تسجيل الحضور اليومي بفوائد علمية مما يدرس في الأسبوع الثالث عشر
 

قال الله تعالى :{ وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا قُلْ مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (..؛

قال الشيخ السعدى رحمه الله تعالى :.............ليسَ الصَّبْرُ على طاعةِ اللَّهِ مُفَوِّتاً للرِّزْقِ؛

قال الله تعالى "{ مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ﴿٥﴾ الجمعة

معنى المثل :

المشبه:...الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا كتبا على ظهره
المشبه به: .. اليهود من كُلفوا بحمل التوراة وهي الكتاب الذين أنزله الله على موسى (ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا) لم ينتفعوا بها ولم يعملوا بما فيها.

أداة التشبيه:الكاف
وجه الشبه:.. ووجه الشبه والمقصود من المثل عدم الانتفاع
فالحمار يحمل كتبا كثيرة على ظهره ولكنه لا يفقه شيئا مما فيها ولا يمكن أن يصير عالما بهذه الكتب التي على ظهره
كذلك اليهود كلفوا بحمل التوراه ثم هم لا يحملوها ولم يعملوا بها

فالذي لا ينتفع بالعلم الذي يتلقاه فهذا والعياذ بالله بلغ غاية في السوء إلى أن مُثّل بالحمار! ولذلك قال (بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِ اللَّهِ) هذا من أشد الأمثال وأسوئه
أسوأ مثل في القرآن: الحمار والكلب ضربت لمن أوتي العلم ثم لم ينتفع به،

الغرض من التشبيه.:. نحن معنيون بهذا المثل نحن الذين نقرأ القرآن ونتلقى العلم..علينا بالعلم و ...وفيه تحذير لنا من ترك العمل بالعلم ..
مناسبة ذكر المثل في سورة الجمعة:...هذا المثل ذكر في سورة الجمعة والجمعة اسم لليوم الذي فيه خطبة وفيه تعليم للناس فكأن فيه حثّ للناس انتبهوا لما يخطب الخطيب يوم الجمعة ويعلّمكم ويقرأ عليكم آيات الله فلا تكونوا كالذين حُمّلوا التوراة ثم لم يحملوها.

مثل الحمار يحمل أسفارا وارتباطه بصلاة الجمعة في القرآن والحديث:
ومن اللطيف تأملت الجمعة فوجدت أنه يرد ذكر الحمار مرتبطا ببعض مسائل الجمعة: الآية (مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ﴿٥﴾ الجمعة) كأن في المثل دعوة لمن يحمل العلم والذكر الذي يقوله الخطيب أثناء الخطبة وأن من لم ينتفع بالخطبة التي تضمنت العلم والقرآن والسنة ففيه شبه بالحمار الذي لا ينتفع بما يحمله من كتب.
مثال من السُنّة: لأحمد والبزار من حديث ابن عباس مرفوعا: من تكلم يوم الجمعة والإمام يخطب فهو كالحمار يحمل أسفارا، والذي يقول له أنصت ليست له جمعة. الحديث أخرجه أحمد بإسناد لا بأس به. وله شاهد قوي في جامع حماد بن سلمة عن ابن عمر موقوفا شبّهه بالحمار الذي يتكلم والإمام يخطب لأن الحمار لا ينتفع من حمله بشيء كذلك الذي يتكلم ولا يستمع للخطبة.

قال الحافظ بن حجر رحمه الله: وإنما شبهه بالحمار الذي يتكلم والإمام يخطب، قال: وإنما شبهه بالحمار يحمل أسفارا لأن الحمار لا ينتفع من جمله الأسفار بشيء وكذلك من لم يستمع الإمام يوم الجمعة لا ينتفع من الخطبة لأنه جالس يتكلم من غير أن يستمع.

وروى ابن أبي شيبة أيضا عن علقمة بن عبد الله قال: جلست قريبا من ابن عمر فجاء رجل من أصحابي فجعل يحدثني والإمام يخطب فلما أكثر قلت له: اسكت فلما قضينا الصلاة ذكرت ذلك لابن عمر فقال: أما أنت فلا جمعة لك وأما صاحبك فحمار.

وهناك مثل آخر يتعلق بالخطباء: وورد في صحيح مسلم في عقوبة من يأمر بالمعروف ولا يفعله وينهى عن المنكر ويأتيه حديث النبي صلى الله عليه وسلم: " يُؤْتَى بِالرَّجُلِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيُلْقَى فِي النَّارِ فَتَنْدَلِقُ أَقْتَابُ بَطْنِهِ ، فَيَدُورُ كَمَا يَدُورُ الْحِمَارُ فِي الرَّحَى ، فَيَجْتَمِعُ إِلَيْهِ أَهْلُ النَّارِ فَيَقُولُونَ : فُلانُ مَا لَكَ ؟ أَلَمْ تَكُ تَأْمُرُ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَى عَنِ الْمُنْكَرِ ؟ فَيَقُولُ : بَلَى كُنْتُ آمُرُ بِالْمَعْرُوفِ وَلا آتِيهِ ، وَأَنْهَى عَنِ الْمُنْكَرِ وَآتِيهِ " . هذا الخطيب والمتكلم إذا كان يأمر وهو أبعد ما يكون عن الامتثال! فينبغي أن نتفكر في هذه الأمثال ولا ينبغي للإنسان العاقل أن يتشبه بمثل هذه الأشياء.

. فلنحذر أن يكون لنا مثل السوء. علينا أن نجتهد بالعمل في العلم، ليس الشأن بالعلم وإنما الشأن بالتطبيق. وسورة الجمعة هي من السور التي تُشرع قرآءتها يوم الجمعة (مع سورة المنافقون) للتذكير بهذه القيم وأهمية العلم الذي يحث عليه الدين فقد بدأ الوحي بـ (اقرأ) والحثّ على الانتفاع بالعلم لتطبيقه عمليًا فلا يبقى مجرد كلام وحتى نكون ممن يفعلون ما يقولون لا ممن يقولون ما لا يفعلون...
منقول

سورة الجُمُعَةِ ..سورة مدنية. ذكره ابن كثير والسعدي.


من فضائل السورة:
روى مسلم في صحيحه، عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم; كان يقرأ في صلاة الجمعة بسورة الجمعة والمنافقون.

نزول السورة:
جاء عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كنا جلوسا عند النبي صلى الله عليه وسلم حين نزلت سورة الجمعة، فتلاها، فلما بلغ (وآخرين منهم لما يلحقوا بهم) قال له رجل: يارسول الله من هؤلاء الذين لم يحلقوا بهم? فوضع يده على سلمان الفارسي وقال:(والذي نفسي بيده لو كان الإيمان بالثريا لناله رجال من هؤلاء) رواه البخاري.

قال تعالى:(هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلوا عليهم… )
تخصيص الأميين لا يعني نفي من عداهم، فقد جاءت الكثير من النصوص تبين شمولية الرسالة المحمدية للناس كافة، ومن ذلك قوله تعالى:(قل ياأيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا…).
والتخصيص بالأميين لأن المنة عليهم عظيمة، والمنحة عليهم جليلة، فقد كانوا عادمين العلم والخير، إذ لم يكونوا أهل كتاب، وكان أغلبهم لا يقرؤون ولا يكتبون، يتعبدون الأصنام والأشجار والأحجار، ويتخلقون بأخلاق السباع الضارية، ثم كانوا بعد بعثة النبي صلى الله عليه وسلم من أعلم الخلق أئمة في العلم والفقه والخلق والدين.

(وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (10))الجمعة

قال مجاهدٌ: لا يكون العبد من الذّاكرين اللّه كثيرًا، حتّى يذكر اللّه قائمًا وقاعدًا ومضطجعًا

روى الامام أحمد...عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن للمنافقين علامات يعرفون بها: تحيتهم لعنة وطعامهم نهبة وغنيمتهم غلول ولا يقربون المساجد إلا هجرا، ولا يأتون الصلاة إلا دبرا، مستكبرين لا يألفون ولا يؤلفون، خشب بالليل صخب بالنهار» وقال يزيد بن مرة: سخب بالنهار.

(فَآَمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنَا وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (8) )التغابن


الذي يَعْصِمُ مِن الْهَلَكَةِ والشَّقاءِ⬅ هو الإيمانُ به وبرسولِه وبكتابِه.

والإيمانُ باللَّهِ ورسولِه وكتابِه يَقْتَضِي الْجَزْمَ التامَّ واليَقِينَ الصادِقَ بها والعملَ بِمُقْتَضَى ذاكَ التصديقِ مِن امتثالِ الأوامرِ واجتنابِ النواهِي.



💡وسَمَّاهُ اللَّهُ نُوراً: لأنَّ النورَ ضِدُّ الظُّلمة.
فما في الكتابِ الذي أَنْزَلَه اللَّهُ مِن الأحكامِ والشرائعِ والأخبارِ أنوارٌ يُهْتَدَى بها في ظُلُمَاتِ الجَهْلِ الْمُدْلَهِمَّةِ، ويُمْشَى بها في حِنْدِسِ اللَّيلِ البَهيمِ، وما سِوَى الاهتداءِ بكتابِ اللَّهِ فهي عُلومٌ ضَرَرُها أكثَرُ مِن نَفْعِها، وشَرُّها أكثَرُ مِن خَيْرِها، بل لا خَيرَ فيها ولا نَفْعَ إلاَّ ما وَافَقَ ما جاءَتْ به الرُّسُلُ.

(إِنْ تُقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا يُضَاعِفْهُ لَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ شَكُورٌ حَلِيمٌ (17) ) التغابن



{قَرْضاً حَسَناً}
▫القرض الحسن: هو كُلُّ نَفَقَةٍ
*كانَتْ مِن الحلالِ
*إذا قَصَدَ بها العبْدُ وَجْهَ اللَّهِ تعالى
*ووَضَعَها مَوْضِعَها.




{يُضَاعِفْهُ لَكُمْ} {ويَغْفِرْ لَكُمْ}
بسببِ الإنفاقِ والصدَقَةِ؛ ذُنوبَكم.
▫فإنَّ الذُّنوبَ يُكَفِّرُها اللَّهُ بالصدَقَاتِ والْحَسَناتِ؛ {إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ}.





{وَاللَّهُ شَكُورٌ} 🍃

- يَقبَلُ مِن عِبادِه اليَسيرَ مِن العَمَلِ، ويُجازِيهِم عليه الكثيرَ مِن الأجْرِ.
- ويَشكُرُ لِمَن تَحَمَّلَ مِن أجْلِه الْمَشاقَّ والأثقالَ وأنواعَ التكاليفِ الثِّقالِ.
- ومَن تَرَكَ شيئاً للهِ، عَوَّضَه اللَّهُ خيراً منه.

{مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (11 ) } التغابن

▫{مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ}
وهذا عامٌّ لجميعِ الْمَصائِبِ في النَّفْسِ والمالِ والولَدِ والأحبابِ ونَحْوِهم.

{وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ}
ما يتعلق بها في مَقامِ المصائِبِ الخاصِّ⬅ أن من آمَنَ أنَّها مِن عندِ اللَّهِ، فرَضِيَ بذلك وسَلَّمَ لأمْرِه؛ هَدَى اللَّهُ قَلبَه، فاطمَأَنَّ ولم يَنْزَعِجْ عندَ الْمَصائبِ، كما يَجرِي مِمَّن لم يَهْدِ اللَّهُ قَلبَه، بل يَرْزُقُه اللَّهُ الثباتَ عندَ وُرودِها والقيامَ بِمُوجِبِ الصَّبْرِ.

وأمَّا ما يَتَعَلَّقُ بها مِن حيثُ العُمومُ اللفْظِيُّ⬅ فإنَّ اللَّهَ أَخْبَرَ أنَّ كلَّ مَن:
* آمَنَ ـ أي: الإيمانَ المأمورَ به، وهو الإيمانُ باللَّهِ ومَلائكتِه وكُتُبِه ورُسُلِه واليومِ الآخِرِ، والقَدَرِ خَيْرِه وشَرِّه ـ .
*وصَدَّقَ إيمانُهُ بما يَقتَضِيهِ الإيمانُ مِن لَوازِمِه ووَاجباتِه.
أنَّ هذا السبَبَ الذي قامَ به العبدُ؛⏪ أكبرُ سببٍ لِهِدايةِ اللَّهِ له في 'أقوالِه 'وأفعالِه وجَميعِ أحوالِه، وفي 'عِلْمِه 'وعَمَلِه.

إن المتأمل في سورة المنافقون يجد في سبب النزول الوارد لآيات منها تباينا لا يخفى، ومن ذلك أن سبب نزول قوله تعالى:(يقولون لئن رجعنا إلى المدينة…) أن ذلك كان في غزوة تبوك.
وفي رواية: أنه كان في غزوة المريسيع وهي غزوة بني المصطلق التي هدم فيها النبي صلى الله عليه وسلم صنم مناة.

وأيضا من ذلك: ما جاء عن أن زيد بن أرقم هو من أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بمقولة عبدالله بن أبي بن سلول.
وفي رواية أن زيد أخبر عمه، وأن عمه هو من أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم.
لكن كل الروايات الواردة أجمعت أن الآيات نزلت في عبدالله بن أبي بن سلول.
وإن كان ما تقدم اختلافا يسيرا ، لكنه مفيد في ضبط سبب النزول. والله أعلم.