معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد

معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد (http://afaqattaiseer.net/vb/index.php)
-   أسئلة الفقه (http://afaqattaiseer.net/vb/forumdisplay.php?f=980)
-   -   سؤال عن حكم زوج هجر زوجته لأكثر من سنة تأديباً لها (http://afaqattaiseer.net/vb/showthread.php?t=28620)

ميمونة 26 جمادى الآخرة 1436هـ/15-04-2015م 04:14 AM

سؤال عن حكم زوج هجر زوجته لأكثر من سنة تأديباً لها
 
سائلة تقول: هجر زوج زوجته بسبب خلاف بسيط بينهم وتزوج عليها وقطع المصروف عنها وعن عياله واستمر في هجرانه لها لأكثر من سنة، على قوله: تأديب لها.
هل يعتبر فعله ظلم وأن الله لن يتركه؟
وإن كان بفعل الصرف هل يكون له عذر عند الله فلا يعاقبه؟

عبد العزيز الداخل 26 جمادى الآخرة 1436هـ/15-04-2015م 06:25 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ميمونة (المشاركة 193602)
سائلة تقول: هجر زوج زوجته بسبب خلاف بسيط بينهم وتزوج عليها وقطع المصروف عنها وعن عياله واستمر في هجرانه لها لأكثر من سنة، على قوله: تأديب لها.
هل يعتبر فعله ظلم وأن الله لن يتركه؟
وإن كان بفعل الصرف هل يكون له عذر عند الله فلا يعاقبه؟

هذا من الظلم البيّن؛ ولا يجوز له أن يهجرها هذا الهجر؛ والتأديب المحمود هو المبني على المحبّة ورغبة الإصلاح، وأما المعاقبة التي تكون بدافع الانتقام والتشفّي فليست من التأديب في شيء، وغالبا ما تقود إلى الظلم والعدوان.
ومن هجر أهله أربعة أشهر فإنّه يخيّر بين إمساكها بالمعروف أو مفارقتها ؛ إلا إذا رضيت الزوجة ببقائها في ذمّته، أما إذا لم ترض وطالبت بطلاقها فيجب عليه أن يطلّقها ، فإن أبى الرجوع وأبى الطلاق فسخ القاضي العقد ، وأوجب عليه حقّها.
وأمّا هجر الكلام فلا يحلّ له أن يهجرها أكثر من ثلاثة أيام، لحديث أنس بن مالك رضي الله عنه أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاثة أيام). متفق عليه.
ورواه أبو داوود في سننه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث، فمن هجر فوق ثلاث فمات دخل النار» وصححه الألباني.
وإذا بلغ الهجر سنة اشتدّ الإثم وعظم؛ لما في سنن أبي داوود من حديث أبي خراش السلمي رضي الله عنه، أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: «من هجر أخاه سنة فهو كسفك دمه» ، وصححه الألباني.

وهذه العقوبات هي في حقّ من يرتكب الإثم بلا عذر، وأمّا من كان له عذر يمنع العقوبة أو يخففها كالمسحور والمعيون الذي لا يطيق النظر إلى زوجته، والذي قدر عليه رزقه حتى لا يجد ما ينفق؛ فهؤلاء لهم أعذارهم، وقد تكون لهم حسنات يخفف بها من عقوباتهم مع حفظ حقّ المظلومين، وقد تقدّر عليهم من المصائب ما تكفّر بها سيئاتهم فيما بينهم وبين الله، ويبقى حقّ المظلوم يأخذه وافيا لا يظلم منه مثقال ذرة.

وحساب الزوج والزوجة على الله تعالى، فلا ينبغي للعاقل أن يتشاغل بأمر الحساب؛ لأنه لا يعلم كثيرا من الأمور التي يعلمها الله من صاحبه؛ فقد يعفو عنه، وقد يعاقبه، وقد يعلم من قلبه قصد الإصلاح وحبّ الخير ويوفّقه لعمل الخير، وربّ امرئ يظنّ أنه مظلوم ، وهو في حقيقة الأمر ظالم، وقد يُظلم المرء في جانب فيجتهد في الانتقام حتى يكون أظلم من الظالم، وهو باق على دعوى أنه مظلوم، وقد قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه قال: (ما يزال المسروق منه يتظنّى حتى يصير أعظم من السارق). رواه البخاري في الأدب المفرد بإسناد صحيح.
يتظنّى: أي يسيء الظنّ ويتّهم ؛ فيكسب من الظنون السيئة آثاما حتى يكون إثمه أعظم من إثم السارق، والعياذ بالله، وذكر السرقة في الأثر للتمثيل.

والذي أوصي به الزوجات اللاتي يجدن هجر أزوجهن أن يسعين بالإصلاح واستدامة الزواج قدر الإمكان ورعاية مقاصده، وأن لا يكون همّهنّ الانتقام من أزواجهن إذا قصّروا في حقّهنّ؛ فإنّ ذلك من ضعف العقل، ولا سيّما إذا صاحبه الاعتداء عليه في الدعاء ؛ فإنّ الاعتداء في الدعاء محرّم لا يجوز، وهو من الظلم البيّن، وكم زواج محقت بركته بسبب دعاء الزوجين بعضهم على بعض، وكان الأولى بهما أن يدعوا بالخير والصلاح، وأن يحرص كلّ واحد منهما على أن يبرئ ذمّته بأداء ما عليه من حقوق، وأن يكون كريم التعامل مع الآخر، ويغضي عن الزلات والهفوات والتقصير، فإنّ التقصير من طبيعة البشر، ولعل من قصّر في جانب يحسن في جوانب.


الساعة الآن 09:05 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir