تفسير سورة النساء [ من الآية (34) إلى الآية (35) ]
تفسير قوله تعالى: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللّهُ وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا (34) وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُواْ حَكَمًا مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِّنْ أَهْلِهَا إِن يُرِيدَا إِصْلاَحًا يُوَفِّقِ اللّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا (35)} تفسير قوله تعالى: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللّهُ وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا (34)} قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): (وقوله عزّ وجلّ: {الرّجال قوّامون على النّساء بما فضّل اللّه بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم فالصّالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ اللّه واللّاتي تخافون نشوزهنّ فعظوهنّ واهجروهنّ في المضاجع واضربوهنّ فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهنّ سبيلا إنّ اللّه كان عليّا كبيرا} الرجل قيّم على المرأة فيما يجب لها عليه، فأمّا غير ذلك فلا، ويقال هذا قيّم المرأة وقوامها قال الشاعر: اللّه بيني وبين قيّمها... يفرّ منّي بئها وأتبع جعل اللّه عزّ وجلّ ذلك للرجال لفضلهم في العلم، والتمييز ولإنفاقهم أموالهم في المهور وأقوات النساء. وقوله عزّ وجلّ: {فالصالحات قانتات} أي: قيمات بحقوق أزواجهم. {بما حفظ الله} تأويله - واللّه أعلم -: بالشيء الذي يحفظ أمر الله ودين الله. ويحتمل أن يكون على معنى: بحفظ اللّه، أي: بأن يحفظن اللّه، وهو راجع إلى أمر اللّه. وقوله {واللّاتي تخافون نشوزهنّ فعظوهنّ}النشوز: كراهة أحدهما صاحبه، يقال نشزت المرأة تنشز وتنشز جميعا وقد قرئ بهما: {وإذا قيل انشزوا فانشزوا..} انشزوا وانشزوا، فانشزوا، واشتقاقه من: النشز وهو المكان المرتفع من الأرض، يقال له: نشز ونشز. وقوله عزّ وجلّ: {واهجروهنّ في المضاجع} أي: في النوم معهن، والقرب منهن فإنهن إن كنّ يحببن أزواجهن شقّ عليهن الهجران في المضاجع وإن كنّ مبغضات وافقهن ذلك فكان دليلا على النشوز منهنّ. يقال هجرت الإنسان والشيء أهجره هجرا وهجرانا، وأهجر فلان منصبه يهجره إهجارا.. إذا تكلم بالقبيح، وهجر الرجل هجرا إذا هذى. وهجرت البعير أهجره هجرا إذا جعلت له هجارا. والهجار: حبل يشد في حقو البعير وفي رسغه، وهجّرت تهجيرا إذا قمت قت الهاجة، وهو انتصاف النهار. فأمر اللّه - عز وجل - في النساء أن يبدأن بالموعظة أولا، ثم بالهجران بعد، وإن لم ينجعا فيهن فالضرب، ولكن لا يكون ضربا مبرحا فإن أطعن فيما يلتمس منهنّ، فلا يبغي عليهن سبيلا، أي: لا يطلب عليهن طريق عنت. {إنّ اللّه كان عليّا كبيرا} أي: هو متعال أن يكلف إلا بالحق ومقدار الطاقة). [معاني القرآن: 2/46-48] قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: الرّجال قوّامون الآية، قوام فعال: بناء مبالغة، وهو من القيام على الشيء والاستبداد بالنظر فيه وحفظه بالاجتهاد، فقيام الرجل على النساء هو على هذا الحد، وتعليل ذلك بالفضيلة والنفقة يقتضي أن للرجال عليهن استيلاء وملكا ما، قال ابن عباس: الرجال أمراء على النساء، وعلى هذا قال أهل التأويل و «ما» في قوله: بما فضّل اللّه مصدرية، ولذلك استغنت عن العائد، وكذلك بما أنفقوا والفضيلة: هي الغزو وكمال الدين والعقل وما أشبهه، والإنفاق: هو المهر والنفقة المستمرة على الزوجات، وقيل: سبب هذه الآية أن سعد بن الربيع لطم زوجه حبيبة بنت زيد بن أبي زهير، فجاءت مع أبيها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأمر أن تلطمه كما لطمها، فنزلت الآية مبيحة للرجال تأديب نسائهم، فدعاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ونقض الحكم الأول وقال: أردت شيئا وما أراد الله خير، وفي طريق آخر أردت شيئا وأراد الله غيره، وقيل: إن في هذا الحكم المردود نزلت ولا تعجل بالقرآن من قبل أن يقضى إليك وحيه [طه: 114] وقيل سببها قول أم سلمة المتقدم، أي: لما تمنى النساء درجة الرجال عرفن وجه الفضيلة. والصلاح في قوله فالصّالحات هو الصلاح في الدين، و «والقانتات» معناه: مطيعات، والقنوت الطاعة، ومعناه لأزواجهن، أو لله في أزواجهن، وغير ذلك، وقال الزجّاج: إنها الصلاة، وهذا هنا بعيد وللغيب معناه: كل ما غاب عن علم زوجها مما استرعته، وذلك يعم حال غيب الزوج وحال حضوره، وروى أبو هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «خير النساء امرأة إذا نظرت إليها سرتك، وإذا أمرتها أطاعتك وإذا غبت عنها حفظتك في مالك ونفسها»، ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية، وفي مصحف ابن مسعود «فالصوالح قوانت حوافظ» وهذا بناء يختص بالمؤنث، وقال ابن جني: والتكسير أشبه لفظا بالمعنى، إذ هو يعطي الكثرة وهي المقصود هنا، وبما حفظ اللّه الجمهور على رفع اسم الله بإسناد الفعل إليه، وقرأ أبو جعفر بن القعقاع «الله» بالنصب على إعمال حفظ فأما قراءة الرفع «فما» مصدرية تقديره: يحفظ الله، ويصح أن تكون بمعنى «الذي» ويكون العائد الذي في حفظ ضمير نصب ويكون المعنى أما حفظ الله ورعايته التي لا يتم أمر دونها، وأما أوامره ونواهيه للنساء، فكأنها حفظه، فمعناه: أن النساء يحفظن بإرادته وبقدره، وأما قراءة ابن القعقاع بما حفظ الله، فالأولى أن تكون «ما» بمعنى «الذي» وفي حفظ ضمير مرفوع، والمعنى حافظات للغيب بطاعة وخوف وبر ودين حفظ الله في أوامره حين امتثلنها، وقيل: يصح أن تكون «ما» مصدرية، على أن تقدير الكلام بما حفظن الله وينحذف الضمير، وفي حذفه قبح لا يجوز إلا في الشعر، كما قال [الأعشى]: [المتقارب] فإنّ الحوادث أودى بها يريد أودين، والمعنى: يحفظن الله في أمره حين امتثلنه، وقال ابن جني: الكلام على حذف مضاف تقديره: بما حفظ دين الله وأمر الله، وفي مصحف ابن مسعود «بما حفظ الله فأصلحوا إليهن». واللّاتي في موضع رفع بالابتداء والخبر فعظوهنّ، ويصح أن تكون في موضع نصب بفعل مضمر تقديره: وعظوا اللاتي تخافون نشوزهن، كقوله: والسّارق والسّارقة [المائدة: 38] على قراءة من قرأها بالنصب، قال سيبويه: النصب القياس، إلا أن الرفع أكثر في كلامهم، وحكي عن سيبويه: أن تقدير الآية عنده: وفيما يتلى عليكم اللاتي. قالت فرقة معنى تخافون تعلمون وتتيقنون، وذهبوا في ذلك إلى أن وقوع النشوز هو الذي يوجب الوعظ، واحتجوا في جواز وقوع الخوف بمعنى اليقين بقول أبي محجن: ولا تدفنّني بالفلاة فإنّني = أخاف إذا ما متّ أن لا أذوقها وقالت فرقة: الخوف هاهنا على بابه في التوقع، لأن الوعظ وما بعده إنما هو في دوام ما ظهر من مبادئ ما يتخوف، «والنشوز»: أن تتعرج المرأة وترتفع في خلقها، وتستعلي على زوجها، وهو من نشز الأرض، يقال ناشز وناشص ومنه بيت الأعشى: [الطويل] تجلّلها شيخ عشاء فأصبحت = قضاعيّة تأتي الكواهن ناشصا وفعظوهنّ معناه: ذكروهن أمر الله، واستدعوهن إلى ما يجب عليهن بكتاب الله وسنة نبيه، وقرأ إبراهيم النخعي «في المضجع»، وهو واحد يدل على الجمع، واختلف المتأولون في قوله: اهجروهنّ فقالت فرقة معناه جنبوا جماعهن، وجعلوا في للوعاء على بابها دون حذف، قال ابن عباس: يضاجعها ويوليها ظهره ولا يجامعها، وقال مجاهد: جنبوا مضاجعتهن، فيتقدر على هذا القول حذف تقديره: واهجروهن برفض المضاجع أو بترك المضاجع وقال سعيد بن جبير: هي هجرة الكلام أي لا تكلموهن وأعرضوا عنهن فيقدر حذف تقديره: واهجروهن في سبب المضاجع حتى يراجعنها، وقال ابن عباس أيضا: معناه وقولوا لهن هجرا من القول، أي إغلاظا، حتى يراجعن المضاجع، وهذا لا يصح تصريفه إلا على من حكى هجر وأهجر بمعنى واحد، وقال الطبري: معناه اربطوهن بالهجار، كما يربط البعير به، وهو حبل يشد به البعير، فهي في معنى اضربوهن ونحوها، ورجح الطبري منزعه هذا وقدح في سائر الأقوال، وفي كلامه في هذا الموضع نظر، والضرب في هذه الآية هو ضرب الأدب غير المبرح، وهو الذي لا يكسر عظما ولا يشين جارحة، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «اضربوا النساء إذا عصينكم في معروف ضربا غير مبرح» وقال عطاء: قلت لابن عباس: ما الضرب غير المبرح؟ قال بالشراك ونحوه، وروي عن ابن شهاب أنه قال: لا قصاص بين الرجل وامرأته إلا في النفس. قال القاضي أبو محمد رحمه الله: وهذا تجاوز، قال غيره: إلا في النفس والجراح، وهذه العظة والهجر والضرب مراتب، إن وقعت الطاعة عند إحداها لم يتعد إلى سائرها. وتبغوا معناه تطلبوا وسبيلًا أي إلى الأذى، وهو التعنيت والتعسف بقول أو فعل، وهذا نهي عن ظلمهن بغير واجب بعد تقدير الفضل عليهن والتمكين من أدبهن، وحسن معه الاتصاف بالعلو والكبر، أي قدره فوق كل قدر ويده بالقدرة فوق كل يد، فلا يستعمل أحد على امرأته، فالله بالمرصاد، وينظر هذا إلى حديث أبي مسعود فصرفت وجهي فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «اعلم أبا مسعود أن الله أقدر عليك منك على هذا العبد»). [المحرر الوجيز: 2/539-544] تفسير قوله تعالى: {وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُواْ حَكَمًا مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِّنْ أَهْلِهَا إِن يُرِيدَا إِصْلاَحًا يُوَفِّقِ اللّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا (35)}قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({الرّجال قوّامون على النّساء بما فضّل اللّه بعضهم على بعضٍ وبما أنفقوا من أموالهم فالصّالحات قانتاتٌ حافظاتٌ للغيب بما حفظ اللّه واللاتي تخافون نشوزهنّ فعظوهنّ واهجروهنّ في المضاجع واضربوهنّ فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهنّ سبيلا إنّ اللّه كان عليًّا كبيرًا (34)} يقول تعالى: {الرّجال قوّامون على النّساء} أي: الرّجل قيّم على المرأة، أي هو رئيسها وكبيرها والحاكم عليها ومؤدّبها إذا اعوجّت {بما فضّل اللّه بعضهم على بعضٍ} أي: لأنّ الرّجال أفضل من النّساء، والرّجل خيرٌ من المرأة؛ ولهذا كانت النّبوّة مختصّةٌ بالرّجال وكذلك الملك الأعظم؛ لقوله صلّى اللّه عليه وسلّم: "لن يفلح قومٌ ولّوا أمرهم امرأةً" رواه البخاريّ من حديث عبد الرّحمن بن أبي بكرة، عن أبيه وكذا منصب القضاء وغير ذلك. {وبما أنفقوا من أموالهم} أي: من المهور والنّفقات والكلف الّتي أوجبها اللّه عليهم لهنّ في كتابه وسنّة نبيّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فالرّجل أفضل من المرأة في نفسه، وله الفضل عليها والإفضال، فناسب أن يكون قيّما عليها، كما قال] اللّه [ تعالى: {وللرّجال عليهنّ درجةٌ} الآية [البقرة: 228]. وقال عليّ بن أبي طلحة عن ابن عبّاسٍ: {الرّجال قوّامون على النّساء} يعني: أمراء عليها أي تطيعه فيما أمرها به من طاعته، وطاعته: أن تكون محسنةً إلى أهله حافظةً لماله. وكذا قال مقاتلٌ، والسّدّيّ، والضّحّاك. وقال الحسن البصريّ: جاءت امرأةٌ إلى النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم تستعديه على زوجها أنّه لطمها، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "القصاص"، فأنزل اللّه عزّ وجلّ: {الرّجال قوّامون على النّساء} الآية، فرجعت بغير قصاصٍ. رواه ابن جريرٍ وابن أبي حاتمٍ، من طرقٍ، عنه. وكذلك أرسل هذا الخبر قتادة، وابن جريج والسّدّيّ، أورد ذلك كلّه ابن جريرٍ. وقد أسنده ابن مردويه من وجهٍ آخر فقال: حدّثنا أحمد بن عليٍّ النّسائيّ، حدّثنا محمّد بن عبد اللّه الهاشميّ، حدّثنا محمّد بن محمّدٍ الأشعث، حدّثنا موسى بن إسماعيل بن موسى بن جعفر بن محمّدٍ، حدّثني أبي، عن جدّي، عن جعفر بن محمّدٍ، عن أبيه، عن علي قال: أتى النّبيّ رجلٌ من الأنصار بامرأةٍ له، فقالت: يا رسول اللّه، إنّ زوجها فلان بن فلانٍ الأنصاريّ، وإنّه ضربها فأثّر في وجهها، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "ليس ذلك له". فأنزل اللّه: {الرّجال قوّامون على النّساء [بما فضّل اللّه بعضهم على بعضٍ]} أي: قوّامون على النّساء في الأدب. فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "أردت أمرًا وأراد اللّه غيره". وقال الشّعبيّ في هذه الآية: {الرّجال قوّامون على النّساء بما فضّل اللّه بعضهم على بعضٍ وبما أنفقوا من أموالهم} قال: الصّداق الّذي أعطاها، ألا ترى أنّه لو قذفها لاعنها، ولو قذفته جلدت. وقوله: {فالصّالحات} أي: من النّساء {قانتاتٌ} قال ابن عبّاسٍ وغير واحدٍ: يعني مطيعاتٌ لأزواجهنّ {حافظاتٌ للغيب}. قال السّدّيّ وغيره: أي تحفظ زوجها في غيبته في نفسها وماله. وقوله: {بما حفظ اللّه} أي: المحفوظ من حفظه. قال ابن جريرٍ: حدّثني المثنّى، حدّثنا أبو صالحٍ، حدّثنا أبو معشر، حدّثنا سعيد بن أبي سعيدٍ المقبري، عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "خير النساء امرأةٌ إذا نظرت إليها سرّتك وإذا أمرتها أطاعتك وإذا غبت عنها حفظتك في نفسها ومالك". قال: ثمّ قرأ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم هذه الآية: {الرّجال قوّامون على النّساء} إلى آخرها. ورواه ابن أبي حاتمٍ، عن يونس بن حبيبٍ، عن أبي داود الطّيالسيّ، عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ذئبٍ، عن سعيدٍ المقبريّ، به مثله سواءً. وقال الإمام أحمد: حدّثنا يحيى بن إسحاق، حدّثنا ابن لهيعة، عن عبيد اللّه بن أبي جعفر: أنّ ابن قارظٍ أخبره: أنّ عبد الرّحمن بن عوفٍ قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "إذا صلّت المرأة خمسها، وصامت شهرها وحفظت فرجها؛ وأطاعت زوجها قيل لها: ادخلي الجنّة من أيّ أبواب الجنّة شئت". تفرّد به أحمد من طريق عبد اللّه بن قارظٍ عن عبد الرّحمن بن عوفٍ. وقوله تعالى {واللاتي تخافون نشوزهنّ} أي: والنّساء اللّاتي تتخوّفون أن ينشزن على أزواجهنّ. والنّشوز: هو الارتفاع، فالمرأة النّاشز هي المرتفعة على زوجها، التّاركة لأمره، المعرضة عنه، المبغضة له. فمتى ظهر له منها أمارات النّشوز فليعظها وليخوّفها عقاب اللّه في عصيانه فإنّ اللّه قد أوجب حقّ الزّوج عليها وطاعته، وحرّم عليها معصيته لما له عليها من الفضل والإفضال. وقد قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "لو كنت آمرًا أحدًا أن يسجد لأحدٍ لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها، من عظم حقّه عليها" وروى البخاريّ، عن أبي هريرة، رضي اللّه عنه، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "إذا دعا الرّجل امرأته إلى فراشه فأبت عليه، لعنتها الملائكة حتّى تصبح" ورواه مسلمٌ، ولفظه: "إذا باتت المرأة هاجرة فراش زوجها، لعنتها الملائكة حتّى تصبح" ؛ ولهذا قال تعالى: {واللاتي تخافون نشوزهنّ فعظوهنّ}. وقوله: {واهجروهنّ في المضاجع} قال عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ: الهجران هو أن لا يجامعها، ويضاجعها على فراشها ويولّيها ظهره. وكذا قال غير واحدٍ، وزاد آخرون -منهم: السّدّيّ، والضّحّاك، وعكرمة، وابن عبّاسٍ في روايةٍ-: ولا يكلّمها مع ذلك ولا يحدّثها. وقال عليّ بن أبي طلحة أيضًا، عن ابن عبّاسٍ: يعظها، فإن هي قبلت وإلّا هجرها في المضجع، ولا يكلّمها من غير أن يذر نكاحها، وذلك عليها شديدٌ. وقال مجاهدٌ، والشّعبيّ، وإبراهيم، ومحمّد بن كعبٍ، ومقسم، وقتادة: الهجر: هو أن لا يضاجعها. وقد قال أبو داود: حدّثنا موسى بن إسماعيل، حدّثنا حمّادٌ، عن عليّ بن زيدٍ، عن أبي حرّة الرّقاشيّ، عن عمّه أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: "فإن خفتم نشوزهنّ فاهجروهنّ في المضاجع" قال حمّادٌ: يعني النّكاح. وفي السّنن والمسند عن معاوية بن حيدة القشيريّ أنّه قال: يا رسول اللّه، ما حقّ امرأة أحدنا؟ قال: "أن تطعمها إذا طعمت، وتكسوها إذا اكتسيت، ولا تضرب الوجه ولا تقبّح، ولا تهجر إلّا في البيت". وقوله: {واضربوهنّ} أي: إذا لم يرتدعن بالموعظة ولا بالهجران، فلكم أن تضربوهنّ ضربًا غير مبرّحٍ، كما ثبت في صحيح مسلمٍ عن جابرٍ عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: أنّه قال في حجّة الوداع: "واتّقوا الله في النّساء، فإنّهنّ عندكم عوانٌ، ولكم عليهنّ ألّا يوطئن فرشكم أحدًا تكرهونه، فإن فعلن فاضربوهنّ ضربا غير مبرّح، ولهنّ رزقهنّ وكسوتهن بالمعروف". وكذا قال ابن عبّاسٍ وغير واحدٍ: ضربًا غير مبرّحٍ. قال الحسن البصريّ: يعني غير مؤثّرٍ. قال الفقهاء: هو ألا يكسر فيها عضوًا ولا يؤثّر فيها شيئًا. وقال عليّ بن أبي طلحة عن ابن عبّاسٍ: يهجرها في المضجع، فإن أقبلت وإلّا فقد أذن اللّه لك أن تضرب ضربًا غير مبرّحٍ، ولا تكسر لها عظمًا، فإن أقبلت وإلّا فقد حل لك منها الفدية. وقال سفيان بن عيينة، عن الزّهريّ، عن عبد اللّه بن عبد اللّه بن عمر، عن إياس بن عبد اللّه بن أبي ذباب قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "لا تضربوا إماء الله". فجاء عمر إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فقال: ذئرت النّساء على أزواجهنّ. فرخّص في ضربهنّ، فأطاف بآل رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم نساءٌ كثيرٌ يشكون أزواجهنّ، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "لقد أطاف بآل محمّدٍ نساءٌ كثيرٌ يشكون أزواجهنّ، ليس أولئك بخياركم" رواه أبو داود والنّسائيّ وابن ماجه. وقال الإمام أحمد: حدّثنا سليمان بن داود -يعني أبا داود الطّيالسيّ-حدّثنا أبو عوانة، عن داود الأوديّ، عن عبد الرّحمن المسلي عن الأشعث بن قيسٍ، قال ضفت عمر، فتناول امرأته فضربها، وقال: يا أشعث، احفظ عنّي ثلاثًا حفظتهن عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: لا تسأل الرّجل فيم ضرب امرأته، ولا تنم إلّا على وتر ... ونسي الثّالثة. وكذا رواه أبو داود والنّسائيّ وابن ماجه، من حديث عبد الرّحمن بن مهديٍّ، عن أبي عوانة، عن داود الأوديّ، به. وقوله: {فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهنّ سبيلا} أي: فإذا أطاعت المرأة زوجها في جميع ما يريد منها، ممّا أباحه اللّه له منها، فلا سبيل له عليها بعد ذلك، وليس له ضربها ولا هجرانها. وقوله: {إنّ اللّه كان عليًّا كبيرًا} تهديدٌ للرّجال إذا بغوا على النّساء من غير سببٍ، فإنّ اللّه العليّ الكبير وليّهنّ وهو منتقمٌ ممّن ظلمهنّ وبغى عليهنّ). [تفسير القرآن العظيم: 2/292-296] قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): (وقوله جلّ وعزّ {وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها إن يريدا إصلاحا يوفّق اللّه بينهما إنّ اللّه كان عليما خبيرا} قال بعضهم.. {خفتم} ههنا في معنى: أيقنتم وهذا خطأ، لو علمنا الشقاق على الحقيقة لم يجنح إلى الحكمين. وإنما يخاف الشقاق والشقاق العداوة، واشتقاقه: من - المتشاقين - كل صنف منهن في شق، أي: في ناحية، فأمر الله تعالى - {إن خفتم} وقوع العداوة بين المرء وزوجه – أن يبعثوا حكمين، حكم من أهل المرأة وحكما من أهل الرجل، والحكم القيّم بما يسند إليه. ويروى عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - أنه اجتمع إليه فئام من الناس، - أي: جمع كثير مع امرأة وزوجها، قد وقع بينهما اختلاف فأمر حكمين أن يتعرفا أمرهما، وقال لهما: أتدريان ما عليكما؟ إنّ عليكما إن رأيتما أن تفرقا فرقتما، وإن رأيتما أن تجمعا جمعتما. وقال بعضهم على الحكمين: أن يعظا ويعرّفا ما على كل واحد من الزوج والمرأة في مجاوزة الحق، فإن - رأيا أن يفرقا فرقا، وإن رأيا أن يجمعا جمعا. وحقيقة أمر الحكمين: أنهما يقصدان للإصلاح، وليس لهما طلاق وإنما عليهما أن يعرفا الإمام حقيقة ما وقفا عليه، فإن رأى الإمام أن يفرق فرّق، أو أن يجمع جمع، وإن وكّلهما بتفريق أو بجمع فهما بمنزلة، وما فعل على " رضي الله عنه " فهو فعل للإمام أن يفعله، وحسبنا بعلي عليه السلام إماما، فلما قال لهما: إن رأيتما أن تجمعا جمعتما، وإن رأيتما أن تفرقا فرقتما، كان قد ولّاهما ذلك ووكلهما فيه. {إنّ اللّه كان عليما خبيرا} أي: {عليما} بما فيه الصلاح للخلق {خبيرا} بذلك). [معاني القرآن: 2/48-49] قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (قوله تعالى: وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكماً من أهله وحكماً من أهلها إن يريدا إصلاحاً يوفّق اللّه بينهما إنّ اللّه كان عليماً خبيراً (35) قسمت هذه الآية النساء تقسيما عقليا، لأنها إما طائعة، وإما ناشزة، والنشز إما من يرجع إلى الطواعية، وإما من يحتاج إلى الحكمين، واختلف المتأولون أيضا في الخوف هاهنا حسب ما تقدم، ولا يبعث الحكمان إلا مع شدة الخوف، و «الشقاق»: مصدر شاق يشاق، وأجري «البين» مجرى الأسماء وأزيل عنه الظرفية، إذ هو بمعنى حالهما وعشرتهما وصحبتهما، وهذا من الإيجاز الذي يدل فيه الظاهر على المقدر، واختلف من المأمور ب «البعثة»، فقيل: الحاكم، فإذا أعضل على الحاكم أمر الزوجين، وتعاضدت عنده الحجج، واقترنت الشبه، واغتم وجه الإنفاذ على أحدهما، بعث حكمين من الأهل ليباشرا الأمر، وخص الأهل لأنهم مظنة العلم بباطن الأمر، ومظنة الإشفاق بسبب القرابة، وقيل: المخاطب الزوجان وإليهما تقديم الحكمين، وهذا في مذهب مالك، والأول لربيعة وغيره، واختلف الناس في المقدار الذي ينظر فيه الحكمان، فقال الطبري: قالت فرقة: لا ينظر الحكمان إلا فيما وكلهما به الزوجان وصرحا بتقديمهما عليه، ترجم بهذا ثم أدخل عن علي غيره، وقال الحسن بن أبي الحسن وغيره: ينظر الحكمان في الإصلاح، وفي الأخذ والإعطاء، إلا في الفرقة فإنها ليست إليهما، وقالت فرقة: ينظر الحكمان في كل شيء، ويحملان على الظالم، ويمضيان ما رأياه من بقاء أو فراق، وهذا هو مذهب مالك والجمهور من العلماء، وهو قول علي بن أبي طالب في المدونة وغيرها، وتأول الزجّاج عليه غير ذلك، وأنه وكل الحكمين على الفرقة، وأنها للإمام، وذلك وهم من أبي إسحاق، واختلف المتأولون في من المراد بقوله: إن يريدا إصلاحاً فقال مجاهد وغيره: المراد الحكمان، أي إذا نصحا وقصدا الخير بورك في وساطتهما، وقالت فرقة: المراد الزوجان، والأول أظهر، وكذلك الضمير في بينهما، يحتمل الأمرين، والأظهر أنه للزوجين، والاتصاف ب «عليم خبير» يشبه ما ذكر من إرادة الإصلاح). [المحرر الوجيز: 2/544-545] قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكمًا من أهله وحكمًا من أهلها إن يريدا إصلاحًا يوفّق اللّه بينهما إنّ اللّه كان عليمًا خبيرًا (35)} ذكر [تعالى] الحال الأوّل، وهو إذا كان النّفور والنّشوز من الزّوجة، ثمّ ذكر الحال الثّاني وهو: إذا كان النّفور من الزّوجين فقال تعالى: {وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكمًا من أهله وحكمًا من أهلها} قال الفقهاء: إذا وقع الشّقاق بين الزّوجين، أسكنهما الحاكم إلى جنب ثقةٍ، ينظر في أمرهما، ويمنع الظّالم منهما من الظّلم، فإن تفاقم أمرهما وطالت خصومتهما، بعث الحاكم ثقةً من أهل المرأة، وثقةً من قوم الرّجل، ليجتمعا وينظرا في أمرهما، ويفعلا ما فيه المصلحة ممّا يريانه من التّفريق أو التّوفيق وتشوف الشّارع إلى التّوفيق؛ ولهذا قال: {إن يريدا إصلاحًا يوفّق اللّه بينهما} وقال عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ: أمر اللّه عزّ وجلّ، أن يبعثوا رجلًا صالحًا من أهل الرّجل، ورجلًا مثله من أهل المرأة، فينظران أيّهما المسيء، فإن كان الرّجل هو المسيء، حجبوا عنه امرأته وقصروه على النّفقة، وإن كانت المرأة هي المسيئة، قصروها على زوجها ومنعوها النّفقة. فإن اجتمع رأيهما على أن يفرّقا أو يجمعا، فأمرهما جائزٌ. فإن رأيا أن يجمعا، فرضي أحد الزّوجين وكره ذلك الآخر، ثمّ مات أحدهما، فإنّ الّذي رضي يرث الّذي كره ولا يرث الكاره الرّاضي. رواه ابن أبي حاتمٍ وابن جريرٍ. وقال عبد الرّزّاق: أخبرنا معمر، عن ابن طاوسٍ، عن عكرمة بن خالدٍ، عن ابن عبّاسٍ قال: بعثت أنا ومعاوية حكمين، قال معمرٌ: بلغني أنّ عثمان بعثهما، وقال لهما: إن رأيتما أن تجمعا جمعتما، وإن رأيتما أن تفرّقا فرّقتما. وقال: أنبأنا ابن جريجٍ، حدّثني ابن أبي مليكة، أنّ عقيل بن أبي طالبٍ تزوّج فاطمة بنت عتبة بن ربيعة فقالت: تصير إليّ وأنفق عليك. فكان إذا دخل عليها قالت: أين عتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة؟ قال: على يسارك في النّار إذا دخلت. فشدّت عليها ثيابها فجاءت عثمان، فذكرت له ذلك فضحك وأرسل ابن عبّاسٍ ومعاوية، فقال ابن عبّاسٍ: لأفرّقن بينهما. فقال معاوية: ما كنت لأفرّق بين شيخين من بني عبد منافٍ. فأتياهما فوجداهما قد أغلقا عليهما أبوابهما فرجعا. وقال عبد الرّزّاق: أخبرنا معمر، عن أيّوب، عن محمّد بن سيرين، عن عبيدة قال: شهدت عليّا وجاءته امرأةٌ وزوجها، مع كلّ واحدٍ منهما فئام من النّاس، فأخرج هؤلاء حكمًا وهؤلاء حكمًا، فقال عليٌّ للحكمين: أتدريان ما عليكما؟ إنّ عليكما؟ إن رأيتما أن تجمعا، جمعتما. فقالت المرأة: رضيت بكتاب اللّه لي وعليّ. وقال الزّوج: أمّا الفرقة فلا. فقال عليٌّ: كذبت، واللّه لا تبرح حتّى ترضى بكتاب اللّه، عزّ وجلّ، لك وعليك. رواه ابن أبي حاتمٍ، ورواه ابن جريرٍ، عن يعقوب، عن ابن عليّة، عن أيّوب، عن ابن سيرين، عن عبيدة، عن عليٍّ، مثله. ورواه من وجهٍ آخر، عن ابن سيرين، عن عبيدة، عن عليٍّ، به. وهذا مذهب جمهور العلماء: أنّ الحكمين إليهما الجمع والتّفرقة، حتّى قال إبراهيم النّخعيّ: إن شاء الحكمان أن يفرّقا بينهما بطلقةٍ أو بطلقتين أو ثلاثٍ فعلا. وهو روايةٌ عن مالكٍ. وقال الحسن البصريّ: الحكمان يحكّمان في الجمع ولا يحكّمان في التّفريق، وكذا قال قتادة، وزيد بن أسلم. وبه قال أحمد بن حنبلٍ، وأبو ثورٍ، وداود، ومأخذهم قوله تعالى: {إن يريدا إصلاحًا يوفّق اللّه بينهما} ولم يذكر التّفريق. وأمّا إذا كانا وكيلين من جهة الزّوجين، فإنّه ينفّذ حكمهما في الجمع والتّفرقة بلا خلافٍ. وقد اختلف الأئمّة في الحكمين: هل هما منصوبان من عند الحاكم، فيحكمان وإن لم يرض الزّوجان، أو هما وكيلان من جهة الزّوجين؟ على قولين: فالجمهور على الأوّل؛ لقوله تعالى: {فابعثوا حكمًا من أهله وحكمًا من أهلها} فسمّاهما حكمين، ومن شأن الحكم أن يحكم بغير رضا المحكوم عليه، وهذا ظاهر الآية، والجديد من مذهب الشّافعيّ، وهو قول أبي حنيفة وأصحابه. الثّاني منهما، بقول عليٍّ، رضي اللّه عنه، للزّوج -حين قال: أمّا الفرقة فلا-قال: كذبت، حتّى تقرّ بما أقرّت به، قالوا: فلو كانا حاكمين لما افتقر إلى إقرار الزّوج، واللّه أعلم. قال الشّيخ أبو عمر بن عبد البرّ: وأجمع العلماء على أنّ الحكمين -إذا اختلف قولهما-فلا عبرة بقول الآخر، وأجمعوا على أنّ قولهما نافذٌ في الجمع وإن لم يوكّلهما الزّوجان، واختلفوا: هل ينفّذ قولهما في التّفرقة؟ ثمّ حكي عن الجمهور أنّه ينفّذ قولهما فيها أيضًا). [تفسير القرآن العظيم: 2/296-297] * للاستزادة ينظر: هنا |
الساعة الآن 01:52 AM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By
Almuhajir