معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد

معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد (http://afaqattaiseer.net/vb/index.php)
-   منتدى المستوى السادس (http://afaqattaiseer.net/vb/forumdisplay.php?f=1038)
-   -   تسجيل الحضور اليومي بفوائد علمية مما يدرس في الأسبوع الحادي عشر (http://afaqattaiseer.net/vb/showthread.php?t=40256)

هيئة الإدارة 26 جمادى الآخرة 1440هـ/3-03-2019م 01:56 AM

تسجيل الحضور اليومي بفوائد علمية مما يدرس في الأسبوع الحادي عشر
 
تسجيل الحضور اليومي بفوائد علمية مما يدرس في
(الأسبوع الحادي عشر)

*نأمل من جميع الطلاب الكرام أن يسجلوا حضورهم اليومي هنا بذكر فوائد علمية مما درسوه في ذلك اليوم، وسيبقى هذا الموضوع مفتوحاً إلى صباح يوم الأحد.

مها عبد العزيز 26 جمادى الآخرة 1440هـ/3-03-2019م 03:20 PM

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ]
يَأْمُرُ تعالَى عِبادَه المُؤمنِينَ بما يُوجِبُه الإيمانُ ويَقتَضِيهِ مِن لُزومِ تَقواهُ، سِرًّا وعَلانيةً، في جميعِ الأَحوالِ، وأنْ يُرَاعُوا ما أمَرَهم اللَّهُ به مِن أَوامِرِه وشَرائعِه وحُدودِه، ويَنظُروا ما لهَم وما عليهم، وماذا حَصَلُوا عليهِ مِن الأعمالِ التي تَنْفَعُهم أو تَضُرُّهم في يومِ القيامةِ؛ فإِنَّهم إذا جَعَلُوا الآخِرةَ نُصْبَ أعْيُنِهم وقِبْلَةَ قُلوبِهم، واهْتَمُّوا للمُقامِ بها؛ اجْتَهَدوا في كثرةِ الأعمالِ الْمُوصِلَةِ إليها وتَصفيتِها مِن القواطِعِ والعوائقِ، التي تُوقِفُهم عن السَّيْرِ أو تَعُوقُهم أو تَصْرِفُهم.
وإذا عَلِمُوا أيضاً أنَّ {اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا} يَعْمَلونَ، لا تَخفَى عليهِ أعمالُهم، ولا تَضيعُ لَدَيْهِ، ولا يُهْمِلُها؛ أَوْجَبَ لهم الْجِدَّ والاجتهادَ.
وهذهِ الآيةُ الكريمةُ أصْلٌ فِي مُحاسبَةِ العبْدِ نفْسَه، وأنَّه يَنبغِي له أنْ يَتَفَقَّدَها؛ فإنْ رَأَى زَللاً تَدارَكَه بالإقلاعِ عنه والتوبةِ النصوحِ والإعراضِ عن الأسبابِ الْمُوِصِلَةِ إليه.
وإنْ رَأَى نفْسَه مُقَصِّراً في أمْرٍ مِن أوامِرِ اللَّهِ؛ بَذَلَ جَهْدَه واستعانَ برَبِّه في تَتْمِيمِه وتَكميلِه وإتقانِه، ويُقايِسُ بينَ مِنَنِ اللَّهِ عليهِ وإحسانِه, وبينَ تَقصيرِه؛ فإنَّ ذلك يُوجِبُ له الحَيَاءَ لا مَحَالَةَ).

{لَوْ أَنزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُّتَصَدِّعًا مِّنْ خَشْيَةِ اللَّهِ}
أيْ: لكَمالِ تَأثيرِه في القُلوبِ.
فإنَّ مَواعِظَ القُرآنِ أعْظَمُ المواعِظِ على الإطلاقِ، وأوامِرَه ونَواهيَهِ مُحتَوِيَةٌ على الحِكَمِ والمصالِحِ المَقْرونةِ بها.
وهي مِن أسْهَلِ شيءٍ على النُّفوسِ وأَيْسَرِها على الأبْدانِ، خاليةٌ مِن التكَلُّفِ، لا تَناقُضَ فيها ولا اختلافَ، ولا صُعوبةَ فيها ولا اعتسافَ، تَصْلُحُ لكلِّ زمانٍ ومَكانٍ، وتَلِيقُ لكلِّ أحَدٍ.

[وتلك الأمثال نضربها للنّاس لعلّهم يتفكّرون]
ثم أخْبَرَ تعالى أنَّه يَضْرِبُ للناسِ الأمثالَ، ويُوَضِّحُ لعِبادِه في كتابِه الحلالَ والحَرَامَ؛ لأجْلِ أنْ يَتفَكَّرُوا في آياتِه ويَتَدَبَّرُوها؛ فإنَّ التفكُّرَ فيها يَفْتَحُ للعبدِ خَزائِنَ العِلْمِ، ويُبَيِّنُ له طُرُقَ الخيرِ والشرِّ، ويَحُثُّه على مَكارِمِ الأخلاقِ ومَحاسِنِ الشِّيَمِ، ويَزْجُرُه عن مَساوِئِ الأخلاقِ، فلا أَنْفَعَ للعبْدِ مِن التفَكُّرِ في القرآنِ والتدَبُّرِ لِمَعانيهِ

منى حامد 26 جمادى الآخرة 1440هـ/3-03-2019م 04:11 PM

تزيين الشيطان
ومَثَلُ هؤلاءِ المُنافقِينَ الذينَ غَرُّوا إخوانَهم مِن أهلِ الكتابِ {كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلإِنْسَانِ اكْفُرْ}؛ أيْ: زَيَّنَ له الكُفْرَ وحَسَّنَه ودَعاهُ إليه، فلَمَّا اغْتَرَّ به وكَفَرَ وحَصَلَ له الشَّقاءُ لم يَنفَعْه الشيطانُ الذي تَوَلاَّه ودَعاه إلى ما دَعاهُ إليه، بل تَبَرَّأَ منه {قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ}؛ أي: ليسَ لي قُدْرَةٌ على دَفْعِ العذابِ عنكَ، ولسْتُ بِمُغْنٍ عنكَ مِثقالَ ذَرَّةٍ مِن الخيرِ). [تيسير الكريم الرحمن: 853]

محمد العبد اللطيف 28 جمادى الآخرة 1440هـ/5-03-2019م 03:14 PM

تفسير قوله تعالى: (وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (19)

في خطبة أبي بكرٍ الصّدّيق، رضي اللّه عنه: أما تعلمون أنّكم تغدون وتروحون لأجلٍ معلومٍ؟ فمن استطاع أن يقضي الأجل وهو في عمل اللّه، عزّ وجلّ، فليفعل، ولن تنالوا ذلك إلّا باللّه، عزّ وجلّ. إنّ قومًا جعلوا آجالهم لغيرهم، فنهاكم اللّه تكونوا أمثالهم: {ولا تكونوا كالّذين نسوا اللّه فأنساهم أنفسهم} أين من تعرفون من إخوانكم؟ قدموا على ما قدموا في أيّام سلفهم، وخلوا بالشّقوة والسّعادة، أين الجبّارون الأوّلون الّذين بنوا المدائن وحصّنوها بالحوائط؟ قد صاروا تحت الصّخر والآبار، هذا كتاب اللّه لا تفنى عجائبه فاستضيئوا منه ليوم ظلمةٍ، [وائتضحوا بسنائه وبيانه] إنّ اللّه أثنى على زكريّا وأهل بيته فقال: {إنّهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغبًا ورهبًا وكانوا لنا خاشعين} [الأنبياء: 90]، لا خير في قولٍ لا يراد به وجه اللّه، ولا خير في مالٍ لا ينفق في سبيل اللّه، ولا خير فيمن يغلب جهله حلمه، ولا خير فيمن يخاف في اللّه لومة لائمٍ.

منى حامد 28 جمادى الآخرة 1440هـ/5-03-2019م 07:15 PM

( {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ * وَلاَ تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ * لاَ يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفَائِزُونَ * لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعاً مُتَصَدِّعاً مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ *}.
(18) يَأْمُرُ تعالَى عِبادَه المُؤمنِينَ بما يُوجِبُه الإيمانُ ويَقتَضِيهِ مِن لُزومِ تَقواهُ، سِرًّا وعَلانيةً، في جميعِ الأَحوالِ، وأنْ يُرَاعُوا ما أمَرَهم اللَّهُ به مِن أَوامِرِه وشَرائعِه وحُدودِه، ويَنظُروا ما لهَم وما عليهم، وماذا حَصَلُوا عليهِ مِن الأعمالِ التي تَنْفَعُهم أو تَضُرُّهم في يومِ القيامةِ؛ فإِنَّهم إذا جَعَلُوا الآخِرةَ نُصْبَ أعْيُنِهم وقِبْلَةَ قُلوبِهم، واهْتَمُّوا للمُقامِ بها؛ اجْتَهَدوا في كثرةِ الأعمالِ الْمُوصِلَةِ إليها وتَصفيتِها مِن القواطِعِ والعوائقِ، التي تُوقِفُهم عن السَّيْرِ أو تَعُوقُهم أو تَصْرِفُهم.
وإذا عَلِمُوا أيضاً أنَّ {اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا} يَعْمَلونَ، لا تَخفَى عليهِ أعمالُهم، ولا تَضيعُ لَدَيْهِ، ولا يُهْمِلُها؛ أَوْجَبَ لهم الْجِدَّ والاجتهادَ.
وهذهِ الآيةُ الكريمةُ أصْلٌ فِي مُحاسبَةِ العبْدِ نفْسَه، وأنَّه يَنبغِي له أنْ يَتَفَقَّدَها؛ فإنْ رَأَى زَللاً تَدارَكَه بالإقلاعِ عنه والتوبةِ النصوحِ والإعراضِ عن الأسبابِ الْمُوِصِلَةِ إليه.
وإنْ رَأَى نفْسَه مُقَصِّراً في أمْرٍ مِن أوامِرِ اللَّهِ؛ بَذَلَ جَهْدَه واستعانَ برَبِّه في تَتْمِيمِه وتَكميلِه وإتقانِه، ويُقايِسُ بينَ مِنَنِ اللَّهِ عليهِ وإحسانِه, وبينَ تَقصيرِه؛ فإنَّ ذلك يُوجِبُ له الحَيَاءَ لا مَحَالَةَ). [تيسير الكريم الرحمن: 853]

منى حامد 28 جمادى الآخرة 1440هـ/5-03-2019م 08:10 PM

ثم كَرَّرَ الحثَّ لهم على الاقتداءِ بهم وقالَ: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ}، وليسَ كلُّ أحَدٍ تَسْهُلُ عليهِ هذهِ الأُسوةُ، وإنَّما تَسْهُلُ على مَن {كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ}؛ فإنَّ الإيمانَ واحتسابَ الأجْرِ والثوابِ يُسَهِّلُ على العبدِ كلَّ عَسيرٍ، ويُقَلِّلُ لَدَيْهِ كلَّ كَثيرٍ، ويُوجِبُ الإكثارَ مِن الاقتداءِ بعِبادِ اللَّهِ الصالِحِينَ والأنبياءِ والمُرسَلِينَ.
فإِنَّه يَرَى نَفْسَه مُفتَقِراً ومُضْطَرًّا إلى ذلكَ غايةَ الاضْطِرارِ.
{وَمَنْ يَتَوَلَّ} عن طاعةِ اللَّهِ والتَّأسِّي برُسُلِ اللَّهِ، فلَنْ يَضُرَّ إلاَّ نفْسَه، ولا يَضُرَّ اللَّهَ شيئاً.
{فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ} الذي له الغِنَى التامُّ المُطْلَقُ مِن جميعِ الوُجوهِ، فلا يَحتاجُ إلى أحَدٍ مِن خَلْقِه بوَجهٍ.
{الْحَمِيدُ} في ذاتِه وأسمائِه وصِفاتِه وأفعالِه، فإِنَّه محمودٌ على ذلك كُلِّه). [تيسير الكريم الرحمن: 856]

منى حامد 28 جمادى الآخرة 1440هـ/5-03-2019م 09:12 PM

كانَ إذا جاءَتْه النساءُ يُبَايِعْنَه والْتَزَمْنَ بهذهِ الشروطِ، بايَعَهُنَّ وجَبَرَ قُلُوبَهُنَّ، واسْتَغْفَرَ لهنَّ اللَّهَ فيما يَحصُلُ مِنهنَّ مِن التقصيرِ، وأَدْخَلَهُنَّ في جُملةِ المُؤمنِينَ.
{عَلَى أَنْ لاَ يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئاً}, بل يُفْرِدْنَ اللَّهَ وَحْدَه بالعِبادةِ.
{وَلاَ يَقْتُلْنَ أَوْلاَدَهُنَّ}؛ كما يَجرِي لنساءِ الجاهليَّةِ الجُهلاءِ.
{وَلاَ يَزْنِينَ}؛ كما كانَ ذلكَ مَوجوداً كثيراً في البَغايَا وذَواتِ الأَخْدَانِ.
{وَلاَ يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ}؛ والبُهتانُ: الافتراءُ على الغَيْرِ؛ أيْ: لا يَفتَرِينَ بكُلِّ حالةٍ، سواءٌ أتَعَلَّقَتْ بِهنَّ معَ أزواجِهنَّ أو تَعَلَّقَ ذلكَ بغيرِهم.
{وَلاَ يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ}؛ أيْ: لا يَعْصِينَكَ في كلِّ أمْرٍ تَأْمُرُهُنَّ به؛ لأنَّ أمْرَكَ لا يكونُ إلاَّ بمعروفٍ، ومِن ذلكَ طاعَتُهُنَّ لكَ في النَّهْيِ عن النِّياحةِ وشَقِّ الْجُيُوبِ وخَمْشِ الوُجوهِ والدعاءِ بدَعْوَى الجاهليَّةِ.
{فَبَايِعْهُنَّ} إذَا الْتَزَمْنَ بجَميعِ ما ذُكِرَ.
{وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللَّهَ} عن تَقْصيرِهنَّ وتَطْيِيباً لِخَواطِرِهنَّ.
{إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ}؛ أيْ: كثيرُ الْمَغفِرَةِ للعاصِينَ والإحسانِ إلى الْمُذنِبينِ التائبِينَ.
{رَحِيمٌ} وَسِعَتْ رَحْمَتُه كلَّ شيءٍ وعَمَّ إحسانُه الْبَرَايَا). [تيسير الكريم الرحمن: 857-858]

منى حامد 1 رجب 1440هـ/7-03-2019م 03:45 PM

({وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ لِمَ تُؤْذُونَنِي وَقَدْ تَعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ وَاللَّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ *}.
(5) أيْ: {وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ} مُوَبِّخاً لهم على صَنِيعِهم، ومُقَرِّعاً لهم على أَذِيَّتِه، وهم يَعْلَمُونَ أنَّه رسولُ اللَّهِ: {لِمَ تُؤْذُونَنِي} بالأقوالِ والأفعالِ، {وَقَدْ تَعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ}؟! والرسولُ مِن حَقِّه الإكرامُ والإعظامُ، والقيامُ بأوامِرِه والابتدارُ لحُكْمِه.
وأمَّا أذِيَّةُ الرسولِ الذي إحسانُه إلى الخَلْقِ فوقَ كلِّ إحسانٍ بعدَ إحسانِ اللَّهِ، ففي غايةِ الوَقاحةِ والْجَراءَةِ والزَّيْغِ عن الصِّراطِ الْمُستقيمِ، الذي قدْ عَلِمُوه وتَرَكُوه.
ولهذا قالَ: {فَلَمَّا زَاغُوا}؛ أي: انْصَرَفوا عن الحقِّ بقَصْدِهم, {أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ}؛ عُقوبةً لهم على زَيْغِهم الذي اختارُوه لأنفُسِهم ورَضُوه لها، ولم يُوَفِّقْهُم اللَّهُ للهُدَى؛ لأنَّهم لا يَلِيقُ بهم الخيْرُ, ولا يَصْلُحونَ إلاَّ للشَّرِّ.
{وَاللَّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ}؛ أي: الذينَ لم يَزَلِ الفِسْقُ وَصْفاً لهم، ليسَ لهم قَصْدٌ في الْهُدَى.
وهذه الآيةُ الكريمةُ تُفيدُ أنَّ إضلالَ اللَّهِ لعَبِيدِه ليسَ ظُلْماً منه ولا حُجَّةً لهم عليهِ، وإِنَّما ذلكَ بسببٍ منهم؛ فإِنَّهم الذينَ أغْلَقُوا على أنْفُسِهم بابَ الهُدَى بعدَما عَرَفُوه، فيُجَازِيهِم بعدَ ذلك بالإضلالِ والزَّيْغِ وتَقليبِ القلوبِ؛ عُقوبةً لهم وعَدْلاً منه بهم؛ كما قالَ تعالى: {وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ} ). [تيسير الكريم الرحمن: 858-859]

منى حامد 1 رجب 1440هـ/7-03-2019م 04:00 PM

ثُمَّ ذَكَرَ سببَ الظهورِ والانتصارِ للدِّينِ الإسلاميِّ؛ الْحِسِّيِّ والمَعْنويِّ فقالَ: {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ}؛ أيْ: بالعِلْمِ النافعِ والعملِ الصالحِ، بالعِلْمِ الذي يَهدِي إلى اللَّهِ وإلى دارِ كَرامتِه، ويَهدِي لأحسَنِ الأعمالِ والأخلاقِ، ويَهدِي إلى مَصالِحِ الدنيا والآخِرَةِ.
{وَدِينِ الْحَقِّ}؛ أي: الدِّينِ الذي يُدانُ به ويُتَعَبَّدُ لربِّ العالَمِينَ، الذي هو حقٌّ وصِدْقٌ لا نَقْصَ فيهِ، ولا خَلَلَ يَعتريهِ، بل أوامرُه غِذاءُ القلوبِ والأرواحِ، وراحةُ الأبدانِ، وتَرْكُ نَواهيِهِ سلامةٌ مِن الشرِّ والفسادِ.
فما بُعِثَ به النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسَلَّمَ مِن الْهُدَى ودِينِ الحقِّ أكبرُ دَليلٍ وبُرهانٍ على صِدْقِه، وهو بُرهانٌ باقٍ ما بَقِيَ الدَّهْرُ، كلَّما ازدادَ به العاقلُ تَفَكُّراً ازدادَ به فَرَحاً وتَبَصُّراً.
{لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ}؛ أيْ: لِيُعْلِيَهُ على سائرِ الأديانِ بالحُجَّةِ والبُرْهانِ ويُظْهِرَ أهلَه القائمِينَ به بالسَّيْفِ والسِّنَانِ.
فأمَّا نفْسُ الدِّينِ فهذا الوَصْفُ مُلازِمٌ له في كلِّ وقْتٍ، فلا يُمْكِنُ أنْ يُغالِبَه مُغالِبٌ أو يُخاصِمَه مُخاصِمٌ إلاَّ فَلَجَه وبَلَسَه وصارَ له الظُّهورُ والقَهْرُ.
وأمَّا الْمُنْتَسِبونَ إليه، فإِنَّهم إذا قَامُوا بهِ واستَنَارُوا بنُورِه واهْتَدَوْا بهَدْيِهِ في مَصالِحِ دِينِهم ودُنياهُم، فكذلكَ لا يَقُومُ لهم أحَدٌ، ولا بُدَّ أنْ يَظْهَرُوا على أهْلِ الأديانِ، وإذا ضَيَّعُوا واكْتَفَوْا منه بِمُجَرَّدِ الانتسابِ إليهِ لم يَنْفَعْهم ذلكَ، وصارَ إهمالُهم له سَبَبَ تَسليطِ الأعداءِ عليهم.


الساعة الآن 04:30 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir