معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد

معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد (http://afaqattaiseer.net/vb/index.php)
-   كتاب الطهارة (http://afaqattaiseer.net/vb/forumdisplay.php?f=551)
-   -   أقسام المياه وأحكامها (http://afaqattaiseer.net/vb/showthread.php?t=18449)

ليلى باقيس 24 جمادى الأولى 1433هـ/15-04-2012م 04:02 PM

أقسام المياه وأحكامها
 
وغرضنا الآن بيان صفة الماء الذي يحصل به التطهر والماء الذي لا يحصل به ذلك.
قال الله تعالى: {وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُوراً}، وقال تعالى: {وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ}.


والطَّهور هو: الطاهِر في ذاته المطَهِّر لغيره، وهو الباقي على خِلْقته (أي: صفتهُ التي خُلِق عليها)، سواء كان نازلاً من السماء كالمطر وذوب الثلوج والبَرَد، أو جارياً في الأرض كماءِ الأنهار والعيون والآبار والبحار، أو كان مُقطَّرًا.
فهذا هو الذي يصح التطهر به من الحدث والنجاسة، فإن تغير بنجاسة؛ لم يجز التطهر به؛ من غير خلاف وإن تغير بشيء طاهر لم يغلب عليه؛ فالصحيح من قولي العلماء صحة التطهُّر به أيضا.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "أما مسألة تغير الماء اليسير أو الكثير بالطَّاهرات؛ كالإشْنَان، والصَّابون، والسِّدر، والخَطْمِيِّ، والتراب، والعجين... وغير ذلك مما قد يغير الماء، مثل الإناء إذا كان فيه أثر سِدر أو خَطْمِيّ، ووضع فيه ماء، فتغير به، مع بقاء اسم الماء؛ فهذا فيه قولان معروفان للعلماء".
ثم ذكرها مع بيان وجه كل قول، ورجح القول بصحة التطهر به، وقال: "هو الصواب؛ لأن الله سبحانه تعالى قال: {وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ}، وقوله: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً} نكرة في سياق النفي، فيعم كل ما هو ماء، لا فرق في ذلك بين نوع ونوع" انتهى.
فإذا عدم الماء، أو عجز عن استعماله مع وجوده؛ فإن الله قد جعل بدله التراب، على صفة لاستعماله بينها النبي صلى الله عليه وسلم في سنته، وسيأتي توضيح ذلك إن شاء الله في بابه.
وهذا من لطف الله بعباده، ورفع الحرج عنهم، قال تعالى: {وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوّاً غَفُوراً}.
قالَ ابنُ هُبَيْرَة: "وأجمعوا على أن الطهارة بالماء تجِبُ على كلّ مَن لزمته الصّلاة مع وجودِه، فإن عدمَهُ؛ فبَدَلُهُ؛ لقوله تعالى: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً}، ولقوله تعالى: {وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ} انتهى.
وهذا مما يدل على عظمة هذا الإسلام، الذي هو دين الطهارة والنزاهة الحسية والمعنوية، كما يدل ذلك على عظمة هذه الصلاة، حيث لم يصح الدخول فيها بدون الطهارتين: الطهارة المعنوية من الشرك، وذلك بالتوحيد وإخلاص العبادة لله، والطهارة الحسية من الحدث والنجاسة، وذلك يكون بالماء أو ما يقوم مقامه.
واعلم أن الماء إذا كان باقيا على خِلقته، لم تخالطه مادة أخرى؛ فهو طهور بالإجماع، وإن تغير أحد أوصافِه الثلاثة -رِيحهُ أو طعمُهُ أو لونُهُ- بنجاسةٍ؛ فهو نجِس بالإجماع، لا يجوز استعماله، وإن تغير أحد أوصافه بمخالطة مادة طاهِرة كأوراق الأشجار أو الصابون أو الإشنان والسِّدر أو غير ذلك من المواد الطاهِرَة، ولم يغلِب ذلك المخالِطُ عليه؛ فلبعض العلماء في ذلك تفاصيل وخلاف، والصحيح أنه طهور، يجوز التطهر به من الحدَث، والتطهُّر به من النجَس.
* فعلى هذا؛ يصح لنا أن نقول: إن الماءَ ينقسِمُ إلى قسمين:
القسم الأول: طهورٌ يصِحُّ التطهُّر به، سواء كان باقياً على خِلقَتِه أو خالطتهُ مادة طاهرة لم تغْلِب عليه ولم تسلُبْهُ اسمَهُ.
القسم الثاني: نجِسٌ لا يجوز استعماله؛ فلا يرفع الحَدَث، ولا يزيلُ النَّجاسةَ، وهو مما تغير أحَدُ أوصافهِ بالنجاسة.

والله تعالى أعلم.
[الملخص الفقهي: 1/16-19]


الساعة الآن 07:02 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir