذْكُورَاتِ وَلاَ يَسْتَقِيمُ الإِسْلاَمُ، بل يَنْتَقِلُ الإِسْلاَمُ كُلُّهُ وَيَزُولُ مِن أَسَاسِهِ (وَلاَ تَخْتَلِفُ المَذَاهِبُ فِيهِ) لاَ تَخْتَلِفُ المَذَاهِبُ في أَنَّ جَحْدَ وُجُوبِ واحِدٍ منها كَافٍ في انْتِكَاسِ العَبْدِ وَأَنَّهُ كَافِرٌ بالإِجْمَاعِ (وَقَدْ نَطَقَ بِهِ القُرْآنُ كَمَا قَدَّمْنَا) أَنَّ مَنْ آمَنَ بِبَعْضٍ وَكَفَرَ بِبَعْضٍ فهو الكَافِرُ حَقًّا.(فَمَعْلُومٌ أَنَّ التَّوْحيدَ هو أَعْظَمُ فَرِيضَةٍ جَاءَ بِهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وهو أَعْظَمُ) مِن فَرِيضَةِ (الصَّلاَةِ والزَّكَاةِ والصَّوْمِ والحَجِّ) وتَصْدِيقُهُ بِكُلِّ مَا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لاَ يَنْفَعُهُ ولاَ يُجْدِي عَلَيْهِ.

(6) (فَكَيْفَ إِذَا جَحَدَ الإِنْسَانُ شَيْئًا مِن هَذِه الأُمُورِ كَفَرَ وَلَوْ عَمِلَ بِكُلِّ مَا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَإِذَا جَحَدَ التَّوْحِيدَ الَّذِي هو دِينُ الرُّسُلِ كُلِّهِم لاَ يَكْفُرُ)؟! فَإِذَا كَانَ هَذَا فِيمَنْ جَحَدَ واحِدًا مِن أَرْكَانِ الإِسْلاَمِ فَكَيْفَ بِمَنْ جَحَدَ التَّوْحِيدَ الَّذِي هو أَسَاسُ المِلَّةِ والدِّينِ؟! فَإِنَّهُ أَعْظَمُ، فَلاَ يَنْفَعُهُ تَصْدِيقُهُ بِكُلِّ مَا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَيْثُ جَحَدَ الأَصْلَ، إِذَا صَارَ جَحْدُ فَرْعٍ مِنْ فُرُوعِ الدِّينِ كُفْرًا فَكَيْفَ بِجَحْدِ الأَصْلِ وهو التَّوْحِيدُ؟
فَلَوْ قُدِّرَ -وهو لاَ يَكُونُ- أَنَّ هَذِه الفُرُوعَ كُلَّهَا مِنَ الصَّلاَةِ وَمَا بَعْدَهَا لَيْسَ بِمَعْصِيَةٍ وَلاَ عَظِيمَةٍ لَكَانَ جَحْدُ التَّوْحِيدِ كُفْرًا بِرَأْسِهِ، فَكَيْفَ وهو الأَصْلُ؟
فَإِنَّ هَذَا الجَهْلَ بِمَكانٍ لاَ يَجْحَدُ هَذَا الخَصْمُ أَنَّهُ يُخْرِجُ مِنَ الإِسْلاَمِ بِمُفْرَدِهِ؛ يَجْعَلُونَ مَن يَهْدِمُ أَسَاسَ الدِّينِ صَبَاحًا ومَسَاءً أَنَّهُ مُسْلِمٌ لِكَوْنِهِ يَدَّعِي الإِسْلاَمَ، والَّذِي يَجْحَدُ وُجُوبَ الزَّكَاةِ وَلَوْ كَانَ يُؤَدِّيهَا كَافِرٌ بالإِجْمَاعِ! (سُبْحَانَ اللهِ، مَا أَعْجَبَ هَذَا الجَهْلَ!) فَإِنَّ جَهْلَ هَؤُلاَءِ مِن أَعْجَبِ الجَهْلِ، كَوْنُ الوَاحِدِ مِنْهُم يُقِرُّ أَنَّ جَحْدَ الصَّلاَةِ كُفْرٌ بالإِجْمَاعِ أو جَحْدَ غَيْرِهَا مِن أَرْكَانِ الإِسْلاَمِ كُفْرٌ، وَجَحْدَ التَّوْحِيدِ لَيْسَ بِكُفْرٍ؟! فَلَوْ قُدِّرَ أَنَّهَا لاَ تُكَفِّرُ -وهو لاَ يُقَدَّرُ- فالتَّوْحِيدُ وَحْدَهُ يُكَفِّرُ؛ والدَّلِيلُ أنَّ الأَصْلَ لاَ يَزُولُ بِزَوَالِ الفَرْعِ بِخَلاَفِ الفَرْعِ فَإِنَّهُ يَزُولُ بِزَوَالِ أَصْلِهِ؛ كالحَائِطِ والشَّجَرَةِ إِذَا زَالَ أَصْلُهُ زَالَ فَرْعُهُ.

فالحَاصِلُ أَنَّهُ لَوْ قُدِّرَ أَنَّ التَّوْحِيدَ بَعْضُ المَذْكُورَاتِ لَكَانَ جَحْدُه كُفْرًا، فَكَيْفَ وهو أَسَاسُ ذَلِكَ كُلِّهِ؟! بل التَّوْحِيدُ قَدْ يَكْفِي وَحْدَهُ في إِسْلاَمِ العَبْدِ ودُخُولِهِ الجَنَّةَ؛ فَإِنَّهُ إِذَا تَكَلَّمَ بِكَلِمَةِ التَّوْحِيدِ ثُمَّ تُوُفِّيَ قَبْلَ وُجُوبِ شَيْءٍ مِن الفُرُوعِ عَلَيْهِ كَفَى التَّوْحِيدُ وَحْدَهُ؛ فالتَّوْحِيدُ لَيْسَ فَقِيرًا إِلَيْهَا، بل هي الفَقِيرَةُ إِلَيْهِ في صِحَّتِهَا.

فَلاَ أَعْجَبَ وَلاَ أَقْبَحَ ولا أَعْظَمَ مِمَّنْ جَهِلَ هَذَا، فَإِذَا كَانَ مُقِرًّا أَنَّ مَن جَحَدَ شَيْئًا مِن هَذِه الفُرُوعِ فَهُو كَافِرٌ، وهو لاَ يَجْحَدُ هَذَا، وَإِذَا جَحَدَ التَّوْحِيدَ الَّذِي هو الأَصْلُ وَمَا بَعْدَهُ فَرْعٌ عَنْهُ لاَ يَكْفُرُ، فَلاَ أَعْجَبَ مِن جَهْلِ مَنْ جَهِلَ هَذَا.

مسلمة 12 30 ذو القعدة 1429هـ/28-11-2008م 07:58 PM

شرح فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين
 
(6) قولُهُ: (ويُقالُ أيضًا: إذا كُنْتَ تُقِرُّ أنَّ مَنْ صَدَّقَ الرَّسولَ...) إلخ، هذا جوابٌ ثانٍ، فإنَّ مَضْمونَهُ أنَّكَ إذا عَرَفْتَ وأَقْرَرْتَ بأنَّ مَنْ جَحَدَ الصَّلاةَ والزَّكاةَ والصِّيامَ والحجَّ والبعثَ كافرٌ باللهِ العظيمِ، ولوْ أقَرَّ بكُلِّ ما جاءَ بهِ الرَّسولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ سِوى ذلكَ، فَكيفَ تُنْكِرُ أنْ يَكُونَ مَنْ جَحَدَ التَّوحيدَ وأَشْرَكَ باللهِ تعالى كافرًا؟
إنَّ هذا لَشيءٌ عجيبٌ؛ أنْ تَجْعَلَ مَنْ جَحَدَ التَّوحيدَ مُسلمًا، ومَنْ جَحَدَ وجوبَ هذهِ الأشياءِ كافرًا، معَ أنَّ التَّوحيدَ هوَ أَعْظَمُ ما جاءَتْ بهِ الرُّسلُ عليهم الصَّلاةُ والسلامُ، وهو أَعَمُّ ما جاءَتْ بهِ الرُّسلُ، فجميعُ الرُّسلِ قدْ أُرْسِلَتْ بهِ، كما قالَ تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلاَّ نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدُونِ}[ الأنبياءُ: 25 ].
وهوَ أصلُ هذهِ الواجباتِ الَّتي يَكْفُرُ مَنْ أَنْكَرَ وُجُوبَها؛ إذ لا تَصِحُّ إلاَّ بهِ، كما قالَ اللهُ تعالى: {وَلَقَدْ أُوْحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الخَاسِرِينَ (65) بَلِ اللهَ فَاعْبُدْ وَكُن مِّنَ الشَّاكِرِينَ}[الزُّمَرُ: 65، 66].

فإذا كانَ مَنْ أَنْكَرَ وجوبَ الصَّلاةِ أو الزَّكاةِ أو الصَّومِ أو الحجِّ، أوْ أَنْكَرَ البعثَ كافرًا، فمُنْكِرُ التَّوحيدِ أشَدُّ كُفرًا وأَبْيَنُ وأَظْهَرُ.

مسلمة 12 30 ذو القعدة 1429هـ/28-11-2008م 07:58 PM

شرح فضيلة الشيخ صالح الفوزان ( م )
 
(1) مَازَالَ الشَّيْخُ -رَحِمَهُ اللهُ- يُوَاصِلُ الرَّدَّ عَلَى شُبُهَاتِ المُشَبِّهِينَ في مَسْأَلَةِ الشِّرْكِ والتَّوْحِيدِ، فانْتَهَى إِلَى هَذِه الشُّبْهَةِ العَظِيمَةِ الَّتِي هي مِن أَعْظَمِ شُبَهِهِم وأَخْطَرِهَا، أَلاَ وهي قَوْلُهُم: (إنَّ مَن شَهِدَ أَن لاَ إِلَهَ إلاَّ اللهُ وأنَّ
مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، وصَلَّى وَصَامَ وحَجَّ وأَدَّى الأَعْمَالَ أَنَّه لاَ يَكْفُرُ ولو فَعَلَ مَا فَعَلَ مِن أَنْوَاعِ الرِّدَّةِ.
أَمَّا الَّذِينَ نَزَلَ فيهم القُرْآنُ وهم المُشْرِكُونَ الأَوَّلُونَ فإنَّهم لَيْسُوا مِثْلَ هَؤُلاَءِ، فَهُم لَمْ يَشْهَدُوا أَن لاَ إِلَهَ إلاَّ اللهُ وأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، ولَمْ يَدْخُلُوا فِي الإِسْلاَمِ، فَهُم لاَ يُؤْمِنُونَ باللهِ ولاَ بالرَّسُولِ ولاَ بالإِسْلاَمِ ولاَ بالقُرْآنِ.
أَمَّا هَؤُلاَءِ فأَظْهَرُوا الإِيمَانَ بالبَعْثِ ويُصَلُّونَ ويَصُومُونَ ويَحُجُّونَ ويُزَكُّونَ ويَذْكُرُونَ اللهَ كَثِيرًا، فالشَّيْخُ -رَحِمَهُ اللهُ- عِنْدَ هذه الشُّبْهَةِ خَاصَّةً قَالَ: أَصْغِ سَمْعَكَ لِجَوَابِهَا؛ فإِنَّها مِن أَعْظَمِ شُبَهِهِم.

فالشَّيْخُ رَدَّ عَلَى هَذِه الشُّبْهَةِ مِن سِتَّةِ وُجُوهٍ مُهِمَّةٍ:
الوَجْهُ الأَوَّلُ:أَنَّه مَن آمَنَ بِبَعْضِ الأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ وكَفَرَ بِبَعْضِهَا الآخَرِ فهو كَافِرٌ بالجَمِيعِ؛ لأَِنَّهُم أَنْكَرُوا التَّوْحِيدَ الَّذي جَاءَتْ بِهِ الرُّسُلُ وهو إِفْرَادُ اللهِ بالعِبَادَةِ، فَهَؤُلاَءِ لَمْ يُفْرِدُوا اللهَ بالعِبَادَةِ، وإِنَّمَا أَشْرَكُوا مَعَهُ غَيْرَه مِن الأَوْلِيَاءِ والصَّالِحِين.

فالإِسْلاَمُ لاَ يَقْبَلُ التَّجْزِئَةَ ولاَ التَّفْرِقَةَ،وأَعْظَمُ الإِسْلاَمِ التَّوْحِيدُ وهو دَعْوَةُ جَمِيعِ الرُّسُلِ، وهَؤُلاَءِ جَحَدُوا أَعْظَمَ شَيْءٍ وهو تَوْحِيدُ العِبَادَةِ، وقَالُوا: لاَ بَأْسَ أَنْ يَنْذُرَ الإِنْسَانُ لِفُلاَنٍ، ويَذْبَحَ لِفُلاَنٍ؛ لأَِنَّهُ وَلِيٌّ، والوَلِيُّ يَنْفَعُ ويَضُرُّ، مِمَّا هو مِثْلُ فِعْلِ المُشْرِكِينَ الأَوَّلِينَ.

مسلمة 12 30 ذو القعدة 1429هـ/28-11-2008م 08:01 PM

شرح الشيخ صالح آل الشيخ
 



ومن حيث التفصيل: قال -رحمه الله- بعد ذلك: (ويقال أيضاً) يعني: تفصيلاً للجملة السالفة (إن كنت تقر أن من صدق الرسول -صلى الله عليه وسلم- في كل شيء وجحد وجوب الصلاة إنه كافر حلال الدم والمال بالإجماع) يعني: بعد أن تقوم عليه الحجة.(وكذلك إذا أقر بكل شيء إلا البعث، وكذلك لو جحد وجوب صوم رمضان وصدق بذلك كله، لا تختلف المذاهب فيه وقد نطق به القرآن كما قدمنا) يعني: إذا كنت تقر هذا، يعني: ما أوردناه من الإجماع وأنَّ المذاهب متفقة على هذا، وأن من أنكر البعث فهو كافر حلال الدم والمال باتفاق العلماء وبإجماعهم، وبذكر هذا في كتبهم، فنرجع إلى خصوص المسألة التي أوردت الشبهة فيها، وهي مسألة التوحيد.

قال: (فمعلوم أن التوحيد هو أعظم فريضة جاء بها النبي -صلى الله عليه وسلم-وهو أعظم من الصلاة والزكاة والصوم والحج)
وجه كونه أعظم: أنه بدأ به الرسول -صلى الله عليه وسلم- في الدعوة، فالنبي -عليه الصلاة والسلام- دعا الناس سنين عدداً إلى التوحيد فقط، ولم تفرض الصلاة ولم تفرض الزكاة ولم يفرض الصوم ولم يفرض الحج، ومعلوم أنه في هذا الحال يعني في حال الأمر بالتوحيد دون غيره أنه إنما تكون البداءة بالأهم؛ كما قال -عليه الصلاة والسلام- لـمعاذ بن جبل حين أرسله إلى اليمن: ((إنك تأتي قوماً أهل كتاب - يعني: من اليهود وثمَّ نصارى هناك - فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله))((فليكن أول ما تدعوهم إليه إلى أن يوحدوا الله)) فهذا يدل على أن هذا أعظم من غيره.

-ومعلوم أن الصلوات الخمس لم تفرض إلا ليلة الإسراء والمعراج في السنة العاشرة من البَعثة.
-ومعلوم أن صوم رمضان الفرض لم يكن إلا في السنة الثانية من الهجرة.
-ومعلوم أن الزكاة المفروضة بأنصبائها المعروفة الآن، لم تفرض إلا في السنة الثانية من الهجرة.
- وأن الحج لم يفرض إلا في السنة التاسعة من الهجرة.
وهذا يدل على تأخر هذه المسائل التي تقول:
إن من جحد واحدة منها ولم يأت بها فإنه يكفر بالإجماع، فما شأن أصل الأصول؟ ما شأن أول واجب؟ ما شأن الأمر الذي دعا إليه النبي -صلى الله عليه وسلم- في مكة سنين عدداً؟ ما شأنه؟ هل هو أقل من هذه في الحكم؟
فالجواب: أن التوحيد هو أعظم فريضة بالاتفاق،ولهذا يذكر العلماء في المكفرات في باب حكم المرتد أول ما يذكرون في المكفر؛ ما يتصل بالتوحيد؛ توحيد العبادة أو توحيد الربوبية أو توحيد الأسماء والصفات، فإنهم يذكرون هذا قبل غيره؛ لأنه أعظم فريضة جاء بها النبي -صلى الله عليه وسلم- وجاءت بها الأنبياء.
ومعلوم أن الصلوات والزكاة والصوم والحج، إلى آخره، اختلفت فيه الشرائع، والأنبياء جميعاً اتفقوا في التوحيد، فدل على أنه حق الله الأعظم وعلى أنه الفريضة العظمى، فإذاً تكون منزلتها أعظم من غيرها.
قال: (فكيف إذا جحد الإنسان شيئاً من هذه الأمور كفر ولو عمل بكل ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم، وإذا جحد التوحيد الذي هو دين الرسل كلهم لا يكفر؟ سبحان الله! ما أعجب هذا الجهل) وهذا الاستدلال بالقياس، وهذا قياس صحيح قوي.

ومعلوم أن قاعدة الشريعة العظيمة التي دلت عليها النصوص، واتفقت عليها العلماء، أنَّ الشريعة لا تفرق بين المتماثلات ولا تماثل بين المختلفات، فإن المتماثلات في العلة لا تفرق بينها الشريعة إذ الحكم يدور مع علته وجوداً وعدماً، ومما جاءت به الشريعة وجاء في القرآن الاستدلال به، الاستدلال بقياس الأولى، فإنه القياس الذي اتفقت عليه هذه الأمة، حتى الظاهرية لا ينكرون القياس المسمى عند الفقهاء الأربعة بقياس الأولى، لا تنكره الظاهرية، وإن كانوا لا يسمونه قياساً بل يسمونه تمثيلاً أولوياً، فيقال: هذا مثل هذا عندهم، بل أولى منه، ويهربون من تسميته قياساً، والحقيقة أنهم يقرون به.
فالقياس الأولوي- يعني: أن هذا أولى من هذا - هذا بالاتفاق عند الجميع، وإذا أنكر المرء متفقاً عليه بين العقلاء وبين الفقهاء ومجمعاً عليه من الدليل، فإنه يكون ليس على أصل لا في التفريق ولا في التأصيل.
ومعلوم أن هذا رد قوي على الذين يفرقون، فإن الشريعة لم تأت بالتفريق بين المتماثلات، فكيف بالتفريق بين ما هو أدنى وأعظم رتبة؟.
فالتوحيد أعظم رتبة، كيف يتفق العلماء، كيف تقول أنت أيها المورد لهذه الشبهة: إنَّ الذي جحد الصلاة وهو يقر بغيرها، أو جحد الزكاة وهو يقر بغيرها، أو جحد الصوم وهو يقر بغيره، أو أقر بهذه كلها وجحد البعث، كيف تقول: إنه يكفر وحلال الدم والمال؟ ومن ترك التوحيد وجحده لا يكفر ولا يكون حلال الدم والمال بعد إقامة الحجة عليه، كيف تقول هذا؟

سبحان الله! ما أعجب هذا الجهل؛ لأنه جهل بالعقليات وجهل أيضاً بالشرعيات وجهل بكلام العلماء.

مسلمة 12 30 ذو القعدة 1429هـ/28-11-2008م 08:04 PM

العناصر
 
العناصر :

الجواب الثاني عن هذه الشبهة الحادية عشر
- من جحد وجوب الصلاة فهو كافر حلال الدم والمال بالإجماع
- التوحيد أعظم فريضة جاء بها النبي صلى الله عليه وسلم فمن جحده كفر
- المتأخرون يجهلون وقوعهم في الشرك لجهلهم بمعنى "لا إله إلا الله"
- بيان خطر هذه الشبهة

مسلمة 12 30 ذو القعدة 1429هـ/28-11-2008م 08:05 PM

الأسئلة
 

الأسئلة

س1: ما حكم من شهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله وأدى فرائض الإسلام إلا أنه اعتقد النبوة في مسيلمة الكذاب أو أحمد القادياني أو غيرهما؟
س2: ما حكم من جحد وجوب الصيام؟


الساعة الآن 02:40 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir